ــ[415]ــ
(مسألة 290) : من وطئ بهيمة مأكولة اللحم أو غيرها فلا حدّ عليه ، ولكن يعزّره الحاكم حسب ما يراه من المصلحة (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن يضرب ضرباً شديداً» (1) .
(1) الروايات الواردة في المسألة على طوائف :
الطائفة الاُولى : ما دلّت على أنّ حكمه هو القتل .
كصحيحة جميل بن درّاج عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجل أتى بهيمة «قال : يقتل»(2) .
ورواية سليمان بن هلال ، قال : سأل بعض أصحابنا أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يأتي البهيمة «فقال: يقام قائماً، ثمّ يضرب ضربة بالسيف أخذ السيف منه ما أخذ» قال : فقلت : هو القتل؟ «قال: هو ذاك» (3) .
وهذه الطائفة ـ مضافاً إلى أ نّها لا عامل بها من الأصحاب ـ معارضة بما يأتي .
الطائفة الثانية : ما دلّت على أنّ حدّه حدّ الزاني :
كصحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام): في رجل أتى بهيمة فأولج «قال: عليه الحدّ»(4)، ورواه الكليني بسند ضعيف مثله ، إلاّ أ نّه قال : «قال : حدّ الزاني» .
ورواية أبي فروة عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : الذي يأتي بالفاحشة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 269 / أبواب حد السرقة ب 12 ح 5 .
(2) ، (3) الوسائل 28 : 359 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 6 ، 7 .
(4) الوسائل 28 : 360 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 8 ، الكافي 7 : 204 / 4 .
ــ[416]ــ
والذي يأتي البهيمة حدّه حدّ الزاني» (1) .
وهذه الطائفة ـ مضافاً إلى أ نّها لا عامل بها أيضاً ، وإن كان يظهر من الشيخ العمل بها (2) جمعاً بين الأخبار ـ معارضة بالروايات الآتية ، على أنّ الصحيحة غير صريحة في حدّ الزاني ، وغيرها ضعيف سنداً ولا يمكن الاعتماد عليه .
الطائفة الثالثة : ما دلّت على أنّ حدّه ربع حدّ الزاني :
كصحيحة عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، وصحيحة حسين ابن خالد عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ، ومعتبرة إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم موسى (عليه السلام) : في الرجل يأتي البهيمة ، فقالوا جميعاً : «إن كانت البهيمة للفاعل ذبحت ، فإذا ماتت اُحرقت بالنار ولم ينتفع بها ، وضرب هو خمسة وعشرين (ون) سوطاً ، ربع حدّ الزاني» الحديث (3) .
وعليها تحمل معتبرة سماعة، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يأتي بهيمة شاة أو ناقة أو بقرة قال : «فقال : عليه أن يجلد حدّاً غير الحدّ ، ثمّ ينفى من بلاده إلى غيرها» الحديث (4) .
ومعتبرة سدير عن أبي جعفر (عليه السلام) : في الرجل يأتي البهيمة «قال : يجلد دون الحدّ» الحديث (5) .
فالنتيجة : أنّ المراد منهما هو خمسة وعشرون سوطاً .
وهذه الطائفة أيضاً معارضة بما تقدّم من الروايات وما يأتي منها ، والمشهور على خلافها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 360 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 9 .
(2) التهذيب 10 : 62 / 227 .
(3) ، (4) الوسائل 28 : 257 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 1 ، 2 .
(5) الوسائل 28 : 358 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 4 .
ــ[417]ــ
وينفى من بلاده إلى غيرها (1)، وأمّا حكم البهيمة نفسها وحكم ضمان الواطئ فقد تقدّما في المسألة التاسعة من باب الأطعمة والأشربة (الجزء الثاني من المنهاج) [ (1) ] .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الطائفة الرابعة : ما دلّت على أ نّه يضرب تعزيراً وليس عليه حدّ :
كمعتبرة الحسين بن علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي (عليهم السلام) : «أ نّه سُئِل عن راكب البهيمة، فقال : لا رجم عليه ولا حدّ ، ولكن يعاقب عقوبة موجعة» (2) .
ورواية الفضيل بن يسار وربعي بن عبدالله عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجل يقع على البهيمة «قال : ليس عليه حدّ ولكن يضرب تعزيراً» (3) .
ورواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجل يقع على بهيمة ، قال «فقال : ليس عليه حدّ ولكن تعزير» (4) .
وهذه الطائفة قد عمل بها المشهور ، فإنّها وإن كانت معارضة بالروايات المتقدّمة إلاّ أ نّها تتقدّم عليها بموافقتها لما دلّ على ثبوت التعزير على ارتكاب كلّ معصية كبيرة .
فالنتيجة : أنّ الحاكم يعزّر الواطئ حسب ما يراه من المصلحة .
(1) لمعتبرة سماعة المتقدّمة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
[ 1 ] منهاج الصالحين 2 : 345 / 1686 .
(2) الوسائل 28 : 361 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 11 .
(3) الوسائل 28 : 359 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 5 .
(4) الوسائل 28 : 358 / أبواب نكاح البهائم ب 1 ح 3 .
ــ[418]ــ
(مسألة 291) : مَن بال أو تغوّط في الكعبة متعمِّداً اُخرج منها ومن الحرم، وضربت عنقه ، ومن بال أو تغوّط في المسجد الحرام متعمّداً ضرب ضرباً شديداً (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) تدلّ على ذلك صحيحة أبي الصباح الكناني ، قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : أ يّما أفضل : الإيمان أو الإسلام ؟ ـ إلى أن قال : ـ «فقال : الإيمان» قال : قلت : فأوجدني ذلك «قال : ما تقول في مَن أحدث في المسجد الحرام متعمّداً ؟ » قال : قلت : يضرب ضرباً شديداً «قال : أصبت ، فما تقول في مَن أحدث في الكعبة متعمّداً ؟ » قلت : يقتل «قال : أصبت ، ألا ترى أنّ الكعبة أفضل من المسجد ؟! » الحديث (1) .
وصحيحة عبدالرحيم القصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث الإسلام والإيمان ـ «قال : وكان بمنزلة من دخل الحرم ثمّ دخل الكعبة وأحدث في الكعبة حدثاً، فاُخرج عن الكعبة وعن الحرم فضربت عنقه وصار إلى النار»(2).
وأمّا معتبرة سماعة قال : سألته ، وذكر حديثاً يقول فيه : «ولو أنّ رجلاً دخل الكعبة فبال فيها معانداً اُخرج من الكعبة ومن الحرم وضربت عنقه»(3) .
فهي لا تنافي ما تقدّم ، ولا توجب تقييدها ، فإنّ المعاندة المذكورة فيها في قبال من أفلت منه بوله بغير اختيار ، فإنّ فيها قال : «لو أنّ رجلاً دخل الكعبة فأفلت منه بوله اُخرج من الكعبة ولم يخرج من الحرم فغسل ثوبه وتطهّر ثمّ لم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 28 : 368 / أبواب بقية الحدود ب 6 ح 1 .
(2) الوسائل 28 : 369 / أبواب بقية الحدود ب 6 ح 3 .
(3) الوسائل 28 : 370 / أبواب بقية الحدود ب 6 ح 4 .
|