(مسألة 18) : المشهور جريان الحكم المذكور فيما لو أمر السيّد عبده بقتل شخص فقتله، ولكنّه
مشكل، بل لايبعد أن يقتل السيّد الآمر ويحبس العبد(4) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ (4) بيان ذلك : أنّ المشهور بين الفقهاء عدم الفرق بين ما إذا كان المأمور عبداً للآمر وما إذا لم يكن
، ويظهر من تعبير المحقّق (قدس سره) في النافع بقوله: ولو كان المأمور عبده قولان، أشبههما: أ نّه
كغيره(2)، وجود القائل بالفرق عندنا ، بل يظهر من قول السيّد في شرحه أنّ القائل به كثير ، حيث
إنّه عطف على كلمة ¸ أشبههما · قوله : ¸ وأشهرهما · (3)، فيعلم أنّ القائل به كثير ، إلاّ أ نّا لم نجد
قائلاً بذلك غير ما نُسِبَ إلى الإسكافي(4) ومال إليه صاحب الوافي(5) .
ـــــــــــــــ (2) المختصر النافع : 293 .
(3) رياض المسائل 2 : 501 (حجري) .
(4) حكاه في رياض المسائل 2 : 502 (حجري) .
(5) الوافي 16 : 628 / 15838 .
ــ[16]ــ
وكيف كان ، فالأظهر أ نّه يقتل السيّد ويحبس العبد .
وتدلّ على ذلك معتبرة إسحاق بن عمّار عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجل أمر عبده أن يقتل
رجلاً فقتله ، قال : «فقال : يقتل السيّد به»(1) .
ومعتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : في رجل
أمر عبده أن يقتل رجلاً فقتله ، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) : وهل عبد الرجل إلاّ كسوطه أو
كسيفه ؟ يقتل السيّد ويستودع العبد السجن»(2) ، ورواها الشيخ الصدوق بسنده الصحيح إلى
قضايا علي (عليه السلام) إلاّ أ نّه قال : «ويستودع العبد في السجن حتّى يموت»(3) .
وقد نوقش في الاستدلال بهاتين الروايتين بوجهين :
الأوّل : ما في الرياض من أنّ ما دلّ على قتل السيّد قاصر سنداً (4) .
والجواب عن ذلك: أنّ الروايتين موثّقتان، على أنّ الثانية على طريق الصدوق صحيحة فكيف يصحّ
دعوى القصور في السند ؟!
وأمّا دعوى قصورهما عن مكافأة ما دلّ على أنّ القود على العبد ، فيدفعها : أ نّه ليس هناك أيّ دليل
على أنّ القود على العبد نفسه غير الإطلاقات الكتابيّة وغيرها ، ومن الظاهر أنّ المطلقات غير قابلة
لمعارضة المقيّد .
ومن الغريب أنّ الشيخ في التهذيب جعل الروايتين مخالفتين للكتاب والسنّة ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 47 / أبواب القصاص في النفس ب 14 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 47 / أبواب القصاص في النفس ب 14 ح 2 .
(3) الفقيه 4 : 88 / 282 .
(4) رياض المسائل 2 : 502 (حجري) .
ــ[17]ــ
وقال : فينبغي أن يلغي أمرهما ، ويكون العمل بما سواهما (1) .
وليت شعري كيف تكون الروايتان مخالفتين للكتاب مع أنّ تقييد إطلاقات الكتاب والسنّة بالروايات
المعتبرة غير عزيز ؟!
أضف إلى ذلك أنّ معتبرة السكوني تدلّ على أنّ القاتل ـ في مفروض الكلام ـ هو السيّد ، فإنّ
العبد بمنزلة سوطه وسيفه ، وعليه فلا تقييد لإطلاقات الكتاب ، حيث إنّ الإمام (عليه السلام) في مقام
بيان أنّ القاتل هو السيّد فالقود عليه ، وحينئذ كيف يمكن أن يقال : إنّ الروايتين مخالفتان للقرآن
والأخبار ؟!
وأمّا ما ذكره الشيخ في الخلاف من معارضة هاتين الروايتين لما دلّ من الأخبار على أنّ القود على
العبد نفسه(2) .
فلم يتحصّل له معنى ، إذ لم يذكر الشيخ ولا غيره رواية تدلّ على أنّ القود على العبد نفسه ، وإنّما
الدالّ على ذلك هو المطلقات وقد عرفت حالها .
الوجه الثاني : أنّ الروايات الدالّة على قتل السيّد غير واجدة لشرائط الحجّيّة، فإنّ إعراض المشهور
عنها أوجب سقوطها عن الحجّيّة .
والجواب عن ذلك أوّلاً : أ نّه لم يثبت إعراض المشهور عنها ، ولذلك قد حمل الشيخ ما رواه من
الروايتين على محامل اُخرى . على أنّ المستفاد من كلام السيّد صاحب الرياض (قدس سره) عدم ثبوت
الشهرة في المقام ، غاية الأمر أنّ القول بأنّ القود على العبد نفسه هو الأشهر .
وثانياً : أ نّا قد ذكرنا في محلّه أنّ الإعراض وعدم عمل المشهور برواية
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التهذيب 10 : 220 .
(2) انظر الخلاف 5 : 168 ـ 169 .
|