(مسألة 29) : إذا قتل رجلان رجلاً ـ مثلاً ـ جاز لأولياء المقتول قتلهما بعد أن يردّوا إلى أولياء
كلّ منهما نصف الدية ، كما أنّ لهم أن يقتلوا أحدهما ، ولكن على الآخر أن يؤدّي نصف الدية إلى
أهل المقتصّ منه . وإن قتل ثلاثة واحداً كان كلّ واحد منهم شريكاً في قتله بمقدار الثلث . وعليه ، فإن
قتل وليّ المقتول واحداً من هؤلاء الثلاثة وجب على كلّ واحد من الآخرين أن يردّ ثلث الدية إلى
أولياء المقتصّ منه . وإن قتل اثنين منهم وجب على الثالث أن يردّ ثلث الدية إلى أولياء المقتصّ منهما ،
ويجب على وليّ المقتول
ــ[28]ــ
المقتصّ أن يردّ إليهم تمام الدية ليصل إلى أولياء كلّ واحد من المقتولين ثلثا الدية قبل الاقتصاص ، وإن
أراد قتل جميعهم فله ذلك بعد أن يردّ إلى أولياء كلّ واحد منهم ثلثي الدية (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
(1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدل على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة داود بن سرحان عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في رجلين قتلا رجـلاً «قال : إن
شاء أولياء المقتـول أن يؤدّوا دية ويقتلوهما جميعاً قتلوهما»(1) .
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : في عشرة اشتركوا في قتل رجل «قال : يخيّر
أهل المقتول ، فأ يّهم شاءُوا قتلوا ، ويرجع أولياؤه على الباقين بتسعة أعشار الدية»(2) .
ومنها : صحيحة عبدالله بن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام): في رجلين قتلا رجلاً «قال: إن
أراد أولياء المقتول قتلهما أدّوا دية كاملة وقتلوهما ، وتكون الدية بين أولياء المقتولين ، فإن أرادوا قتل
أحدهما قتلوه ، وأدّى المتروك نصف الدية إلى أهل المقتول ، وإن لم يؤدّ دية أحدهما ولم يقتل أحدهما قبل
الدية صاحبه من كليهما ، وإن قبل أولياؤه الدية كانت عليهما»(3) .
ومنها : معتبرة الفضيل بن يسار، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام) عشرة قتلوا رجلاً «قال: إن
شاء أولياؤه قتلوهم جميعاً وغرموا تسع ديات، وإن شاءُوا
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 41 / أبواب القصاص في النفس ب 12 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 42 / أبواب القصاص في النفس ب 12 ح 3 .
(3) الوسائل 29 : 42 / أبواب القصاص في النفس ب 12 ح 4 .
ــ[29]ــ
تخيّروا رجلاً فقتلوه ، وأدّى التسعة الباقون إلى أهل المقتول الأخير عشر الدية كلّ رجل منهم ، قال :
ثمّ الوالي بعد يلي أدبهم وحبسهم»(1) .
ولا يعارضها ما رواه القاسم بن عروة عن أبي العبّاس وغيره عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال :
إذا اجتمع العدّة على قتل رجل واحد حكم الوالي أن يقتل أ يّهم شاءُوا ، وليس لهم أن يقتلوا أكثر من
واحد ، إنّ الله عزّ وجلّ يقول : (وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِي ا لْقَتْلِ)(2)
وإذا قتل ثلاثة واحداً خيّر الوالي أيّ الثلاثة شاء أن يقتل ، ويضمن الآخران ثلثي الدية لورثة
المقتول»(3) .
لأ نّها قاصرة سنداً ، فإنّ القاسم بن عروة لم تثبت وثاقته ، ولم يذكر بمدح .
وقد حملها الشيخ تارةً على التقيّة ، واُخرى على أنّ المراد أ نّه ليس للولي أن يقتل أكثر من واحد من
غير أن يؤدّي ما عليه من الدية(4) .
وقد ذكر في الاستبصار : أنّ قوماً من العامّة ذهبوا إلى جواز قتل الاثنين وما زاد عليهما بواحد من
دون ردّ فضل ذلك ، وقال : وهو مذهب بعض من تقدّم على أمير المؤمنين (عليه السلام) (5) .
ولا بأس بما ذكره (قدس سره) لو صحّت الرواية ، لأ نّها مطلقة وقابلة للتقييد بصريح الروايات
المتقدّمة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 43 / أبواب القصاص في النفس ب 12 ح 6 .
(2) الاسراء 17 : 33 .
(3) الوسائل 29 : 43 / أبواب القصاص في النفس ب 12 ح 7 ـ 8 .
(4) الاستبصار 4 : 282 / 1068 .
(5) الاستبصار 4 : 282 / 1068 .
ــ[30]ــ
(مسألة 30) : تتحقّق الشركة في القتل بفعل شخصين معاً وإن كانت جناية أحدهما أكثر من جناية
الآخر ، فلو ضرب أحدهما ضربة والآخر ضربتين أو أكثر فمات المضروب واستند موته إلى فعل كليهما
كانا متساويين في القتل . وعليه ، فلوليّ المقتول أن يقتل أحدهما قصاصاً ، كما أنّ له أن يقتل كليهما معاً
على التفصيل المتقدّم (1) . ـــــــــــــــــ
ـــــ
(1) لإطلاق الروايات المتقدّمة ، على أنّ فرض التساوي بين الجنايتين أو أزيد لعلّه فرض نادر في
الخارج ، ولا يمكن حمل الروايات على ذلك .
|