(مسألة 33) : يقتصّ من الجماعة المشتركين في جناية الأطراف حسب ما عرفت في قصاص
النفس(2) ، وتتحقّق الشركة في الجناية على الأطراف بفعل شخصين أو أشخاص معاً على نحو تستند
الجناية إلى فعل الجميع ، كما لو وضع جماعة سكّيناً على يد شخص وضغطوا عليها حتّى قطعت يده .
وأمّا إذا وضع أحد سكّيناً فوق يده وآخر تحتها وضغط كلّ واحد منهما على سكّينه حتّى التقيا ،
فذهب جماعة إلى أ نّه ليس من الاشتراك في الجناية ، بل عل كلّ منهما القصاص في جنايته ، ولكنّه
مشكل جدّاً . ولا يبعد تحقّق الاشتراك بذلك ، للصدق العرفي .
ـــــــــــــــــــــــــــ (2) وذلك للأولويّة القطعيّة ، حيث إنّ القصاص من الجماعة المشتركين في
ــ[34]ــ
(مسألة 34) : لو اشتركت امرأتان في قتل رجل كان لوليّ المقتول قتلهما معاً بلا ردّ (1) ، ولو كنّ
أكثر كان له قتل جميعهنّ ، فإن شاء قتلهنّ أدّى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
جناية النفس ثابت بالنصوص المتقدّمة، فإذا ثبت ذلك في النفس ثبت في الأطراف بطريق أولى .
ولصحيحة أبي مريم الأنصاري عن أبي جعفر (عليه السلام) : في رجلين اجتمعا على قطع يد رجل «
قال : إن أحبّ أن يقطعهما أدّى إليهما دية يد أحد [ فاقتسماها ثمّ يقطعهما، وإن أحبّ أخذ منهما دية
يد ] قال : وإن قطع يد أحدهما ردّ الذي لم تقطع يده على الذي قطعت يده ربع الدية»(1) .
ثمّ إنّ الظاهر من قوله (عليه السلام) : «وإن أحبّ أخذ منهما دية يد» وجعله عدلاً لقوله (عليه
السلام) : «إن أحبّ أن يقطعهما» هو أنّ المجني عليه مخيّر بين الاقتصاص منهما أو من أحدهما ومطالبة
الدية منهما ، والالتزام بذلك هنا غير بعيد ، وإن كنّا لا نلتزم به في قصاص النفس ، لعدم الدليل .
(1) بلا خلاف بين الأصحاب ، حيث لا فاضل لهما عن دية المقتول .
وتدلّ على ذلك رواية محمّد بن مسلم ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن امرأتين قتلتا رجلاً
عمداً «قال : تقتلان به ، ما يختلف في هذا أحد»(2) .
وهي صحيحة على الأظهر ، فإنّ محمّد بن عبدالله الواقع في سندها هو محمّد ابن عبدالله بن هلال ،
بقرينة روايته عن العلاء ، ورواية محمّد بن الحسين عنه ، وهو ثقة على الأظهر ، لوروده في أسناد كامل
الزيارات .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 186 / أبواب قصاص الطرف ب 25 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 84 / أبواب القصاص في النفس ب 33 ح 15 .
ــ[35]ــ
فاضل ديتهنّ إليهنّ ثمّ قتلهنّ جميعاً (1) . وأمّا إذا قتل بعضهنّ ، كما إذا قتل اثنتين منهنّ ـ مثلاً ـ
وجب على الثالثة ردّ ثلث دية الرجل إلى أولياء المقتصّ منهما (2) . ــــــــــــــــــ
ـــــ
(1) لما سيأتي من أ نّه لا حقّ لوليّ المقتول في أمثال المسألة قتل الجميع إلاّ بعد ردّ فاضل الدية .
(2) والوجه في ذلك : هو أنّ الروايات المتقدّمة الدالّة على وجوب الدية على غير المقتصّ منه وإن
كانت خاصّة بالرجل إلاّ أنّ المتفاهم العرفي منها عدم اختصاص الحكم بالرجل ، ومن ثمّ يتعدّى منها إلى
صورة الاشتراك في قتل المرأة .
|