لا يعتبر في قبول قول صاحب اليد بالنّجاسة أن يكون قبل الاستعمال 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الثالث:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7994


ــ[181]ــ

   [ 228 ] مسألة 14 : لا يعـتبر في قبـول قول صـاحب اليد أن يكـون قبل الاستعمال (1) ـ  كما قد يُقال  ـ فلو توضأ شخص بماء مثلاً وبعده أخبر ذو اليد بنجاسته يحكم ببطلان وضوئه ، وكذا لا يعتبر أن يكون ذلك حين كونه في يده فلو أخبر بعد خروجه عن يده بنجاسته حين كان في يده ، يحكم عليه بالنجاسة ((1)) في ذلك الزمان ، ومع الشك في زوالها  تستصحب (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) قد سبق أن ذكرنا أن اعتبار قول صاحب اليد مدركه السيرة العقلائية الممضاة في الشريعة المقدسة بعدم الردع عنها ، ولا يفرق فيها بين أن يكون إخباره عما في يده قبل استعماله وبين أن يكون بعد استعماله ، فلو توضأ أحد بماء أو اغتسل به ثم أخبر مالكه أو من بيده عن نجاسته حكم بنجاسته وبطل وضوؤه وغسله . وقد يرتفع الموضوع وينعدم باستعماله ومعه لا معنى للحكم بنجاسته أو طهارته . نعم ، تظهر ثمرة اعتبار قوله في الحكم ببطلان وضوء المتوضي أو غسل المغتسل ، وهذا كما إذا كان الماء قليلاً بحيث انعدم باستعماله في الغسل أو الوضوء ، وقد لا ينعدم كما إذا كان الماء كثيراً واغتسل فيه بالارتماس أو توضأ به .

   وثالثة لا يترتب ثمرة على انكشاف نجاسة الشيء المستعمل باخبار صاحب اليد كما إذا صلّى في ثوب أحد ثم أخبر من بيده عن نجاسته ، فانّ إخباره هذا مما لا يترتّب ثمرة عليه ، لأنّ مانعية النجاسة عن الصلاة إنما هي منوطة بإحرازها وإن كانت منسية في حال العمل ، ولا مانعية للنجاسة المجهولة بوجه فلا معنى لاعتبار قول ذي اليد وعدمه حينئذ . وأما إذا ترتب على إخباره ـ بعد الاستعمال ـ أثر كما في المثال المتقدم لأنّ طهارة الماء في الغسل والوضوء شرط واقعي فإذا انكشفت نجاسته بعدهما فيحكم ببطلانهما لا محالة ، لأن السيرة كما عرفت لا يفرق فيها بين سبق إخباره الاستعمال وبين تأخره عنه .

   (2) إذا خرجت العين عن ملك مالكها أو عن استيلاء من بيده ثم أخبر عن أنها

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) على الأحوط ولا يبعد أن لا يحكم عليه بها ، نعم إذا كان ثقة تثبت النجاسة باخباره على الأظهر .

ــ[182]ــ

كانت نجسة حال كونها تحت سلطانه وسيطرته ، فهل يعتمد على قوله نظراً إلى أن المخبر به إنما هو نجاسة العين التي كانت مملوكة له أو تحت استيلائه أو لا يعتمد عليه لأنّ المخبر لا يصدق عليه صاحب اليد حال إخباره ؟

   فيه وجهان ، ثانيهما صحيحهما وذلك لأن مدرك اعتبار قوله هو السيرة العقلائية كما عرفت ، ولم تحرز سيرتهم على قبول قوله في أمثال المقام ، ويكفي في عدم حجيته مجرّد الشك في سيرتهم ، حيث إنّا نحتمل أن تكون سيرة العقلاء هي مدرك القاعدة المعروفة من أن من ملك شـيئاً ملك الاقرار به ـ كما أفاده المحقق الهمداني(1) (قدس  سره) ـ وبه يستكشف أن اعتبـار قول ذي اليد يدور مدار ملكـه واسـتيلائه ومع انتفائهما لا ينفذ قوله ولا يعتمد عليه .

   هذا وقد يدعى قيام السيرة على قبول خبره في المقام وبالأخص فيما إذا كان إخباره قريباً من زمان استيلائه ، كما إذا باع ثوباً من أحد وبعد تسليمه إليه أخبر عن نجاسته . ولا يمكن المساعدة على هذا المدعى ، لأن سيرة العقلاء وإن جرت على قبول إخبار البائع عن نجاسة المبيع إلاّ أن المستكشف بذلك ليس هو اعتبار قول ذي اليد بعد انقطاع سلطنته ويده وإنما المستكشف هو اعتبار خبر الموثق في الموضوعات الخارجية كما هو معتبر في الأحكام ، والذي يدلنا على ذلك أن البائع في مفروض المثال لا يعتمد على إخباره عن نجاسة المبيع فيما إذا لم تثبت وثاقته عند المشتري لاحتمال أن البائع يريد أن يصل بذلك إلى غرضه وهو فسخ المعاملة حيث يبدي للمشتري نجاسته حتى يرغب عن تملكه وإبقائه ، ومع هذا الاحتمال لا يعتمد على إخباره عند العقلاء . وأظهر من ذلك ما لو باع المالك ما بيده ولما أتلف ثمنه أخبر المشتري بأنه كان مغصوباً أو وقفاً فهل يعتمد على دعواه هذه ؟ نعم ، لو ادعى شيئاً من ذلك قبل أن يبيعه اعتبر قوله لأنه من إقرار العقلاء على أنفسهم ، فالانصاف أن قول صاحب اليد لم يثبت اعتباره في أمثال المقام .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطهارة) : 610 السطر 14 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net