(مسألة 43) : إذا قتل الحرُّ أو الحرّةُ العبد عمداً فلا قصاص (3) ،
ــــــــــــــــــ (3) من دون خلاف وإشكال . وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة أبي بصير عن أحدهما ( عليهما السلام ) ، قال : قلت له
ــ[42]ــ
قول الله عزّ وجلّ: (كُتِبَ عَلَيْكُمُ ا لْقِصَاصُ فِي ا لْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَا لْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَا لاُْنثَى بِالاُْنثَى)(1)
قال: «فقال: لايقتل حرّ بعبد ، ولكن يضرب ضرباً شديداً ويغرم ثمنه دية العبد»(2) .
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «قال : لا يقتل الحرّ بالعبد ، وإذا قتل
الحرّ العبد غرم ثمنه وضرب ضرباً شديداً»(3) .
ومنها : معتبرة سماعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : «قال : يقتل العبد بالحرّ ، ولا يقتل الحرّ
بالعبد ، ولكن يغرم ثمنه ، ويضرب ضرباً شديداً حتّى لا يعود»(4) .
ولا تعارضها معتبرة إسماعيل ابن أبي زياد ، عن جعفر ، عن أبيه ، عن آبائه (عليهم السلام) : «أ نّه
قتل حرّاً بعبد قتله عمداً»(5) .
فإنّها قضيّة في واقعة ، ومن المحتمل أنّ الحرّ كان معتاداً على قتل العبيد ، وسيأتي ـ إن شاء الله تعالى
ـ أنّ الحكم في مثله القتل(6) .
وأمّا ما في معتبرة زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي (عليه السلام) «قال : ليس بين الرجال والنساء
قصاص إلاّ في النفس ، وليس بين الأحرار والمماليك قصاص إلاّ في النفس ، وليس بين الصبيان قصاص
في شيء إلاّ في النفس»(7) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 178 .
(2) الوسائل 29 : 96 / أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 1 .
(3) الوسائل 29 : 96 / أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 2 .
(4) الوسائل 29 : 96 / أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 3 .
(5) الوسائل 29 : 98 / أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 9 .
(6) في ص 48 .
(7) الوسائل 29 : 184 / أبواب قصاص الطرف ب 22 ح 2 .
ــ[43]ــ
وعلى القاتل قيمة المقتول يوم قتله (1) لمولاه إذا لم تتجاوز دية الحرّ (2) ، وإلاّ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
فلا بدّ من ردّ علمها إلى أهله ، فإنّ الجملة الأخيرة فيها مقطوعة البطلان ، لأنّ الصبي ليس عليه
قصاص حتّى في النفس ، وإنّما اللازم في قتله الدية ، وهي على عاقلته .
وكذلك الجملة الاُولى ، فإنّ القصاص ثابت بين الرجال والنساء في غير النفس أيضاً ، غاية الأمر أ نّه
لا بدّ من ردّ فاضل الدية فيما إذا جاوز الثلث إذا كان المقتصّ هي المرأة ، كما هو الحال في النفس .
وأمّا الجملة الثانية فهي أيضاً كذلك ، حيث إنّه لا يقتل الحرّ بالعبد بنصّ الآية الكريمة والروايات
المتظافرة التي تقدّم بعضها ، فلا مناص عندئذ من طرح الرواية .
ومن ذلك يظهر الحال في معتبرة السكوني عن جعفر ، عن أبيه ، عن علي (عليهم السلام) «قال :
ليس بين العبيد والأحرار قصاص فيما دون النفس، وليس بين اليهودي والنصراني والمجوسي قصاص فيما
دون النفس»(1) .
على أ نّه لا دلالة فيها على ثبوت القصاص في النفس إلاّ بمفهوم القيد ، وهو لا يثبت إلاّ القصاص في
الجملة ، حيث لا إطلاق له ، فإذن المتيقّن هو حمله على صورة الاعتياد .
(1) فإنّه يوم اشتغال الذمّة بالقيمة .
(2) بلا خلاف . وتدلّ عليه عدّة نصوص :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا قتل الحرّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 184 / أبواب قصاص الطرف ب 22 ح 3 .
ــ[44]ــ
فلايغرم الزائد، وإذا قتل الأمة فكذلك (1) ، وعلى القاتل قيمتها إذا لم تتجاوز دية الحرّة (2) ، ولو
كان العبد أو الأمة ذمّيّاً غرم قيمة المقتول إذا لم تتجاوز دية الذمّي أو الذمّيّة . ولا فرق فيما ذكرناه بين
كون العبد أو الأمة قنّاً أو
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
العبد غرم قيمته واُدّب» قيل : فإن كانت قيمته عشرين ألف درهم ؟ «قال : لا يجوز بقيمة عبد دية
الحرّ»(1) .
ومنها : صحيحة ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : دية العبد قيمته ، فإن كان نفيساً
فأفضل قيمته عشرة آلاف درهم ، ولا يجاوز به دية الحرّ»(2) .
(1) والسبب فيه : أنّ مورد الروايات المتقدّمة وإن كان هو قتل الحرّ العبد إلاّ أنّ الظاهر منها هو أ
نّها في مقام بيان حكم المملوك من حيث كونه مملوكاً ، بلا فرق بين كونه ذكراً أو اُنثى .
(2) نظراً إلى انّ دية المرأة نصف دية الرجل ، فإذا لم تتجاوز قيمة العبد العشرة آلاف درهم لم
تتجاوز قيمة الأمة الخمسة آلاف درهم .
وتدلّ على ذلك صحيحة عبدالله بن مسكان المتقدّمة ، وصحيحته الاُخرى عن أبي عبدالله (عليه
السلام) في حديث قال : «دية المرأة نصف دية الرجل»(3) .
وبما ذكرنا يظهر حال العبد والأمة الذمّيّين ، فإنّ ديتهما لا تزيد على دية الحرّ منهما .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 97 / أبواب القصاص في النفس ب 40 ح 4 .
(2) الوسائل 29 : 207 / أبواب ديات النفس ب 6 ح 2 .
(3) الوسائل 29 : 205 / أبواب ديات النفس ب 5 ح 1 .
ــ[45]ــ
مدبّراً(1)، وكذلك إذا قتل الحرّ أو الحرّة مكاتباً مشروطاً أو مطلقاً ولم يؤدّ من مال الكتابة شيئاً(2).
ولا فرق في ذلك بين الذكر والاُنثى (3) . ومثل ذلك القتل الخطائي(4) ، غاية الأمر أنّ الدية تحمل
على عاقلة القاتل الحرّ إذا كان خطأً محضاً ، وإلاّ ففي مال القاتل نفسه على تفصيل يأتي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
بقي هنا شيء ، وهو أنّ المستفاد من الروايات المتقدّمة : أنّ عدم تغريم قاتل العبد بأكثر من عشرة
آلاف درهم إذا كانت قيمته أكثر منها إنّما هو من جهة القتل فقط ، بمعنى : أنّ قاتل العبد عمداً يسقط
عنه القصاص ، وينتقل الأمر إلى الدية ، وهي لا تزيد على دية الحرّ .
وأمّا إذا كان هناك سبب آخر للضمان غير القتل ، كما إذا غصب الحرّ عبداً ثمّ قتله ، ففي مثل ذلك
لا يبعد الالتزام بضمان تمام قيمته مهما بلغت ، فإنّ الغصب أوجب ذلك .
ولا موجب لسقوط الضمان، فإنّ القتل العمدي إن لم يوجب الزيادة لم يوجب النقص ، فلو فرضنا
أنّ العبد المذكور قد مات بنفسه كان الغاصب ضامناً لقيمته مهما بلغت ، فكيف به إذا قتله عمداً بعد
غصبه ؟! وقد نسب الشهيد الثاني ذلك إلى بعض الأصحاب وقوّاه(1) .
(1) لإطلاق الأدلّة وعدم خصوصيّة في البين .
(2) فإنّه قنٌّ تترتّب عليه أحكامه المتقدّمة .
(3) ظهر وجهه ممّا تقدّم .
(4) وذلك لما عرفت من أنّ الثابت في قتل الحرّ العبد عمداً هو الدية ـ أي
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المسالك 2 : 366 (حجري) .
ــ[46]ــ
(مسألة 44) : إذا اختلف الجاني ومولى العبد في قيمته يوم القتل ، فالقول قول الجاني مع يمينه إذا لم
تكن للمولى بيّنة (1) . ـــــــــــــــــــ
ـــــ
قيمة العبد المقتول ـ فلا قود ولا قصاص . والمفروض أنّ الأمر كذلك في قتله العبد خطأً ، فلا فرق
بينهما من هذه الناحية أصلاً .
نعم ، يفترق القتل الخطائي عن العمدي في نقطة اُخرى ، وهي أنّ القتل إذا كان خطأً فالدية على
عاقلة القاتل لا في مال نفسه .
(1) لأنّ الجاني يدّعي الأقلّ فيكون قوله مطابقاً للأصل ، فعلى مدّعي الزائد الإثبات .
وتؤيّد ذلك رواية أبي الورد ، قال : سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل قتل عبداً خطأً ؟ «قال
: عليه قيمته ـ إلى أن قال : ـ إن كان لمولاه شهود أنّ قيمته كانت يوم قتل كذا وكذا اُخذ بها قاتله ،
وإن لم يكن له شهود على ذلك كانت القيمة على من قتله مع يمينه» الحديث(1) . ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 208 / أبواب ديات النفس ب 7 ح 1 .
|