ــ[67]ــ
(مسألة 60) : لو قتل عبد حرّين معاً ثبت لأولياء كلّ منهما حقّ الاقتصاص مستقلاًّ ، فلا يتوقّف
على إذن الآخر (1) . نعم ، لو بادر أحدهما واسترقّه جاز للآخر أيضاً ذلك ، ولكنّهما يصبحان
شريكين فيه (2) ، وإذا قتل أحدهما واسترقّه أولياؤه ثمّ قتل الثاني اختصّ العبد بأولياء الثاني ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
وعلى ذلك يترتّب أ نّه لو قتل القاتل نفسه أو مرض ومات قبل الاقتصاص أو نحو ذلك لم تسقط
الدية ، بل لا بدّ من أخذها من ماله بمقتضى عموم هذا التعليل .
(1) وذلك لما دلّ من الكتاب والسنّة على أنّ لأولياء المقتول ظلماً حقّ الاقتصاص من القاتل ، ومن
المعلوم أنّ هذا الحقّ ثابت لكلّ منهما على نحو الاستقلال ، فلا يتوقّف إعماله من أحدهما على إذن
الآخر .
نعم ، إذا استوفى أحدهما حقّه سقط حقّ الآخر بسقوط موضوعه .
(2) وذلك لأنّ حقّ كلّ منهما تعلّق برقبته ، فيجوز لكلّ منهما استرقاقه ، فإذا استرقّه أحدهما جاز
للآخر أيضاً استرقاقه ، لبقاء الموضوع ، فيكون شريكاً له .
وبذلك يفترق الاسترقاق عن القصاص ، فإنّه لو اقتصّ أحدهما انتفى موضوع حقّ الآخر .
وهذا بخلاف الاسترقاق ، فإنّ موضوع استرقاق الآخر باق مع استرقاق الأوّل .
ومن هنا يظهر أ نّه كما يجوز للآخر الاسترقاق بعد استرقاق الأوّل يجوز له الاقتصاص أيضاً .
ــ[68]ــ
بمعنى : أنّ لهم استرقاقه وأخذه من أولياء الأوّل أو قتله (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
(1) لأ نّه باسترقاق أولياء الأوّل يصير عبداً لهم ، فإذا جنى بعد ذلك وقتل آخر فبطبيعة الحال جاز
لأولياء الثاني استرقاقه ، كما جاز لهم قتله ، ولا يحتاج هذا إلى دليل خاصّ .
ومع ذلك تدلّ عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) : في عبد جرح رجلين «قال : هو
بينهما إن كانت جنايته تحيط بقيمته» قيل له : فإن جرح رجلاً في أوّل النهار وجرح آخر في آخر النهار
؟ «قال : هو بينهما ما لم يحكم الوالي في المجروح الأوّل . قال : فإن جنى بعد ذلك جناية فإنّ جنايته
على الأخير»(1) .
فإنّ مورد الصحيحة وإن كان هو الجرح إلاّ أ نّه من الواضح أ نّه لا خصوصيّة له ، فإنّ العبرة إنّما
هي بما إذا كانت الجناية الثانية بعد استيفاء وليّ المجنى عليه أوّلاً حقّه ، فإنّه حينئذ يكون هو المالك
فتكون الجناية عليه .
بقي هنا شيء : وهو أنّ عليّ بن عقبة روى عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن عبد
قتل أربعة أحرار واحداً بعد واحد ، قال : «فقال : هو لأهل الأخير من القتلى إن شاءُوا قتلوه وإن
شاءُوا استرقّوه ، لأ نّه إذا قتل الأوّل استحقّ أولياؤه ، فإذا قتل الثاني استحقّ من أولياء الأوّل فصار
لأولياء الثاني ، فإذا قتل الثالث استحقّ من أولياء الثاني فصار لأولياء الثالث ، فإذا قتل الرابع استحقّ
من أولياء الثالث فصار لأولياء الرابع إن شاءُوا قتلوه وإن شاءُوا استرقّوه»(2) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 104 / أبواب القصاص في النفس ب 45 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 104 / أبواب القصاص في النفس ب 45 ح 3 .
ــ[69]ــ
(مسألة 61) : لو قتل عبد عبدين عمداً جاز لمولى كلّ منهما اقتصاصه (1) ، وأمّا استرقاقه فيتوقّف
على رضا مولى القاتل(2) ، فلو سبق أحدهما بالاقتصاص سقط حقّ الآخر بسقوط موضوعه ، ولو
رضى المولى باسترقاقه فعندئذ إن اختار أحدهما استرقاقه واقتصّ الآخر سقط حقّ الأوّل ، وإن اختار
الآخر الاسترقاق أيضاً اشترك معه . ولا فرق في ذلك بين كون استرقاقه في زمان استرقاق الأوّل أو
بعده ، كما لا فرق في ذلك بين قتله العبدين دفعة واحدة أو على نحو التعاقب(3) . نعم ، إذا استرقّه
مولى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
وظاهر هذه الرواية هو أنّ العبد القاتل ينتقل من وليّ المقتول الأوّل إلى الثاني ، ومن الثاني إلى الثالث
، وهكذا ، ولو قبل استيفاء السابق حقّه منه واسترقاقه ، ولكن يقيّد إطلاقها بصحيحة زرارة المتقدّمة
بما إذا استوفى السابق حقّه منه ، على أ نّها ضعيفة بالحسن بن أحمد بن سلمة الكوفي الواقع في سنده .
(1) ظهر وجه ذلك ممّا تقدّم .
(2) سبق وجهه في قتل عبد عبداً متعمّداً (1) .
(3) تقدّم وجه كلّ ذلك (2) .
نعم ، عن الشيخ (قدس سره) في محكيّ المبسوط تقديم حقّ الأوّل ، لأ نّه أسبق(3) .
وفيه : أ نّه لا دليل على ذلك بعد فرض تعلّق حقّ الثاني أيضاً برقبته ،
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 58 .
(2) في ص 67 .
(3) المبسوط 7 : 8 .
ــ[70]ــ
الأوّل وبعد ذلك قتل الثاني كان مولى الثاني بالخيار بين قتله واسترقاقه مع رضا مولاه (1) . ـــــــــــــــــــ
ـــــ
ومقتضى ذلك جواز استيفاء الحقّ لكلّ منهما ، ولا دليل على أنّ استيفاء الثاني حقّه منوط بعدم استيفاء
الأوّل .
(1) ظهر وجهه ممّا تقدّم .
|