الشرط الثاني : التساوي في الدين ، فلا يقتل المسلم
ــ[73]ــ
بقتله كافراً ، ذمّيّاً كان أو مستأمناً أو حربيّاً ، كان قتله سائغاً أم لم يكن (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
وتؤيّد ذلك رواية الميثمي عن بعض أصحابه، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه
السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في عبد قتل حرّاً خطأ ، فلمّا قتله أعتقه مولاه ، قال :
فأجاز عتقه وضمنه الدية»(1) .
هذا فيما إذا كان المولى موسراً .
وأمّا إذا كان معسراً ، فقد قيل : إنّه لا يجوز عتقه .
ولكنّ الصحيح : أ نّه لا مانع منه ، وذلك لما عرفت من أ نّه ليس في المقام إلاّ حكم تكليفي محض ،
وليست رقبة العبد متعلّقة لحقّ الغير ، نظير من كان مديناً بدين واجب الأداء ، وباع ماله أو وهبه
لشخص ، فإنّه لا إشكال في صحّة ذلك .
(1) تدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : معتبرة إسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن المسلم هل يقتل بأهل
الذمّة ؟ «قال : لا ، إلاّ أن يكون معوّداً لقتلهم فيُقتَل وهو صاغر»(2) .
ومنها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : لا يقاد مسلم بذمّي في القتل ولا
في الجراحات ، ولكن يؤخذ من المسلم جنايته للذمّي على قدر دية الذمّي ثمانمائة درهم»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 216 / أبواب ديات النفس ب 12 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 109 / أبواب القصاص في النفس ب 47 ح 6 .
(3) الوسائل 29 : 108 / أبواب القصاص في النفس ب 47 ح 5 .
ــ[74]ــ
نعم ، إذا لم يكن القتل سائغاً عزّره الحاكم حسبما يراه من المصلحة (1) ، وفي قتل الذمّي من النصارى
واليهود والمجوس يغرم الدية كما سيأتي . هذا مع عدم الاعتياد . وأمّا لو اعتاد المسلم قتل أهل الذمّة
جاز لوليّ الذمّي المقتول قتله (2) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
ومنها : صحيحة إسماعيل بن الفضل الثانية عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : قلت له رجل قتل
رجلاً من أهل الذمّة «قال : لا يُقتَل به ، إلاّ أن يكون متعوّداً للقتل»(1) .
وهذه الروايات وإن وردت في الذمّي إلاّ أ نّه لا إشكال في ثبوت هذا الحكم لغيره أيضاً من المستأمن
والحربي ، أمّا الثاني : فواضح ، وأمّا الأوّل : فلأ نّه دون الذمّي ، نظراً إلى أنّ الذمّي مستأمن وزيادة ،
فإذا ثبت هذا الحكم له ثبت لمن دونه بالأولويّة القطعيّة .
(1) لما تقدّم من ثبوت التعزير في ارتكاب معصية الله تعالى حسب رأي الحاكم(2) .
(2) لما تقدّم في الروايات من أنّ المسلم يقتل بالذمّي إذا كان متعوّداً لقتله ، وما دلّ من الروايات
الآتية الدالّة على أنّ المسلم يُقتَل بقتل الكافر ، حيث إنّه مطلق يحمل على صورة كون المسلم معتاداً في
قتله ، كما دلّت عليه عدّة من الروايات المتقدّمة . فإذن لا تنافي بين الطائفتين من هذه الروايات .
فالنتيجة : أنّ المسلم المعتاد على قتل الذمّي يُقتَل قصاصاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 109 / أبواب القصاص في النفس ب 47 ح 7 .
(2) مباني تكملة المنهاج 1 : 407 .
ــ[75]ــ
بعد ردّ فاضل ديته (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
ومن هنا يظهر أ نّه لا وجه لما عن ابن إدريس (قدس سره) من أ نّه لايُقتَل(1).
ولا لما عن العلاّمة (قدس سره) وغيره من أ نّه يُقتَل حدّاً (2) .
ولا لما احتمله الشهيد (قدس سره) في الروضة من أ نّه يُقتَل حدّاً مع ردّ فاضل الدية(3) .
فإنّ جميع ذلك مخالف لصريح الروايات المتقدّمة الدالّة على أ نّه يُقتَل قصاصاً. على أنّ الأخير مخالف
للإجماع ، ولم يذهب إليه أحد ما عدا الكركي في حاشية الكتاب على ما قيل(4) .
(1) تدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة ابن مسكان عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا قتل المسلم يهوديّاً أو نصرانيّاً
أو مجوسيّاً فأرادوا أن يقيّدوا ردّوا فضل دية المسلم وأقادوه»(5) .
ومنها : صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا قتل المسلم النصراني فأراد أهل
النصراني أن يقتلوه قتلوه وأدّوا فضل ما بين الديتين»(6) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) السرائر 3 : 352 .
(2) انظر المختلف 9 : 323 ـ 324 ، تحرير الأحكام 2 : 247 .
(3) الروضة البهية 10 : 54 ـ 55 .
(4) حكاه في الجواهر 42 : 155 .
(5) الوسائل 29 : 107 / أبواب القصاص في النفس ب 47 ح 2 .
(6) الوسائل 29 : 108 / أبواب القصاص في النفس ب 47 ح 4 .
|