ــ[86]ــ
الشرط الثالث : أن لا يكون القاتل أباً للمقتول ، فإنّه لا يُقتَل بقتل ابنه (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
فهذه الصحيحة وإن كان موردها المجنون إلاّ أنّ قوله (عليه السلام) «فلا قود لمن لا يقاد منه» تطبيقٌ
للكبرى على الصغرى ، فتدلّ على عدم القود في الصغير أيضاً .
(1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ عليه عدّة نصوص :
منها : صحيحة حمران عن أحدهما (عليهما السلام) «قال : لا يقاد والد بولده» الحديث(1) .
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن الرجل يقتل ابنه ، أيُقتَل به ؟
«قال : لا»(2).
ومنها : معتبرة إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أنّ عليّاً (عليه السلام) كان
يقول : لا يُقتَل والد بولده إذا قتله» الحديث(3) .
ومنها : صحيحة ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : وقضى أ نّه لا قود لرجل أصابه والده
في أمر يعيب عليه فيه فأصابه عيب من قطع وغيره ويكون له الدية ، ولا يقاد(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 77 / أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 77 / أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 2 .
(3) الوسائل 29 : 79 / أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 8 .
(4) الوسائل 29 : 79 / أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 10 .
ــ[87]ــ
وعليه الدية (1) ويعزّر (2) ، وهل يشمل الحكم أب الأب أم لا ؟ وجهان ، لا يبعد الشمول(3) .
(مسألة 81) : لو قتل شخصاً ، وادّعى أ نّه ابنه ، لم تسمع دعواه ما لم تثبت ببيّنة أو نحوها ، فيجوز
لوليّ المقتول الاقتصاص (4) ، وكذلك لو ادّعاه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
(1) تدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أنّ دم المسلم لا يذهب هدراً ـ صحيحة ظريف المتقدّمة .
(2) لما تقدّم من ثبوت التعزير لكلّ معصية كبيرة حسبما يراه الحاكم الشرعي .
وتؤيّد ذلك رواية جابر عن أبي جعفر (عليه السلام) في الرجل يقتل ابنه أو عبده «قال : لا يقتل به ،
ولكن يضرب ضرباً شديداً وينفى عن مسقط رأسه»(1) .
(3) على المشهور شهرة عظيمة ، ويدلّ على ذلك إطلاق صحيحة حمران ومعتبرة إسحاق بن عمّار
وصحيحة ظريف المتقدّمات ، فإنّ الظاهر شمول كلمة الوالد لأب الأب أيضاً ، كما أنّ لفظ الابن
يشمل ابن الابن .
(4) وذلك لإحراز موضوع جواز الاقتصاص بالأصل في المقام، فإنّ الخارج عن القصاص في القتل
العمدي هو كون القاتل والداً للمقتول ، وبما أ نّنا نشكّ في ذلك فلا مانع من الرجوع إلى استصحاب
عدم كون القاتل والداً للمقتول ، وبه يحرز الموضوع بضمّ الوجدان إلى الأصل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 79 / أبواب القصاص في النفس ب 32 ح 9 .
ــ[88]ــ
اثنان ، وقتله أحدهما أو كلاهما ، مع عدم العلم بصدق أحدهما (1) ، وأمّا إذا علم بصدق أحدهما ، أو
ثبت ذلك بدليل تعبّدي ، ولم يمكن تعيينه ، فلا يبعد الرجوع إلى القرعة (2) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
(1) يظهر الحال في ذلك ممّا مرّ ، حيث إنّه لا مانع من إحراز موضوع جواز القتل بالأصل ، بناءً
على ما حقّقناه في محلّه من جواز التمسّك به لإثبات كون الفرد المشكوك فيه من الأفراد الباقية تحت
العام فيتمسّك به .
(2) وذلك لأنّ المستفاد من أدلّة القضاء هو أنّ كلّ دعوى بين متخاصمين لا بدّ من حلّها بإحدى
الطرق الشرعيّة المقرّرة لذلك ، ومنها : الدعوى بينهما في بنوّة شخص ، فإنّه إذا لم يمكن حلّها بإحدى
الطرق فالمرجع هو القرعة .
وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى إطلاقات أدلّة القرعة ـ عدّة روايات :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إذا وقع الحرّ والعبد والمشرك على امرأة
في طهر واحد ، وادّعوا الولد اُقرع بينهم ، وكان الولد للذي يقرع»(1) .
وصحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : بعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)
علياً (عليه السلام) إلى اليمن ، فقال له حين قدم : حدّثني بأعجب ما ورد عليك ، فقال: يا رسول الله
، أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطئها جميعهم في طهر واحد ، فولدت غلاماً ، فاحتجّوا فيه كلّهم يدّعيه ،
فأسهمت بينهم ، فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله
وسلّم) : ليس من قوم تقارعوا ثمّ فوّضوا أمرهم إلى الله إلاّ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 257 / أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 1 .
ــ[89]ــ
(مسألة 82) : لو قتل الرجل زوجته ، وكان له ولد منها ، فهل يثبت حقّ القصاص لولدها ؟
المشهور عدم الثبوت ، وهو الصحيح(1) ، كما لو قذف الزوج زوجته الميّتة ولا وارث لها إلاّ ولدها
منه (2) .
(مسألة 83): لو قتل أحد الأخوين أباهما، والآخر اُمّهما، فلكلّ واحد منهما على الآخر القود(3)،
فإن بدر أحدهما فاقتصّ كان لوارث الآخر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
خرج سهم المحقّ»(1) .
(1) والوجه في ذلك : هو أنّ ما دلّ من النصوص على أنّ الوالد لا يقتل بولده وإن لم يشمل المقام
، إلاّ أنّ مقتضى عموم التعليل في ذيل صحيحة محمّد ابن مسلم المتقدّمة في مسألة قذف الوالد ولده(2)
شمول الحكم للمقام أيضاً .
ومن الغريب أنّ المحقّق (قدس سره) مال هنا إلى ثبوت الاقتصاص وثبوت حقّ القذف ، اقتصاراً بالمنع
على مورد النصّ(3) ، مع أ نّه جزم بعدم ثبوت حقّ القذف له في باب القذف(4) .
(2) تقدّم الكلام في ذلك في مبحث القذف(5) .
(3) لأنّ كلاًّ منهما قد ارتكب القتل العمدي الذي هو الموضوع لجواز القصاص ، فيثبت لكلّ من
الوليّين حقّ الاقتصاص من الآخر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 27 : 258 / أبواب كيفية الحكم ب 13 ح 6 .
(2) مباني تكملة المنهاج 1 : 312 .
(3) الشرائع 4 : 220 .
(4) الشرائع 4 : 220 ـ 221 .
(5) مباني تكملة المنهاج 1 : 312 .
ــ[90]ــ
الاقتصاص منه (1) . ــــــــــــــــــ
ـــــ
وقيل : عند التشاح بينهما يرجع إلى القرعة .
ولكن لا وجه له بعد فرض ثبوت حقّ الاستيفاء لكلّ منهما على الإطلاق بمقتضى الأدلّة .
نعم ، لو قلنا بتوقّف جواز الاقتصاص على حكم الحاكم كان للرجوع إلى القرعة عند التشاح وجه
.
(1) لأن حقّ الاقتصاص من الحقوق القابلة للانتقال ، كسائر الحقوق الشرعيّة القابلة لذلك ، فإذن
يقوم الوارث مقام مورّثه في استيفاء الحقّ من القاتل .
|