حكم ما لو ادّعى الولي القتل على واحد أو جماعة 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3817


ــ[124]ــ

 

الفصل الثالث

في القسامة

   (مسألة 110): لو ادّعى الولي القتل على واحد أو جماعة، فإن أقام البيّنة على مدّعاه فهو(1)، وإلاّ

فإن لم يكن هنا لوث طولب المدّعى عليه بالحلف ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) بلا خلاف ولا إشكال ، لإطلاق أدلّة حجّيّة البيّنة .

   وأمّا صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إنّ الله حكم في دمائكم بغير ما حكم به

في أموالكم ، حكم في أموالكم : أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ، وحكم في دمائكم :

أنّ البيّنة على المدّعى عليه واليمين على من ادّعى ، لئلاّ يبطل دم امرئ مسلم»(1) .

   فهي لاتدلّ على عدم حجّيّة بيّنة المدّعي، وإنّما تدلّ على أنّ المطالب بها هو المنكر دون المدّعي ، على

أ نّها خاصّة بموارد اللوث دون غيرها على ما سيأتي .

   وأمّا في غيرها فيكون المطالب بالبيّنة هو المدّعي ، بمقتضى ما ورد من أنّ البيّنة على المدّعي واليمين

على المدّعى عليه .

   هذا ، وقد صرّح في صحيحة بريد بن معاوية ومسعدة بن زياد الآتيتين بحجّيّة بيّنة المدّعي ، مع أ نّهما

وردتا في مورد اللوث .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 153 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 4 .

ــ[125]ــ

فإن حلف سقطت الدعوى (1) ، وإن لم يحلف كان له ردّ الحلف إلى المدّعي ، وإن كان لوث طولب

المدّعى عليه بالبيّنة (2) ، فإن أقامها على عدم القتل فهو، وإلاّ فعلى المدّعي الإتيان بقسامة خمسين رجلاً

لإثبات مدّعاه (3) ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) من دون خلاف ولا إشكال بين الأصحاب ، كما في سائر الدعاوى . وكذلك الحال في جواز

ردّ الحلف على المدّعي .

   (2) بلا خلاف ولا إشكال ، وتدلّ على ذلك صحيحة أبي بصير المتقدّمة وصحيحة بريد بن معاوية

الآتية .

   (3) من دون خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها: صحيحة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: إنّما جعلت القسامة احتياطاً للناس لكيما

إذا أراد الفاسق أن يقتل رجلاً أو يغتال رجلاً حيث لايراه أحد خاف ذلك فامتنع من القتل»(1).

   ومنها : صحيحة بريد بن معاوية عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن القسامة «فقال :

الحقوق كلّها : البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ، إلاّ في الدم خاصّة ، فإنّ رسول الله (صلّى

الله عليه وآله وسلّم) بينما هو بخيبر إذا فقدت الأنصار رجلاً منهم ، فوجدوه قتيلاً ، فقالت الأنصار :

إنّ فلان اليهودي قتل صاحبنا ، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) للطالبين : أقيموا رجلين

عدلين من غيركم أقيده (أقده) برمته ، فإن لم تجدوا شاهدين فأقيموا قسامة خمسين رجلاً أقيده برمته ،

فقالوا : يا رسول الله ، ما عندنا شاهدان من غيرنا وإنّا لنكره أن نقسم على ما لم نره ، فوداه رسول

الله (صلّى الله عليه وآله)

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 151 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 1 .

ــ[126]ــ

وقال: إنّما حقن دماء المسلمين بالقسامة، لكي إذا رأى الفاجر الفاسق فرصة (من عدوّه) حجزه مخافة

القسامة أن يقتل به فكفّ عن قتله ، وإلاّ حلف المدّعى عليه قسامة خمسين رجلاً ما قتلنا ولا علمنا قاتلاً

، وإلاّ اُغرموا الدية إذا وجدوا قتيلاً بين أظهرهم إذا لم يقسم المدّعون»(1) .

   ومنها: صحيحة مسعدة بن زياد عن جعفر (عليه السلام) «قال: كان أبي (رضي الله عنه) إذا لم يقم

القوم المدّعون البيّنة على قتل قتيلهم ، ولم يقسموا بأنّ المتّهمين قتلوه ، حلّف المتّهمين بالقتل خمسين يميناً

بالله ما قتلناه ولا علمنا له قاتلاً ، ثمّ يؤدّى الدية إلى أولياء القتيل ، ذلك إذا قتل في حيّ واحد ، فأمّا إذا

قتل في عسكر أو سوق مدينة فديته تدفع إلى أوليائه من بيت المال»(2) .

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ المتسالم عليه بين فقهائنا ـ بل بين فقهاء المسلمين كافّة إلاّ الكوفي من

العامّة(3) ـ اعتبار اللوث في القسامة ، ومع ذلك قد ناقش فيه المحقّق الأردبيلي ، نظراً إلى إطلاق

الروايات وخلوّها عن التقييد المذكور(4) ، ولكنّ الصحيح هو اعتبار اللوث ، فإنّه ـ مضافاً إلى كونه

أمراً متسالماً عليه ـ يمكن استفادته من عدّة روايات في الباب :

   منها : معتبرة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إنّما جعلت القسامة ليغلّظ بها في الرجل

المعروف بالشرّ المتّهم، فإن شهدوا عليه جازت شهادتهم»(5).

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 152 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 3 .

(2) الوسائل 29 : 153 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 6 .

(3) حكاه في الجواهر 42 : 227 .

(4) مجمع الفائدة والبرهان 14 : 182 ـ 184 .

(5) الوسائل 29 : 154 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 7 .

ــ[127]ــ

وإلاّ فعلى المدّعى عليه القسامة كذلك (1) ، فإن أتى بها سقطت الدعوى ،

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   ومنها : صحيحة زرارة وبريد المتقدّمتان .

   ومنها : صحيحة ابن سنان ، قال : سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول : «إنّما وضعت القسامة

لعلّة الحوط، يحتاط على الناس، لكي إذا رأى الفاجر عدوّه فرّ منه مخافة القصاص»(1) .

   فإنّ التعليل المذكور فيها يدلّنا على أنّ جعل القسامة لا يعمّ كلّ مورد ، بل لا بدّ أن يكون المدّعى

عليه رجلاً فاسقاً ومتّهماً بالشرّ ، كما صرّح به في رواية زرارة . وهذا هو معنى اللوث .

   أضف إلى ذلك : أنّ قوله (عليه السلام) في روايات الباب : «إنّما جعلت القسامة احتياطاً لدماء

الناس» يدلّ على اعتبار اللوث فيها، وإلاّ لم يكن احتياطاً للدماء، بل يوجب هدرها ، حيث إنّ للفاسق

والفاجر أن يدّعي القتل على أحد ويأتي بالقسامة فيتقصّ منه ، فيذهب دم المسلم هدراً .

   ويؤيّد ذلك ما في حديث عن الصادق (عليه السلام) : «كانت العداوة بين الأنصار وبينهم ـ

اليهود ـ ظاهرة ، فإذا كانت هذه الأسباب أو ما أشبهها فهي لطخ تجب معه القسامة»(2) .

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها : ما تقدّم من صحيحة بريد بن معاوية وصحيحة مسعدة بن زياد .

   ومنها : صحيحة زرارة ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن القسامة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 154 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 9 .

(2) دعائم الاسلام 2 : 429 .

ــ[128]ــ

وإلاّ اُلزم الدعوى (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

«فقال: هي حقّ، إنّ رجلاً من الأنصار وجد قتيلاً في قليب من قلب اليهود ـ  إلى أن قال: ـ فقال لهم

رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : فليقسم خمسون رجلاً منكم على رجل ندفعه إليكم ، قالوا :

يا رسول الله ، كيف نقسم على ما لم نر ؟ قال : فيقسم اليهود» الحديث(1) .

   (1) على ما يظهر من كلمات غير واحد منهم ، فإنّهم ذكروا أ نّه إذا نكل وامتنع عن الحلف اُلزم

الدعوى ، بل صرّح بعضهم ـ كصاحب الرياض (قدس سره) (2) ـ بأ نّه يُلزَم بالدعوى ، سواء

أكانت الدعوى دعوى القتل عمداً أم كانت دعوى القتل خطأً .

   والوجه في ذلك : هو أنّ مقتضى ما دلّ على جعل القسامة وأ نّه إذا لم يقسم المدّعي كانت القسامة

على المدعى عليه : أ نّه إذا امتنع عن الحلف اُلزم بالدعوى، وإلاّ كان إلزامه بالحلف لغواً . وهذا ظاهر

.

   ثمّ إنّه هل للمدّعى عليه عندئذ ردّ الحلف على المدّعي ، كما كان ذلك في غير دعوى القتل ، أم

يحكم على المدّعى عليه بمجرّد نكوله ؟

   قولان ، المشهور هو الثاني .

   وعن الشيخ (قدس سره) في المبسوط هو الأوّل(3) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 155 /  أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 10 ح 3 .

(2) رياض المسائل 2 : 519 .

(3) المبسوط 7 : 210 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net