ــ[130]ــ
كمّيّة القسامة
(مسألة 112) : في القتل العمدي خمسون يميناً (1) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
فإنّ مقتضى هذا التعليل عدم اختصاص الحكم بالرجال وإن كان مورد جملة منها الرجل .
ومنها : صحيحة بريد بن معاوية عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن القسامة «فقال:
الحقوق كلّها: البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه، إلاّ في الدم خاصّة» الحديث(1).
ومنها : صحيحة أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إنّ الله حكم في دمائكم بغير ما
حكم به في أموالكم ، حكم في أموالكم : أنّ البيّنة على المدّعي واليمين على المدّعى عليه ، وحكم في
دمائكم : أنّ البيّنة على المدّعى عليه واليمين على من ادّعى ، لئلاّ يبطل دم امرئ مسلم»(2) .
(1) على المشهور شهرة عظيمة ، بل ادّعي عليه الإجماع .
وتدلّ على ذلك صحيحة عبدالله بن سنان ، قال: «قال أبو عبدالله (عليه السلام): في القسامة
خمسون رجلاً في العمد ، وفي الخطأ خمسة وعشرون رجلاً ، وعليهم أن يحلفوا بالله»(3) .
وصحيحة يونس وابن فضّال جميعاً عن الرضا (عليه السلام) في حديث :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 152 / أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 3 .
(2) الوسائل 29 : 153 / أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 9 ح 4 .
(3) الوسائل 29 : 158 / أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 11 ح 1 .
ــ[131]ــ
وفي الخطأ المحض والشبيه بالعمد خمس وعشرون يميناً (1) . وعليه ، فإن أقام المدّعي خمسين رجلاً
يقسمون فهو، وإلاّ فالمشهور تكرير الأيمان عليهم حتّى يتمّ عدد القسامة، وهو غير بعيد(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
«والقسامة جعل في النفس على العمد خمسين رجلاً ، وجعل في النفس على الخطأ خمسة وعشرين
رجلاً» الحديث(1) .
وخالف في ذلك ابن حمزة، حيث قال: إنّها خمسة وعشرون في العمد إذا كان هناك شاهد واحد(2).
وفيه : أ نّه مبني على أنّ الخمسين بمنزلة شاهدين عدلين ، وهو اعتبار ضعيف جدّاً ، فلا يمكن جعله
مدركاً لحكم شرعي ، على أ نّه مخالف لإطلاق هاتين الصحيحتين .
(1) على الأشهر بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك الصحيحتان المتقدّمتان .
وخالف في ذلك جماعة ، منهم : المفيد والديلمي وابن إدريس والفاضل وولده والشهيدان ، وذهبوا
إلى أ نّه لا فرق في ذلك بين العمد والخطأ (3) .
وفيه : أ نّه مخالف لصريح الصحيحتين المتقدّمتين ، فلا يمكن القول به .
(2) بل ادّعي عليه الإجماع في كلمات غير واحد من الأصحاب ، ولم ينقل
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 159 / أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 11 ح 2 .
(2) الوسيلة : 460 .
(3) الشيخ المفيد في المقنعة : 736، الديلمي في المراسم : 232 ، ابن إدريس في السرائر 3 : 338
، العلاّمة في القواعد 3 : 618 ، ابن العلاّمة في إيضاح الفوائد 4 : 615 ، الشهيد الأوّل في اللمعة
10 : 73 ، الشهيد الثاني في الروضة البهية 10 : 74 .
ــ[132]ــ
الخلاف في المسألة عن أحد ، إلاّ أ نّه لم يرد فيها نصّ ، بل مقتضى صحيحتي بريد بن معاوية وزرارة
وغيرهما : أنّ القود يتوقّف على حلف خمسين رجلاً ، فلا يثبت القود عند عدم تحقّق الحلف من خمسين
رجلاً .
وأمّا ما في صحيحة يونس عن الرضا (عليه السلام) فيما أفتى به أمير المؤمنين (عليه السلام) في
الديات : «فمّما أفتى به في الجسد وجعله ستّ فرائض : النفس والبصر والسمع والكلام ونقص
الصوت من الغنن والبحح والشلل في اليدين والرجلين، ثمّ جعل مع كلّ شيء من هذه قسامة على نحو
ما بلغت الدية ـ إلى أن قال: ـ والقسامة في النفس والسمع والبصر والعقل والصوت من الغنن
والبحح ونقص اليدين والرجلين، فهو ستّة أجزاء الرجل . تفسير ذلك : إذا اُصيب الرجل من هذه
الأجزاء الستّة وقيس ذلك ، فإن كان سدس بصره أو سمعه أو كلامه أو غير ذلك حلف هو وحده ،
وإن كان ثلث بصره حلف هو وحلف معه رجل واحد ، وإن كان نصف بصره حلف هو وحلف معه
رجلان ، وإن كان ثلثي بصره حلف هو، وحلف معه ثلاثة نفر، وإن كان خمسة أسداس بصره حلف
هو وحلف معه أربعة ، وإن كان بصره كلّه حلف هو وحلف معه خمسة نفر ، وكذلك القسامة في
الجروح كلّها ، فإن لم يكن للمصاب من يحلف معه ضوعفت عليه الأيمان ـ إلى أن قال : ـ وإن كان
كلّه حلف ستّ مرّات ، ثمّ يعطى»(1) .
فموردها القسامة في الأجزاء ، والتعّدي عنه إلى القسامة في النفس يحتاج إلى دليل ، على أنّ الثابت
بالقسامة في موردها هو الدية ، فإثبات القود بتكرّر الأيمان يحتاج إلى دليل غير ذلك .
وعلى الجملة : فإن تمّ إجماع في المقام ـ كما أ نّه ليس ببعيد ـ فهو ، وإلاّ فثبوت القود بتكرّر
الأيمان مشكل جدّاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 159 / أبواب دعوى القتل وما يثبت به ب 11 ح 2 .
|