هل يجـوز لكلّ واحد من أولياء المقتول لو تعدّدوا الاقتصاص من القاتل مستقلاًّ دون إذن الباقين أو لا ؟ 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 3862


ــ[158]ــ

   (مسألة 135) : إذا كان للمقتول أولياء متعدّدون فهل يجوز لكلّ واحد منهم الاقتصاص من القاتل

مستقلاًّ وبدون إذن الباقين أو لا ؟ فيه وجهان ، الأظهر هو الأوّل (1) .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــ

   (1) وفاقاً لجماعة ـ منهم : الشيخ في المبسوط والخلاف(1) ـ وهو المحكيّ عن أبي علي وعلم

الهدى والقاضي والكيدري وابني حمزة وزهرة(2) ، بل في مجمع البرهان نسبته إلى الأكثر(3) ، بل عن

المرتضى والخلاف والغنية وظاهر المبسوط الإجماع عليه ، بل عن الشيخ في الخلاف نسبته إلى أخبار

الفرقة .

   وخلافاً لجماعة ، منهم : الفاضل والشهيدان والفاضل المقداد والأردبيلي والكاشاني(4) ، بل في غاية

المرام : أ نّه المشهور(5) .

   والوجه في ما ذكرناه : هو أنّ حقّ الاقتصاص لا يخلو من أن يكون قائماً بالمجموع كحقّ الخيار ، أو

بالجامع على نحو صرف الوجود ، أو بالجامع على نحو الانحلال .

   أمّا الأوّل :  فهو ـ مضافاً إلى أ نّه لا دليل عليه ، بل هو خلاف ظاهر الآية الكريمة كما سنشير إليه

ـ ينافي حكمة وضع القصاص ، حيث إنّه يمكن للقاتل أن

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المبسوط 7 : 54 ، الخلاف 5 : 179 الجنايات / 43 .

(2) حكاه في الجواهر 42 : 289 .

(3) مجمع الفائدة والبرهان 13 : 430 .

(4) القواعد 3 : 622 ، الشهيدان في اللمعة الدمشقية وشرحها الروضة البهية 10 : 95 ، التنقيح

الرائع 4 : 445 ، مجمع الفائدة والبرهان 13 : 430 ـ 431 ، وحكاه في الجواهر عن الكاشاني

42 : 289 .

(5) غاية المرام 4 : 402 .

ــ[159]ــ

يتوسّل إلى عفو أحد الأولياء مجّاناً ، أو مع أخذ الدية ، ومعه يسقط حقّ الاقتصاص من الآخرين ، فلو

قتل واحد منهم الجاني ـ والحال هذه ـ كان قتله ظلماً فعليه القصاص ، وهو ممّا لا يمكن الالتزام به .

   وأمّا الثاني :  فهو أيضاً كذلك ، حيث إنّ لازمه هو سقوط القصاص بإسقاط واحد منهم .

   وأمّا الثالث :  فهو الأظهر ، فإنّه الظاهر من الآية الكريمة : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ

سُلْطَاناً)(1) .

   بتقريب : أنّ الحكم المجعول لطبيعيّ الولي ينحلّ بانحلاله ، فيثبت لكلّ فرد من أفراده حقّ مستقلّ كما

هو الحال في سائر موارد انحلال الحكم بانحلال موضوعه ، ولا يقاس ذلك بحقّ الخيار فإنّه حقّ واحد

ثابت للمورّث ـ على الفرض ـ والوارث يتلقّى منه هذا الحقّ الواحد ، فلا محالة يكون ذلك لمجموع

الورثة بما هو مجموع ، وهذا بخلاف حقّ الاقتصاص فإنّه مجعول للوليّ ابتداءً ، وكونه حقّاً واحداً أو

متعدّداً بتعدّد موضوعه تابع لدلالة دليله .

   وتدل عليه أيضاً صحيحة أبي ولاّد الحناط ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قُتِل وله

اُمّ وأب وابن ، فقال الابن : أنا اُريد أن أقتل قاتل أبي ، وقال الأب : أنا اُريد أن أعفو ، وقالت الاُمّ :

أنا اُريد أن آخذ الدية ، «قال : «فقال : فليعط الابن اُمّ المقتول السدس من الدية ويعطى ورثة القاتل

السدس من الدية حقّ الأب الذي عفا وليقتله»(2) .

   ولا تعارضها صحيحة عبدالرحمن ـ في حديث ـ قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام) : رجلان

قتلا رجلا عمداً وله وليّان ، فعفا أحد الوليّين ، قال :

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإسراء 17 : 33 .

(2) الوسائل 29 : 113 /  أبواب القصاص في النفس ب 52 ح 1 .

ــ[160]ــ

«فقال : إذا عفا بعض الأولياء دُرئ عنهما القتل ، وطرح عنهما من الدية بقدر حصّة من عفا ، وأدّى

الباقي من أموالهما إلى الذين لم يعفو»(1) .

   ومعتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) فيمن عفا من

ذي سهم فإنّ عفوه جائز ، وقضى في أربعة إخوة عفا أحدهم قال : يعطى بقيّتهم الدية ويرفع عنهم

بحصّة الذي عفا»(2) .

   ومعتبرة إسحاق بن عمّار ، عن جعفر ، عن أبيه : «أنّ عليّاً (عليه السلام) كان يقول : من عفا عن

الدم من ذي سهم له فيه فعفوه جائز وسقط الدم وتصير دية ويرفع عنه حصّة الذي عفا»(3) .

   لأنّ هذه الروايات موافقة للمشهور بين العامّة ـ منهم : أبو حنيفة وأبو ثور وظاهر مذهب

الشافعي(4) ـ فتحمل على التقيّة .

   فالنتيجة :  هي ثبوت حقّ الاقتصاص لكلّ واحد من الأوليـاء على نحو الاستقلال، ويترتّب على

ذلك جواز مبادرة كلّ منهم إلى الاقتصاص، فلا يتوقّف على إذن الآخرين .

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ ما ذكرناه من الانحـلال إنّما هو فيما إذا  كان حقّ الاقتصاص مجعولاً

ابتداءً للأولياء ، وأمّا إذا كان مجعولاً لهم من جهة الإرث والانتقال من الميّت ، كما إذا قطع الجاني يد

أحد متعمّداً فمات المجنيّ عليه قبل الاقتصاص اتّفاقاً ، فإنّ حقّ القصاص ينتقل إلى ورثته لا محالة ، وبما أ

نّه حقّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 115 /  أبواب القصاص في النفس ب 54 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 115 /  أبواب القصاص في النفس ب 54 ح 2 .

(3) الوسائل 29 : 116 /  أبواب القصاص في النفس ب 54 ح 4 .

(4) بدائع الصنائع 7 : 242 ـ 243 ، الاُم 6 : 12 ـ 13 ، الحاوي الكبير 12 : 102 ،

المجموع 18 : 443 ، الوجيز 2 : 134 ـ 135.

 
 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net