ــ[171]ــ
(مسألة 152) : إذا قطع يد شخص ثمّ اقتصّ المجنيّ عليه من الجاني فسرت الجنايتان ، فقد تكون
السراية في طرف المجنيّ عليه أوّلاً ثمّ في الجاني ، واُخرى تكون بالعكس .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
الثالث : وجوب تمام الدية .
أمّا القول الأوّل : فقد اختاره صاحب الجواهر (قدس سره) بتقريب : أنّ الدية لا تثبت في القتل
العمدي إلاّ بالتراضي والتصالح ، والمفروض عدمه في المقام ، والقصاص قد فات محلّه(1) .
ويرد عليه : أنّ هذا القول مبني على ما هو المشهور والمعروف من أنّ السراية إلى النفس في الجناية
العمديّة في حكم القتل العمدي ، والثابت فيه هو القصاص دون الدية ، ولكن قد تقدّم(2) أنّ هذا
المبنى غير صحيح وأنّ السراية في الجناية العمديّة ليست في حكم العمد ، بل هي في حكم القتل الشبيه
بالعمد ، والثابت فيه الدية في مال الجاني .
هذا ، مضافاً إلى ما تقدّم(3) من أنّ كلّ مورد لا يمكن فيه الاقتصاص ولو بفوت محلّه تجب فيه الدية
في مال الجاني ، لأنّ دم المسلم لا يذهب هدراً .
وأمّا القول الثاني : فقد حكي عن الشيخ (قدس سره) في المبسوط واختاره المحقّق (قدس سره) في
الشرائع(4) ، ببيان : أنّ قطع يد الجاني يقع بدلاً عن نصف الدية ، فليس للولي إلاّ أخذ النصف .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الجواهر 42 : 336 .
(2) في ص 6 .
(3) في ص 66 ـ 67 .
(4) المبسوط 7 : 62 ، الشرائع 4 : 238 ـ 239 .
ــ[172]ــ
أمّا على الأوّل فالمشهور أنّ موت الجاني يقع قصاصاً ، وعلى الثاني يكون هدراً . وفيه إشكال ،
والأظهر التفصيل بين ما إذا كان كلّ من الجاني والمجنيّ عليه قاصداً للقتل أو كان الجرح ممّا يقتل عادةً ،
وبين ما إذا لم يكن كذلك ، فعلى الثاني تثبت الدية في مال الجاني (1)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
وفيه : أ نّه لا دليل على وقوع القصاص بدلاً عن نصف الدية ، ومقتضى إطلاقات الأدلّة هو تمام
الدية بلا فرق بين وقوع القصاص وعدمه .
وأمّا القول الثالث : فقد اختاره العلاّمة (قدس سره) في القواعد(1) وقال الشهيد الثاني (قدس
سره) في المسالك : أ نّه متّجه(2) . بل في كشف اللثام : أ نّه المشهور(3) . وهو الصحيح ، وذلك
لإطلاق الأدلّة وعدم دليل على التقييد .
(1) بيان ذلك : أنّ في المسألة احتمالات :
الأوّل : ما هو المشهور ـ بل ادّعي عدم الخلاف فيه ـ من أنّ الجناية إن سرت في المجنيّ عليه أوّلاً
فقد وقع القصاص في محلّه ، وإن كان الأمر بالعكس كانت سراية الجاني هدراً ، لأ نّها غير مضمونة .
ويردّه : ما تقدّم من أنّ السراية في الجناية العمديّة في مفروض الكلام ليست في حكم العمد ، بل هي
في حكم القتل الشبيه بالعمد ، والثابت فيه الدية في مال الجاني ، ولا أثر لموت الجاني بالسراية أيضاً ،
فإنّ الجناية في طرفه لا تقع مضمونة . ولا فرق في ذلك بين موت الجاني بعد المجنيّ عليه أو قبله ، فإنّه
على
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر القواعد 3 : 626 .
(2) المسالك 2 : 380 (حجري) .
(3) كشف اللثام 2 : 468 (حجري) .
ــ[173]ــ
دون الأوّل (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
كلا التقديرين ليست السراية في طرفه مضمونة ، وأ نّها مضمونة في طرف المجنيّ عليه .
الثاني : أنّ لولي المجنيّ عليه أخذ نصف الدية من مال الجاني ، لأنّ قطع يده قصاصاً بدل عن النصف
.
ويردّه : ما تقدّم في المسألة السابقة .
الثالث : أ نّه ليس لولي المجنيّ عليه شيء ، لا لأجل وقوع القصاص في محلّه، بل لأجل أ نّه فات محلّه
، والدية إنّما تثبت في القتل العمدي بالتراضي والتصالح ، والمفروض عدمه .
وفيه : ما عرفت في المسألة المتقدّمة .
فالنتيجة : أنّ الصحيح هو لزوم تمام الدية في مال الجاني ، وذلك لإطلاق الأدلّة ، من دون فرق في
ذلك بين أن يكون موت الجاني بالسراية قبل موت المجنيّ عليه أو بعده .
(1) الكلام فيه يفرض :
تارةً : فيما إذا كان موت الجاني بالسراية بعد موت المجنيّ عليه .
واُخرى : فيما إذا كان موته بها قبل موته .
أمّا على الأوّل : فالمشهور بين الأصحاب أنّ سراية الجاني تقع قصاصاً في محلّه ، فلا يستحقّ وليّ
المجنيّ عليه في مال الجاني شيئاً .
وفيه : أنّ المدّعى ـ وهو عدم استحقاق الولي حينئذ شيئاً ـ وإن كان صحيحاً إلاّ أنّ تعليله ـ وهو
وقوع موت الجاني قصاصاً ـ غير صحيح ، وذلك
|