(مسألة 155) : لو ضرب وليّ الدم الجاني قصاصاً ، وظنّ أ نّه قتله فتركه وبه رمق ، ثمّ برئ ، قيل:
ليس للوليّ قتله حتّى يقتصّ هو من الولي بمثل ما فعله، ولكنّ الأظهر أنّ ما فعله الولي إن كان سائغاً ـ
كما إذا ضربه بالسيف في عنقه فظنّ أنّه قتله فتركه، ولكنّه لم يتحقّق به القصاص ـ جاز له ضربه ثانياً
قصاصاً ، وإن كان ما فعله غير سائغ جاز للمضروب الاقتصاص منه بمثل ما فعله (4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ (4) الوجه في ذلك : أنّ فعل الولي إن لم يكن سائغاً فهو ظالم في فعله ،
ــ[176]ــ
وللجاني الاقتصاص منه . وأمّا إذا كان سائغاً فقد وقع في محلّه ، ولكن حيث لم يترتّب عليه الموت جاز
له الضرب ثانياً .
نعم ، بما أنّ الضرب الأوّل لم ينطبق عليه عنوان القصاص ووقع أجنبيّاً عنه خارجاً فلا يذهب هدراً
ويثبت على الولي الدية له بذلك .
وأمّا مستند القول المزبور فهو رواية أبان، عمّن أخبره ، عن أحدهما (عليهما السلام) «قال: اُتي عمر
بن الخطّاب برجل قد قتل أخا رجل، فدفعه إليه وأمره بقتله ، فضربه الرجل حتّى رأى أ نّه قد قتله،
فحمل إلى منزله ، فوجدوا به رمقاً ، فعالجوه فبرئ ، فلمّا خرج أخذه أخو المقتول الأوّل فقال : أنت
قاتل أخي، ولى أن أقتلك، فقال: قد قتلتني مرّة، فانطلق به إلى عمر فأمر بقتله، فخرج وهو يقول: والله
قتلتني مرّة ، فمرّوا على أمير المؤمنين (عليه السلام) فأخبره خبره، فقال : لاتعجل حتّى أخرج إليك ،
فدخل على عمر، فقال: ليس الحكم فيه هكذا، فقال: ما هو يا أبا الحسن ؟ فقال : يقتصّ هذا من أخ
المقتول الأوّل ما صنع به ثمّ يقتله بأخيه ، فنظر الرجل أ نّه إن اقتصّ منه أتى على نفسه ، فعفا عنه
وتتاركا»(1) .
ولكنّ الرواية مرسلة لايمكن الاعتماد عليها والاستدلال بها على حكم شرعي أصلاً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 125 / أبواب القصاص في النفس ب 61 ح 1 .
|