(مسألة 178) : لو أذهب ضوء عين آخر دون الحدقة، كان للمجنيّ عليه الاقتصاص بمثل ذلك(2).
ــــــــــــــــــــــــــ (2) من دون خلاف بين الفقهاء ، وتدلّ عليه الآية الكريمة : (فَاعْتَدُوْا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُم)
(3) .
ــــــــــــ (3) البقرة 2 : 194 .
ــ[201]ــ
إن أمكن ، وإلاّ انتقل الأمر إلى الدية (1) .
(مسألة 179) : يثبت القصاص في الحاجبين واللحية وشعر الرأس وما شاكل ذلك (2) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
ولكن لا بدّ من كون القصاص بالمثل ، فلو استلزم القصاص هنا تغريراً في عضو آخر أو في النفس أو
بزيادة لم يجز .
وتؤيّد ذلك رواية رفاعة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : إنّ عثمان (عمر) أتاه رجل من قيس
بمولى له قد لطم عينه ، فأنزل الماء فيها ، وهي قائمة ليس يبصر بها شيئاً ، فقال له : أعطيك الدية ،
فأبى، قال: فأرسل بهما إلى عليّ (عليه السلام) وقال: احكم بين هذين ، فأعطاه الدية فأبى، قال: فلم
يزالوا يعطونه حتّى أعطوه ديتين، قال: فقال: ليس اُريد إلاّ القصاص ، قال : فدعا عليّ (عليه السلام)
بمرآة فحماها، ثمّ دعا بكرسف فبلّه ثمّ جعله على أشفار عينيه وعلى حواليها ، ثمّ استقبل بعينه عين
الشمس ، قال : وجاء بالمرآة فقال : اُنظر ، فنظر فذاب الشحم وبقيت عينه قائمة وذهب البصر»(1)
.
نعم ، ما تضمّنته الرواية من بيان الطريق للقصاص غير ثابت، لضعف الرواية سنداً أوّلاً ، فإنّ فيه
سليمان الدهّان ، وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه . ولأ نّها لا تدلّ على تعيّن هذا الطريق ثانياً ، نظراً إلى
أ نّها قضية في واقعة .
(1) لما تقدّم من أنّ في كلّ مورد لا يمكن الاقتصاص ينتقل الأمر إلى الدية ، لأنّ حقّ امرئ مسلم لا
يذهب هدراً .
(2) بيان ذلك : أنّ إزالة الشعر :
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 173 / أبواب قصاص الطرف ب 11 ح 1 .
ــ[202]ــ
تارةً : تكون بزواله مجرّداً بلا إفساد للمحلّ .
واُخرى : تكون مع إفساد المنبت .
فعلى الأوّل : يثبت القصاص بمقتضى إطلاق قوله تعالى : (فَاعْتَدُوْا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) .
وأمّا رواية سلمة بن تمّام ، قال : أهرق رجل قدراً فيها مرق على رأس رجل فذهب شعره ،
فاختصموا في ذلك إلى علي (عليه السلام) فأجّله سنة، فجاء فلم ينبت شعره، فقضى عليه بالدية(1).
فهي وإن دلّت على أنّ ذهاب الشعر بمجرّده لا يترتّب عليه اثر ، ولذلك أجّل الإمام (عليه السلام)
القضاء إلى سنة، إلاّ أ نّها نقلت بطريقين: أحدهما بطريق الشيخ، وفيه عدّة مجاهيل . والآخر بطريق
الصدوق وهي مرسلة ، فإنّه رواها عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب عن سلمة بن تمّام ، ولا يمكن
رواية محمّد ابن الحسين عن سلمة بلا واسطة ، فإنّ محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب من أصحاب
الجواد (عليه السلام) وسلمة بن تمّام من أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) ، على أ نّه لا توثيق
لسلمة بن تمام . فالنتيجة : أنّ الرواية ضعيفة جدّاً ، فلا يمكن الاعتماد عليها .
وعلى الثاني : ـ وهو ما إذا كانت الإزالة بإفساد المنبت ـ : فإن أمكن فيه الاقتصاص بالمثل
فللمجنيّ عليه ذلك بمقتضى إطلاق الآية الكريمة المتقدّمة . وأمّا إذا لم يمكن الاقتصاص بالمثل انتقل الأمر
إلى الدية ، لما تقدّم من أنّ في كلّ مورد لا يمكن فيه القصاص ينتقل الأمر فيه إلى الدية بمقتضى أنّ حقّ
المسلم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 342/ أبواب ديات الأعضاء ب37 ح3، التهذيب 10 : 262/ 1035،
الفقيه 4 : 112 / 380 .
|