ــ[224]ــ
(مسألة 202) : لا يقتصّ من الجاني عمداً إذا التجأ إلى حرم الله تعالى ، ولكن يضيّق عليه في المطعم
والمشرب حتّى يخرج فيقتصّ منه(1) ، ولو جنى في الحرم جنايةً اقتصّ منه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
(1) بلا خلاف بين الأصحاب ، بل ادّعي عليه الإجماع في كلمات غير واحد .
وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلاً في الحلّ
ثمّ دخل الحرم «فقال: لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولايؤوى حتّى يخرج من الحرم، فيقام عليه
الحدّ» قلت: فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ «قال : يقام عليه الحدّ في الحرم صاغراً، لأ نّه لم
يَرَ للحرم حرمة، وقد قال الله عزّ وجلّ: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ)(1)
فقال : هذا هو في الحرم ، وقال : لا عُدْوَانَ إلاّ عَلَى الظّالِمِينَ»(2) .
ومنها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) ، قال : سألته عن قول الله عزّ وجلّ : (وَمَنْ
دَخَلَهُ كَانَ آمِناً)(3) «قال : إذا أحدث العبد في غير الحرم جناية ثمّ فرّ إلى الحرم لم يسع لأحد أن يأخذه
في الحرم ، ولكن يمنع من السوق ولا يبايع ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم ، فإنّه إذا فعل ذلك يوشك
أن يخرج فيؤخذ . وإذا جنى في الحرم جناية اُقيم عليه الحدّ في الحرم ، لأ نّه لم يَرَع للحرم حرمة»(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة 2 : 194 .
(2) الوسائل 13 : 225 / أبواب مقدّمات الطواف ب 14 ح 1 .
(3) البقرة 2 : 193 .
(4) الوسائل 13 : 226 / أبواب مقدّمات الطواف ب 14 ح 2 .
ــ[225]ــ
فيه(1)، ولا يلحق به حرم النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومشاهد الأئمّة (عليهم السلام)(2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
ومنها : صحيحة حفص بن البختري ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل الذي يجني
الجناية في غير الحرم ثمّ يلجأ إلى الحرم ، أيقام عليه الحدّ؟ «قال : لا ، ولا يطعم ولا يسقى ولا يكلّم ولا
يبايع ، فإنّه إذا فعل ذلك به يوشك أن يخرج فيقام عليه الحدّ . وإذا جنى في الحرم جنايةً اُقيم عليه الحدّ
في الحرم ، لأ نّه لم يَرَ للحرم حرمة»(1) .
(1) بلا خلاف ولا إشكال بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك صحيحة معاوية ابن عمار المتقدّمة
وغيرها .
(2) خلافاً لجماعة، منهم: الشيخان والمهذّب وابن إدريس في السرائر والعلاّمة في التحرير(2) .
واستحسن المحقّق في النكت الإلحاق، وعلّل ذلك بزيادة شرفها على الحرم(3) .
بل ظاهر التحرير : أنّ المشهد هو البلد (4) ، فضلاً عن الصحن الشريف والروضة المنوّرة .
وفيه : أنّ الأمر وإن كان كذلك إلاّ أنّ ذلك لا يوجب ثبوت أحكام الحرم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 13 : 227 / أبواب مقدّمات الطواف ب 14 ح 5 .
(2) المقنعة : 744 ، النهاية : 756 ، المهذب : 516 ، السرائر 3 : 363 ـ 364 ، التحرير 2 :
268 (حجري) .
(3) النهاية ونكتها 3 : 405 .
(4) التحرير 2 : 268 (حجري) .
ــ[226]ــ
للمشاهد المشرّفة ، لوضوح أنّ ثبوت الحكم تابع للدليل ، وبما أنّ الدليل خاصّ بالحرم فلا يمكن إثباته
للمشاهد المشرّفة ، فإنّه بلا دليل ، والمفروض أ نّا لا نعلم أنّ ملاك ثبوت حرمة الحرم فحسب .
هذا تمام كتاب القصاص ، ويتلوه كتاب الديات إن شاء الله تعالى .
والحمد لله أوّلاً وآخراً
|