ــ[240]ــ
(مسألة 207) : المشهور بين الأصحاب أنّ دية شبه العمد تستوفى في سنتين ، ولكن لا دليل عليه ،
بل الظاهر أ نّها تستوفى في ثلاث سنوات (1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
الاُولى: صحيحة المعلّى أبي عثمان عن أبي عبدالله (عليه السلام) ـ في حديث ـ «قال : وفي شبيه
العمد المغلّظة ثلاث وثلاثون حقّة ، وأربع وثلاثون جذعة ، وثلاث وثلاثون ثنيّة خلفة طروقة الفحل»
الحديث(1) .
والثانية : رواية عبدالرحمن عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : كان علي (عليه السلام) يقول ـ
إلى أن قال : ـ وقال في شبه العمد ثلاث وثلاثون جذعة وثلاث وثلاثون ثنيّة إلى بازل عامها كلّها
خلفة ، وأربع وثلاثون ثنيّة»(2) .
وهاتان الروايتان لم نجد عاملاً بهما من الأصحاب ، على أنّ الثانية مرسلة .
(1) بيان ذلك : أنّ في المسألة أقوالاً :
الأوّل : ما هو المعروف والمشهور بين الأصحاب من أ نّها تستوفى في سنتين(3) .
الثاني : ما عن ابن حمزة من أ نّها تؤدّى في سنة إن كان موسراً ، وإلاّ في سنتين(4) .
الثالث : أ نّها تؤدّى إلى ثلاث سنين(5) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 202 / أبواب ديات النفس ب 2 ح 9 .
(2) الوسائل 29 : 202 / أبواب ديات النفس ب 2 ح 10 .
(3) المقنعة: 736، المبسوط 7 : 115، الغنية 2 : 413، القواعد 3 : 667، الجواهر 43: 22 .
(4) الوسيلة : 441 .
(5) ابن قدامة في المغني 9 : 492 / 6781 ، القفال في حلية العلماء 7 : 538 .
ــ[241]ــ
(مسألة 208) : إذا هرب القاتل فيما يشبه العمد فلم يقدر عليه أو مات، اُخذت الدية من ماله،
فإن لم يكن له مال فالدية على الأقرب فالأقرب إليه(1) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
أقول : أمّا القول الأوّل : فهو وإن كان مشهوراً بينهم إلاّ أ نّه لا دليل عليه أصلاً ، والإجماع
المدّعى من الشيخ في المبسوط غير تام(1) .
وما قيل في وجه ذلك من أنّ فيه تخفيفاً بالإضافة إلى العمد وتغليظاً بالإضافة إلى الخطأ المحض ، حيث
إنّ الدية في الأوّل تؤدّى في سنة ، وفي الثاني تؤدّى إلى ثلاث سنين ، فالنتيجة بطبيعة الحال هي أن تؤدّى
دية شبيه العمد في سنتين .
استحسانٌ محض ولا نقول به .
وأمّا القول الثاني : فهو ساقط ولا قائل به إلاّ ابن حمزة ، ولا دليل عليه .
وأمّا القول الثالث : فهو الصحيح ، وذلك لإطلاق صحيحة أبي ولاّد عن أبي عبدالله (عليه السلام)
«قال : كان عليّ (عليه السلام) يقول : تُستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين» (2) . ومع الغضّ عن
الإطلاق فأصالة البراءة عن وجوب الأداء في أقلّ من ثلاث سنين محكّمة .
(1) تدلّ على ذلك صحيحة أبي بصير، قال: سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل قتل رجلاً
متعمّداً ، ثمّ هرب القاتل فلم يقدر عليه «قال : إن كان له مال اُخذت الدية من ماله ، وإلاّ فمن
الأقرب فالأقرب ، وإن لم يكن له قرابة أدّاه الإمام ، فإنّه لا يبطل دم امرئ مسلم»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المبسوط 7 : 115 .
(2) الوسائل 29 : 205 / أبواب ديات النفس ب 4 ح 1 .
(3) الوسائل 29 : 395 / أبواب العاقلة ب 4 ح 1 .
|