(مسألة 263) : يضمن راكب الدابّة وقائدها ما تجنيه بيديها (3) وكذلك ما تجنيه برجليها إن كانت
الجناية مستندة إليهما ،
ـــــــــــــــــــــــــ (3) بلا خلاف بين الأصحاب ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سئل عن الرجل يمرّ على طريق من طرق
المسلمين فتصيب دابّته إنساناً برجلها «فقال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، ولكن عليه ما أصابت
بيدها ، لأنّ رجليها خلفه إن ركب، فإن كان قاد بها فإنّه يملك بإذن الله يدها يضعها حيث يشاء»(1) ،
وقريب
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 247 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 3 .
ــ[312]ــ
بأن كانت بتفريط منهما ، وإلاّ فلا ضمان (1) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
منها صحيحة سليمان بن خالد(1) .
ومنها : معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه ضمّن القائد والسائق والراكب ، فقال
: «ما اصاب الرجل فعلى السائق ، وما أصاب اليد فعلى القائد والراكب»(2) .
ومقتضى هذه الروايات هو ضمان القائد والراكب ما تجنيه دابّته بيديها مطلقاً ولو كان بدون تفريط
منهما .
بقي هنا شيء : وهو أنّ المحقّق (قدس سره) ذكر في الشرائع أ نّه لو كان مع الراكب مالك الدابّة
فالضمان على المالك دون الراكب(3) . وذهب إليه العلاّمة في القواعد والشهيد في اللمعة(4) .
ولكنّه لا وجه له أصلاً ، إلاّ إذا كان المالك قائداً لها ، فعندئذ الضمان عليه بمقتضى التعليل في ذيل
صحيحتي الحلبي وسليمان بن خالد ، كما أ نّه لو كان الراكب هو المالك والقائد غيره فالضمان على
القائد .
فالنتيجة : هي أ نّه في صورة اجتماع القائد والراكب يكون الضمان على القائد، سواء أكان مالكاً
أم كان غيره .
(1) أمّا الضمان مع التفريط : فلا إشكال فيه ، وأمّا عدم الضمان بدونه : فلعدم
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 249 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 9 .
(2) الوسائل 29 : 248 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 5 .
(3) الشرائع 4 : 264 .
(4) القواعد 3 : 657 ، اللمعة 10 : 162 .
ــ[313]ــ
الدليل عليه ، وقد تقدّم أ نّه لا ضمان في جناية العجماء ، فإنّها جبّار ، وأمّا ما دلّ على الضمان فهو
عدّة روايات :
منها : معتبرة أبي مريم عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في
صاحب الدابّة أ نّه يضمن ما وطئت بيدها ورجلها وما نفحت(1) برجلها فلا ضمان عليه ، إلاّ أن
يضربها إنسان»(2) ، ولكنّها لم تثبت ، فإنّ الشيخ رواها بعينها خالية عن كلمة «ورجلها» ، بل يظهر
من الوافي أنّ هذه الكلمة لم تكن موجودة في الكافي أيضاً ، فيظهر من ذلك أنّ نسخ الكافي كانت
مختلفة .
ومنها : معتبرة غياث بن إبراهيم ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) : «أنّ علياً (عليه السلام)
ضمن صاحب الدابة ما وطئت بيديها ورجليها ، وما بعجت برجلها فلا ضمان عليه ، إلاّ أن يضربها
إنسان» الحديث(3) ، كذا في التهذيب ، لكن هذه الرواية أيضاً لم تثبت ، فإنّ الصدوق رواها في
الفقيه خالية عن كلمة «ورجليها» وفيه جملة: «وما نفحت» بدل جملة : «وما بعجت» ، ويظهر من
الوافي أيضاً أنّ هذه الكلمة لم تكن موجودة في التهذيب أيضاً ، ومن ذلك يتبيّن أنّ نسخ التهذيب
كانت مختلفة .
ومنها: معتبرة إسحاق بن عمّار، عن جعفر، عن أبيه (عليهما السلام): «أنّ علياً (عليه السلام) كان
يضمن الراكب ما وطئت الدابّة بيدها أو رجلها ، إلاّ أن يعبث بها أحد فيكون الضمان على الذي عبث
بها»(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نفحت : ضربت برجلها ، الصحاح ـ نفح ـ 1 : 412 .
(2) الوسائل 29 : 247 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 4 ، التهذيب 10 : 227 / 894
، الكافي 7 : 353 / 11 ، الوافي 16 : 842 / 16251 .
(3) الوسائل 29 : 248 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 7 ، التهذيب 10 : 224 / 880
، الفقيه 4 : 116 / 402 ، الوافي 16 : 842 / 16251 .
(4) الوسائل 29 : 249 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 10 .
ــ[314]ــ
كما أ نّهما لا يضمنان ما ضربته الدابّة بحافرها إلاّ إذا عبث بها أحد ، فيضمن العابث جنايتها (1)، وأمّا
السائق فيضمن ما تجنيه الدابّة برجلها دون يدها (2) ،
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــــ
ولكنّها معارضة بالروايات المتقدّمة الدالّة على عدم ضمان الراكب والقائد ما تجنيه الدابّة برجلها ،
فتسقط بالمعارضة . فالنتيجة ما ذكرناه .
(1) أمّا عدم ضمان ما تضربه الدابّة بحافرها : فإنّه ـ مضافاً إلى أ نّه مقتضى القاعدة ـ تدلّ عليه
معتبرتا أبي مريم وغياث بن إبراهيم المتقدّمتان . وأمّا ضمان العابث : فلدلالة ذيل معتبرة إسحاق بن
عمار المتقدّمة عليه .
(2) تدلّ على ذلك معتبرة السكوني المتقدّمة (1) .
وعلى ذلك تحمل معتبرته الثانية : أنّ علياً (عليه السلام) كان يضمن القائد والسائق والراكب(2) .
ولا تعارضها رواية العلاء بن الفضيل عن أبي عبدالله (عليه السلام) : أ نّه سئل عن رجل يسير على
طريق من طرق المسلمين على دابّته ، فتصيب برجلها «قال : ليس عليه ما أصابت برجلها ، وعليه ما
أصابت بيدها ، وإذا وقف فعليه ما أصابت بيدها ورجلها ، وإن كان يسوقها فعليه ما أصابت بيدها
ورجلها أيضاً»(3) .
وذلك لضعفها سنداً ، فإنّ في سندها محمّد بن سنان ، وهو لم يثبت توثيقه ولا مدحه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 312 .
(2) الوسائل 29 : 249 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 11 .
(3) الوسائل 29 : 247 / أبواب موجبات الضمان ب 13 ح 2 .
ــ[315]ــ
إلاّ إذا كانت الجناية مستندة إليه بتفريطه فإنّه يضمن(1) . ــــــــــــــــــــ
ـــــ
بقي هنا شيء : وهو أنّ المعروف والمشهور بين الأصحاب ـ بل ادّعي عليه الإجماع ـ : أنّ
السائق يضمن ما تجنيه دابّته برجلها ويدها ، ومستندهم في ذلك رواية العلاء بن الفضيل، ولكنّك
عرفت ضعفها فلايمكن الاعتماد عليها في استنباط حكم شرعي ، والإجماع الكاشف عن قول المعصوم
(عليه السلام) غير ثابت ، فالأظهر ما ذكرناه .
(1) وجهه ظاهر .
|