ــ[462]ــ
الخامس عشر : تقلّص الشفتين
قال الشيخ: إنّ فيه دية كاملة[ (1) ] . وهو لا يخلو عن إشكال، والأظهر أنّ فيه الحكومة (1) .
السادس عشر : شلل الأعضاء
في شلل كلّ عضو ثلثا دية ذلك العضو (2) ، إلاّ الذكر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فإنّ ورودهما في مقام البيان وسكوتهما عن الأرش زائداً على المهر دليلٌ على عدم وجوبه .
ومن ذلك يظهر أنّ ما ذكره المحقّق (قدس سره) في الشرائع والفاضل في بعض كتبه من أنّ الأشبه وجوب الأرش(2) ، بل عن الشيخ في المبسوط : أ نّه من مذهبنا (3) .
لا يمكن إتمامه بدليل ، بل الدليل على خلافه .
فالنتيجة : أنّ الصحيح ما ذكرناه .
(1) وجه الإشكال : هو أ نّه لا دليل على ما ذكره (قدس سره) ، ضرورة أنّ التقلّص في الشفتين ليس إتلافاً وإنّما هو عيب حدث فيهما بجناية جان ، ولا مقدّر له شرعاً ، فلا محالة يكون المرجع فيه الحكومة .
(2) بلا خلاف ظاهر ، وعن ظاهر المبسوط وصريح الخلاف دعوى الإجماع
ــــــــــــــــــــــــــــ
[ 1 ] المبسوط 7 : 132 .
(2) الشرائع 4 : 279 ، القواعد 3 : 683 .
(3) المبسوط 7 : 150 .
ــ[463]ــ
على ذلك (1) .
ويمكن الاستدلال عليه بصحيحة الفضيل بن يسار ، قال : سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الذراع إذا ضُرِب فانكسر منه الزند ، قال : «فقال : إذا يبست منه الكفّ فشلّت أصابع الكفّ كلّها فإنّ فيها ثلثي الدية ، دية اليد . قال : وإن شلّت بعض الأصابع وبقي بعض فإنّ في كلّ اصبع شلّت ثلثي ديتها . قال: وكذلك الحكم في الساق والقدم إذا شكّ أصابع القدم»(2) .
بتقريب : أنّ الظاهر من قوله (عليه السلام) «وكذلك الحكم في الساق والقدم» عدم اختصاص الحكم بعضو دون عضو وأنّ الحكم لا يختصّ بمورده ، ويؤيّد ذلك ما يأتي من أنّ في قطع العضو المشلول ثلث ديته فيكون في مجموع شلله وقطعه تمام الدية .
وفي مقابل هذه الصحيحة عدّة روايات تدلّ على أنّ في الشلل تمام الدية :
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) «في الاصبع عشر الدية إذا قطعت من أصلها أو شلّت» الحديث(3) .
ومنها : معتبرة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : في الاصبع عشرة من الإبل إذا قطعت من أصلها أو شلّت»(4) .
ومنها : صحيحة يونس : أ نّه عرض على أبي الحسن الرضا (عليه السلام) كتاب الديات وكان فيه : «في ذهاب السمع كلّه ألف دينار ـ إلى أن قال : ـ
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المبسوط 7 : 153 ، الخلاف 5 : 261 / 72 .
(2) الوسائل 29 : 347 / أبواب ديات الأعضاء ب 39 ح 5 .
(3) الوسائل 29 : 346 / أبواب ديات الأعضاء ب 39 ح 3 .
(4) الوسائل 29 : 348 / أبواب ديات الأعضاء ب 39 ح 8 .
ــ[464]ــ
فإنّ في شلله الدية كاملة (1) .
(مسألة 360) : المشهور أنّ في انصداع السنّ ثلثي ديتها ، وهذا هو الأظهر إن وصلت إلى حدّ الشلل (2) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والشلل في اليدين كلتاهما ألف دينار وشلل الرجلين ألف دينار» الحديث(1) .
وبما أنّ هذه الروايات موافقة للعامّة ـ حيث إنّ صاحب المغني قال : إنّ فيه تمام الدية(2) ، ولم يذكر فيه خلافاً ـ فتتقدّم الصحيحة عليها في مقام المعارضة ، وتحمل تلك الروايات على التقيّة .
(1) لما عرفت في مسألة تعذّر الإنزال من أنّ في شلل الذكر ـ وهو العنن ـ تمام الدية . وعليه ، يختصّ ما دلّ على أنّ في شلل كلّ عضو ثلثي دية ذلك العضو بغير شلل الذكر .
(2) وذلك لما عرفت من أنّ في شلل كلّ عضو ثلثي ديته .
ولكن في مقابل ذلك معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «قال : وفي الأسنان في كلّ سنّ خمسون ديناراً ـ إلى أن قال: ـ فإن انصدعت ولم تسقط فديتها خمسة وعشرون ديناراً، وما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسين ديناراً ، فإن سقطت بعد وهي سوداء فديتها (خمسة وعشرون ديناراً ، فإن انصدعت وهي سوداء فديتها) اثنا عشر ديناراً ونصف دينار ، فما انكسر منها من شيء فبحسابه من الخمسة والعشرين ديناراً»(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 283 / أبواب ديات الأعضاء ب 1 ح 2 .
(2) المغني 9 : 585 .
(3) الوسائل 29 : 297 / أبواب ديات الأعضاء ب 8 ح 1 .
ــ[465]ــ
وإلاّ ففيه الحكومة (1) ،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ولكن لا يمكن الأخذ بالمعتبرة ، وذلك لأنّ ما في المعتبرة مبني على أن تكون الدية في كلّ سنّ خمسين ديناراً كما هو صريحها ، وقد سبق عدم ثبوت ذلك وأنّ المعتبرة محمولة على التقيّة . ومع الغضّ عن ذلك فلا بدّ من رفع اليد عن المعتبرة بالنسبة إلى الأسنان التي تكون الدية فيها خمسة وعشرين ديناراً ، وتخصيصها بالأسنان التي تكون الدية فيها خمسين ديناراً . وعليه، تقع المعارضة بينها وبين ما دلّ على أنّ دية الشلل ثلثا دية العضو بالعموم من وجه، فإنّ الانصداع أعمّ من الشلل، فمورد الالتقاء هو شلل السنّ ، ومع ذلك لا بدّ من الأخذ بما دلّ على أنّ دية الشلل ثلثا دية العضو ، لأ نّه لو قدّم المعتبرة لزم أن لا يكون حكم لشلل السنّ وأن يكون وجوده كعدمه ، وهذا مقطوع البطلان . ويؤيّد ذلك أ نّه لم يوجد عامل بالمعتبرة هنا .
(1) فإنّه إن قلنا بعدم سقوط رواية ظريف عن الاعتبار فالمرجع في المقام هو تلك الرواية ، وأمّا إذا قلنا بسقوطها عن ذلك على ما مرّ(1) فالمرجع فيه هو الحكومة ، حيث إنّ المقام يدخل فيما لا مقدّر له شرعاً .
وأمّا الرواية الدالّة على أنّ فيه ثلثي الدية ـ على ما ذكره المحقّق في الشرائع والشهيد الثاني في الروضة والمسالك (2) ـ فلم نعثر عليها بعد الفحص التامّ ، كما اعترف بذلك غير واحد .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 365 ـ 366 .
(2) الشرائع 4 : 274 ، الروضة البهية 10 : 218 ، المسالك (حجري) 2 : 396 .
|