(مسألة 370) : لو طعنه في صدره فخرج من ظهره ، فهل عليه دية واحدة لوحدة الطعنة، أو متعدّدة لخروجه من الظهر؟ وجها، قيل: بأ نّه جائفة واحدة وفيها ديتها، والأظهر أنّ ديته أربعمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار(3) .
ـــــــــــــــــــــــــــــ (3) بيان ذلك : أنّ في المسألة ثلاثة أوجه :
الأوّل : أ نّه جائفة واحدة وفيها ديتها .
الثاني : أ نّه جائفتان وفيهما ديتان .
الثالث : أنّ ديته أربعمائة وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار .
أمّا الوجه الأوّل : فقد اختاره الشيخ (قدس سره) في المبسوط(1) ، بل عن الشهيد : أنّ الوحدة ظاهر فتوى علمائنا (2) ، ومال إليه صاحب الجواهر (قدس سره) أيضاً (3) ، نظراً إلى اتّحاد الجناية وأنّ الجائفة ما نفذت إلى الجوف من الظاهر ، سواء نفذت من جانب آخر أم لا .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المبسوط 7 : 125 .
(2) حكاه عن الشهيد صاحب كشف اللثام 2 : 518 (حجري) .
(3) الجواهر 43 : 344 .
ــ[480]ــ
وفيه : أنّ الظاهر أ نّه جائفتان لا واحدة كما سنشير إليه .
وأمّا الوجه الثاني: فقد اختاره الشيخ (قدس سره) في الخلاف(1)، ومال إليه المحقّق في الشرائع(2) حيث قال: هو أشبه، باعتبار أنّهما عضوان متباينان فيتحقّق في كلّ منهما جائفة، وهي الجرح النافذ من الظاهر إلى الباطن، والمفروض تحقّق ذلك الجرح في كلّ من جانبي المجنيّ عليه ، فهنا جرحان نافذان من الظاهر إلى الباطن ، ومن الطبيعي أ نّه لا فرق في ذلك بين أن يكون الجرحان بضربة واحدة أو بضربتين .
وما ذكرناه من أنّ الجنايتين إذا كانتا بضربة واحدة ففيهما دية واحدة وهي دية أغلظ الجنايتين ـ كما هو مقتضى صحيحة أبي عبيدة المتقدّمة (3) ـ إنّما هو فيما إذا كانتا في عضو واحد وكانت إحداهما أغلظ من الاُخرى كما تقدّم تفصيل ذلك ، وما نحن فيه ليس كذلك .
وأمّا الوجه الثالث : فتدلّ عليه معتبرة ظريف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) «قال : في الصدر إذا رضّ فثنى شقّيه كليهما فديته خمسمائة دينار ـ إلى أن قال : ـ وإن نفذت من الجانبين كليهما رمية أو طعنة فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار»(4) .
وظاهر الوسائل أنّ الشيخ والصدوق (قدس سرهما) روياها كذلك أيضاً ، حيث قال : ورواه الصدوق والشيخ كما مرّ . ولكنّ الموجود في نسختي الفقيه والتهذيب اللتين في أيدينا هكذا : «وإن نفذت من الجانبين كليهما رمية أو طعنة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخلاف 5 : 232 / 15 .
(2) الشرائع 4 : 288 .
(3) في ص 429 .
(4) الوسائل 29 : 304 / أبواب ديات الأعضاء ب 13 ح 1 ، التهذيب 10 : 295 / 1148 ، الفقيه 4 : 54 / 194 .
ــ[481]ــ
(مسألة 371) : في دية خرم الاُذن خلاف، قيل: إنّها ثلث ديتها ، وفيه إشكال ، والأظهر فيه الرجوع إلى الحكومة (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقعت في شقاق ـ على نسخة الفقيه ، و : صفاق ، على نسخة التهذيب ـ فديتها أربعمائة دينار وثلاثة وثلاثون ديناراً وثلث دينار» .
أقول : أمّا الصفاق فلا نعرف له معنىً مناسباً للمقام ، وأمّا الشقاق فكذلك ، إلاّ أن يكون المراد من ذلك وقوع الرمية أو الطعنة حال الشقاق والنزاع ، فإنّه وإن لم تكن له خصوصية بالإضافة إلى الحكم في مورد الكلام إلاّ أنّ التقييد به لعلّه من جهة الغلبة ، وهو لا يوجب اختصاص الحكم في مورده .
فالنتيجة : أ نّه لا بأس بالاعتماد على هذه المعتبرة ، وعلى تقدير التنزّل عن ذلك فالأظهر أ نّه جائفتان بالتقريب المتقدّم وفيهما ديتان .
(1) وجه الإشكال : هو أنّ الشيخ (قدس سره) في محكيّ الخلاف وإن ادّعى إجماع الفرقة وأخبارها على ذلك(1) ، إلاّ أنّ هذه الدعوى غير تامّة :
أمّا الإجماع :
فظاهر ، ضرورة أنّ الإجماع الكاشف عن قول المعصوم غير موجود جزماً .
وأمّا الأخبار : فهي غير موجودة .
وأمّا رواية مسمع المتقـدّمة (2) : فالموجود فيها : «خرم الأنف» لا : خرم الاُذن ، الذي هو محلّ الكلام . على أنّ الرواية ضعيفة سنداً .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الخلاف 5 : 234 / 19 .
(2) لم تتقدّم رواية مسمع في خرم الأنف ، وهي في الوسائل 29 : 293 / أبواب ديات الأعضاء ب 4 ح 2 .
نعم تقدّمت روايته في شحمة الاذن في ص 352 .
|