ــ[513]ــ
(مسألة 393): لو ضرب حاملاً فأسقطت حملها فمات حين سقوطه فالضارب قاتل، والمشهور أنّ عليه القود إن كان متعمّداً وقاصداً لقتله ، وفيه إشكال ، والأقرب عدمه ، وعليه الدية (1) ، وإن كان شبه عمد فعليه ديته ، وإن كان خطأً محضاً فالدية على عاقلته ، وكذلك الحال إذا بقي الولد بعد سقوطه مضمناً ومات أو سقط صحيحاً ولكنّه كان ممّن لا يعيش مثله كما إذا كان دون ستّة أشهر(2) .
(مسألة 394) : لو أسقطت حملها حيّاً فقطع آخر رأسه ، فإن كانت له حياة مستقرّة عادةً بحيث كان قابلاً للبقاء فالقاتل هو الثاني دون الأوّل ، وإن كانت حياته غير مستقرّة فالقاتل هو الأوّل دون الثاني(3) ، وإن جهل حاله ولم يعلم أنّ له حياة مستقرّة سقط القود عن كليهما (4) ، وأمّا الدية فهل هي على الثاني ، أو على كليهما ، أو أ نّها تعيّن بالقرعة ، أو أ نّها في بيت مال
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) وجه الإشكال ما تقدّم ضمن المسائل السابقة بشكل موسّع من عدم ثبوت القصاص والقود على من قتل صغيراً ، بل عليه الدية ، فلاحظ(1) .
(2) الوجه في كلّ ذلك واضح ممّا تقدّم .
(3) يظهر الوجه في ذلك ممّا تقدّم .
(4) لعدم إحراز القاتل . هذا على المشهور .
وأمّا على ما اخترناه فلا قود أصلاً حتّى فيما إذا كان القاتل معلوماً على ما عرفت فضلاً عن المقام .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 84 .
ــ[514]ــ
المسلمين ؟ وجوه ، الصحيح هو الأخير فيما عدا عشر الدية ، وأمّا العشر فهو على الثاني(1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بيان ذلك : أنّ في المسألة وجوهاً :
الأوّل : أنّ الدية كاملة على الثاني، واختاره جماعة، منهم : الشيخ والمحقّق الأردبيلي والعلاّمة في القواعد والإرشاد (قدس سرهم)(1)، ويظهر اختيار ذلك من صاحب الجواهر (قدس سره) أيضاً(2).
الثاني : أنّها توزّع عليهما ، ونسبه في الجواهر إلى استظهار بعض معاصريه في كتاب القصاص في مسألة ما إذا قامت البيّنة على أنّ القاتل أحدهما إجمالاً (3) .
الثالث : تعيينها على الأوّل أو الثاني بالقرعة ، ونسب صاحب الجواهر (قدس سره) احتمال هذا الوجه إلى بعض معاصريه أيضاً هناك (4) .
الرابع : أنّه لا دية لا على الأوّل ولا على الثاني، بل هي من بيت مال المسلمين. وهو الصحيح.
أقول :
أمّا الوجه الأوّل : فقد استدلّ عليه بأصالة بقاء الحياة المستقرّة .
وفيه : أ نّها لا تثبت عنوان القتل الذي هو الموضوع للحكم إلاّ على القول
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) المبسوط 7 : 203 ، مجمع الفائدة والبرهان 14 : 338 ، القواعد 3 : 699 ، الإرشاد 2 : 234 .
(2) الجواهر 43 : 381 ـ 382 .
(3) الجواهر 42 : 195 .
(4) الجواهر 42 : 195 .
ــ[515]ــ
بالأصل المثبت الذي لا نقول به . فإذن لا دليل على هذا القول ، ولا يمكن الحكم بكون الدية كاملة على الثاني .
وأمّا الوجه الثاني : فلا دليل عليه عدا ما يمكن أن يقال : إنّ هذا مقتضى قاعدة العدل والإنصاف .
وفيه : أنّ هذه القاعدة غير ثابتة إلاّ في موارد خاصّة ، فلا يمكن التعدّي عنها إلى غيرها من الموارد .
وأمّا الوجه الثالث : فلأنّ دليل القرعة لا يشمل مثل المقام الذي كانت وظيفة كلّ منهما معلومة بمقتضى أصل البراءة، فليس هنا أمر مشكل حتّى يرجع إليها ، ونظير ذلك ما إذا علم بأنّ أحد هذين الشخصين مديون لزيد فلا يمكن الرجوع فيه إلى القرعة لتعيين المديون بعد ما كانت وظيفة كلّ منهما معلومة بمقتضى الأصل ، وأظهر من ذلك ما إذا علم بأنّ إحدى هاتين المرأتين زوجة له فلا يمكن الرجوع إليها في تعيين الزوجة ، لعين الملاك المتقدّم ، وكذا الحال فيما شاكل ذلك من الموارد .
وأمّا الوجه الرابع : فالظاهر أ نّه هو الصحيح ، وذلك لأ نّه لا دليل على ثبوت الدية كاملة على الأوّل أصلاً ، ولذا لم نجد في كلمات الفقهاء من قال بأنّ الدية عليه ، وكذا على الثاني ، لما عرفت من عدم الدليل .
نعم ، على الثاني مائة دينار على كلّ تقدير ، فإنّه إن كانت حياته مستقرّة فعليه ألف دينار وإلاّ فعليه المائة ، نظراً إلى أ نّه قطع رأس الميّت فالمائة متيقّنة والزائد غير ثابت . فإذن بطبيعة الحال يؤخذ الزائد من بيت المال ، نظراً إلى أنّ دم المسلم لا يذهب هدراً .
بقي هنا شيء : وهو أنّ المحقّق ذكر في الشرائع : أ نّه لو جهل حاله حين ولادته
|