الجناية على الحيوان 

الكتاب : مباني تكملة منهاج الصالحين - الجزء الثاني : القصاص   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 4249


ــ[523]ــ


الجناية على الحيوان

   (مسألة 398) : كلّ حيوان قابل للتذكية ، سواء كان مأكول اللحم أم لم يكن ، وإذا ذكّاه أحد بغير إذن مالكه فالمالك مخيّر بين أخذه ومطالبته بالتفاوت بين كونه حيّاً وذكيّاً (1) وبين عدم أخذه ومطالبته بتمام القيمة (2) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) بلا خلاف بين الأصحاب ، ويدلّ على ذلك عدم خروج الحيوان عن ملك مالكه بالتذكية ، لعدم الموجب له . وعليه ، فلا محالة له أخذه والرجوع إلى الذابح بالتفاوت وليس للذابح الامتناع عن ذلك ، وقد جرت على ذلك السيرة العقلائيّة .

   (2) وفاقاً لجماعة ، منهم : الشيخ الطوسي في النهاية والمفيد في المقنعة وسلاّر والقاضي وابنا حمزة وسعيد(1) .

   وخلافاً للمتأخّرين والشيخ في محكيّ المبسوط ومال إليه المحقّق (قدس سره) في الشرائع بدعوى أ نّه أتلف بعض منافعه فبطبيعة الحال يضمن مقدار التالف دون الزائد(2) .

   هذا ، ولكنّ الصحيح هو القول الأوّل ، وذلك لأنّ الحيوان الحيّ بنظر العرف مباين للحيوان الميّت، فلو أتلفه بالتذكية كان ذلك من التلف عندهم فيضمن ،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النهاية : 780 ، المقنعة : 769 ، المراسم : 243 ، المهذب 2 : 511 ـ 512 ، الوسيلة : 428 ، الجامع للشرائع : 604 .

(2) المبسوط 8 : 30 ، الشرائع 4 : 296 .

ــ[524]ــ

فإذا دفع الجاني قيمته إلى صاحبه ملك الحيوان المذكّى(1)، وأمّا إذا أتلفه بغير تذكية ضمن قيمته(2). نعم ، إذا بقي فيه ما كان قابلاً للملكيّة والانتفاع من أجزائه ـ كالصوف ونحوه ـ فالمالك مخيّر كالسابق(3)، وإذا جنى عليه بغير إتلاف، كما إذا قطع بعض أعضائه أو كسر بعضها أو جرح فعليه الأرش، وهو التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب(4) . نعم ، إذا فقأ عين ذات القوائم الأربع فعلى الجاني ربع ثمنها (5) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعليه فللمالك حقّ إلزام المتلف بإعطاء القيمة ، وليس له حقّ الامتناع عن ذلك ، وعليه بناء العقلاء أيضاً .

   (1) وذلك تحقيقاً لمفهوم المعاوضة والمبادلة وأ نّه لا يمكن أن يملك العوض مع بقاء المعوّض في ملكه أيضاً ، لأ نّه ينافي كونه عوضاً له .

   (2) لقاعدة الإتلاف التي قد ثبتت ببناء العقلاء .

   (3) وذلك لبقاء ما كان قابلاً للملك والانتفاع في ملك مالكه ، ضرورة أ نّه لم يصر من المباحات الأصليّة ولا ملكاً للجاني ، لعدم الموجب لذلك أصلاً . وعليه ، فبطبيعة الحال يتخيّر المالك بين أخذ أجزائه القابلة للملك والانتفاع ومطالبته بالتفاوت بين كون حيّاً وميّتاً ، وبين رفع اليد عنها ومطالبته بتمام القيمة ، وليس له حقّ الامتناع ، وقد تقدّم جريان السيرة على ذلك .

   (4) وذلك لأنّ أجزاء العين وصفاتها الدخيلة في الماليّة مضمونة كأصلها .

   (5) خلافاً للمشهور بين الأصحاب ، حيث إنّهم ذهبوا إلى أنّ فيها الأرش كغيرها من الأعضاء والجراح والكسر .

ــ[525]ــ

وإذا جنى عليها فألقت جنينها ففيه عشر قيمتها (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   ولكنّ الصحيح ما ذكرناه وفاقاً للشيخ وجماعة والمحقّق في النافع(1) ، وتدلّ على ذلك عدّة روايات :

   منها : صحيحة أبي العبّاس ، قال : قال أبو عبدالله (عليه السلام) : «من فقأ عين دابّة فعليه ربع ثمنها»(2) .

   ومنها : صحيحة عمر بن اُذينة ، قال : كتبت إلى أبي عبدالله (عليه السلام) أسأله عن رواية الحسن البصري يرويها عن علي (عليه السلام) في عين ذات الأربع قوائم إذا فقئت ربع ثمنها «فقال: صدق الحسن، قد قال علي (عليه السلام) ذلك»(3) .

   ومنها : صحيحة محمّد بن قيس عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : قضى علي (عليه السلام) في عين فرس فُقِئت ربع ثمنها يوم فُقِئت العين»(4) .

   بقي هنا شيء :  وهو أنّ الشيخ في المبسوط والخلاف حكى عن الأصحاب أنّ في عين الدابّة نصف قيمتها ، وكذا كلّ ما كان في البدن منه اثنان(5) .

   وفيه : أ نّه لا مستند له أصلاً ، وقياس الدابّة على الإنسان لا نقول به ، مضافاً إلى أ نّه مع الفارق .

   (1) وفاقاً للمحقّق في النافع وابن إدريس في السرائر(6) ، وإن كان دعوى

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) النهاية : 781 ، المختصر النافع : 314 .

(2) الوسائل 29 : 355 /  أبواب ديات الأعضاء ب 47 ح 1 .

(3) الوسائل 29 : 355 /  أبواب ديات الأعضاء ب 47 ح 2 .

(4) الوسائل 29 : 355 /  أبواب ديات الأعضاء ب 47 ح 3 .

(5) المسوط 3 : 62 ، الخلاف 3 : 397 .

(6) المختصر النافع : 314 ، السرائر 3 : 419 .

ــ[526]ــ

   (مسألة 399) : في الجناية على ما لا يقبل التذكية ـ كالكلب والخنزير ـ تفصيل : أمّا الخنزير فلا ضمان في الجناية عليه بإتلاف أو نحوه(1) إلاّ إذا كان لكافر ذمّي ، ولكن يشترط في ضمانه له قيامه بشرائط الذمّة (2) وإلاّ فلا يضمن(3) ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ابن إدريس الإجماع وتواتر الأخبار على ذلك في غير محلّها ، فإنّه لا إجماع في المسألة كما صرّح به غير واحد ولا الأخبار المتواترة ، حيث إنّه ليس فيها إلاّ رواية واحدة ، وهي معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : في جنين البهيمة إذا ضُرِبت فاُزلِقت عشر قيمتها»(1) .

   (1) لعدم كونه مالاً شرعاً حتّى يوجب اتلافه الضمان .

   (2) بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب ، ويدلّ عليه ما دلّ على أ نّه إذا قام بشرائط الذمّة كان ماله محقوناً كدمه ، وعليه فلا محالة يوجب إتلافه الضمان .

   (3) لأ نّه عندئذ لايكون دمه محقوناً فضلاً عن ماله، وعليه فلامقتضي لضمانه .

   وتدلّ على ذلك صحيحة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل الجزية من أهل الذمّة على أن لا يأكلوا الربا ولا يأكلوا لحم الخنزير ولا ينكحوا الأخوات ولا بنات الأخ ولا بنات الاُخت ، فمن فعل ذلك منهم برئت منه ذمّة الله تعالى وذمّة رسوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) . قال : وليست لهم اليوم ذمّة»(2) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 225 /  أبواب ديات النفس ب 18 ح 2 .

(2) الوسائل 15 : 124 /  أبواب جهاد العدو ب 48 ح 1 .

ــ[527]ــ

   فهذه الصحيحة واضحة الدلالة على أنّ من لم يعمل بشرائط الذمّة فدمه هدر ، فما ظنّك بما له ؟!

   ثمّ إنّ المراد من ترك أكل الربا ولحم الخنزير فيها هو تركه علناً وجهراً . وعليه، فمن فعل ذلك متستّراً به لم يخرج عن الذمّة .

   نعم ، هنا روايتان قد يتوهّم دلالتهما على الضمان مطلقاً وإن لم يكن متستّراً :

   أحدهما : رواية مسمع عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) رُفِع إليه رجل قتل خنزيراً فضمّنه ، ورُفِع إليه رجل كسر بربطاً فأبطله»(1) .

   وثانيتهما : معتبرة غياث بن إبراهيم، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) ـ في حديث ـ  : «أنّ علياً (عليه السلام) ضمّن رجلاً أصاب خنزير النصراني»(2) .

   أقول :  أمّا الرواية الاُولى : فمضافاً إلى ضعفها سنداً بسهل بن زياد وشمون والأصمّ ، أ نّها قضيّة في واقعة ، فلا إطلاق لها . ومنه يظهر حال معتبرة غياث أيضاً ، حيث إنّه لا إطلاق فيها ليتمسّك به لإثبات الضمان حتّى في صورة عدم التستّر والعمل بشرائط الذمّة .

   وأمّا ما في الجواهر من تسليم الإطلاق واحتمال أن يكون ذلك من جهة بناء الخنزير على عدم التستّر به ، فلا يكون التستّر به من شرائط الذمّة عليه(3) .

   فلا يمكن المساعدة عليه ، وذلك لما عرفت من عدم الإطلاق فيها ، ولأ نّه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 262 /  أبواب موجبات الضمان ب 26 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 262 /  أبواب موجبات الضمان ب 26 ح 2 .

(3) جواهر الكلام 43 : 400 .

ــ[528]ــ

كما لا ضمان في الخمر وآلة اللهو وما شاكلهما(1)، وأمّا الكلب فكذلك غير كلب الغنم وكلب الحائط وكلب الزرع وكلب الصيد ، وأمّا فيها : ففي الأوّل والثاني والثالث يضمن القيمة (2)، وأمّا الرابع فالمشهور أنّ فيه أربعين درهماً ، وفيه إشكال ،

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا فرق بين لحم الخنزير وغيره من جهة لزوم التستّر على ما نطقت به صحيحة زرارة المتقدّمة .

   (1) لأ نّها ليست من ما يتموّل شرعاً ، فلا ضمان في إتلافها .

   (2) بيان ذلك : أنّ في الأوّل وجوهاً :

   الأوّل :  أنّ فيه كبشاً ، واختاره الفاضلان والشهيدان(1) ، بل نسبه ثانيهما إلى الأكثر .

   واستند في ذلك إلى رواية أبي بصير عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : دية الكلب السلوقي أربعون درهماً ـ إلى أن قال : ـ ودية كلب الغنم كبش ، ودية كلب الزرع جريب من برّ ، ودية كلب الأهل قفيز من تراب لأهله»(2) .

   الثاني :  أنّ فيه عشرين درهماً ، ونسب هذا الوجه إلى المشهور على ما في كشف اللثام(3) .

   واستند في ذلك إلى رواية ابن فضّال ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبدالله

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الشرائع 4 : 297 ، التحرير 2 : 279 (حجري) ، اللمعة 10 : 323 ، المسالك 2 : 402 (حجري) .

(2) الوسائل 29 : 226 /  أبواب ديات النفس ب 19 ح 2 .

(3) كشف اللثام 2 : 523 (حجري) .

ــ[529]ــ

(عليه السلام) «قال: دية كلب الصيد أربعون درهماً، ودية كلب الماشية عشرون درهماً، ودية الكلب الذي ليس للصيد ولا للماشية زنبيل من تراب على القاتل أن يعطي وعلى صاحبه أن يقبل»(1).

   الثالث :  أنّ ديته قيمته ، وهو الصحيح ، وذلك لأنّ مستند الوجه الأوّل ـ وهو رواية أبي بصير ـ ضعيف ، حيث إنّ في سندها محمّد بن حفص وهو مجهول ، وعليّ بن أبي حمزة وهو ضعيف ، فلا يمكن الاعتماد عليها . وكذا مستند الوجه الثاني ـ وهو رواية ابن فضّال ـ فإنّها مرسلة .

   فإذن الصحيح هو الوجه الثالث .

   وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أ نّه مقتضى القاعدة ـ معتبرة السكوني عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : فيمن قتل كلب الصيد ، قال : يقوّمه ، وكذلك البازي ، وكذلك كلب الغنم ، وكذلك كلب الحائط»(2) .

   وأمّا الثاني :  فالمشهور ذهبوا إلى أنّ ديته عشرون درهماً ، إلاّ أ نّه لا مستند له أصلاً . فإذن الصحيح ما ذكرناه ، وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أ نّه مقتضى القاعدة ـ معتبرة السكوني المتقدّمة .

   وأمّا ما في رواية أبي بصير المتقدّمة من أنّ دية كلب الأهل قفيز من تراب لأهله ، وقريب منه ما في مرسلة ابن فضّـال ، فلا يمكن الاعتماد عليه ، لأنّ الروايتين ضعيفتان سنداً .

   وأمّا الثالث :  فالمشهور ذهبوا إلى أنّ فيه قفيزاً من برّ ، إلاّ أ نّه لا يتمّ ، فإنّه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 227 /  أبواب ديات النفس ب 19 ح 4 .

(2) الوسائل 29 : 226 /  أبواب ديات النفس ب 19 ح 3 .

ــ[530]ــ

والأظهر أنّ فيه أيضاً القيمة إذا لم تكن أقلّ من أربعين درهماً ، وإلاّ فأربعون درهماً (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا مستند له غير رواية أبي بصير المتقدّمة ، وهي ـ  مضافاً إلى أ نّها ضعيفة سنداً  ـ لا تدلّ على ما ذهب إليه المشهور . فالأظهر ما ذكرناه ، وذلك لأ نّه من الأموال فبطبيعة الحال يضمن قيمته وإن كان لا يجوز بيعه .

   (1) بيان ذلك أنّ في المسألة وجوهاً :

   الأوّل :  أنّ ديته أربعون درهماً ، وهو المعروف والمشهور بين الأصحاب .

   الثاني :  أنّ ديته قيمته ، ومال إلى هذا القول الشهيد الثاني (قدس سره) في المسالك (1) .

   الثالث :  أنّ ديته قيمته بشرط أن لا تتجاوز أربعين درهماً ، واختار هذا الوجه الإسكافي(2) .

   الرابع :  أنّ ديته أربعون درهماً إذا لم يقلّ من قيمته الواقعيّة ، وإلاّ فقيمته . وهذا الوجه هو الأقوى .

   أقول :

   أمّا الوجه الأوّل :  فقد استدلّ عليه بعدّة روايات :

   منها : معتبرة الوليد بن صبيح عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : دية الكلب السلوقي أربعون درهماً أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بذلك

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المسالك 2 : 402 (حجري) .

(2) حكاه عنه في رياض المسائل 2 : 562 (حجري) .

ــ[531]ــ

أنّ يديه لبني خزيمة»(1)، ورواها الصدوق بسنده المعتبر إلى قوله (عليه السلام) : «أربعون درهماً»(2) .

   ومنها : معتبرة عبدالأعلى بن أعين عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : في كتاب علي (عليه السلام) : دية كلب الصيد أربعون درهماً»(3) .

   وفيه : أ نّه لا يمكن الأخذ بإطلاق هذه الروايات ، إذ لا نحتمل أن تكون دية كلب الحائط وكلب الغنم أزيد من دية كلب الصيد مع أ نّه أغلى قيمةً وأهمّ في نظر العقلاء ، فلا يحتمل أن تكون ديتهما مائة درهم ـ مثلاً ـ أو أزيد ودية كلب الصيد أربعون درهماً . فإذن لا بدّ من تقييد إطلاقها بما إذا لم تزد قيمته على أربعين درهماً . وعليه ، فتنقلب النسبة بينها وبين معتبرة السكوني المتقدّمة إلى عموم وخصوص مطلق ، فتقيّد المعتبرة بما إذا كانت قيمته أزيد من أربعين درهماً . فإذن تكون النتيجة كما ذكرناه من أنّ دية كلب الصيد أربعون درهماً ، إلاّ إذا كانت قيمته أكثر من ذلك فتكون ديته قيمته .

   وإن أغمضنا عن ذلك فالأظهر هو الوجه الثاني ، وذلك لأنّ هذه الروايات معارضة مع المعتبرة فتسقطان معاً ، فالمرجع في مورد المعاضة هو إطلاقات أدلّة الضمان بالقيمة .

   هذا ، وقد ذكر الشهيد الثاني (قدس سره) في وجه ذلك : أنّ روايات التحديد ضعيفة سنداً فلا يمكن الاعتماد عليها . فإذن الأجود هو الضمان بالقيمة لولا مخالفة المشهور .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 29 : 226 /  أبواب ديات النفس ب 19 ح 1 .

(2) الوسائل 29 : 227 /  أبواب ديات النفس ب 19 ح 6 ، الخصال : 539 / 10 .

(3) الوسائل 29 : 227 /  أبواب ديات النفس ب 19 ح 5 .

ــ[532]ــ

   وفيه : ما عرفت من أنّ عدّة روايات التحديد معتبرة سنداً ولا قصور فيها من هذه الناحية أصلاً .

   وأمّا الوجه الثالث :  فلا وجه له أصلاً كما ظهر من مطاوي ما ذكرناه .

   بقي هنا أمران :

   الأوّل :  أنّ ما ذكره العلاّمة (قدس سره) في الإرشاد من أنّ التقديرات المذكورة في الروايات لأصناف الكلب إنّما هي للقاتل وأمّا الغاصب فيضمن القيمة(1) .

   أقول :  إنّ هذا الكلام متين لو قلنا بهذه التقديرات كما ذكرنا نظير ذلك في العبد ، فإن كان الغاصب للكلب هو القاتل ضمن أكثر الأمرين من القيمة أو المقدّر الشرعي ، وإن كان القاتل غيره ضمن الغاصب القيمة فحسب ، وعليه فللمالك الرجوع إلى أيٍّ منهما شاء ، فإن رجع إلى القاتل وأخذ الدية منه وكانت القيمة أزيد من الدية فله الرجوع إلى الغاصب بالزيادة ، وإن رجع إلى الغاصب وكانت القيمة أقلّ من المقدّر فله الرجوع إلى القاتل بالزيادة .

   الثاني :  أنّ الروايات الواردة في مقام تحديد دية الكلب بأربعين درهماً على ثلاثة أصناف :

   منها :  ما اُخذ فيه عنوان الصيد ، وهو معتبرة عبدالأعلى بن أعين المتقدّمة .

   ومنها :  ما اُخذ فيه عنوان السلوقي ، وهو معتبرة الوليد بن صبيح المتقدّمة .

   ومنها :  ما جمع بين كلا العنوانين ـ يعني : الصيد والسلوقي ـ وهو معتبرة الوليد بن صبيح الثانية .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الإرشاد 2 : 236 .

ــ[533]ــ

   ولكن حيث إنّ شيئاً من روايتي الوليد بن صبيح لم يثبت بملاحظة أنّ السند من ابن أبي عمير إلى من روى عن الإمام (عليه السلام) فيهما واحد ، فلا ندري أ نّه روى عنه ما فيه عنوان السلوقي فحسب ، أو أ نّه روى ما فيه كلا العنوانين ، فتبقى رواية الصيد على إطلاقها، فلا موجب لتقييدها بالسلوقي أصلاً، فإنّ المروي إذا كان ما فيه عنوان السلوقي فقط فلا موجب للتقييد ، نظراً إلى أ نّه لا تنافي بينهما، غاية الأمر أ نّه بناءً عليه تثبت الدية المقدّرة لكلّ من كلبي الصيد والسلوقي، باعتبار أنّ بين العنوانين عموماً من وجه . ولو كان المروي ما جمع فيه بين العنوانين فلا موجب للتقييد أيضاً ، بملاحظـة أنّ الغالب في كلب الصيد هو السلوقي . فإذن يكون القيد وارداً مورد الغالب ، فلا ينافي الإطلاق .

   والنتيجة :  أنّ الحكم يختصّ بكلب الصيد ، سواء كان سلوقيّاً أم لم يكن ، ولا يعمّ الكلب السلوقي وإن لم يكن كلب صيد .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net