(مسألة 414) : الأظهر عدم اختصاص التأجيل بموارد ثبوت الدية المقدّرة (4) .
ـــــــــــــــــــــــــــ (4) بيان ذلك : أنّ في المسألة أقوالاً :
الأوّل : اختصاص التأجيل بدية النفس فحسب . وحكي هذا القول عن
ــ[551]ــ
العلاّمة في بعض كتبه(1) .
الثاني : عدم اختصاصه بها ، بل يعمّ دية الأطراف أيضاً إذا كانت لها دية مقدّرة ، وأمّا فيما لا مقدّر فيه شرعاً فلا تأجيل فيه . وهذا القول هو المحكيّ عن الأكثر .
الثالث : أنّ الأرش إن كان بقدر ثلث الدية فما دون يستأدى عند انسلاخ السنة الاُولى، وإن كان بقدر الثلثين وما دون فالثلث الأوّل يستأدى عند انسلاخ السنة الاُولى والباقي عند انسلاخ الثانية ، وإن كان زائداً على الثلثين يستأدى الزائد عند انسلاخ السنة الثالثة . واختار هذا القول العلاّمة في القواعد ، ونسب ذلك إلى الشيخ في المبسوط أيضاً (2) .
الرابع : أنّ التأجيل يثبت مطلقاً . وهذا القول هو الأظهر .
والوجه في ذلك : هو أ نّه لا موجب للاختصاص بدية النفس أو بالدية المقدّرة، إلاّ دعوى انصراف الدية في صحيحة أبي ولاّد إلى خصوص دية النفس أو مطلق الدية المقدّرة ، ولكن لا وجه لهذه الدعوى اصلاً ، فإنّ الدية أعمّ من دية النفس ومن دية غيرها ، كما أ نّها أعمّ من المقدّرة وغيرها .
هذا ، مضافاً إلى أنّ المذكور في صحيحة محمّد الحلبي المتقدّمة : الجناية خطأ ، لا الدية ، ومن الواضح أ نّها لا تختصّ بما له مقدّر شرعاً ، ومقتضى إطلاق هذه الصحيحة عدم الفرق بين الدية والأرش .
وأمّا ما اختاره العلاّمة فلا نعرف له وجهاً ظاهراً ، فالأظهر ما ذكرناه .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) القواعد 3 : 711 .
(2) القواعد 3 : 711 ، المبسوط 7 : 176 .
ــ[552]ــ
(مسألة 415) : دية جناية الذمّي وإن كانت خطأً محضأ في ماله دون عاقلته (1) ، وإن عجز عنها عقلها الإمام (عليه السلام) (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا خلاف بين الأصحاب .
وتدلّ على ذلك صحيحة أبي ولاّد عن أبي عبدالله (عليه السلام) «قال : ليس فيما بين أهل الذمّة معاقلة فيما يجنون من قتل أو جراحة ، إنّما يؤخذ ذلك من أموالهم ، فإن لم يكن لهم مال رجعت الجناية على إمام المسلمين ، لأ نّهم يؤدّون إليه الجزية كما يؤدّي العبد الضريبة إلى سيّده . قال : وهم مماليك للإمام ، فمن أسلم منهم فهو حرّ»(1) .
(2) من دون خلاف بين الفقهاء ، وتدلّ على ذلك الصحيحة المتقدّمة .
بقي هنا شيء : هو أ نّه لو كان للذمّي عصبة من المسلمين فهل يعقلون عنه ؟
الظاهر ـ بل المقطوع به ـ عدمه ، وذلك لأمرين :
الأوّل : الأولويّة القطعيّة ، فإنّ عصبته من الكفّار إذا لم يعقلوا عنه فلا يعقل عنه المسلمون منهم بطريق أولى .
الثاني : إطلاق الحصر في الصحيحة المتقدّمة ، وهو قوله (عليه السلام) «إنّما يؤخذ ذلك من أموالهم» ، فإنّ مقتضاه : أنّ جنايته في ماله وإن كان له عصبة من المسلمين .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 29 : 391 / أبواب العاقلة ب 1 ح 1 .
ــ[553]ــ
(مسألة 416) : لا تعقل العاقلة إقراراً ولا صلحاً ، فلو أقرّ القاتل بالقتل أو بجناية اُخرى خطأً تثبت الدية في ماله دون العاقلة ، وكذلك لو صالح عن قتل خطائي بمال آخر غير الدية ، فإنّ ذلك لا يحمل على العاقلة (1) .
(مسألة 417) : تتحمّل العاقلة الخطأ المحض دون العمد وشبيه العمد (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بلا خلاف بين الأصحاب .
وتدلّ على ذلك ـ مضافاً إلى أ نّه مقتضى القاعدة ـ معتبرة زيد بن علي عن آبائه (عليهم السلام) «قال : لا تعقل العاقلة إلاّ ما قامت عليه البيّنة . قال : وأتاه رجل فاعترف عنده فجعله في ماله خاصّة ولم يجعل على العاقلة شيئاً»(1) .
ومن ذلك يظهر حال الصلح أيضاً ، حيث إنّ عدم ضمان العاقلة للمال الذي وقع عليه الصلح على القاعدة ، لأنّ ذمّة من صالحه عليه قد اشتغلت به دون غيره .
وتؤيّد ذلك رواية أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) «قال : لا تضمن العاقلة عمداً ولا إقراراً ولا صلحاً»(2) .
ورواية السكوني ، عن جعفر ، عن أبيه (عليهما السلام) «أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : العاقلة لا تضمن عمداً ولا إقراراً ولا صلحاً»(3) .
(2) قد تقدّم الكلام في ذلك في أوّل بحث الديات ، فلاحظ(4) .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسال 29 : 398 / أبواب العاقلة ب 9 ح 1 .
(2) الوسائل 29 : 394 / أبواب العاقلة ب 3 ح 1 .
(3) الوسائل 29 : 394 / أبواب العاقلة ب 3 ح 2 .
(4) في ص 242 .
|