ــ[273]ــ
[ 249 ] مسألة 8 : إذا تنجس حصير المسجد وجب تطهيره((1)) أو قطع موضع النجس منه ((2)) إذا كان ذلك أصلح من إخراجه وتطهيره كما هو الغالب (1) .
إليه (3) حتى يقال بعدم وجوب الرد في المقام لأن إخراج الآجر مثلاً إنما كان بأمر الشارع وحكمه بوجوب تطهيره بخلاف إخراج الحصاة والتراب ، بل الوجه في ذلك أن الآجر إما أنه جزء للمسجد كما إذا جعلت الأرض وما فيها من الآجر مسـجداً وإما أنه وقف للمسجد كسائر آلاته أو وقف للمسلمين ، وعلى أي حال فهو من الموقوف ويجب ردّ الوقف إلى محله ويحرم التصرف فيه في غير الجهة التي اُوقف لأجلها فان الوقوف حسب ما يقفها أهلها ، ومن ثمة نحكم بعدم جواز التصرف في مثل الحجارة والآجر وغيرهما من أدوات المسجد بعد خرابه لعدم كونها من المباحات الأصلية ، فيجب إما أن يصرف في نفس ذلك المسجد ـ إن أمكن ـ وإلاّ ففي مسجد آخر لأنها وقف للمسجد فيلاحظ فيها الأقرب فالأقرب .
(1) في المسألة جهتان من الكلام : الجهة الاُولى : أن المسجد إذا تنجس حصيره أو فرشه أو غيرهما من آلاته فهل تجب إزالة النجاسة عنه كما تجب آزالتها عن نفس المسجد ؟ حكي القول بذلك عن الكثير ولم ينقل فيه خلاف ، إلاّ أن الصحيح عدم وجوب الازالة عن آلات المساجد ، وذلك لأ نّا إن استندنا في الحكم بوجوب الازالة عن المسجد إلى الاجماع المنعقد على وجوبها ـ كما هو الصحيح ـ فمن الظاهر عدم شموله لآلاته وأدواته ، فانّ المتيقن منه إنما هو نفس المسجد كما هو ظاهر ، وإن اعتمدنا فيه على الأخبار الواردة في جواز اتخاذ الكنيف مسجداً بعد طمّه أو إلى صحيحة علي ابن جعفر المتقدِّمة ، فهما مختصتان أيضاً بنفس المسجد ولا دلالة لهما على وجوب الازالة عن آلاته . نعم ، لو استندنا في ذلك إلى قوله عزّ من قائل : (إنّما المشركون
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) على الأحوط .
(2) فيه إشكال .
(3) الوسائل 5 : 231 / أبواب أحكام المساجد ب 26 ح 1 ـ 4 .
ــ[274]ــ
نجس ... )(1) أو إلى النبـوي : «جنِّبوا مساجدكم النجاسة»(2) وحمـلنا النجس على الأعم من النجاسات والمتنجسات لدلا على وجوب إزالة النجاسـة عن الحـصر والفرش وغيرهما من آلات المساجد لوجوب تجنيب المساجد عنهما وعدم إدخالها فيها .
إلاّ أنك عرفت عدم تمامية الاستدلال بشيء من الآية والرواية ، لأن النجس بمعناه الحدثي المصدري وقد اُطلق على المشركين لشدة خباثتهم ونجاستهم الباطنية والظاهرية ، فلا يمكن التعدي عن مثلها إلى سائر النجاسات فضلاً عن المتنجسـات كما أن النبوي مخدوش بحسب الدلالة والسند . فتحصل : أنه لا دليل على وجوب إزالة النجاسة عن آلات المساجد فللمكلف أن يفرش عباءه المتنجس في المسجد ويصلي عليه ولا يجب إخراجه عن المسجد . نعم ، يحرم تنجيس أدواته لأنّ التصرّف في الوقوف في غير الجهة التي اُوقفت لأجلها محرم والحصير إنما اُوقف لأنّ يصلّى فوقه ولم يوقف لتنجيسه . نعم ، في مثل أسلاك المسجد ومنابرها وغيرها من المواضع التي لم توقف للعبادة لا دليل على حرمة تنجيسها لعدم منافاته لجهة الوقف .
الجهة الثانية : أن الحصر والفرش وغيرهما من آلات المسجد إذا دار أمرها بين إخراجها من المسجد لتطهيرها ثم إرجاعها إليه ، وبين قطع الموضع المتنجس منها من دون إخراجها وتطهيرها فهل الأرجح هو القطع أو التطهير باخراجها أو أن الأمرين متساويان ؟ الصحيح أن ذلك لا يدخل تحت ضابط كلي لأن المصلحة قد تقتضي التطهير دون القطع ، كما إذا فرضنا الفرش المتنجس من فرش قاسان فان قطع مقدار من مثله يوجب سقوطه عن المالية ، فلا إشكال في مثله في تعين التطهير باخراجه من المسجد ثم إرجاعه إليه ، وقد ينعكس الأمر كما إذا كان الحصير المتنجس كبيراً غايته فان نقله من مكانه ثم إرجاعه إليه يذهب بقوته وينقص من عمره ، بخلاف ما إذا قطعنا مقداراً قليلاً منه كمقدار حمصة ونحوها فالمتعين في مثله القطع لا محالة . وعلى
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) التوبة 9 : 28 .
(2) الوسائل 5 : 229 / أبواب أحكام المساجد ب 24 ح 2 .
|