الجهة الاُولى : حقيقة التزاحم وواقعه الموضوعي 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5007

  

ــ[1]ــ

بيان التزاحم والتعارض
ونقطة امتياز أحدهما عن الآخر

ها هنا جهات من البحث:
الاُولى: بيان حقيقة التزاحم وواقعه الموضوعي.
الثانية: بيان حقيقة التعارض وأساسه.
الثالثة: بيان النقطة الرئيسية للفرق بين البابين.
الرابعة: بيان مرجحات باب التعارض من جانب، وما تقتضيه القاعدة فيه من جانب آخر.
الخامسة: بيان مرجحات باب التزاحم، وما تقتضيه القاعدة عند فقدانها.
أمّا الجهة الاُولى: فالتزاحم على نوعين:
الأوّل: التزاحم بين الملاكات الواقعية بأن تكون مثلاً في فعل جهة مصلحة تقتضي إيجابه، وجهة مفسدة تقتضي تحريمه، أو كانت فيه جهة تقتضي استحبابه وجهة اُخرى تقتضي كراهته وهكذا، ففي هذه الموارد وما شاكلها لا محالة تقع المزاحمة بين المصلحة والمفسدة، أو كانت مصلحة في فعل ومصلحة اُخرى في فعل آخر مضاد له، وهكذا.

ــ[2]ــ

ومن الواضح جداً أنّ الأمر في هذا النوع من التزاحم بيد المولى، حيث إنّ عليه أن يلاحظ الجهات الواقعية والملاكات النفس الأمرية الكامنة في الأفعال الاختيارية للعباد، ويقدّم ما هو الأقوى والأهم من تلك الملاكات على غيره التي لم تكن بهذه المرتبة من القوّة والأهمّية، ويجعل الحكم على طبق الأهم دون غيره.
ومن الضروري أنّ هذا ليس من وظيفة العبد بشيء، فانّ وظيفته العبودية وامتثال الأحكام التي جعلت من قبل المولى ووصلت إليه، والخروج عن عهدة تلك الأحكام وتحصيل الأمن من ناحيتها، من دون ملاحظته جهات المصالح والمفاسد في متعلقاتها أصلاً، بل إذا فرضنا أنّ العبد علم بأنّ المولى قد اشتبه عليه الأمر، كما يتفق ذلك في الموالي العرفية، فجعل الوجوب مثلاً بزعم أنّ في الفعل مصلحة، مع أ نّه لا مصلحة فيه أو علم أنّ فيه مفسدة، لم يكن له بمقتضى وظيفة العبودية مخالفة ذلك التكليف المجعول وترك امتثاله معتذراً بأ نّه لامقتضي للوجوب، أو أنّ فيه مقتضي الحرمة، فانّ كل ذلك لا يُسمع منه ويستحقّ العقاب على مخالفته، كما أنّ من وظيفة الرعايا الالتزام بالقوانين المجعولة في الحكومات، فلو أنّ أحداً خالف قانوناً من تلك القوانين اعتذاراً بأ نّه لا مصلحة في جعله أو أنّ فيه مفسدة، فلا يُسمع هذا الاعتذار منه ويعاقب على مخالفة ذلك.
فالنتيجة: هي أنّ وظيفة المولى جعل الأحكام على طبق جهات المصالح والمفاسد الواقعيتين، وترجيح بعض تلك الجهات على بعضها الآخر في مقام المزاحمة، غاية الأمر أ نّه إذا كان المولى مولىً حقيقياً يجعل الحكم على وفق ما هو الأقوى من تلك الجهات في الواقع ونفس الأمر، وإذا كان عرفياً يجعل الحكم على طبق ما هو الأقوى بنظره، لعدم إحاطته بجهات الواقع تماماً، ووظيفة العبد الانقياد والاطاعة وامتثال الأحكام، سواء أعلم بوجود مصلحة في متعلقاتها

ــ[3]ــ

أم لم يعلم، ضرورة أنّ كل ذلك لا يكون عذراً له في ترك الامتثال، بل يعدّ هذا منه تدخّلاً في وظيفة المولى وهو قبيح.
على أ نّه ليس للعبد طريق إلى إحراز جهات المصالح والمفاسد في متعلقات الأحكام الشرعية مع قطع النظر عن ثبوتها ليراعي ما هو الأقوى منها. نعم، قد يستكشف من أهمّية الحكم أهمّية ملاكه فيرجّح على غيره، ولكن هذا أجنبي عمّا نحن فيه، وهو وقوع المزاحمة بين الملاكات والجهات الواقعية. فإذن ليست لتلك الكبرى صغرى في الأحكام الشرعية أصلاً.
وقد تحصّل من ذلك أمران:
الأوّل: أنّ هذا النوع من التزاحم ليس في مقابل التعارض، فانّ ما هو في مقابله التزاحم في الأحكام الفعلية بعضها ببعض، دون التزاحم في الملاكات، ولذا لا تترتب على البحث عنه أيّة ثمرة.
الثاني: أنّ وقوع التزاحم بين الملاكات يرتكز على وجهة نظر مذهب العدلية من تبعية الأحكام لجهات المصالح والمفاسد في متعلقاتها أو في نفسها، وأمّا على وجهة مذهب الأشعري المنكر للقول بالتبعية مطلقاً فلا موضوع له.
النوع الثاني: تزاحم الأحكام بعضها مع بعض في مقام الامتثال والفعلية، ومنشؤه عدم قدرة المكلف على امتثال كلا التكليفين معاً، ويكون امتثال كل واحد منهما متوقفاً على مخالفة الآخر، فانّه إذا صرف قدرته على امتثاله يعجز عن امتثال الآخر، فيكون الآخر منتفياً بانتفاء موضوعه وهو القدرة، مثلاً إذا فرضنا أنّ إنقاذ الغريق أو نحوه متوقف على التصرف في مال الغير، أو كان هناك غريقان ولكن المكلف لا يقدر على إنقاذ كليهما معاً، فعندئذ لو اختار امتثال أحدهما يعجز عن امتثال الثاني فينتفي بانتفاء موضوعه.
وبعبارة واضحة قد تعرّضنا في غير موضع: أنّ لكل حكم مرتبتين ولا ثالث

ــ[4]ــ

لهما:
الاُولى: مرتبة الجعل والانشاء، وهي جعله لموضوعه على نحو القضية الحقيقية من دون تعرّضه لحال موضوعه وجوداً وعدماً، ومن هنا قلنا إنّ كل قضية حقيقية ترجع إلى قضية شرطية مقدّمها وجود الموضوع وتاليها ثبوت المحمول له، ومن الواضح جدّاً أنّ التالي لا يكون ناظراً إلى حال الشرط وجوداً ولا عدماً، بل هو ثابت على تقدير تحققه في الخارج، وكذا الحكم لا يكون ناظراً إلى حال موضوعه أصـلاً، بل هو ثابت على فرض تحققه، وهذا معنى كون الموضوع مأخوذاً في القضية الحقيقية على نحو فرض وجوده.
الثانية: مرتبة فعلية الحكم، وهي تتحقق بفعلية موضوعه في الخارج ووجوده، ضرورة أنّ فعلية الحكم تدور مدار فعلية موضوعه وتحققه، ومن هنا قلنا إنّ نسبة الحكم إلى موضوعه نسبة المعلول إلى علّته، فكما أنّ فعلية المعلول تدور مدار فعلية علّته، فكذلك فعلية الحكم تتبع فعلية موضوعه.
فالنتيجة على ضوء هذا البيان: أنّ في موارد التزاحم لا تنافي بين الحكمين بحسب مرتبة الجعل أصلاً، بداهة أ نّه لا تنافي بين جعل وجوب إنقاذ الغريق للقادر على نحو القضية الحقيقية وحرمة التصرف في مال الغير كذلك، كيف فانّ عدم التنافي بين الدليل الدال على وجوب الانقاذ والدليل الدال على حرمة التصرف في مال الغير من الواضحات الأوّلية، وكذا لا تنافي بين جعل وجوب الصلاة للقادر ووجوب الازالة له، وهكذا.
فالتنافي في مورد التزاحم إنّما هو في مرتبة فعلية الأحكام وزمن امتثالها، ضرورة أنّ فعلية كل من حكمين متزاحمين تأبى عن فعلية الآخر، لاستحالة فعلية كليهما معاً، وسرّه أنّ القدرة الواحدة لا تفي إلاّ باعمالها في أحدهما، فلا تكفي للجمع بينهما في مقام الاتيان والامتثال، وعليه فلا محالة كان اختيار كل

ــ[5]ــ

واحد منهما في هذا المقام يوجب عجزه عن الآخر، فيكون الحكم الآخر منتفياً بانتفاء موضوعه ـ وهو القدرة ـ من دون تصرف في دليله أصلاً.
والوجه في ذلك: ما ذكرناه غير مرّة من أنّ الخطابات الشرعية تستحيل أن تتعرّض لحال موضوعاتها نفياً وإثباتاً، وإنّما هي متعرضة لبيان الأحكام على تقدير ثبوت موضوعاتها في الخارج، ومن هنا قلنا إنّ الخطابات الشرعية من قبيل القضايا الحقيقية، ومفادها مفاد تلك القضايا.
مثلاً: الأدلة الدالة على ثبوت الأحكام للحائض أو النفساء أو المستطيع أو ما شاكل ذلك لا يتكفل شيء منها لبيان حالها وجوداً أو عدماً، وإنّما هي متكفلة لبيان الأحكام لها على تقدير تحققها في الخارج، ولذا ذكرنا أنّ كل دليل إذا كان ناظراً إلى موضوع دليل آخر نفياً أو إثباتاً حقيقةً أو حكماً، لا يكون أيّ تناف بينه وبين ذلك الدليل، وذلك كما في موارد الورود والحكومة، ضرورة أنّ مفاده ثبوت الحكم على تقدير تحقق موضوعه خارجاً.
ومن الواضح أنّ نفي الحكم بانتفاء موضوعه لا يكون من رفع اليد عن دليله الدال عليه، فانّه إنّما يكون في مورد التعارض حيث إنّ فيه نفي الحكم عن الموضوع الثابت، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى(1) ومقامنا من قبيل الأوّل، فانّ التكليف حيث إنّه مشروط بالقدرة يستحيل أن يكون ناظراً إلى حالها وجوداً أو عدماً، بل هو ناظر إلى حال متعلقه ومقتض لوجوده إن كان التكليف وجوبياً والبعد عنه إن كان تحريمياً.
وعليه فكون المكلف قادراً في الخارج أو غير قادر أجنبي عن مفاد الدليل الدال عليه، فلا يكون انتفاؤه بانتفاء القدرة من رفع اليد عن دليله ومنافياً له،
ـــــــــــــــــــــ
(1) في ص 16.

ــ[6]ــ

ضرورة أنّ ما لا اقتضاء له بالاضافة إلى وجود القدرة وعدمها لا يكون منافياً لما هو مقتض لعدمها، كما هو واضح.
نعم، لو كان هناك دليل دلّ على انتفائه مع ثبوت موضوعه لكان منافياً له وموجباً لرفع اليد عمّا دلّ عليه، إذ هذا مقتض لثبوته وذاك مقتض لعدمه، فلا يمكن أن يجتمعا في موضوع واحد، ولكنهما عندئذ صارا من المتعارضين فلا يكونان من المتزاحمين، ومحل كلامنا فعلاً في الثاني لا في الأوّل.
وصفوة القول في ذلك هي: أ نّا قد ذكرنا غير مرّة أ نّه لا مضادة ولا منافاة بين الأحكام بأنفسها، لأ نّها اُمور اعتبارية فلا شأن لها ما عدا اعتبار من بيده الاعتبار ولا واقع موضوعي لها غير ذلك، ومن المعلوم أ نّه لا تعقل المضادة والمنافاة بين الاُمور الاعتبارية بعضها ببعض ذاتاً وحقيقة، ومن هنا قلنا إنّ التنافي والتضاد بين الأحكام إمّا أن يكون من ناحية مبدئها، وإمّا أن يكون من ناحية منتهاها، ولا ثالث لهما.
أمّا التنافي من ناحية المبدأ، فيبتني على وجهة نظر مذهب العدلية من تبعية الأحكام للمصالح والمفاسد في متعلقاتها أو في نفسها، وحيث إنّ المصلحة والمفسدة متضادتان فلا يمكن اجتماعهما في شيء واحد.
وأمّا التنافي من ناحية المنتهى، فلعدم تمكن المكلف من امتثال الوجوب والحرمة معاً مثلاً في شيء واحد، وكذا عدم تمكنه من امتثال وجوبين أو تحريمين متعلقين بالضدين اللذين لا ثالث لهما وهكذا، ولا يفرق في هذه الناحية بين مذهب العدلية وغيره.
وعلى هذا الأساس فإذا كان بين حكمين تناف من ناحية المبدأ أو المنتهى بالذات كالوجوب والحرمة لشيء واحد، أو بالعرض كما إذا علم إجمالاً بكذب

ــ[7]ــ

أحدهما، فلا محالة يقع التعارض بين دليليهما.
وأمّا إذا لم يكن بينهما تناف لا من ناحية المبدأ ولا من ناحية المنتهى، كوجوب صلاة الفريضة ووجوب إزالة النجاسة عن المسجد مثلاً، فلا مانع من جعل كليهما معاً أصلاً، بداهة أ نّه لا تنافي بين جعل وجوب الصلاة للقادر وجعل وجوب إزالة النجاسة عن المسجد، غاية الأمر أ نّه قد يتّفق لبعض أفراد المكلفين أ نّه لا يتمكن من الجمع بينهما في مقام الامتثال، وعليه فلا محالة لا يكون أحدهما فعلياً، لما عرفت من أنّ فعلية الحكم تتبع فعلية موضوعه وهو القدرة في مفروض المقام، وحيث إنّ فعلية القدرة بالاضافة إلى كلا الحكمين ممتنعة على الفرض امتنعت فعلية كليهما معاً.
ومن البديهي أنّ هذا المقدار من التنافي لا يمنع من جعلهما على نحو القضية الحقيقـية، لوضوح أ نّه لو كان مانعاً فانّما يكون من جهة أ نّه يوجب كون جعلهما لغواً، ومن الواضح أ نّه لا يوجب ذلك باعتبار أ نّه تناف اتفاقي في مادة شخص ما، والموجب له إنّما هو التنافي الدائمي وبالاضافة إلى جميع المكلفين، كما هو الحال في الضدين اللذين ليس لهما ثالث، حيث لا يمكن للشارع إيجابهما معاً، فانّه لغو محض وصدوره من الحكيم محال، بل الحال كذلك في مطلق الضدّين ولو كان بينهما ثالث، كالقـيام والقعود والسواد والبياض وما شاكلهما، فانّه لا يمكن للشارع إيجاب كليهما معاً في زمان واحد، وذلك لعدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال أبداً، من جهة أنّ التنافي بينهما أبدي لا اتفاقي، وعليه فايجابهما لغو محض فلا يصدر من الحكيم.
ومن هنا قد ذكرنا سابقاً (1) أنّ التضاد بين الفعلين إذا كان دائمياً كان دليل وجوب أحدهما معارضاً لدليل وجوب الآخر لا محالة، فالملاك الرئيسي
ـــــــــــــــــــــ
(1) في المجلد الثاني من هذا الكتاب ص 468.

ــ[8]ــ

للدخول في باب التزاحم هو أن يكون التضاد بينهما اتفاقياً بمعنى أ نّه كان في مورد دون آخر، وبالاضافة إلى مكلف دون مكلف آخر، وقد مرّ أنّ مثل هذا التنافي والتضاد لا يكون مانعاً عن الجعل أبداً، هذا من ناحية.
ومن ناحية اُخرى: أنّ المنشأ الأساسي لهذا التنافي والتضاد إنّما هو عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مرحلة الامتثال والاطاعة اتفاقاً بعد ما كان قادراً على إتيان كل واحد من الفعلين في نفسه مع قطع النظر عن الآخر، ولكنّه لم يقدر على الجمع بينهما في الخارج صدفة، لا من ناحية المضادة بينهما دائماً، بل من ناحية أنّ القدرة الواحدة لا تفي لامتثال كليهما معاً. وعليه فلا محالة كان إعمالها في امتثال هذا موجباً لانتفاء فعلية ذاك بانتفاء موضوعه ـ وهو القدرة ـ لا أ نّه يوجب انتفاءه مع بقاء موضوعه كما هو الحال في موارد المعارضة بين الدليلين، وقد ذكرنا غير مرّة أنّ الحكم يستحيل أن يقتضي وجود موضوعه، فلا هذا يقتضي وجود القدرة ولا ذاك، لتقع المصادمة بين اقتضائهما إيجاد القدرة، بل كل واحد منهما بالاضافة إلى إيجادها وتحققها في الخارج بلا اقتضاء، وعليه فبما أنّ المكلف قادر على امتثال كل واحد منهما في نفسه مع قطع النظر عن الآخر، فلا محالة يقتضي كل منهما إعمال القدرة في امتثاله، وحيث إنّ المكلف لا يقدر على امتثال كليهما معاً، فتقع المزاحمة بين اقتضاء هذا لامتثاله واقتضاء ذاك.
وقد تحصّل مما ذكرناه: أنّ المنشأ الأساسي لوقوع التزاحم بين تكليفين نقطتان:
الاُولى: جعل الشارع كلا التكليفين معاً وفي عرض واحد، ولازم ذلك هو اقتضاء كل منهما لامتثاله في عرض اقتضاء الآخر له.
الثانية: عدم قدرة المكلف على الجمع بينهما في مرحلة الامتثال، فاذا تحققت

ــ[9]ــ

هاتان النقطتان تحققت المزاحمة بينهما لا محالة، وأمّا إذا انتفت إحداهما، كما إذا لم يجعل الشارع إلاّ أحدهما دون الآخر، أو كان المكلف قادراً على امتثال كليهما معاً فلا مزاحمة أصلاً.
وعلى أساس هذا البيان قد ظهر اُمور:
الأوّل: أنّ المزاحمة بين التكليفين إنّما تكون بالاضافة إلى من لم يقدر على الجمع بينهما في مقام الامتثال، وأمّا مع القدرة عليه فلا مزاحمة بينهما أبداً، بل كلا التكليفين يكون فعلياً من دون أيّة منافاة بينهما.
الثاني: أنّ التزاحم بين الحكمين إنّما هو في مرتبة متأخرة عن مرتبة جعلهما وهي مرتبة الامتثال وحكم العقل بلزومه، ومن هنا قلنا إنّ في باب التزاحم لا تنافي في مقام الجعل أصلاً.
الثالث: أنّ ارتفاع أحد الحكمين في باب التزاحم وعدم فعليته مستند إلى ارتفاع موضوعه وعدم فعليته، لا إلى شيء آخر مع بقاء موضوعه ليقع التنافي بينه وبين ذاك الشيء، ولأجل ذلك يجري التزاحم بين الحكمين المستفادين من آيتين أو سنّتين قطعيتين، وكذلك الحكم المستفاد من رواية والحكم المستفاد من آية من الكتاب أو سنّة قطعية، بل لا مناص من تقديم الرواية على الكتاب أو السنّة القطعية في مقام المزاحمة إذا كانت واجدةً لإحدى مرجحات بابها.
لحدّ الآن قد تبيّن أنّ النقطة الرئيسية التي ينبثق منها التزاحم بين الحكمين بعد الفراغ من جعلهما إنّما هي عدم تمكن المكلف من الجمع بينهما في مقام الامتثال والفعلية، وأمّا مع التمكن فلا مزاحمة أصلاً.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net