ابتناء قول المشهور بصحة الصلاة على الجواز - الكلام في الناسي للحكم أو الموضوع 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4332


وأمّا النقطة الخامسة: فقد ظهر فسادها مما تقدّم من بيان ملاك باب الاجتماع وملاك باب التعارض وملاك باب التزاحم، فلا حاجة إلى الاعادة.
كما أ نّه قد تبيّن على هدى ما ذكرناه أنّ ما نسب (قدس سره) إلى المشهور من الحكم بصحة الصلاة في الدار المغصوبة على القول بالامتناع وتقديم جانب الحرمة على جانب الوجوب في صورة الجهل بالحكم أو الموضوع إذا كان عن قصور لا يمكن تصديقه بوجه، وذلك لأنّ حكمهم بصحة الصلاة في مورد الاجتماع مبني على القول بالجواز وتعدد المجمع ولم يعلم من حالهم أ نّهم حكموا بالصحة حتّى على القول بالامتناع ووحدة المجمع، بل المعلوم منهم عكس ذلك، يعني أ نّهم على هذا القول حكموا بالبطلان دون الصحة. هذا تمام الكلام في الجاهل.
وأمّا الكلام في الناسي للحكم أو الموضوع فيقع في مقامين:
الأوّل: فيما إذا كان نسيانه مستنداً إلى سوء اختياره، بأن يكون المكلف مقصّراً في ذلك.
الثاني: فيما لا يكون مستنداً إلى اختياره بل هو قاصر في ذلك ومعذور فيه.
أمّا الكلام في المقام الأوّل: فالظاهر بطلان عبادته وفسادها، وذلك كما إذا فرض أنّ المكلف غصب ثوباً أو داراً ثمّ نسي وصلّى في ذلك الثوب أو الدار، ففي هذا الحال وإن لم يمكن توجيه التكليف بالحرمة إليه، لاستحالة تكليف الناسي في حال نسيانه، إلاّ أنّ ملاك الحرمة باق وهو مبغوضية هذا التصرف،

 
 

ــ[441]ــ

باعتبار أ نّه منته بالأخرة إلى اختياره، فإذن لا مانع من الحكم باستحقاقه للعقاب من ناحية باعتبار أ نّه منته إلى الاختيار، وفساد عبادته من ناحية اُخرى باعتبار أنّ هذا التصرف مبغوض للمولى، فلا يمكن التقرب به، وهذا واضح.
وأمّا الكلام في المقام الثاني: فالظاهر بل المقطوع به أنّ عبادته صحيحة، وذلك لفرض أنّ النسيان رافع للحرمة واقعاً، فلا يكون المجمع في هذا الحال محرّماً كذلك، ولا مبغوضاً لفرض أنّ نسيانه كان عن قصور لا عن تقصير، هذا من ناحية. ومن ناحية اُخرى: أنّ المجمع إذا كان جائزاً واقعاً فلا مانع من شمول إطلاق دليل الأمر به، ضرورة أنّ المانع من شموله لهذا الفرد هو دليل الحرمة وتقديمه على دليل الوجوب وبذلك يقيد إطلاق دليله، فإذا فرض سقوط دليله واقعاً كما في المقام، فلا مانع من شمول إطلاقه له أصلاً.
وبتعبير آخر: قد ذكرنا أنّ المعتبر في صحة العبادة أمران أحدهما أن يقصد القربة، والآخر أن يكون الفعل في نفسـه قابلاً للتقرب به، والمفروض أنّ كلا الأمرين في المقام موجود.
أمّا الأوّل: فلفرض أنّ المكلف قصد القربة. وأمّا الثاني: فلفرض أنّ الفعل في نفسه سائغ واقعاً، ومعه لا مانع من التقرب به باتيانه بداعي الأمر المتعلق بالطبيعة، لفرض أ نّها تشمله بعد سقوط دليل المقيّد لها واقعاً، وهذا ظاهر.
ومن هنا حكمنا بصحة الوضوء في الماء المغصوب نسياناً إذا كان عن قصور، وذلك لفرض أنّ التصرف فيه جائز واقعاً، ومعه لا مانع من شمول إطلاق دليل وجوب الوضوء له.
فالنتيجة: أنّ ما نسب إلى المشهور من صحة الصلاة في الدار المغصوبة في

ــ[442]ــ

حال نسيان الحكم أو الموضوع إذا كان عن قصور متين جداً ولا مناص عنه، ولكن ما نسب إليهم من صحة الصلاة فيها في حال الجهل فقد عرفت أ نّه غير تام.
لحدّ الآن قد تبيّن أنّ ما أفاده (قدس سره) في هذا الأمر من الثمرة لا يمكن إتمامه بدليل، بل لا يترقب صدوره من مثله (قدس سره).




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net