تخيل صاحب الفصول ابتناء القول بالجواز على أصالة الماهية 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الثالث   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4525


ولنأخذ بتوضيح هذه المقدّمة بما يلي: قد يتخيل في المقام كما عن الفصول (1)أنّ القول بالامتناع والجواز في مسألتنا هذه يرتكزان على القول بأصالة الوجود وأصالة الماهية، ببيان أ نّه لا شبهة في أنّ ماهية الصلاة غير ماهية الغصب، فهما ماهيتان متباينتان يستحيل اتحادهما في الخارج ودخولهما تحت ماهية اُخرى، وعلى هذا فإن قلنا بأصالة الماهية في تلك المسألة، فبما أنّ مناط تأصلها وتحصّلها نفسها في الخارج لا وجودها، لأنّ الفرض أ نّه لا واقع موضوعي له ولا مطابق له في الخارج والمطابق فيه إنّما هو للماهية، فلا محالة يكون متعلق النهي غير متعلق الأمر تحصّلاً، ضرورة استحالة اتحاد الماهيتين المتحصلتين خارجاً ودخولهما تحت ماهية ثالثة، فإذن لا مناص من القول بالجواز. وأمّا إن قلنا بأصالة الوجود في تلك المسألة، فبما أنّ اتحاد الماهيتين في الوجود الخارجي بمكان من الوضوح كاتحاد الماهية الجنسية مع الماهية الفصلية، فلا مناص من القول بالامتناع، وذلك لأنّ ماهية الصلاة وإن كانت مغايرة لماهية الغصب بما هما ماهيتان، إلاّ أ نّهما متحدتان في الخارج وتوجدان بوجود فارد، ومن المعلوم أنّ وجوداً واحداً لايعقل أن يكون مصداقاً للمأمور به والمنهي عنه معاً.
وإن شئت فقل: إنّ المحقق صاحب الفصول (قدس سره) قد ابتنى القول بالامتناع في المسألة على القول بأصالة الوجود باعتبار أنّ الوجود في مورد الاجتماع واحد، والقول بالجواز على القول بأصالة الماهية باعتبار أنّ الماهية في مورد الاجتماع متعددة.
ولكن هذا الخيال خاطئ جداً ولا واقع موضوعي له أصلاً، وذلك لأنّ
ـــــــــــــــــــــ
(1) الفصول الغرويّة: 125 ـ 126.

ــ[446]ــ

ماهية الصلاة وماهية الغصب ليستا من الماهيات المتأصلة المقولية لتدخل في محل النزاع في تلك المسألة، أعني مسألة أصالة الوجود وأصالة الماهية، بل هما من الماهيات الانتزاعية والعناوين الاعتبارية التي لا مطابق لها في الخارج ما عدا منشأ انتزاعها، سواء فيه القول بأصالة الوجود أو الماهية، فإذن لا يجري فيهما النزاع في تلك المسألة، هذا من ناحية.
ومن ناحية اُخرى: قد عرفت أ نّه لا مانع من انطباق عناوين متعددة على معنون واحد وجوداً وماهيةً.
ومن ناحية ثالثة: أنّ محل النزاع في تلك المسألة إنّما هو في الماهيات المتأصلة المقولية.
ومن ناحية رابعة: أ نّه لايعقل أن يكون لوجود واحد ماهيتان حقيقيتان أو حدّان كذلك، بداهة أنّ لوجود واحد ماهية واحدة أو حدّ كذلك، وهذا واضح.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي: هي أنّ مسألتنا هذه أجنبية عن تلك المسألة بالكلّية ولا تبتني عليها أصلاً، وذلك لأنّ المجمع إذا كان له وجود واحد فلا محالة يكون له ماهية واحدة أو حدّ كذلك، ولا يعقل أن تكون له ماهيتان حقيقيتان أو حدّان كذلك، سواء فيه القول بأصالة الوجود أو أصالة الماهية، ولا فرق بينهما من هذه الناحية أبداً، ضرورة أنّ الوجود الواحد لا يعقل أن يكون وجوداً لماهيتين متباينتين، كيف فانّه إن كان وجوداً لهذه الماهية، فلا يمكن أن يكون لتلك وبالعكس.
وأمّا إذا فرض أنّ للمجمع في مورد الاجتماع وجودين فلا محالة تكون له ماهيتان، بداهة أنّ لكل وجود ماهية واحدة، فلا يعقل أن تكون الماهية الواحدة ماهية لوجودين، وعليه فلا مناص من القول بالجواز بناءً على ما هو الصحيح من عدم سراية الحكم من أحد المتلازمين إلى الملازم الآخر، ومن

ــ[447]ــ

الواضح أ نّه لا فرق في ذلك بين القول بأصالة الوجود في تلك المسألة وأصالة الماهية فيها.
فالنتيجة: أنّ المفروض في المسألة بما أنّ المطابق في مورد الاجتماع واحد، سواء أكان ذلك المطابق مطابقاً للماهية بالذات وللوجود بالعرض، بناءً على أصالة الماهية، أم كان بالعكس بناءً على أصالة الوجود، فلا يعقل فيه اجتماع الأمر والنهي وهذا واضح.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net