الاشكال في صحة العبادة بوجود ملاك الحرام في مورد الاضطرار 

الكتاب : محاضرات في اُصول الفقه - الجزء الرابع   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4390

ولكن قد يناقش في ذلك: بأنّ الحرمة وإن ارتفعت واقعاً من جهة الاضطرار أو غيره، إلاّ أنّ ملاكها وهو المفسدة باق لعدم الدليل على ارتفاعه، فانّ الدليـل إنّما قام على ارتفاع الحرمة الفعلية لأجل عروض ما يوجب ارتفاعها وهو الاضطرار، وأمّا ملاكها فلا دليل على ارتفاعه أصلاً، ودليل رفع الحكم لا يكون دليلاً عليه بنفسه، ضرورة أ نّه لا يدل إلاّ على رفع الحكم فحسب، وأمّا رفع الملاك فلا. وعليه فبما أنّ الفعل في هذا الحال ـ أي حال الاضطرار ـ أيضاً مشتمل على ملاك التحريم، فلا يصلح أن يتقرب به، فإذن لا يمكن التمسك باطلاق دليل الأمر.
وبكلمة واضحة أنّ لنا في المقام دعويين:
الاُولى: أنّ ملاك التحريم باق بحاله والمرفوع بأدلة الاضطرار إنّما هو الحرمة فحسب.
الثانية: أ نّه مع هذا الملاك لا يمكن الحكم بصحة العبادة والتقرب بها.
أمّا الدعوى الاُولى: فلأنّ حديث الرفع أو ما شاكله حيث قد ورد في مورد الامتنان، فلا محالة يدل على أنّ رفع الحكم لاضطرار أو نحوه مستند إلى ذلك ـ أي الامتنان ـ وقضية ذلك ثبوت المقتضي والملاك له، وإلاّ فلا معنى

ــ[54]ــ

لكونه وارداً في مورد الامتنان، ضرورة أنّ معنى وروده في ذلك المورد هو أ نّه لولا الامتنان لكان الحكم ثابتاً، وهذا قرينة واضحة على أنّ المقتضي له تام ولا قصور فيه أصلاً، وإلاّ فلا يكون في رفعه امتنان.
وعلى الجملة: فلا شبهة في أنّ رفع الحكم امتناناً على الاُمّة في نفسه قرينة واضحة على ثبوت المقتضي والملاك له، وإلاّ فلا منّة في رفعه أصلاً، كما هو واضح.
وأمّا الدعوى الثانية: فلا ريب في أنّ الفعل إذا كان مشتملاً على مفسدة فلا يمكن التقرب به، ضرورة أنّ المفسدة مانعة عن التقرب بها وبدونه لا يمكن الحكم بصحته.
ولكن هذه الدعوى خاطئة جداً، وذلك لأنّ الفعل المضطر إليه وإن كان مشتملاً على ملاك التحريم ومقتضيه كما هو قضية رفعه امتناناً، إلاّ أنّ ذلك الملاك بما أ نّه غير مؤثر في المبغوضية فلا يمنع عن صحة العبادة، فانّ المانع عنها كما عرفت إنّما هو المبغوضية والحرمة، والمفروض أ نّهما قد سقطتا من ناحية الاضطرار أو نحوه واقعاً. ومجرد اشتمال الفعل على مفسدة غير مؤثرة فيهما لا أثر له أصلاً، ومن الواضح جداً أنّ الفعل إذا كان جائزاً واقعاً كالتصرف في الماء المغصوب عند الاضطرار إليه، فلا مانع من التمسك باطلاق الواجب لاثبات كونه مصداقاً له.
وعلى الجملة: فالتصرف في الماء المغصوب بعد سقوط الحرمة عنه واقعاً جائز كذلك، ومعه لا مانع من التوضؤ أو الاغتسال به، ومجرد اشتماله على مفسدة بلا تأثيرها في حرمته ومبغوضيته غير مانع عن التقرب بايجاد الطبيعة المأمور بها في ضمنه، هذا حال غير الصلاة من العبادات.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net