معنى الموافقة الالتزامية - عدم الدليل على وجوبها - عدم ترتب ثمرة على وجوبها 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5083

وهذا الوجوب ـ أي وجوب الاتيان بالعبادات مع قصد التقرب ـ أيضاً خارج عن محل الكلام، فانّه مختص بالتعـبديات، ووجـوب الموافقة الالتزامية على تقدير تسـليمه لا اختصاص له بالتعـبديات، بل يجري في التوصليات أيضاً، فليس المراد من الموافقة الالتزامية ـ في محل الكلام ـ هو الاتيان بالواجب مع قصد القربة، بل المراد هو الالتزام القلبي بالوجـوب المعبّر عنه بعقد القلب، فيكون كل واجب ـ على تقدير وجوب الموافقة الالتزامية ـ منحلاً إلى واجبين: العمل الخارجي الصادر من الجوارح، والعمل القلبي الصادر من الجوانح.

 ثمّ إنّهم ذكروا أنّ ثمرة هذا البحث تظهر في جريان الأصل في موارد دوران الأمر بين المحـذورين، وفي أطراف العلم الاجمالي، فيما إذا كانت الأطراف محكومة بالتكليف الالزامي فعلم إجمالاً بارتفاعه في بعض الأطراف، فعلى القول بوجوب الموافقة الالتزامية لا يجري الأصل لكونه منافياً للالتزام بالحكم الواقعي وكان مخالفة عملية للحكم بوجوب الالتزام بالواقع. وأمّا على القول بعدم وجوب الموافقة الالتزامية فلا مانع من جريان الأصل.

 إذا عرفت محل النزاع وثمرته فنقول: التحقيق عدم وجوب الموافقة الالتزامية، إذ لم يدل عليه دليل من الشرع ولا من العقل. أمّا الأدلة الشرعية فظاهرها البعث نحو العمل والاتيان به خارجاً، لا الالتزام به قلباً. وأمّا العقل فلا يدل على أزيد من وجوب امتثال أمر المولى، فليس هناك ما يدل على لزوم الالتزام قلباً.

 ثمّ لو تنزّلنا وسلّمنا وجوب الموافقة الالتزامية، لا يترتب عليه ما ذكروه


ــ[56]ــ

من الثمرة، وهي عدم جريان الأصل في موارد دوران الأمر بين المحذورين وفي أطراف العلم الاجمالي بارتفاع التكليف الالزامي في بعضها، وذلك لأ نّه إن كان مراد القائل بوجوب الموافقة الالتزامية هو وجوب الالتزام بما هو الواقع على الاجمال، فهو لا ينافي جريان الأصل في الموارد المذكورة، إذ مفاد الاُصول أحكام ظاهرية ووظائف عملية عند الجهل بالواقع، ولا منافاة بينها وبين الالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه، فإذا دار الأمر بين الوجوب والحرمة، لا منافاة بين الالتزام بالاباحة الظاهرية للأصل، والالتزام بالحكم الواقعي على ما هو عليه من الوجوب أو الحرمة، وكذا الحال في جريان الأصل في أطراف العلم الاجمالي، فانّه لا منافاة بين الالتزام بنجاسة الاناءين ظاهراً والاجتناب عنهما للاستصحاب، والالتزام بطهارة أحدهما واقعاً إجمالاً.

 وإن كان مراده هو وجوب الالتزام بكل حكم بعينه وبشخصه، فهو ساقط لعدم القدرة عليه، لعدم معرفته بشخص التكليف حتّى يلتزم به، وبعد سقوطه لا مانع من جريان الأصل.

 وإن كان مراده وجوب الالتزام بأحدهما على نحو التخيير، فهو معلوم البطلان، إذ كل تكليف يقتضي الالتزام به، لا الالتزام به أو بضدّه على نحو التخيير، مضافاً إلى أنّ الالتزام بالوجوب مع عدم العلم به، أو الالتزام بالحرمة مع عدم العلم بها، تشريع محرّم.

 فتحصّل: أ نّه لا مانع من جريان الأصل في موارد دوران الأمر بين المحذورين، وفي أطراف العلم الاجمالي من ناحية وجوب الموافقة الالتزامية. نعم، يبقى الكلام في جريان الأصل من جهة المقتضي وهو شمول إطلاقات أدلة الاُصول لأطراف العلم الاجمالي وعدمه. والبحث عنه موكول إلى محلّه، وهو

ــ[57]ــ

مبحث الاُصول العملية (1). ونتكلّم فيه هناك إن شاء الله تعالى.
 ـــــــــــــــ

(1) راجع ص 404 وما بعدها.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net