الأمر الأوّل : تقسيم مباحث الاُصول 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5747


ــ[283]ــ
 

مباحث الشك الاُصول العملية

أصالة البراءة
 

ــ[284]ــ

ــ[285]ــ
 

الأُصول العملية

 الاُصول العملية هي المرجع عند الشك. وقبل الشروع في المقصود لا بدّ لنا من بيان اُمور:

 الأمر الأوّل: قد ذكرنا في أوّل بحث الألفاظ (1) أنّ المسألة الاُصولية هي ما يمكن أن تقع نتيجتها في طريق استنباط الحكم الكلّي الفرعي، بحيث تكون نسبتها إلى الاستنباط نسبة الجزء الأخير من العلّة التامّة إلى المعلول، وذكرنا أيضاً(2) أنّ المسائل الاُصولية تنقسم إلى أقسام:

 القسم الأوّل: ما يوصلنا إلى الحكم الشرعي بالقطع الوجداني، كالبحث عن الملازمة بين وجوب شيء ووجوب مقدّمته، والبحث عن الملازمة بين وجوب شيء وحرمة ضدّه، والبحث عن إمكان اجتماع الوجوب والحرمة وعدمه، بمعنى أنّ وجود أحدهما هل يستلزم عدم الآخر أم لا، فانّ هذه المباحث ـ على تقدير تمامية الملازمة ـ توجب القطع بالحكم الشرعي بعد انضمام الصغرى إليها،

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محاضرات في اُصول الفقه 1: 4 ـ 13.

(2) المصدر السابق ص 1 ـ 4.

ــ[286]ــ

وتسمّى بالبحث عن المداليل تارةً وعن الاستلزامات العقلية اُخرى، وهذه المسائل وإن ذكرها الاُصوليون في مباحث الألفاظ، إلاّ أ نّها ليست منها، إذ البحث فيها إنّما هو عن لوازم نفس الأحكام بما هي لا بما هي مدلولة للأدلة اللفظية، فلا ربط لها بمباحث الألفاظ.

 القسم الثاني: ما يوصلنا إلى الحكم الشرعي بالتعبد، وهذا على نوعين:

 النوع الأوّل: ما يكون البحث فيه صغروياً، كمباحث الألفاظ، فانّ البحث فيها إنّما هو عن الصغرى ونفس الظهور، كالبحث عن أنّ الأمر ظاهر في الوجوب أم لا؟ والنهي ظاهر في الحرمة أم لا؟ وكذا سائر مباحث الألفاظ، فانّها بحث عن الظهور. وأمّا الكبرى وهي حجّية الظواهر فمسلّمة عند العقلاء والعلماء بلا خلاف فيها. ولايبحث عنها في علم الاُصول، وإن توهم اختصاصها بمن قصد إفهامه وتقدّم دفعه في محلّه (1).

 النوع الثاني: ما يكون البحث فيه كبروياً، أي يكون البحث فيه عن حجّية شيء لاثبات الأحكام الشرعية، كالبحث عن حجّية الخبر، والبحث عن حجّية الاجماع المنقـول، والبحث عن حجّية الشهرة. ومنه البحث عن حجّية الظن الانسدادي على الكشف. وهذا النوع هو القسم الثالث من المسائل الاُصولية، كما أنّ مباحث الألفاظ هي القسم الثاني منها.

 القسم الرابع: ما لا يوصلنا إلى الحكم الواقعي بالقطع الوجداني ولا بالتعبد الشرعي، بل يبحث فيه عن القواعد المتكفلة لبيان الأحكام الظاهرية في فرض الشك في الحكم الواقعي وتسمّى هذه القواعد بالاُصول العملية الشرعية، ويعّبر عن الدليل الدال على الحكم الظاهري بالدليل الفقاهتي، كما يعبّر عن الدليل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) راجع ص 137 ـ 142.

ــ[287]ــ

الدال على الحكم الواقعي بالدليل الاجتهادي.

 ووجه المناسبة في هذا التعبير والاصطلاح: ما ذكروه في تعريف الفقه والاجتهاد، فانّهم عرّفوا الفقه بأ نّه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية. ومرادهم من الأحكام هو الأعم من الأحكام الظاهرية والواقعية، بقرينة ذكر لفظ العلم، ضرورة أنّ الأحكام الواقعية لا طريق إلى العلم بها غالباً، فناسب أن يسمّى الدليل الدال على الحكم الظاهري بالدليل الفقاهتي، لكونه مثبتاً للحكم المذكور في تعريف الفقه. وعرّفوا الاجتهاد بأ نّه استفراغ الوسع لتحصيل الظن بالحكم الشرعي، ومن الواضح أنّ المراد بالحكم هو خصوص الواقعي بقرينة أخذ الظن في التعريف، فانّه هو الذي قد يحصل الظن به للمجتهد. وأمّا الحكم الظاهري فيعلمه المجتهد لا محالة، فناسب أن يسمّى الدليل الدال على الحكم الواقعي بالدليل الاجتهادي، لكونه دليلاً على الحكم المذكور في تعريف الاجتهاد.

 ولا يخفى أنّ تسمية الحكم المجعول في ظرف الشك في الحكم الواقعي بالحكم الظاهري إنّما هو لتميّزه عن الحكم الواقعي المجعول للشيء بعنوانه الأوّلي لا بعنوان أ نّه مشكوك فيه، وإلاّ فالحكم الظاهري أيضاً حكم واقعي مجعول للشيء بعنوان أ نّه مشكوك فيه.

 القسم الخامس: ما يبحث فيه عن القواعد المتكفلة لتعيين الوظيفة الفعلية عقلاً عند العجز عن جميع ما تقدّم، فانّ المكلف إذا لم يصل إلى الحكم الواقعي بالقطع الوجداني ولا بالتعبد الشرعي، وعجز أيضاً عن معرفة الحكم الظاهري، تعيّن عليه الرجوع إلى ما يستقل به العقل من البراءة أو الاحتياط أو التخيير على اختلاف الموارد. وتسمّى هذه القواعد بالاُصول العملية العقلية.

 هذه هي مسائل علم الاُصول على نحو الاجمال. وقد فرغنا عن البحث في

ــ[288]ــ

ثلاثة أقسام منها، ويقع الكلام فعلاً في القسم الرابع والخامس منها، وحيث إنّ الاُصوليين أدرجوا الخامس في الرابع وتعرّضوا للبحث عنهما في عرض واحد، فنحن نتبعهم في ذلك مراعاةً للاختصار.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net