التنبيه الخامس - التنبيه السادس 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4185


 الأمر الخامس: أ نّه يعتبر في شمول حديث الرفع أمران:

 الأوّل: أن يكون الحكم مترتباً على فعل المكلف بما هو فعل المكلف، فلا يرفع به مثل النجاسة المترتبة على عنوان الملاقاة، فإذا لاقى جسم طاهر بدن الانسان المتنجس اضطراراً أو إكراهاً، لايمكن الحكم بارتفاع تنجس هذا الجسم الملاقي لحديث الرفع، لأنّ تنجس الملاقي لم يترتب على الملاقاة بما هو فعل المكلف، بل هو مترتب على نفس الملاقاة وإن فرض تحـققها بلا استناد إلى المكلف. فلا وجه لما أفاده المحقق النائيني (قدس سره) من أنّ ذلك خارج عن حديث الرفع بالاجماع (1). وكذا لا يرفع بحديث الرفع وجوب قضاء الفائت من المكلف اضطراراً أو إكراهاً، لأنّ وجوب القضاء مترتب على عنوان الفوت بما هو فوت، لا بما هو فعل للمكلف، ولذا يجب القضاء فيما إذا لم يكن الفوت مستنداً إلى المكلف أصلاً.

 الثاني: أن يكون في رفعه منّة على الاُمّة، فلا يرتفع به ضمان الاتلاف المتحقق بالاضطرار أو الاكراه، لأنّ رفعه خلاف الامتنان بالنسبة إلى المالك وإن كان فيه منّة على المتلف، وكذا لا يرفع به صحّة بيع المضطر، فانّ رفعها خلاف الامتنان.

 الأمر السادس: لا خفاء في أنّ البراءة العقلية تختص بموارد الشك في التكاليف الالزامية، ولا تجري في موارد الشك في التكاليف غير الالزامية، لأنّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [ لم نعثر عليه في مظانه ].

ــ[313]ــ

ملاكها قبح العقاب بلا بيان، والتكليف غير الالزامي ممّا لا عقاب في مخالفة مقطوعه، فكيف بمشكوكه.

 وأمّا البراءة الشرعية ففي اختصاصها بموارد الشك في التكاليف الالزامية خلاف بينهم. والتحقيق أن يفصّل بين موارد الشك في التكاليف الاستقلالية، وموارد الشك في التكاليف الضمنية، ويلتزم بجريانها في الثانية دون الاُولى، والوجه في ذلك: أنّ المراد من الرفع في الحديث الشريف هو الرفع في مرحلة الظاهر عند الجهل بالواقع، ومن لوازم رفع الحكم في مرحلة الظاهر عدم وجوب الاحتياط، لتضاد الأحكام ولو في مرحلة الظاهر على ما تقدّم بيانه (1). وهذا المعنى غير متحقق في موارد الشك في التكاليف الاستقلالية، إذ لو شككنا في استحباب شيء لا إشكال في استحباب الاحتياط، فانكشف أنّ التكليف المحتمل غير مرفوع في مرحلة الظاهر، فلا يكون مشمولاً لحديث الرفع. وأمّا التكاليف الضمنية فالأمر بالاحتياط عند الشك فيها وإن كان ثابتاً، فيستحب الاحتياط باتيان ما يحتمل كونه جزءاً لمستحب، إلاّ أنّ اشتراط هذا المستحب به مجهول، فلا مانع من الرجوع إلى حديث الرفع، والحكم بعدم الاشتراط في مقام الظاهر.

 وبعبارة اُخرى: الوجوب التكليفي وإن لم يكن محتملاً في المقام، إلاّ أنّ الوجوب الشرطي ـ المترتب عليه عدم جواز الاتيان بالفاقد للشرط بداعي الأمر ـ مشكوك فيه، فصحّ رفعه ظاهراً بحديث الرفع.
ــــــــــــــ

(1) في ص 300.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net