البحث عن تمامية قاعدة قبح العقاب بلا بيان - كيفية الجمع بين قاعدة قبح العقاب وقاعدة دفع الضرر 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5529

وتحقيق الحال في هذا الاستدلال يقتضي التكلم في جهات ثلاث:

 الجهة الاُولى: في تمامية قاعدة قبح العقاب بلا بيان وعدمها في نفسها.

 الجهة الثانية: في ملاحظتها مع قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل.

 الجهة الثالثة: في لحاظها مع أدلة وجوب الاحتياط على تقدير تماميتها.

 أمّا الجهة الاُولى: فلا ينبغي الشك في تمامية قبح العقاب بلا بيان على القول بالتحسـين والتقبيح العقليين كما عليه العدلية والمعتزلة، فانّه من الواضح أنّ الانبعاث نحو عمل أو الانزجار عنه إنّما هو من آثار التكليف الواصل، وما يكون محرّكاً للعبد نحو عمل أو زاجراً له عنه إنّما هو العلم بالتكليف لا وجوده الواقعي، فإذا لم يكن التكليف واصلاً إلى العبد كان العقاب على مخالفته قبيحاً عقلاً، إذ فوت غرض المولى ليس مستنداً إلى تقصير من العبد، بل إلى عدم تمامية البيان من قبل المولى، فنفس قاعدة قبح العقاب بلا بيان تامّة بلا شبهة وإشكال، ومسلّمة عند الاُصولي والأخباري.

 وأمّا الجهة الثانية: فالمشـهور بينهم ـ كما ذكره صاحب الكفـاية (قدس سره) (1) ـ أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان ترفع موضوع حكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، إذ مع حكم العقل بقبح العقاب مع عدم وصول التكليف إلى العبد لا يبقى احتمال الضرر ليجب دفعه بحكم العقل.

 وأشكل عليه: بامكان العكس، بأن تكون قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل رافعة لموضوع قاعدة قبح العقاب بلا بيان، إذ مع حكم العقل بوجوب التحفظ على الحكم الواقعي حذراً من الوقوع في الضرر المحتمل، كان هذا بياناً، فتسقط قاعدة قبح العقاب بلا بيان بارتفاع موضـوعها، وهو عدم البيان.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) كفاية الاُصول: 343.

ــ[329]ــ

وبالجملة: كل من القاعدتين كبروي لا يتكفل لاحراز موضوعه، بل لا بدّ من إحرازه من الخارج لا من نفس القاعدة كما هو واضح، وكل منهما صالح لرفع موضوع الآخر، ولا ترجيح لأحدهما على الآخر.

 هذا، والتحقيق في الجواب عن الاشكال يقتضي تقديم مقدّمة: وهي أنّ التعارض والتنافي لا يتصور إلاّ بين دليلين ظنيين من جهة، فقد يكون التنافي بين ظهورين مع كون السند في كل منهما قطعياً، وقد يكون بين نصّين صريحين فيما إذا كان السند ظنّياً فيهما. وأمّا الدليلان القطعيان سنداً ودلالةً وجهةً فيستحيل وقوع المعارضة بينهما، لاستلزامه التناقض المستحيل تحققه، فلا محالة يكون أحد الدليلين وارداً أو حاكماً على الآخر. وظهر من ذلك استحالة وقوع المعارضة بين حكمين عقليين، لاستلزامه حكم العقل بثبوت المتناقضين، ففي المقام لا يعقل المعارضة بين القاعدتين، فانّه مستلزم لحكم العقل باستحقاق العقاب وبعدمه في مورد واحد، وهو محال. وإن شئت قلت: إنّ القطع بعدم استحقاق العقاب لا يجتمع مع احتماله.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net