التنبيه الثاني - التنبيه الثالث 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 7752


ــ[364]ــ
 

التنبيه الثاني

 لا إشكال في حسن الاحتياط في الواجبات التوصلية، فانّ المقصود فيها تحقق ذات العمل، فالاحتياط فيها نوع من الانقياد للمولى. وكذا الحال في العبادات فيما إذا اُحرز أصل الرجحان وتردد الفعل بين الواجب والمندوب، فانّ الاحتياط ممكن باتيان العمل بداعي أمره الواقعي.

 والاشكال فيه من ناحية قصد الوجه مندفع أوّلاً: بأ نّه غير معتبر كما حقق في محلّه (1). وثانياً: بأ نّه على تقدير التسليم مختص بصورة الامكان، وأمّا إذا لم يحرز الرجحان ودار الأمر بين الوجوب والاباحة، فلا يمكن إحراز محبوبية العمل، فانّه إن أتى به بداعي الأمر كان تشريعاً، وإن أتى به بغير ذاك الداعي فلم يأت بالعبادة المقيّدة بقصد الأمر، ومن هنا ربّما يستشكل في جريان الاحتياط في هذا النوع من العبادات.

 وتوهم أ نّه يستكشف ثبوت الأمر من حكم العقل بحسن الاحتياط بقاعدة الملازمة أو بنحو الإنّ، مدفـوع بأنّ حكم العقل بحسن الاحتـياط لا يثبت موضوعه وإمكان الاحتياط، فانّ حكم العقل والشرع جاريان على نحو القضايا الحقيقية وبيان للكبرى فقط، ولا تعرّض لهما لبيان الصغرى وتحقق الموضوع خارجاً.

 والتحقيق أن يقال: إنّ الاشـكال المذكور مبني على أنّ عبادية الواجب متوقفة على الاتيان به بقصد الأمر الجزمي، وليس الأمر كذلك إذ يكفي في عبادية الشيء مجرّد إضافته إلى المولى، ومن الواضح أنّ الاتيان بالعمل برجاء

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في ص 87 ـ 88، راجع أيضاً شرح العروة 5: 421 ـ 423.

ــ[365]ــ

المحبوبية واحتمال أمر المولى من أحسن أنحاء الاضافة، والحاكم بذلك هو العقل والعرف، بل هو أعلى وأرقى من امتثال الأمر الجزمي، إذ ربّما يكون الانبعاث إليه لأجل الخوف من العقاب، وهو غير محتمل في فرض عدم وصول الأمر والاتيان بالعمل برجاء المطلوبية. هذا مضافاً إلى أنّ اعتبار الجزم على تقدير التسليم مختص بصورة التمكّن كما ذكر في محلّه.

 بقي في المقام أمران:

 الأوّل: أنّ أوامر الاحتياط هل هي كالأمر بالاطاعة إرشادية إلى ما استقلّ به العقل، فلا يترتب عليها سوى ما كان العقل مستقلاًّ به من حسن الانقياد واستيفاء الواقع، أو أ نّها مولوية، فيكون الاحتياط مستحباً كبقية المستحبات، فتكون إعادة الصلاة التي شكّ في صحّتها مستحباً شرعياً وإن كانت محكومة بالصحّة لقاعدة الفراغ ونحوها.

 الثاني: أ نّه بناءً على كونها مولوية فهل هي في طول الأوامر الواقعية، فيلزم قصد الأمر الواقعي في مقام الاحتياط، أو أ نّها في عرضها، فيجوز قصد امتثال نفس تلك الأوامر، كما هو الحال فيما إذا نذر الاتيان بواجب أو مستحب، فانّه يجزي قصد الأمر النذري، ولو كان الناذر حين الاتيان بالعمل غافلاً عن الأمر الوجوبي أو الندبي. وبعـبارة اُخرى: أوامر الاحتياط هل هي متعلقة بذات العمل حتّى يصحّ الاتيـان به بداعي الأمر الاحتياطي، أو أ نّها متعلقة بالعمل المأتي به بداعي الأمر الواقعي رجاءً.

 أمّا الأمر الأوّل: فذكر المحقق النائيني (قدس سره) (1) أنّ سياق الأخبار الواردة في الاحتياط يقتضي كونها مؤكّدةً لحكم العقل في مرحلة امتثال الأحكام

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 3: 354 ـ 355، فوائد الاُصول 3: 398 ـ 399.

ــ[366]ــ

الواقعية وسلسلة معلولاتها، فتكون تلك الأوامر إرشادية، توضيحه: أنّ الحكم العقلي إن كان في مرتبة علل الأحكام وملاكاتها، فيستتبع الحكم المولوي، وإن كان في مرحلة الامتثال المترتب على ثبوت الحكم الشرعي كحكمه بلزوم الاطاعة فلا يستتبع الحكم المولوي، بل يكون الأمر في هذا المقام إرشادياً، والأمر بالاحتياط من هذا القبيل.

 ثمّ ذكر (قدس سره) أ نّه يمكن أن لا يكون الأمر بالاحتياط ناشئاً عن مصلحة إدراك الواقع، بل يكون ناشئاً عن مصلحة في نفس الاحتياط، كحصول قوّة للنفس باعثة على الطاعات وترك المعاصي، وحصول التقوى للانسان، وإلى هذا المعنى أشار (عليه السلام) بقوله: «من ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك» (1) والوجه فيه ظاهر، فانّ حصول الملكات الحميدة أو المذمومة تدريجي ولترك الشبهات في ذلك أثر بيّن، وعليه فيمكن أن يكون الأمر بالاحتياط بهذا الملاك، وهو ملاك واقع في سلسلة علل الأحكام، فيكون الأمر الناشئ عنه مولوياً.

 أقول: أمّا ما ذكره ثانياً من إمكان أن يكون الأمر بالاحتياط مولوياً بملاك حصول التقوى وحصول القوّة النفسانية فمتين جداً.

 وأمّا ما أفاده أوّلاً من كون الأمر بالاحتياط إرشادياً لكونه واقعاً في سلسلة معلول الحكم، ففيه: أنّ مجرد ورود الأمر في مرحلة معلولات الأحكام لايستلزم الارشادية، فلا يجوز رفع اليد عن ظهور اللفظ في المولوية، ولايقاس المقام بالأمر بالطاعة، لأنّ الأمر بالطاعة يستحيل فيه المولوية ولو لم نقل باستحالة التسلسل، لأنّ مجرد الأمر المولوي ولو لم يكن متناهياً لايكون محرّكاً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 27: 161 / أبواب صفات القاضي ب 12 ح 27 (في الطبعة القديمة ح 22).

ــ[367]ــ

للعبد ما لم يكن له إلزام من ناحية العقل، فلا بدّ من أن ينتهي الأمر المولوي في مقام المحركية نحو العمل إلى الالزام العقلي، فلا مناص من أن يكون الأمر الوارد في مورده إرشاداً إلى ذلك، وهذا بخلاف الأمر بالاحتياط، فانّ حسن الاحتياط وإن كان من المستقلات العقلية الواقعة في سلسلة معلولات الأحكام الشرعية الواقعية، إلاّ أنّ العقل بما أ نّه لا يستقل بلزوم الاحتياط في كل مورد فلا مانع من أن يأمر به المولى مولوياً، حرصاً على إدراك الواقع لزوماً ـ كما يراه الاخباري ـ أو استحباباً كما نراه.

 وبالجملة: المناط في الحكم الارشادي كونه من المستقلات العقلية التي لا يعقل فيها ثبوت الحكم المولوي لكونه لغواً أو لغير ذلك. وأمّا مجرد وقوع الأمر في سلسلة معلولات الأحكام ومقام امتثالها فهو غير مانع من كونه مولوياً. وعليه فالأمر بالاحتياط مولوي غاية الأمر أ نّه يحمل على الاستحباب بقرينة الترخيص في الترك المستفاد من أخبار البراءة.

 وأمّا الأمر الثاني: فملخّص القول فيه: أنّ الأوامر مطلقاً توصلية تسقط باتيان متعلقاتها، غاية الأمر أنّ متعلق الأمر في التوصليات هو ذات العمل، وفي التعبديات مقيّد بالاتيان به مضافاً إلى المولى، سواء كان هذا القيد مأخوذاً في متعلق الأمر الأوّل شرعاً كما هو المختار، أو الأمر الثاني كما اختاره المحقق النائيني(قدس سره)(1) أو بحكم العقل كما اختاره صاحب الكفاية(قدس سره)(2) فلم يعتبر في العبادة خصوص قصد الأمر، بل عنوان جامع ومطلق إضافة العمل إلى المولى (سبحانه وتعالى) بأيّ نحو كان، وهو كما يحصل بقصد الأمر الواقعي كذلك يحصل بقصد الأمر الاحتياطي أيضاً. نعم، لو كان المعـتبر في

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1: 173، فوائد الاُصول 1: 161 و 162.

(2) كفاية الاُصول: 72.

ــ[368]ــ

العبادة قصد خصوص أمرها الواقعي، أو كانت أوامر الاحتياط متعلقة بالعمل المأتي به بداعي احتمال الأمر الواقعي لكان اللازم فيما نحن فيه إتيان العمل بقصد الأمر الواقعي رجاءً، لكنّك قد عرفت خلافه.
 

التنبيه الثالث

[ أخبار مَن بلغ ]

 ورد في عدّة من الروايات (1) أ نّه من بلغه ثواب من الله سبحانه على عمل فعمل التماس ذلك الثواب اُوتيه وإن لم يكن الحديث كما بلغه، والتكلم في سند هذه الروايات غير لازم إذ منها ما هو صحيح من حيث السـند فراجع، إنّما المهم هو البحث عمّا يستفاد منها فيقع الكلام في جهات:

 الجهة الاُولى: في مفادها، والمحتمل فيه وجوه ثلاثة:

 الوجه الأوّل: أن يكون مفادها الارشاد إلى حكم العقل بحسن الانقياد، وترتب الثواب على الاتيان بالعمل الذي بلغ عليه الثواب وإن لم يكن الأمر كما بلغه.

 الوجه الثاني: أن يكون مفادها إسقاط شرائط حجّية الخبر في باب المستحبات، وأ نّه لايعتبر فيها ما اعتبر في الخبر القائم على وجوب شيء من العدالة والوثاقة.

 الوجه الثالث: أن يكون مفادها استحباب العمل بالعنوان الثانوي الطارئ، أعني به عنوان بلوغ الثواب عليه، فيكون عنوان البلوغ من قبيل سائر العناوين الطارئة على الأفعال الموجبة لحسنها وقبحها ولتغير أحكامها، كعنوان الضرر

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1: 80 / أبواب مقدّمة العبادات ب 18.

ــ[369]ــ

والعسر والنذر وأمر الوالد ونحوها.

 هذه هي الوجوه المحتملة بدواً في تلك الأخبار، والمناسب لما اشتهر بين الفقهاء من قاعدة التسامح في أدلة السنن هو الاحتمال الثاني كما ترى، ولكنّه بعيد عن ظاهر الروايات غاية البعد، لأنّ لسان الحجّية إنّما هو إلغاء احتمال الخلاف والبناء على أنّ مؤدى الطريق هو الواقع كما في أدلة الطرق والأمارات، لا فرض عدم ثبوت المؤدى في الواقع، كما هو لسان هذه الأخبار، فهو غير مناسب لبيان حجّية الخبر الضعيف في باب المستحبات، ولا أقل من عدم دلالتها عليها، وكذا الاحتمال الثالث، إذ لا دلالة بل لا إشعار للأخبار المذكورة على أنّ عنوان البلوغ ممّا يوجب حدوث مصلحة في العمل بها يصير مستحباً.

 فالمتعيّن هو الاحتمال الأوّل، فانّ مفادها مجرد الاخبار عن فضل الله تعالى وأ نّه سبحانه بفضله ورحمته يعطي الثواب الذي بلغ العامل، وإن كان غير مطابق للواقع، فهي كما ترى غير ناظرة إلى العمل وأ نّه يصير مستحباً لأجل طروء عنوان البلوغ، ولا إلى إسقاط شرائط حجّية الخبر في باب المستحبات.

 فتحصّل: أنّ قاعدة التسامح في أدلة السنن ممّا لا أساس لها، وبما ذكرناه من عدم دلالة هذه الأخبار على الاستحباب الشرعي سقط كثير من المباحث التي تعرّضوا لها في المقام:

 منها: أنّ المستفاد منها هل هو استحباب ذات العمل، أو استحبابه فيما إذا اُتي به بعنوان الرجاء والاحتياط؟ فنقول لا دلالة لها على استحباب العمل بأحد من الوجهين، نعم الثواب مترتب على ما إذا كان الاتيان بالعمل بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبية على ما يستفاد من قوله (عليه السلام): «فعمله التماس ذلك الثواب» (1) أو «طلب قول النبي (صلّى الله عليه وآله) » (2)، فلا يترتب

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1)، (2) الوسائل 1: 81 و 82 / أبواب مقدّمة العبادات ب 18 ح 7 و 4.

ــ[370]ــ

الثواب على ما إذا أتى بالعمل لغرض آخر.

 ومنها: البحث عن ظهور الثمرة بين الاحتمال الثاني والثالث فيما إذا دلّ خبر ضعيف على استحباب ما ثبتت حرمته بعموم أو إطلاق، باعتبار أ نّه على تقدير كون الخبر المذكور حجّة ـ كما هو الاحتمال الثاني ـ كان مخصصاً للعام أو مقيداً للمطلق. وأمّا على الاحتمال الثالث من كون العمل مستحباً شرعياً بعنوان البلوغ، فيقع التزاحم بين الحكم الاستحبابي الثابت بالعنوان العرضي، والحكم التحريمي الثابت بالعنوان الأوّلي، فيقدّم الحكم الالزامي لا محالة.

 فانّا نقول: لا دلالة لهذه الأخبار على حجّية الخبر الضعيف، ولا على استحباب العمل، فالبحث المذكور ساقط من أساسه، وفي مفروض المثال لا مجال لكون الخبر الضعيف مخصصاً أو مقيداً، ولا الاستحباب المستفاد منه مزاحماً للحرمة، فيحكم بتحريم ما ثبتت حرمته بالعموم أو الاطلاق، ولا يعتنى بالخبر الضعيف الدال على الاستحباب أصلاً.

 ومنها: البحث عن معارضة هذه الأخبار لما دلّ على اعتبار العدالة أو الوثاقة في حجّية الخبر، وبيان الوجه في تقدّمها عليه من كونها أخص مطلقاً منه أو أشهر منه على ما ذكروه في المقام، فانّ هذا البحث مبني على تمامية دلالة هذه الأخبار على حجّية الخبر الضعيف في باب المستحبات وتمامية قاعدة التسامح في أدلة السنن، وقد عرفت عدمها، فلا معارضة بينها وبين ما دلّ على اعتبار العدالة أو الوثاقة في حجّية الخبر.

 ومنها: البحث عن ثبوت الاستحباب بفتوى الفقيه باعتبار صدق عنوان البلوغ عليها وعـدمه، فانّ هذا البحث متفرع على دلالة هذه الأخبار على استحباب عمل بلغ فيه الثواب وقد عرفت عدمها، نعم لا نضايق عن ترتب الثواب في كل مورد صدق فيه بلوغ الثواب، سواء كان البلوغ بفتوى الفقيه أو

ــ[371]ــ

بنقل الرواية، وسواء كان البلوغ بالدلالة المطابقية أو بالالتزام. إلى غير ذلك من الأبحاث المبتنية على دلالة هذه الأخبار على حجّية الخبر الضعيف في باب السنن، أو على دلالتها على استحباب العمل الذي بلغ فيه الثواب.

 الجهة الثانية: أنّ هذه الروايات لا تشمل عملاً قامت الحجّة على حرمته من عموم أو إطلاق، فإذا دلّ خبر ضعيف على ترتب الثواب على عمل قامت حجّة معتبرة على حرمته، لا يمكن رفع اليد به عنها، والسر فيه واضح، فانّ أخبار المقام مختصة بما بلغ فيه الثواب فقط، فلا تشمل ما ثبت العقاب عليه بدليل معتبر. وبعبارة اُخرى: أخبار المقام لا تشمل عملاً مقطوع الحرمة ولو بالقطع التعبدي، فانّ القطع بالحرمة يستلزم القطع باستحقاق العقاب فكيف يمكن الالتزام بترتب الثواب.

 الجهة الثالثة: في ثمرة البحث عن دلالة هذه الأخبار على الاستحباب مع أنّ الثواب مترتب على العمل المأتي به برجاء المطلوبية لا محالة، سواء قلنا باستحبابه شرعاً أم لم نقل به. وبعبارة اُخرى: لا فرق بين القول بدلالتها على الحكم المولوي والقول بكون مفادها الارشاد إلى حكم العقل بحسن الانقياد في ترتب الثواب على العمل الذي بلغ الثواب عليه، فأيّ فائدة في البحث عن ثبوت الحكم المولوي وعدمه، وذكر الشيخ (قدس سره)(1) في بيان الثمرة موردين.

 المورد الأوّل: جواز المسح ببلة المسترسل من اللحية لو دلّ على استحباب غسله في الوضوء خبر ضعيف، بناءً على ثبوت الاستحباب الشرعي بالخبر الضعيف، وعدم جواز المسح بها بناءً على عدم ثبوته، لعدم إحراز كونه من أجزاء الوضوء حينئذ.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 1: 423.

ــ[372]ــ

 واُورد على ذلك بوجهين: الأوّل: ما ذكره صاحب الكفاية (قدس سره) في تعليقته على الرسائل(1) من عدم جواز المسح بالبلّة المذكورة حتّى على القول باستحباب الغسل شرعاً، لأ نّه مستحب مستقل في واجب أو في مستحب وليس من أجزاء الوضوء.

 وفيه: أنّ ذلك خروج عن الفرض، إذ المفروض دلالة الخبر الضعيف على كونه جزءاً من الوضوء.

 الثاني: ما ذكره الشيخ نفسـه من أ نّه لا دليل على جواز الأخذ من بلة الوضوء مطلقاً، حتّى من الأجزاء المستحبة، وإنّما ثبت جواز الأخذ من الأجزاء الأصلية، فالقول باستحباب غسل المسترسل من اللحية لا يستلزم جواز المسح ببلته.

 المورد الثاني: الوضوء الذي دلّ خبر ضعيف على استحبابه لغاية خاصّة، كقراءة القرآن أو النوم مثلاً، فانّه على القول باستحبابه يرتفع به الحدث، وعلى القول بعدمه لا يرتفع به الحدث.

 وأورد عليه: بأنّ كل وضوء مستحب لم يثبت كونه رافعاً للحدث، فانّه يستحب الوضوء للجنب والحائض في بعض الأحوال، مع أ نّه لايرتفع به الحدث، وكذا الوضوء التجديدي مستحب ولا يرفع الحدث.

 وفيه: أنّ الوضوء إنّما يرفع الحدث الأصـغر، والجنب والحائض محدثان بالحدث الأكبر، فعدم ارتفاع الحدث فيهما إنّما هو من جهة عدم قابلية المورد، فلا ينتقض بذلك على الارتفاع في مورد قابل كما هو محل الكلام. ومن ذلك ظهر الجواب عن النقض بالوضوء التجديدي، فهذه الثمرة تامّة، ولكنّها مبنية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) دُرر الفوائد في الحاشية على الفرائد: 227.

ــ[373]ــ

على القول بعدم استحباب الوضوء نفسياً، من دون أن يقصد به غاية من الغايات. وأمّا لو قلنا باستحبابه كذلك كما هو الظاهر من الروايات، فلا تتمّ الثمرة المذكورة، إذ عليه يكون نفس الوضوء مستحباً رافعاً للحدث، ثبت استحبابه لغاية خاصّة أم لم يثبت.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net