الثاني : كون الضرر في العبادات والمعاملات شخصياً 

الكتاب : مصباح الاُصول - الجزء الاول   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4126

 

التنبيه الثاني

 أنّ الضرر كسائر العناوين الكلّية المأخوذة في موضوعات الأحكام المتوقف ثبوت الحكم فعلاً على تحقق مصداقها خارجاً، ومن المعلوم أنّ الضرر لايكون من الاُمور المتأصلة التي لايفترق الحال فيها بالاضافة إلى شخص دون شخص، بل من الاُمور الاضافية التي يمكن تحقّقها بالنسبة إلى شخص دون شخص، كما في الوضوء فانّه يمكن أن يكون الوضوء ضرراً على شخص دون آخر، فوجوبه منفي بالنسبة إلى المتضرر به دون غيره، فما كان مشتهراً في زمان من أنّ الضرر في العبادات شخصي، وفي المعاملات نوعي لا يرجع إلى محصّل، بل الصحيح أنّ الضرر في المعاملات أيضاً شخصي، لما ذكرناه من أنّ فعلية الحكم المجعول تابعة لتحقق الموضوع. ولا يظهر وجه للتفكيك بين العبادات والمعاملات في ذلك.

 وكأنّ الوجه في وقوعهم في هذا التوهّم هو ما وقع في كلام جماعة من أكابر


 

ــ[621]ــ

الفقهاء ومنهم شيخنا الأنصاري (قدس سره) (1) من التمسك بقاعدة نفي الضرر لثبوت خيار الغبن وحقّ الشفعة، مع أنّ الضرر لا يكون في جميع موارد خيار الغبن، بل النسبة بين الضرر وثبوت خيار الغبن هي العموم من وجه، إذ قد يكون الخيار ثابتاً مع عدم تحقق الضرر، كما إذا كان البيع مشتملاً على الغبن وقد غلت السلعة حين ظهور الغبن بما يتدارك به الغـبن، فلا يكون الحكم باللزوم في مثله موجباً للضرر على المشتري، وقد لايكون الخيار ثابتاً مع تحقق الضرر، كما إذا كان البيع غير مشتمل على الغبن ولكن تنزّلت السلعة من حيث القيمة السوقية، وقد يجتمعان كما هو واضح. كما أنّ النسبة بين الضرر وثبوت حقّ الشفعة أيضاً عموم من وجه، وقد تقدّمت أمثلة الافتراق والاجتماع (2)ولا نعيد. فلأجل هذا الاستدلال توهّموا أنّ الضرر في المعاملات نوعي لا شخصي، وقد عرفت أنّ الصحيح كون الضرر شخصياً في المعاملات أيضاً.

 وليس المدرك لثبوت خيار الغبن وثبوت حقّ الشفعة هي قاعدة لا ضرر، بل المدرك لثبوت حقّ الشـفعة هي الروايات الخاصّة الدالة عليه في موارد مخصوصة، ولذا لانقول بحقّ الشفعة إلاّ في هذه الموارد الخاصّة المنصوص عليها، ككون المبيع من الأراضي والمساكن، دون غيرها من الفروش والظروف وغيرها، وكونه مشتركاً بين اثنين لا بين أكثر منهما، وقد تقدّم أنّ ذكر حديث لا ضرر منضماً إلى قضائه (صلّى الله عليه وآله) بالشفعة في رواية عقبة بن خالد إنّما هو من قبيل الجمع في الرواية لا الجمع في المروي (3)، ولو سلّم كونه من باب الجمع

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رسائل فقهية: 114، فرائد الاُصول 2: 534.

(2) في ص 604.

(3) تقدّم في ص 604.

ــ[622]ــ

في المروي فلا بدّ من حمله على الحكمة دون العلّة.

 والمدرك لخيار الغبن هو تخلّف الشرط الارتكازي الثابت في المعاملات العقلائية من تساوي العوضين في المالية، فانّ البناء الارتكازي من العقلاء ثابت على التحفظ على الهيولى والمالية عند تبديل الصور والتشخصات لأغراض وحوائج تدعوهم إليه، فلو فرض نقصان أحد العوضين عن الآخر في المالية بحيث ينافي ويخالف هذا الشرط الارتكازي، ثبت خيار تخلّف الشرط. نعم، النقصان اليسير لا يوجب الخيار، لكونه ثابتاً في غالب المعاملات المتعارفة. والتفصيل موكول إلى محلّه (1).
 
ــــــــــــــ

(1) مصباح الفقاهة 6: 290 وما بعدها.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net