تعريف علم الاُصول - الفرق بين علم الاُصول وسائر العلوم 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 5127


ــ[16]ــ

تعريف علم الاُصول

بعد أن عرفت أنّ الغاية من الاُصول تحصيل الوظيفة الفعلية للمكلّف ، فجدير بأن يكون تعريف علم الاُصول عبارة عن العلم بالقواعد لتحصيل العلم بالوظيفة الفعلية في مرحلة العمل ، فإنّك عرفت أنّ جميع القواعد توصل المكلّف إلى وظيفة فعلية في مقام الأداء .

فلا وجه لما عرّفه البعض بأنّه عبارة عن العلم بالقواعد الممهّدة لاستنباط الحكم الشرعي ، إذ لو اُريد من الاستنباط في التعريف المذكور المعنى الأعم الذي ذكرناه من تحصيل الوظيفة الفعلية فلا بأس به .

وإن اُريد منه خصوص الاستنباط الحقيقي والوصول إلى الحكم الشرعي فهو تخصيص بلا مخصّص ، إذ يلزمه خروج الاُصول العملية حتّى الشرعية منها عن علم الاُصول ، من جهة أنّها غير قابلة للاستنباط ، بل هي أحكام منطبقة على مواردها غاية الأمر ينتهي المجتهد إليها إذا تعذّر عليه الدليل الاجتهادي . مع أنّ هذه القواعد تشترك مع بقية القواعد الاُخر في تحصيل الغرض ، وهو إحراز الوظيفة الفعلية وبتطبيق العمل عليها يحصل الأمن من العقاب .

إذن فالتعريف الصحيح ـ هو ما ذكرناه ـ أنّه عبارة عن العلم بالقواعد المحصّلة للعلم بالوظيفة الفعلية في مقام العمل .

الفرق بين الاُصول وبقية العلوم

والمقصود من بقية العلوم ما كان له الدخل في استنباط الحكم الشرعي كاللغة والنحو والصرف والرجال وغير ذلك، دون ما هو أجنبي عنه ، ضرورة أنّه مع الجهل باللغة لا يمكن استفادة الحكم من مثل قوله (عليه السلام) : إذا بلغ الماء قدر

ــ[17]ــ

كرّ لا ينجّسه شيء(1).

والفارق بين القواعد الاُصولية وغيرها هو أنّ القواعد الاُصولية ما كانت صالحة وحدها ولو في مورد واحد لأن تقع في طريق استنباط الحكم الشرعي ، من دون توقّف على مسألة اُخرى من مسائل علم الاُصول نفسه أو مسائل سائر العلوم  ، وذلك كما لو بنينا على ظهور الأمر في الوجوب ، فإنّ هذا كاف في استنباط الحكم منه بلا ضميمة شيء آخر له ، وذلك فيما إذا كان السند قطعياً كالخبر المتواتر أو المحفوف بالقرينة .

فإن قلت : إنّ الاستنباط في المسائل اللفظية من الاُصول دائماً يتوقّف على ضمّ مسألة حجّية الظواهر إليها ، فلا يمكن استنباط الحكم من أيّ مسألة لفظية بوحدها .

قلت : إنّ مسألة حجّية الظهور ليست من علم الاُصول ، بل من الكبريات المسلّمة لدى العقلاء ، ولذا لم يناقش أحد فيها ، غاية الأمر الخلاف وقع في بعض صغرياتها ، وذلك في موارد ثلاثة : الاُولى : في اشتراط حجّية الظهور بالظنّ بالوفاق أو بعدم الظنّ بالخلاف . الثانية : في اختصاص حجّية الظواهر بمن قصد إفهامه . الثالثة : في حجّية ظواهر الكتاب .

وهكذا مسألة حجّية الخبر الواحد ، فإنّا لو فرضنا أنّ رواية كانت نصّاً في مدلولها ترتّب على كبرى مسألة حجّية الخبر بعد ضمّ صغراها إليها استنباطُ حكم كبروي ، من دون توقّف على مسألة اُخرى من مسائل الاُصول أو غيرها .

وهذا بخلاف مسائل سائر العلوم ، إذ لا يترتّب عليها وحدها حكم كبروي شرعي ، ولا توصل إلى وظيفة فعلية ولو في مورد واحد ، بل دائماً تحتاج إلى ضمّ

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 158 / أبواب الماء المطلق ب9 ح1 ، 2 ، 6 (نقل بالمضمون) .

ــ[18]ــ

مسألة اُصولية إليها ، فمثل العلم بالصعيد وأنّه عبارة عن مطلق وجه الأرض أو غيره لا يترتّب عليه العلم بالحكم، وإنّما يستنبط الحكم من الأمر أو النهي وما يضاهيهما .

نعم قد تكون المسألة الاُصولية متوقّفة على مسألة اُخرى في مقام الاستنباط منها ، كما إذا فرضنا أنّ الأمر بشيء ما ورد في رواية ظنّية السند، فإنّ الاستنباط منها يتوقّف على إثبات ظهور الأمر في الوجوب وعلى إثبات حجّية السند ، إلاّ أنّ كلا منهما مسألة اُصولية برأسها ، إذ يمكن استنباط الحكم من كل منهما بلا حاجة إلى ضمّ مسألة اُخرى ، كما إذا كان الأمر وارداً في السنّة القطعية ، أو كانت الرواية نصّاً في مدلولها .

فظهر من هذا أنّ البحث عن أدوات العموم وأنّ كلمة (كل) والجمع المحلّى بالألف واللام والنكرة في سياق النفي ممّا يفيد العموم أم لا ، أو أنّ معاني المشتقّات ظاهرة في من تلبّس بالمبدأ أو في الأعم ، أو أنّ أسماء العبادات وضعت للصحيح أو الأعم ، إنّما هي مسائل لغوية ، لعدم إمكان وقوعها في طريق الاستنباط وحدها وبما أنّ القوم لم يعنونوها في اللغة قد تعرّض لها في فنّ الاُصول تفصيلا .

فالذي ظهر أنّ قواعد علم الاُصول هي ما أمكن حصول الاستنباط من كل مسألة مسألة منها ولو على سبيل القلّة، بلا انضمام مسألة اُخرى إليها من مسائل علم الاُصول نفسه أو مسائل بقية العلوم الاُخر ، وهذا بخلاف مسائل سائر العلوم ، فإنّها محتاجة في مقام تحصيل الوظيفة الفعلية إلى ضم كبرى من المسائل الاُصولية إليها .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net