ــ[52]ــ
[ 317 ] مسألة 10 : لا يجري حكم التعفير في غير الظروف مما تنجس بالكلب ولو بماء ولوغه أو بلطعه (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المتبادر من مثل قوله (عليه السلام) اغسله بالتراب أول مرّة ثم بالماء ، ليس إلاّ إرادته بالنسبة إلى ما أمكن فيه ذلك ، فالأواني التي ليس من شأنها ذلك خارجة عن مورد الرواية (1) مما لا نرى له وجهاً صحيحاً .
(1) لأنّ العمدة في المقام إنما هو صحيحة البقباق ، وهي إنما دلت على وجوب التعفير في فضل الكلب ، والفضل وإن كان بمعنى الباقي من المأكول والمشروب وهو باطلاقه يشمل ما إذا كان ذلك في الاناء وما إذا كان في غيره ، إلاّ أن الضمير في قوله (عليه السلام) «واغسله بالتراب ...» غير ظاهر المرجع ، لجواز رجوعه إلى كل ما أصابه الفضل من الثياب والبدن والفرش وغيرها ، كما يحتمل رجوعه إلى مطلق الظروف المشتملة على الفضل ولو كان مثل يد الانسان فيما إذا اغترف الماء بيده وشرب منه الكلب ، أو الصندوق المجتمع فيه ماء المطر أو غيره إذا شرب منه الكلب كما يمكن رجوعه إلى كل ما جرت العادة بجعل الماء فيه لكونه معداً للأكل والشرب منه ـ وهو المعبّر عنه بالاناء ـ دون مطلق الظروف الشاملة لمثل اليد والصندوق بل الدلوفانة اُعدّ لأن ينزح به الماء لا لأن يشرب منه ، وهكذا غيرها مما لم تجر العادة بجعل الماء فيه لعدم إعداده للأكل والشرب منه ، وحيث إن مرجع الضمير غير مصرّح به في الصحيحة وهو يحتمل الوجوه المتقدِّمة ، فلا مناص من أن يقتصر فيه على المقدار المتيقن منه وهو الظروف التي جرت العادة بجعل الماء أو المأكول فيها لكونها معدة لذلك ، دون مطلق الظروف ولا مطلق ما يصيبه الفضل كمثل الثوب والبدن وغيرهما مما لم يقل أحد بوجوب التعفير فيه ، وعليه فالحكم يختص بالاناء ولا يأتى في غيره . ويؤيد ما ذكرناه ورود لفظة الاناء في النبويات والفقه الرضوي المتقدِّمة (2) وإن لم نعتمد عليها لضعفها .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) مصباح الفقيه (الطهارة) : 660 السطر 33 .
(2) في ص 42 ـ 43 .
ــ[53]ــ
نعم لا فرق بين أقسام الظروف في وجوب التعفير حتى مثل الدلو ((1)) لو شرب الكلب منه ، بل والقربة والمطهرة وما أشبه ذلك (1) .
[ 318 ] مسألة 11 : لا يتكرّر التعفير بتكرّر الولوغ من كلب واحد أو أزيد بل يكفي التعفير مرّة واحدة (2) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قدّمنا أن الحكم يختص بالظروف المعدّة للأكل والشرب منها ، ولا يشمل مطلق الظروف كالدلو ونحوه لأنه اُعدّ لأن ينزح به الماء ولم يعدّ للأكل أو الشرب منه .
(2) مقتضى القاعدة ـ على ما حقّقناه في محله (2) ـ وإن كان عدم التداخل عند تكرّر السبب ، إلاّ أن ذلك خاص بالواجبات نظير كفّارة الافطار في نهار رمضان فيما إذا جامع مثلاً مرّتين أو جامع وأتى بمفطر آخر ، فان القاعدة تقتضي وجوب الكفّارة حينئذ مرّتين . وأما في موارد الأوامر الارشادية وغير الواجبات ـ التي منها المقام ـ فلا مناص فيها من الالتزام بالتداخل ، وذلك لأن الأوامر الارشادية كالجملات الخبرية ليس فيها اقتضاء للوجود عند الوجود حتى يلتزم بعدم التداخل كما في الأوامر المولوية ، بل مقتضى إطلاقها التداخل وعدم الفرق في ترتّب الحكم على موضوعه بين تحقّق السبب والموضوع مرّة واحدة وبين تحققهما مرّتين أو أكثر . فعلى ذلك إذا شرب الكلب من إناء مرّتين أو شرب منه كلبان مثلاً لم يجب تعفيره إلاّ مرّة واحدة كما هو الحال في غيره من النجاسات ، لوضوح أن البول مثلاً إذا أصاب شيئاً مرّتين لم يجب تطهيره متعدِّداً ، هذا .
على أن الموضوع للحكم بوجوب التعفير في الصحيحة هو الفضل وعدم تعدّده بتعدّد الشرب غير خفي ، ومعه لا وجه لتكرّر التعفير عند تكرّر الولوغ . فبذلك اتضح أن الوجه فيما أفاده الماتن (قدس سره) من عدم تكرّر التعفير بتكرّر الولوغ هو ما ذكرناه لا الاجماع المدعى كما قيل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إسراء الحكم إلى ما لا يصدق عليه الاناء مبني على الاحتياط .
(2) في المحاضرات في اُصول الفقه 5 : 124 .
|