ما يتفرّع على اعتبار قصد التوصّل 

الكتاب : مصابيح الاُصول - الجزء الأوّل من مباحث الألفاظ   ||   القسم : الأصول   ||   القرّاء : 4016


الفرع الأول : ما لو جهل المكلّف القبلة فلزمته الصلاة إلى أربع جهات ، أو جهل النجس في ثوبين فلزمته الصلاة بكل واحد منهما ، ولكنّه تماهل وجاء بصلاة واحدة إلى جهة من الجهات الأربع ، أو بصلاة واحدة في ثوب واحد ، ولم يأت بالباقي ، وصادف عمله الواقع ، كانت صلاته باطلة ، وذلك لأنّ الإتيان بالصلاة إلى جهة واحدة أو في ثوب واحد إنّما هو مقدّمة لتحصيل الواجب النفسي ، وهذه المقدّمة لم يأت بها بقصد التوصّل إلى الواجب النفسي ، ولابدّ من الإتيان بما هو واجب عليه. فالإعادة لازمة .

وغير خفي أنّ استبعاد شيخنا (قدّس سرّه) في محلّه ، فإنّ وجوب الصلاة إلى الجهات الأربع إنّما هو من باب المقدّمة العلمية ، والبحث فيها لا يبتني على القول


ــ[397]ــ

بوجوب المقدّمة وعدمه ، فإنّ الحاكم فيها هو العقل ، أمّا مورد النزاع من اعتبار قصد التوصّل وعدمه فإنّما هو في المقدّمة الوجودية ، ولا ربط لإحدى المقدّمتين بالاُخرى .

نعم ذكر شيخنا الأنصاري (قدّس سرّه) في رسائله في أواخر بحث البراءة(1) ما حاصله : أنّ الإطاعة الاحتمالية هل هي في طول الإطاعة اليقينية التفصيلية أو الإجمالية ، أو في عرضها ؟ فإن قلنا بالثاني كان ما جاء به صحيحاً وممتثلا ، إذ المفروض تحقّق الواجب في الخارج ، وقد قصد التقرّب به احتمالا . وإن قلنا بالأول كان ما جاء به فاسداً وإن صادف عمله الواقع ، لأنّ الطريقة التي جاء بها غير صحيحة ، لفقدها حصول التقرّب ، فإنّ التقرّب بالامتثال الاحتمالي إنّما يكون مع العجز عن الامتثال اليقيني ولو إجمالا ، والمفروض أنّه متمكّن من الإطاعة الإجمالية بسبب التكرار ، فلا يجوز له الرجوع إلى الإطاعة الاحتمالية .

الفرع الثاني : لو توضّأ المكلّف لغاية خاصّة ـ كقراءة القرآن ـ فلا يجوز له الدخول إلى الصلاة بذلك الوضوء ، باعتبار أنّ الغاية الثانية لم تكن مقصودة حين الوضوء ، وإنّما كان المقصود غاية اُخرى . فلو أتى بالصلاة بذلك الوضوء فقد جاء بها بدون مقدّمة ، وذلك باطل .

والحاصل : أنّ الغايات المشروطة بالطهارة إذا لم تكن مقصودة ، لا يمكن الإتيان بها ما دام المكلّف قد أتى بها لغاية اُخرى .

وقد أشكل المقرّر نفسه على هذا الفرع ، وادّعى عدم تحقّق ثمرته في الوضوء وإنّما تظهر في الغسل ، بدعوى أنّ الوضوء ماهية واحدة لا تقبل التعدّد ، وهي عبارة عن ذات الأفعال مع قصد التقرّب ، وهذه الماهية حقيقة واحدة وإن اختلف سببها .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فرائد الاُصول 2 : 457 .

ــ[398]ــ

فلو جيء بها لغاية خاصّة ترتّبت عليها غاية اُخرى ، فلا يكون لاعتبار قصد التوصّل حينئذ ثمرة .

وأمّا الغسل فليس كذلك ، فإنّه عبارة عن ماهيات مختلفة . فلو قصد بالغسل غاية مخصوصة ، فلا تترتّب عليه غاية اُخرى ، لأنّ كل غاية محتاجة إلى ماهية تختلف حقيقتها عن الماهية الاُولى . فهذا المعنى يتأتّى في الغسل ، دون الوضوء .

وأشكل عليه شيخنا الاُستاذ (قدّس سرّه)(1) بأنّ الغسل وإن اختلفت ماهيته بحسب أسبابه ـ كالجنابة ـ إلاّ أنّها لا تختلف بحسب غاياته ، ولا يحتمل أحد أنّ غسل الجنابة لأجل قراءة القرآن غيره لأجل الدخول في الصلاة ، فكان الغسل والوضوء من هذه الجهة شيئاً واحداً . فكما تترتّب الغايات على الوضوء ، كذلك تترتّب على الغسل أيضاً .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أجود التقريرات 1 : 341 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net