الحبس وأخواته - الصدقة وأحكامها 

الكتاب : منهاج الصـالحين - الجزء الثاني : المعاملات   ||   القسم : الكتب الفتوائية   ||   القرّاء : 5652


ــ[253]ــ

 

الحاق فيه بابان

( الباب الاول في الحبس واخواته )

( مسألة 1207 ) : يجوز للمالك أن يحبس ملكه على جهة معينة يجوز الوقف عليها على أن يصرف نماؤه فيها ولا يخرج بذلك عن ملكه فإن كان الحابس قد قصد القربة بحبسه وكان حبسه مطلقا أو مقيدا بالدوام لزم ما دامت العين ولم يجز له الرجوع فيه ، وإن كان مقيدا بمدة معينة لم يجز له الرجوع قبل انقضاء المدة وإذا انتهت المدة انتهى التحبيس فإذا قال : فرسي محبس على نقل الحجاج أو عبدي محبس على خدمة العلماء لزمت ما دامت العين باقية وإذا جعل المدة عشر سنين مثلا لزم في العشر وانتهى بانقضائها .

( مسألة 1208 ) : ذكر جماعة كثيرة أنه لا يصح التحبيس إلا بعد القبض ولا يخلو من اشكال بل الاظهر الصحة بدونه ولكنه شرط في اللزوم فيجوز للمالك الرجوع فيه قبل القبض .

( مسألة 1209 ) : إذا حبس ملكه على شخص فإن عين مدة كعشرة سنين أو مدة حياة ذلك الشخص لزم الحبس في تلك المدة وبعدها يرجع إلى الحابس وإذا مات الحابس قبل انقضاء المدة بقي الحبس على حاله إلى أن تنتهي المدة فيرجع ميراثا وإذا حبس عليه مدة حياة نفسه يعني الحابس لم يجز له الرجوع ما دام حيا فإذا مات رجع ميراثا ، وإذا حبسه على شخص ولم يذكر مدة معينة ولا مدة حياة نفسه ولا حياة المحبس عليه ففي لزومه إلى موت الحابس وبعد موته يرجع ميراثا وجوازه فيجوز له الرجوع فيه متى شاء قولان أقربهما الثاني .

( مسألة 1210 ) : يلحق بالحبس السكنى والعمرى والرقبى والاولى تختص بالمسكن والاخيرتان تجريان فيه وفي غيره من العقار والحيوانات والاثاث ونحوها مما لا يتحقق فيه الاسكان فإن كان المجعول الاسكان قيل له ( سكنى )

ــ[254]ــ

فإن قيد بعمر المالك أوالساكن قيل له أيضا ( عمرى ) وإن قيده بمدة معينة قيل له ( رقبى ) وإذا كان المجعول غير الاسكان كما في الاثاث ونحوه مما لايتحقق فيه السكنى لا يقال له سكنى بل قيل ( عمرى ) إن قيد بعمر أحدهما و ( رقبى ) إن قيد بمدة معينة .

( مسألة 1211 ) : الظاهر ان القبض فيها ليس شرطا في الصحة بل في اللزوم كما تقدم في الحبس .

( مسألة 1212 ) : إذا أسكنه مدة معينة كعشر سنين أو مدة عمر المالك أو مدة عمر الساكن لم يجز الرجوع قبل انقضاء المدة فإن انقضت المدة في الصور الثلاث رجع المسكن إلى المالك أو ورثته .

( مسألة 1213 ) : إذا قال له : أسكنتك هذه الدار لك ولعقبك لم يجز له الرجوع في هذه السكنى ما دام الساكن موجودا أو عقبه فإذا انقرض هو وعقبه رجعت الدار إلى المالك .

( مسألة 1214 ) : إذا قال له : أسكنتك هذه الدار مدة عمري فمات الساكن في حال حياة المالك فإن كان المقصود السكنى بنفسه وتوابعه كما يقتضيه اطلاق السكنى انتقلت السكنى بموته إلى المالك قبل وفاته على اشكال، وإن كان المقصود تمليك السكنى له انتقلت السكنى إلى وارثه ما دام المالك حيا، فإذا مات انتقلت من ورثة الساكن إلى ورثة المالك وكذا الحكم لو عين مدة معينة فمات الساكن في اثنائها .

( مسألة 1215 ) : إذا جعل السكنى له مدة حياته كما إذا قال له : اسنكنتك هذه الدار مدة حياتك، فمات المالك قبل الساكن لم يجز لورثة المالك منع الساكن بل تبقى السكنى على حالها إلى أن يموت الساكن .

( مسألة 1216 ) : إذا جعل له السكنى ولم يذكر له مدة ولا عمر أحدهما صح ، ولزم بالقبض ووجب على المالك اسكانه وقتا ما وجاز له الرجوع بعد

ــ[255]ــ

ذلك أي وقت شاء ، ولا يجري ذلك في الرقبى والعمرى لاختصاص الاولى بالمدة المعينة والثانية بمدة عمر أحدهما والمفروض انتفاء ذلك كله .

( مسألة 1217 ) : اطلاق السكنى كما تقدم يقتضي ان يسكن هو وأهله وسائر توابعه من أولاده وخدمه وعبيده وضيوفه بل دوابه ان كان فيها موضع معد لذلك وله اقتناء ما جرت العادة فيه لمثله من غلة وأوان وأمتعة والمدار على ماجرت به العادة من توابعه وليس له اجارته ولا اعارته لغيره فلو آجره ففي صحة الاجارة باجازة المالك وكون الاجرة له حينئذ اشكال .

( مسألة 1218 ) : الظاهر ان ( السكنى ) و ( العمرى ) و ( الرقبى ) من العقود المحتاجة في وجودها الاعتباري إلى ايجاب وقبول، ويعتبر فيها ما يعتبر في العقود كما يعتبر في المتعاقدين هنا ما يعتبر في المتعاقدين في غيره وقد تقدم ذلك في كتاب البيع. وأما الحبس فالظاهر اعتبار القبول فيه في الحبس على الشخص وعدم اعتباره في الحبس على الصرف في جهة معينة .

( مسألة 1219 ) : الظاهر جواز بيع المحبس قبل انتهاء أجل التحبيس فتنتقل العين إلى المشتري على النحو الذي كانت عليه عند البائع فيكون للمحبس عليهم الانتفاع بالعين حسب ما يقتضيه التحبيس ويجوز للمشتري المصالحة معهم على نحو لا تجوز لهم مزاحمته في الانتفاع بالين مدة التحبيس بأن يعطيهم مالا على ان لا ينتفعوا بالعين ، أما المصالحة معهم على إسقاط حق الانتفاع بها أو المعاوضة على حق الانتفاع بها ففيه اشكال .

 

( الباب الثاني )

في الصدقة التي تواترت الروايات في الحث عليها والترغيب فيها وقد ورد انها دواء المريض وبها يدفع البلاء وقد أبرم ابراما ، وبها يستنزل الرزق وانها تقع في يد الرب قبل أن تقع في يد العبد وانها تخلفالبركة وبها يقضى الدين وأنها

ــ[256]ــ

تزيد في المال وانها تدفع ميتة السوء والداء والدبيلة والحرق والغرق والجذام والجنون إلى أن عد سبعين بابا من السوء ويستحب التبكير بها فانه يدفع شر ذلك اليوم وفي أول الليل فانه يدفع شر الليل .

( مسألة 1220 ) : المشهور كون الصدقة من العقود فيعتبر فيها الايجاب والقبول ولكن الاظهر كونها الاحسان بالمال على وجه القربة فان كان الاحسان بالتمليك إحتاج إلى إيجاب وقبول وإن كانبالابراء كفى الايجاب بمثل أبرأت ذمتك وإن كان بالبذل كفى الاذن في التصرف وهكذا فيختلف حكمها من هذه الجهة باختلاف مواردها .

( مسألة 1221 ) : المشهور اعتبار القبض فيها مطلقا ولكن الظاهر انه لا يعتبر فيها كلية وانمايعتبر فيها إذا كان العنوان المنطبق عليه مما يتوقف على القبض فإذا كان التصدق بالهبة أو بالوقف اعتبر القبض وإذا كان التصدق بالابراء أو البذل لم يعتبر ، وهكذا .

( مسألة 1222 ) : يعتبر في الصدقة القربة فاذا وهب أو أبرأ أو وقف بلا قصد القربة كان هبة وابراء ووقفا ولا يكون صدقة .

( مسألة 1223 ) : تحل صدقة الهاشمي على الهاشمي وعلى غيره حتى زكاة المال وزكاة الفطرة ، وأما صدقة غير الهاشمي، فان كانت زكاة المال أو زكاة الفطرة فهي حرام على الهاشمي ولاتحل للمتصدق عليه ولا تفرغ ذمة المتصدق بها عنها وان كانت غيرهما فالاقوى جوازها سواء أكانت واجبة كرد المظالم والكفارات وفدية الصوم أم مندوبة إلا إذا كانت من قبيل ما يتعارف من دفع المال القليل لدفع البلاء ونحو ذلك ، مما كان من مراسم الذل والهوان ففي جواز مثل ذلك إشكال .

( مسألة 1224 ) : لايجوز الرجوع في الصدقة إذا كانت هبة مقبوضة وإن كانت لاجنبي على الاصح .

ــ[257]ــ

( مسألة 1225 ) : تجوز الصدقة المندوبة على الغني والمخالف والكافر الذمي .

( مسألة 1226 ) : الصدقة المندوبة سرا أفضل إلا إذا كان الاجهار بها بقصد رفع التهمة أو الترغيب أو نحو ذلك مما يتوقف على الاجهار، أما الصدقة الواجبة ففي بعض الرايات أن الافضل إظهارها وقيل الافضل الاسرار بها، والاظهر اختلاف الحكم باختلاف الموارد في الجهات المقتضية للاسرار والاجهار .

( مسألة 1227 ) : التوسعة على العيان أفضل من الصدقة على غيرهم والصدقة على القريب المحتاج أفضل من الصدقة على غيره وأفضل منها الصدقة على الحرم الكاشح يعني المعادي ويستحب التوسط في إيصالها إلى المسكين ففي الخبر لو جرى المعروف على ثمانين كفا لاجروا كلهم من غير أن ينقص منأجر صاحبه شئ والله سبحانه العالم والموفق .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net