ــ[147]ــ
الرابع : الاستحالة (1) .
ــــــــــــــــــــــ مطهِّريّة الاستحالة
(1) عدّوا الاستحالة من المطهرات وعنوا بها تبدل جسم بجسم آخر مباين للأوّل في صورتهما النوعية عرفاً وإن لم تكن بينهما مغايرة عقلاً ، وتوضيحه :
أن التبدل قد يفرض في الأوصاف الشخصية أو الصنفية مع بقاء الحقيقة النوعية بحالها وذلك كتبدل القطن ثوباً أو الثوب قطناً ، فان التبدل حينئذ في الأوصاف مع بقاء القطن على حقيقته ، لوضوح أن القطن لا يخرج عن حقيقته وكونه قطناً بجعله ثوباً أو الثوب بجعله قطناً ، بل هو هو حقيقة وإنما تغيرت حالاته بالتبدل من القوة إلى الضعف أو من الشدة إلى الرخاء أو العكس ، لتماسك أجزائه حال كونه ثوباً ، وتفللها وعدم تماسكها عند كونه قطناً ، وهذه التبدلات خارجة عن الاستحالة المعدة من المطهرات . ومنها تبدل الحنطة دقيقاً أو خبزاً لأن حقيقة الحنطة باقية بحالها في كلتا الصورتين ، وإنما التبدل في صفاتها من القوة والتماسك وعدم كونها مطبوخة ، إلى غيرها من الصِّفات ، والجامع هو التبدّل في الأوصاف الشخصية أوالصنفية .
وقد يفرض التبدل في الصورة النوعية كما إذا تبدلت الصورة بصورة نوعية اُخرى مغايرة للاُولى عرفاً ، وهذه الصورة هي المراد بالاستحالة في كلماتهم ، بلا فرق في ذلك بين أن تكون الصورتان متغايرتين بالنظر العقلي أيضاً ، كما في تبدل الجماد أو النبات
ــ[148]ــ
حيواناً أو تبدل الحيوان جماداً ، كالكلب الواقع في المملحة إذا صار ملحاً أو الميتة أكلها حيوان وصارت نطفة وصارت النطفة بعد تحولاتها حيواناً مثلاً ، وبين ما إذا لم تكن بينهما مغايرة عقلاً وإن كانتا متغايرتين عرفاً ، وذلك كالخمر إذا تبدلت بالخل كما يأتي بيانه في التكلم على الانقلاب إن شاء الله . وحيث إن الأحكام الشرعية غير مبتنية على الأنظار العقلية والفلسفية ، كان الحكم بالطهارة في موارد الاستحالة منوطاً بالتبدل لدى العرف وإن لم يكن تبدل في الصورة النوعية عقلاً .
|