1 ـ 2 ـ ناقضيّة البول والغائط 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7508


 فصل في موجبات الوضوء ونواقضه

    وهي اُمور : الأوّل والثاني : البول والغائط من الموضع الأصلي ولو غير معتاد ، أو من غيره مع انسداده ، أو بدونه بشرط الاعتياد أو الخروج على حسب المتعارف . ففي غير الأصلي مع عدم الاعتياد وعدم كون الخروج على حسب المتعارف إشكال ، والأحوط النقض مطلقاً خصوصاً إذا كان دون المعدة (2) .

ــــــــــــــــــــ

 فصل في موجبات الوضوء ونواقضه

    (2) لا إشكال ولا خلاف في أن البول والغائط الخارجين من الموضع الخلقي

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 361 / أبواب أحكام الخلوة ب 39 ح 1 ، 2 .

ــ[430]ــ

الطبيعي ناقضان للوضوء بمقتضى النصوص المتواترة : منها : صحيحة زرارة عن أحدهما (عليهما السلام) قال : «لا ينقض الوضوء إلاّ ما خرج من طرفيك أو النوم» (1) ومنها : صحيحته الثانية : «قلت لأبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) : ما ينقض الوضوء ؟ فقالا : ما يخرج من طرفيك الأسفلين : من الذكر والدبر من الغائط والبول ...» الحديث (2) ومنها غير ذلك من الأخبار .

   بل قامت على ذلك ضرورة الاسلام وإن لم يكن خروجهما من المخرج الطبيعي أمراً اعتيادياً للمكلف ، كما إذا جرت عادته على البول والغائط من غير سبيليهما الأصليين لعارض ، حيث تشمله النصوص المتقدِّمة الواردة في أن الخارج من الطرفين اللّذين أنعم الله بهما عليك ينقض الوضوء كالبول والغائط والريح ، وأما مثل القيح والمذي ونحوهما فهو إنما خرج بالدليل . ولا يفرق في ذلك بين أن يكون أخذ الخروج من الطرفين في لسان الروايات المتقدِّمة من جهة المعرفية لما هو الناقض حقيقة أعني البول والغائط ونحوهما ، وإن لم يصرح (عليه السلام) باسمهما ، وبين كونه من جهة الموضوعية بأن يترتّب الأثر على خروجهما من سبيلهما الطبيعيين لا على نفس البول والغائط الخارجين ، لأنّ النصوص على كلا الفرضين شاملة للبول والغائط الخارجين من سبيليهما الطبيعيين وإن كانت عادته على خلافه ، فهذا مما لا تأمل فيه .

   وإنما الكلام فيما يخرج من غير المخرج الطبيعي إذا كانت عادته على البول والغائط من سبيلهما الأصليين ، بأن لا ينسد المخرج الطبيعي وانفتح غيره ، فهل ينقض به الوضوء ؟ فيه خلاف بين الأعلام، والمشهور عدم النقض إلاّ مع الاعتياد. وعن الشيخ (قدس سره) التفصيل بين الخارج مما دون المعدة وما فوقها والتزم بالنقض في الأول دون الأخير (3) . وعن السبزواري (قدس سره) عدم النقض مطلقاً أي مع الاعتياد وعدمه (4) . واختاره صاحب الحدائق (قدس سره) (5) وذهب جماعة منهم المحقق

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 1 : 248 / أبواب نواقض الوضوء ب 2 ح 1 ، 2 .

(3) المبسوط 1 : 27 .

(4) لاحظ ذخيرة المعاد : 12 .

(5) الحدائق 2 : 90 .

ــ[431]ــ

الهمداني (قدس سره) إلى النقض مطلقاً (1) .

   وما التزم به المشهور هو الصحيح ، وذلك لأن حمل «ما خرج من طرفيك الأسفلين» الوارد في جملة من الأخبار على المعرفية المحضة بعيد ، ويزيد في الاستبعاد صحيحة زرارة «قلت لأبي جعفر وأبي عبدالله (عليهما السلام) : ما ينقض الوضوء ؟ فقالا : ما يخرج من طرفيك الأسفلين من الذكر والدبر : من الغائط والبول أو مني أو ريح ، والنوم حتى يذهب العقل» (2) حيث صرحت بالذكر والدبر والغائط والبول ، فلو كان المناط في النقض مجرد خروج البول والغائط ، ولم يكن للخروج من السبيلين أثر ودخل ، كان ذكر الأسفلين وتفسيرهما بالذكر والدبر لغواً لا محالة ، فهذه الصحيحة وغيرها مما يشتمل على العنوان المتقدم أعني قوله «ما خرج من طرفيك» واضحة الدلالة على أن للخروج من السبيلين مدخلية في الانتقاض فلا ينتقض الوضوء بما يخرج من غيرهما .

   وعلى الجملة : إنّ من خرج غائطه أو بوله من غير المخرجين من دون أن يكون ذلك عادياً له ، كما إذا خرج بوله بالابرة المتداولة في العصور المتأخرة ، لا يمكننا الحكم بالانتقاض في حقه لعدم شمول الأخبار له .

   ودعوى أن الاستدلال بقوله : «من طرفيك الأسفلين» ونحوه من العبائر الواردة في الأخبار من الاستدلال بالمفهوم ، ولا مفهوم للقيود ، مندفعة بأن المفهوم فيها للحصر لا للقيد ، حيث إن زرارة في الصحيحة المتقـدِّمة سألهما (عليهما السلام) عمّا ينقض الوضوء فقالا ـ وهما في مقام البيان ـ : «ما يخرج من طرفيك الأسفلين» فهو حصر للناقض فيما يخرج من الطرفين .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطهارة) : 75  السطر 32 .

(2) الوسائل 1 : 249 / أبواب نواقض الوضوء ب 2 ح 2 .

ــ[432]ــ

   ثم إنّ الصحيحة في الوافي (1) والحدائق (2) والكافي (3) والفقيه (4) قد نقلت كما نقلناه أي بعطف كل من البول والمني والريح بـ «أو» ولم يعطف البول فيها بالواو والمني والريح بأو كما في الوسائل ، ومعه لا تشويش في الرواية بوجه ، ولا حاجة إلى دعوى أن المني معطوف على اسم الموصول ، والبول على الغائط وهما أي البول والغائط بيان للموصول وتفسير له ، بل الصحيح أن المذكورات في الصحيحة ـ عدا النوم ـ تفسير للموصول بأجمعها ، وكأنها اُتي بها تقييداً لاطلاق «ما يخرج من طرفيك الأسفلين» وبياناً لعدم انتقاض الوضوء بكل ما يخرج من الطرفين ، وأنه إنما ينتقض بالمذكورات الأربعة إذا خرجت من السبيلين .

   نعم ، لا مناص من الالتزام بالنقض فيما إذا كان الخروج من غير السبيلين الأصليين اعتيادياً للمكلف لانسداد المخرج الطبيعي ، وذلك لأن الصحيحة وغيرها من الأخبار المتقدِّمة غير ناظرة إلى تلك الصورة إثباتاً ونفياً ، إذ الخطاب في الصحيحة شخصي قد وجه إلى زرارة وهو كان سليم المخرجين ، وحيث لا يحتمل أن تكون له خصوصية في الحكم بتاتاً كان الحكم شاملاً لغيره من سليمي المخرجين ، وأما غير المتعارف السليم كمن لم يخلق له مخرج بول أو غائط أصلاً فالصحيحة غير متعرضة لحكمه ، وهذا لا للانصراف كي يدفع بأنه بدوي لا اعتبار به بل لما عرفت من أن الخطاب في الصحيحة شخصي ، إذن نرجع فيه إلى اطلاق قوله عزّ من قائل : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنكُم مِن الغائِطِ ) (5) والخطاب فيها للعموم ، فاذا ذهب إلى حاجته فرجع صدق أنه جاء من الغائط وانتقضت طهارته وإن خرج غائطه من غير المخرج الأصلي .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوافي 6 : 250 / 4208 .

(2) الحدائق 2 : 87 .

(3) الكافي 3 : 36 / 6 .

(4) الفقيه 1 : 37 / 137 .

(5) النساء 4 : 43 .

ــ[433]ــ

   ودعوى أن ظواهر الكتاب ليست بحجة أو أن الاستدلال بها نوع تخمين وتخريج كما في كلام صاحب الحدائق (قدس سره) (1) مندفعة بما ذكرناه في محله من أن الظواهر لا فرق في حجيتها بين الكتاب وغيره ، كما أن الاستدلال بالآية ليس من التخمين في شيء لأنه استدلال بالاطلاق والظهور .

   وإلى اطلاق صحيحة زرارة عن أبي عبدالله (عليه السلام) «لا يوجب الوضوء إلاّ من غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها» (2) وحملها على الغائط والبول الخارجين على النحو المتعارف كما صنعه صاحب الحدائق (قدس سره) مما لا  وجه له ، لأنه تقييد على خلاف الظهور والاطلاق ، فما ذهب إليه السبزواري وصاحب الحدائق (قدس سرهما) من عدم انتقاض الوضوء بالبول والغائط الخارجين من غير المخرجين الطبيعيين مطلقاً ولو مع الاعتياد وانسداد المخرجين الأصليين مما لا يمكن المساعدة عليه . على أن لازمه انحصار الناقض في من خرج بوله وغائطه من غير المخرجين الأصليين بالنوم ، وهو من البعد بمكان .

   وأما التفصيل بين الخارج مما دون المعدة وما فوقها كما عن الشيخ (قدس سره) فهو أيضاً لا دليل عليه ، ولعل نظره (قدس سره) إلى تعيين ما هو الموضوع في الحكم بالانتقاض وأن ما خرج عما فوق المعدة لا يصدق عليه الغائط حتى يحكم بناقضيته ، لوضوح أن الغذاء الوارد على المعدة إنما يصدق عليه الغائط إذا انهضم وانحدر إلى الأمعاء وخلع الصورة النوعية الكيلوسية التي كان متصفاً بها قبل الانحدار ، وأما إذا لم ينحدر من المعدة بل خرج عما فوقها ، فلا يطلق عليه الغائط لدى العرف بل يعبّر عنه بالقيء .

   وأما القول بالانتقاض ولو مع غير الاعتياد وهو الذي اختاره المحقق الهمداني (قدس سره) فقد ظهر الجواب عنه مما ذكرناه في تأييد القول المختار فلا نعيد.

   فالأقوى هو القول المشهور ، وإن كان القول بالنقض مطلقاً هو الأحوط .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الحدائق 2 : 90 .

(2) الوسائل 1 : 245 / أبواب نواقض الوضوء ب 1 ح 2 .

ــ[434]ــ

ولا فرق فيهما بين القليل والكثير(1) حتى مثل القطرة ، ومثل تلوّث رأس شيشة الاحتقان بالعذرة . نعم الرطوبات الاُخر غير البول والغائط الخارجة من المخرجين ليست ناقضة (2) وكذا الدود أو نوى التمر ونحوهما إذا لم يكن متلطخاً بالعذرة (3) .

ــــــــــــــــــــــ

   (1) لاطلاق الأدلّة ، وتوهّم اختصاصها بالكثير نظراً إلى أنه المتعارف من البول والغائط ، مندفع بأن الكثير منهما وإن كان متعارفاً كما ذكر إلاّ أن قليلهما أيضاً متعارف لأنهما قد يخرجان بالقلة وقد يخرجان بالكثرة ، هذا على أن الناقضية حكم مترتب على طبيعي البول والغائط ولا مدخلية في ذلك للكمّ .

   مضافاً إلى النصوص الواردة في بعض الصغريات ، كالأخبار الواردة في البلل المشتبه وأنه قبل الاستبراء ناقض للوضوء (1) وذلك لأن البلل المشتبه الخارج بعد البول أو المني قليل غايته ، فاذا كان المشتبه بالبولية ناقضاً للوضوء وهو قليل ، فالقليل مما علم بوليته ينقض الوضوء بالأولوية القطعية .

   وما ورد في أن ما يخرج من الدبر من حب القرع والديدان لا ينقض الوضوء إلاّ أن يكون متلطخاً بالعذرة (2) فان ما يحمله الحب والديدان من العذرة ليس إلاّ قليلاً .

   (2) لحصر النواقض فيما يخرج من السبيلين من البول والغائط والريح والمني ، مضافاً إلى النصوص الواردة في عدم انتقاض الوضوء بالمذي والودي ونحوهما (3) .

   (3) لحصر النواقض ، وللأخبار الواردة في عدم انتقاض الوضوء بما يخرج من الدبر من حب القرع والديدان إلاّ أن يكون متلطخاً بالعذرة (4) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 282 / أبواب نواقض الوضوء ب 13 .

(2) ، (4) الوسائل 1 : 258 / أبواب نواقض الوضوء ب 5 .

(3) الوسائل 1 : 276 / أبواب نواقض الوضوء ب 12 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net