حرمة مسّ المحدث حروف القرآن - فروع في المقام 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الرابع:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10698


ــ[482]ــ

   [ 472 ] مسألة 7 : لا فرق في القرآن بين الآية والكلمة ، بل والحرف (1) وإن كان يكتب ولا يقرأ  كالألف في قالوا وآمنوا (2) بل الحرف الذي يقرأ ولا يكتب((1)) إذا كتب كما في الواو الثاني من داود إذا كتب بواوين ، وكالألف في رحمن ولقمن إذا كتب كرحمان ولقمان (3) .

   [ 473 ] مسألة 8 : لا فرق بين ما كان في القرآن أو في كتاب (4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المس عرفاً (2) والصحيح أن المحفور كغيره ولا فرق بينهما بوجه ، وما ادعاه (قدس سره) لو تمّ فهو من التدقيقات الفلسفية التي لا سبيل لها إلى الأحكام الشرعية والوجه فيما ذكرناه أن العرف يرى الخط في هذا القسم عبارة عن أطراف الحفر المتصلة بالسطح وهو أمر قابل للمس .

   (1) لما تقدم من أن الحرمة إنما ترتبت على مس القرآن النازل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) آية كانت أو كلمة أو حرفاً .

   (2) لأنه جزء من كتابة القرآن وإن لم يكن مقروءاً .

   (3) الصحيح أن يفصل بين ما يعد صحيحاً حسب قواعد الكتابة فلا يجوز مسه ، لأنه جزء من كتابة القرآن كالألف في رحمن ولقمن إذا كتب كرحمان ولقمان ، وإنما كتب في القرآن على غير تلك الكيفية تبعاً للخليفة الثالث حيث إنه كتب رحمن ولقمن ، واحتفظ بكتابته إلى الآن ، كما أنه كتب «ما لهذا» هكذا : «مال هذا» (3) وهو غلط ، وبين ما يعد غلطاً بحسب القواعد ، لأنه إذا كان غلطاً زائداً لم يحرم مسه لخروجه عن كتابة القرآن .

   (4) لما مرّ من أن الحرمة حسبما يقتضيه الفهم العرفي إنما ترتبت على القرآن النازل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) هذا إذا لم تعدّ الكتابة من الأغلاط .

(2) كتاب الطهارة : 152 السطر 2 .

(3) كما في سورة الكهف 18 : 49 حيث كتب هكذا : (مالِ هذا الكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً ... ) وفي سورة الفرقان 25 : 7 حيث كتب (مالِ هذا الرَّسُولِ ... ) .

ــ[483]ــ

على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سواء انضمّ إلى باقي حروفه وآياته كما إذا كان في المصحف ، أم انفصل بأن كان في كتاب فقه أو لغة أو غيرهما ، هذا .

   وعن الشهيد (قدس سره) التصريح بجواز مس الدراهم البيض المكتوب عليها شيء من الكتاب ، مستدلاً على ذلك بما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال : «سألته هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب ؟ فقال : إي إني والله لاُؤتى بالدرهم فآخذه وإنِّي لجنب» (1) وذكر أن عليه سورة من القرآن ، وبما أ نّا لا  نحتمل أن تكون للدراهم خصوصية في الحكم بالجواز فيمكن الاستدلال بالرواية على جواز مس كتابة القرآن في غير المصحف مطلقاً .

   ويرد عليه أن الرواية ضعيفة السند ، وذلك لأن البزنطي من أصحاب الرضا والجواد (عليهما السلام) ومحمد بن مسلم من أصحاب الباقر والصادق (عليهما السلام) فليسا من أهل طبقة واحدة حتى يروي البزنطي عن محمد بن مسلم من غير واسطة . ويؤيده أن البزنطي ليس في ترجمته أنه يروي عن محمد بن مسلم إذن في البين واسطة وحيث لم تذكر في السند فالرواية مرسلة لا اعتبار بها ، ولعلّه لذلك عبّر الشهيد عنها بالخبر ولم يوصف في كلام صاحب الحدائق (قدس سره) بالصحيحة أو الموثقة وعبّر عنها المحقق الهمداني بالرواية (2) هذا ويمكن أن يضعف الرواية بوجه آخر وهو أن الرواية نقلها المحقق (قدس سره) عن كتاب جامع البزنطي (3) ولم يثبت لنا اعتبار طريقه إلى هذا الكتاب ، هذا .

   ثم إن دلالة الرواية أيضاً قابلة للمناقشة ، وذلك لأنه إنما دلّت على أن الجنب أو المحدث يجوز أن يأخذ الدرهم المكتوب عليه شيء من الكتاب ، وأما أن الجنب يجوز أن يمس تلك الآية المكتوبة عليه فلا ، إذ ليست في الرواية أية دلالة عليه فمن الجائز أن تكون الرواية ناظرة إلى دفع توهم أن الجنب لا يجوز أن يأخذ الدرهم الذي فيه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 2 : 214 / أبواب الجنابة ب 18 ح 3 .

(2) مصباح الفقيه (الطهارة) : 231 السطر 24 .

(3) المعتبر 1 : 188 .

ــ[484]ــ

بل لو وجدت كلمة من القرآن في كاغذ ، أو نصف الكلمة كما إذا قص من ورق القرآن أو الكتاب يحرم مسها أيضاً (1) .

   [ 474 ] مسألة 9 : في الكلمات المشـتركة بين القرآن وغيره المـناط قصد الكاتب (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شيء من الكتاب حيث قال (عليه السلام) «إي إني والله لاُؤتى بالدرهم فآخذه وإني لجنب» فهذه الرواية ساقطة . وأما ما رواه إسحاق بن عمار عن أبي إبراهيم (عليه السلام) قال «سألته عن الجنب والطامث يمسان أيديهما الدراهم البيض ؟ قال : لا  بأس» (1) فهي وإن دلت على أن الجنب والطامث يجوز أن يمسا الدراهم إلاّ أنه لم يثبت اشتمالها على شيء من الكتاب ، بل الظاهر اشتمالها على اسم الله سبحانه . على أنها معارضة برواية عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله» (2) مع الغض عن سندها ، لاشتماله على أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وهو ممن لم يوثق في الرجال .

   (1) لاطلاق موثقة أبي بصير ، لأن المنع عن مس الكتاب يشمل الآية والكلمات بل الحروف ، اللّهمّ إلاّ أن يخرج عن القرآنية بحيث لا يصدق عليه عنوان الكتاب ، كما إذا قطعت حروفه وانفصل بعضها عن بعضها الآخر ، فان كل واحد من الحروف المنفصلة حينئذ لا يطلق الكتاب عليه ولا يقال إنه قرآن بالفعل ، بل يقال : إنه كان قرآناً سابقاً ومعه لا موجب لحرمة مسه .

   (2) كما هو الحال في غير الكلمات القرآنية من المشتركات كأعلام الأشخاص ، مثلاً لفظة محمد تشترك بين اسم النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وغيره من المسمّين بها ، ولا تتميز إلاّ بقصد الكاتب بحيث لا تترتب عليها آثارها إلاّ إذا قصد بها النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فجملة «قال موسى» مثلاً إنما يحرم مسها إذا كتب قاصداً

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 2 : 214 / أبواب الجنابة ب 18 ح 2 ، 1 .

ــ[485]ــ

   [ 475 ] مسألة 10 : لا فرق فيما كتب عليه القرآن بين الكاغذ ، واللوح ، والأرض ، والجدار ، والثوب ، بل وبدن الانسان (1) فاذا كتب على يده لا يجوز مسه عند الوضوء ، بل يجب محوه أوّلاً ثم الوضوء (2) .

   [ 476 ] مسألة 11 : إذا كتب على الكاغذ بلا مداد (3) فالظاهر عدم المنع من مسه ، لأنه ليس خطاً . نعم لو كتب بما يظهر أثره بعد ذلك فالظاهر حرمته كماء البصل فانّه لا أثر له إلاّ إذا اُحمي على النار .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بها القرآن ، وأما لو قصد بها شيء غيره أو لم يقصد بها شيء أصلاً ، كما إذا قصد بكتابتها تجربة خطّه ، فلا مقتضي لحرمة مسها بوجه ، وهذا بخلاف الكلمات المختصة بالكتاب لأنها محرمة المس مطلقاً ، قصد بكتابتها القرآن أم لا هذا .

   (1) لحرمة مس الكتابة مطلقاً ، سواء كانت الكتابة على القرطاس أو على شيء آخر .

   (2) أو يتوضأ بصبّ الماء على بشرته ، أو برمس يده في الماء من دون مس ، لأن مسها مس لكتابة القرآن من غير وضوء وهو حرام .

   (3) أعني الكتابة من غير أن يظهر أثرها على القرطاس وهي أحد أقسام الكتابة ولا إشكال في عدم حرمة المس حينئذ لأنه من السالبة بانتفاء موضوعها ، حيث لا  خط ولا كتابة كي يحرم مسهما .

   القسم الثاني من الكتابة ما إذا كتب بالمداد أعني ما يظهر أثره على القرطاس بالكتابة ، وهذا لا إشكال في حرمة مسه كما عرفت .

   القسم الثالث : ما إذا كتب بما لا يظهر أثره بالكتابة وإنما يظهر بالعلاج ، كما إذا كتب باللبن أو بماء البصل إذ لا يظهر أثر الكتابة بهما إلاّ إذا اُحمي على النار ، فهل يحرم مس هذا القسم من الكتابة قبل أن يظهر بالعلاج ؟ اسـتظهر الماتن حرمته وهو الصحيح لأنّ الكتابة موجودة قبل العلاج ، لوضوح أن الحرارة ليست من أسباب تكونها وإنما هي سبب لبروزها وكونها قابلة للاحساس ، والحرمة إنما ترتبت على مسِّ الكتابة

ــ[486]ــ

   [ 477 ] مسألة 12 : لا يحرم المسّ من وراء الشيشة (1) وإن كان الخطّ مرئيّاً وكذا إذا وضع عليه كاغذ رقيق يرى الخط تحته . وكذا المنطبع في المرآة ، نعم لو نفذ المداد في الكاغذ حتى ظهر الخط من الطرف الآخر لا يجوز مسّه (2) خصوصاً إذا كتب بالعكس فظهر من الطرف الآخر طرداً .

   [ 478 ] مسألة 13 : في مس المسافة الخالية التي يحيط بها الحرف كالحاء أو العين مثلاً إشكال أحوطه الترك ((1)) (3) .

   [ 479 ] مسألة 14 : في جواز كتابة المحدث آية من القرآن باصبعه على الأرض أو غيرها إشكال، ولا يبعد عدم الحرمة((2)) (4) فان الخط يوجد بعد المسّ.

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سواء أ كانت بارزة أم لم تكن .

   (1) لضرورة أن المحرم إنما هو مس الكتابة ومس الشيشة ليس مساً للكتابة حقيقة لوجود الحائل على الفرض .

   (2) لأنّ الحرمة إنما ترتبت على مس كتابة القرآن من دون فرق في ذلك بين الكتابة المقلوبة وغيرها ، فان الخط الظاهر في الجانب الآخر من الخطوط القرآنية فيحرم مسها مع الحدث ، وأظهر من ذلك ما إذا كتب مقلوباً فظهر من الطرف الآخر طرداً لأنه كتابة قرآنية بلا ريب .

   (3) والأقوى جوازه ، لعدم كون الممسوس كتابة القرآن .

   (4) علّله (قدس سره) بأن الخط يوجد بعد المس فلا يقع المس على الكتابة . وفيه أن الخط وإن كان معلولاً للمس ويوجد المس فيوجد الخط إلاّ أن تأخره رتبي لا زماني ، ولا أثر للتقدم والتأخر الرتبيين بوجه ، لأن الموضوع للأحكام الشرعية إنما هو الاُمور الواقعة في الزمان وليس التقدم والتأخر زمانياً في المقام ، لوضوح أن الخط غير متأخر عن المس بحسب الزمان وإنما هما متقارنان ويوجدان في زمان واحد ، ولا

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وأظهره الجواز .

(2) بل هو بعيد وأظهره الحرمة .

ــ[487]ــ

وأمّا الكتب على بدن المحدث وإن كان الكاتب على وضوء فالظاهر حرمته ((1)) خصوصاً إذا كان بما يبقى أثره (1) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مناص معه من الحكم بالحرمة في المسألة ، لدلالة الموثقة المتقدِّمة على عدم جواز مس الكتابة مع الحدث ، سواء أ كان مقارناً مع الخط أم كان متأخراً عنه في الزمان .

   (1) للكتب على بدن المحدث صورتان : إذ قد يبقى أثر الكتابة وقد يزول كما إذا كتب بالماء مثلاً ، لأ نّه يرتفع بعد الكتابة ويجف ، وقد حكم (قدس سره) بالحرمة في كلتا الصورتين كما أنه حكم بالجواز في الفرع المتقدم على ما نحن فيه . ويا ليته عكس الأمر في المسألتين وحكم بالحرمة في الفرع المتقدم وبالجواز في الصورتين ، وذلك لأن الوجه فيما صنعه الماتن من الحكم بالتحريم في الصورتين ، أن المس بعد الحكم بحرمته لا يفرق فيه بين أن يكون بالتسبيب أو بالمباشرة ، والكاتب في مفروض المسألة وإن لم يرتكب المس المحرم بالمباشرة لأنه متطهر على الفرض ، إلاّ أنه بكتابته أوجد المس في بدن المحدث فان مس المحدث للكتابة مسبب عن فعل الكاتب ، وقد عرفت أن إيجاد المس محرم مطلقاً ، سواء أ كان بالمباشرة أم بالتسبيب .

   ويتوجّه عليه : أن الحرمة ـ على ما دلّت عليه الموثقة ـ إنما ترتبت على مس كتابة القرآن مع الحدث ، والمس إنما يتحقق إذا كان هناك جسمان لاقى أحدهما الآخر ، ولا يتحقّق هذا في المقام ، وذلك لأن المراد بالكتابة ليس هو الخطوط والنقوش في نفسهما كيف وهما من الأعراض ، والمس إنما يقع على الجواهر بما لها من الطوارئ والأعراض ولا يقع على العرض نفسه ، بل المراد بها هو الخطوط مع معروضاتها من القرطاس أو الخشب أو الحديد أو غيرها من الأجسام الخارجية ، وعليه فالكاتب إنما أوجد الكتابة في بدن المحدث وهو كما إذا أوجدها في القرطاس أو الحديد ، ومعه ليس في البين سوى الخطوط على بدنه وهو المعبّر عنه بالممسوس ، فأين هناك الجسم الآخر الماس حتى يقال إن الكاتب أوجد المس بالتسبيب ويحكم عليه بالحرمة ، فان المس

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، وإن كان الأحوط تركه .

ــ[488]ــ

   [ 480 ] مسألة 15 : لا يجب منع الأطفال (1) والمجانين من المسّ إلاّ إذا كان مما يعد هتكاً ، نعم الأحوط عدم التسبيب لمسهم (2) .

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا يتحقّق إلاّ بتلاقي الجسمين وليس في المقام إلاّ جسم واحد كما عرفت .

   نعم ، إذا مس المحدث ذلك الموضع بيده أو بغيرها من أعضائه صدق عليه مس الكتابة ، ومن هنا قلنا إن المتوضئ يجب أن يمحو الآية المكتوبة على مواضع وضوئه أوّلاً ثم يتوضأ ، لأن مسه مس صادر عن المحدث وهو حرام . وعليه فالظاهر عدم حرمة الكتابة على بدن المحدث في كلتا الصورتين .

   (1) لأن المنع عن المس خاص بالمكلفين ، والأطفال والمجانين غير مكلفين بالاجتناب عنه فهو في حقهم مباح ، ومع إباحة الفعل الصادر عن الصبي أو المجنون لا  مقتضي لوجوب منعهم عن المس .

   (2) هذا أحد الأقوال في المسألة ، أعني المنع عن التسبيب لمسهم مطلقاً . وقد يفصّل بين ما إذا كان التسبيب باعطائهم له ومناولتهم إياه ، بأن كان التسبيب بايجاد مقدمة من مقدمات أفعالهم ، وبين التسبيب باصدار نفس العمل من الغير كما إذا أخذ إصبع الصبي أو المجنون ووضعها على الكتاب ، بالمنع في الصورة الثانية دون الاُولى .

   والصحيح عدم حرمة التسبيب في كلتا الصورتين ، وذلك لأ نّا وإن قدمنا في محله أن مقتضى الفهم العرفي والارتكاز عدم الفرق في العصيان والمخالفة بين إيجاد العمل المحرم بالمباشرة وبين ايجاده بالتسبيب ، لأن كليهما يعد عصياناً للنهي عرفاً وبالارتكاز ، إلاّ أن ذلك يختص بما إذا كان العمل محرماً في حق المباشر ، وأما إذا كان العمل مباحاً وغير مبغوض بوجه فلا مانع من إيجاد الفعل بالتسبيب إليه ، والأمر في المقام كذلك ، لأن المس الصادر عن غير المكلفين إنما يصدر على الوجه الحلال فلا مانع من إيجاد المس بيده .

   اللّهمّ إلاّ أن يعلم أهمية الحكم بحيث لا يرضى الشارع بتحقق العمل في الخارج ولو من غير المكلفين ، كما إذا دلّ عليه دليل خارجاً ومعه لا بدّ من الحكم بوجوب

ــ[489]ــ

ولو توضّأ الصبي المميز فلا إشكال في مسه ، بناء على الأقوى من صحة وضوئه وسائر عباداته (1) .

   [ 481 ] مسألة 16 : لا يحرم على المحدث مسّ غير الخط من ورق القرآن حتى ما  بين السطور والجلد والغلاف (2) نعم يكره ذلك (3) كما أنه يكره تعليقه وحمله .

   [ 482 ] مسألة 17 : ترجمة القرآن ليست منه بأيّ لغة كانت فلا بأس بمسِّها على المحدث (4) ،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ردعهم فضلاً عن حرمة التسبيب إليه ، وهذا قد ثبت في جملة من الموارد كشرب الخمر والزنا واللواط والقتل وغيرها من الأفعال القبيحة للعلم بعدم رضا الشارع بتحققها في الخارج ، إلاّ أنه لم يقم دليل على ذلك في المقام ، فالصحيح جواز التسبيب في كلتا الصورتين المتقدِّمتين .

   (1) سيأتي تحقيق ذلك في محلِّه إن شاء الله (1) .

   (2) لاختصاص المنع بمسِّ الكتابة ، وعدم الدليل على حرمة المس في غير الخط .

   (3) اعتمد في ذلك وفي كراهة التعليق على رواية إبراهيم بن عبدالحميد المتقدِّمة (2) الناهية عن مس المصحف ومسّ خطّه وتعليقه ، فانّ المصحف في قبال الخط يشمل الجلد والورق والغلاف ، وقد تقدّم الكلام على هذه الرواية فليلاحظ .

   (4) لأن المراد بالقرآن هو الذي أنزله الله سبحانه على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو عربي اللغة كما في قوله عزّ من قائل : (إِنَّا أَنزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ )(3) فالنهي عن مسِّه على غير الوضوء لا يشمل ترجمته ، لأنها ترجمة القرآن لا أنها القرآن نفسه .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) بَحَثها مختصراً في عدة أجزاء منها في ذيل المسألة [ 866 ] وكذا في المسألة [ 2503 ] وهو أكثر تفصيلاً من سائر الموارد .

(2) في ص 474 .

(3) يوسف 12 : 2 .

ــ[490]ــ

نعم لا فرق في اسم الله تعالى بين اللغات (1) .

   [ 483 ] مسألة 18 : لا يجوز وضع الشيء النجس على القرآن وإن كان يابساً لأنه هتك وأمّا المتنجِّس فالظاهر عدم البأس به ((1)) مع عدم الرطوبة فيجوز للمتوضِّئ أن يمسّ القرآن باليد المتنجِّسة ، وإن كان الأولى تركه (2) .

   [ 484 ] مسألة 19 : إذا كتبت آية من القرآن على لقمة خبز لا يجوز للمحدث أكله (3) وأمّا المتطهر فلا بأس خصوصاً إذا كان بنيّة الشفاء أو التبرّك .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) لعدم اختصاص اسمه تعالى بكلمة الله ، بل كلّ ما عبّر به عن الذات المقدّسة ولو في غير اللغة العربية فهو اسمه .

   (2) لا ضابط كلي في كلا طرفي النفي والاثبات ، لأن المدار على صدق الهتك الذي بمعنى الوهن وعدم الاعتناء بالشيء وهذا يختلف باختلاف الموارد ، فقد ترى عدم صدق الهتك على وضع نجس العين على الكتاب ، كما إذا كان جلده من ميتة الأسد لأنه غالي القيمة وعزيز الوجود ، أو وضعنا المصحف في صندوق صنع من جلد الميتة تحفظاً عليه ، فانّه لا يعدّ  هتكاً للكتاب بل هو تجليل وتعظيم له واعتناء بشأنه ، وقد يصدق عليه الهتك كما إذا وضع عليه العذرة أو ما يشبهها من النجاسات ، لأنه هتك عظيم وإن لم تسر النجاسة إليه ليبوستها ، بل قد يتحقّق الهتك بوضع جسم طاهر عليه ، كما إذا وضع عليه روث البقر أو الغنم أو غيرهما من الحيوانات المحلّلة . إذن فالمدار على صدق الهتك وعدمه من دون فرق في ذلك بين الأعيان النجسة والمتنجِّسة والأعيان الطاهرة .

   (3) لأنه بأكله يمس كتابة القرآن بباطن فمه ، ولا فرق في المس المحرم بين المس بظاهر البدن وباطنه . نعم هذا يتوقّف على صدق القرآن على الكتابة وهي في فمه، وأما

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) المدار في الحرمة على صدق الهتك ، وقد يتحقق ذلك في بعض أفراد المتنجِّس بل في بعض أفراد الطاهر أيضاً .

ــ[491]ــ

إذا سقطت عن القرآنية لتفرّق أجزائها وزوال هيئتها المعتبرة فلا مانع من أكلها ، إذ لا يحرم أكل اللّقمة على المحدث إلاّ لاستلزامه المسّ الحرام ، وإذا لم تبق الكتابة بحالها فلا موضوع ليستلزم الأكل مسّه ، اللّهمّ إلاّ أن يكون أكلها على وجه الاهانة فيحرم لأنه هتك .

    هذا ما أردنا إيراده في الجزء الثالث من كتابنا ، والحمدُ لله أوّلاً وآخرا .

 

 




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net