استحباب الوضوء للطواف المندوب - مشروعية الوضوء للتهيؤ للصلاة 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 10285

 

بسم الله الرّحمن الرّحيم

    الحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيِّدنا محمّد وآله الطاهرين واللّعنة الدائمة على أعدائهم إلى قيام يوم الدين .

   وبعد : فهذا هو الجزء الرابع من كتابنا «التنقيح» في شرح العروة الوثقى شرعنا في طبعه حامدين مصـلِّين سائلين من المولى جلّ شأنه أن يوفقـنا لإتمـامه فإنّه الموفِّق والمعين .

ــ[1]ــ

بسم الله الرّحمن الرّحيم

 

فصل في الوضوءات المستحبّة

    [ 485 ] مسألة 1 : الأقوى ـ كما اُشير إليه سابقاً ـ كونه مستحباً في نفسه وإن لم يقصد غاية من الغايات حتى الكون على الطهارة ، وإن كان الأحوط قصد إحداها (1) .

   [ 486 ] مسألة 2 : الوضوء المستحب على أقسام :

   أحدها : ما يستحب في حال الحدث الأصغر فيفيد الطهارة منه .

   الثاني : ما يستحب في حال الطهارة منه كالوضوء التجديدي .

   الثالث : ما هو مستحب في حال الحدث الأكبر وهو لا يفيد طهارة ، وإنما هو لرفع الكراهة ، أو لحدوث كمال في الفعل الذي يأتي به كوضوء الجنب للنوم ووضوء الحائض للذكر في مصلاّها .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فصل في الوضوءات المستحبّة

    (1) على ما قدّمنا تفصيل الكلام في ذلك عند الكلام على غايات الوضوء(1) وبيّـنا بما لا مزيد عليه أن الوضوء مستحب في نفسه وفاقاً للماتن (قدس سره) فليلاحظ .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في شرح العروة 4 : 467 .

ــ[2]ــ

   أمّا القسم الأوّل فلاُمور :

   الأوّل : الصلاة المندوبة وهو شرط في صحتها أيضاً (1) .

   الثاني : الطواف المندوب(2) وهو ما لا يكون جزءاً من حج أو عمرة ولو مندوبين ، وليس شرطاً في صحته . نعم ، هو شرط في صحة صلاته .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

   (1) للأدلّة الدالة على أن الطهارة شرط في الصلاة ، وأنه لا صلاة إلاّ بطهور ، وغاية الأمر أنها إذا كانت واجبة كان الوضوء أيضاً واجباً إما عقلاً وشرعاً ، وإما عقلاً فقط بناء على إنكار القول بوجوب مقدمة الواجب شرعاً . كما أنها إذا كانت مستحبة كان الوضوء أيضاً مستحباً لا محالة ، وهذا لا بمعنى أن المكلف في الصلوات المندوبة يتمكن من ترك الوضوء بأن يأتي بها من دون وضوء ، كما هو معنى الاستحباب في غيرها كاستحباب الوضوء لقراءة القرآن ونحوها من المستحبات ، بل معنى استحباب الوضوء حينئذ أن المكلف يتمكن من ترك الوضوء بترك ما هو مشروط به أعني الصلاة المندوبة .

   (2) وهذا لاشتماله على الصلاة ، وقد عرفت أنها مشروطة بالطهارة وإلاّ فلا يعتبر الوضوء في نفس الطواف المندوب أبداً وإنما يعتبر في الطواف الواجب على ما قدمنا الكلام عليه ، وتدلّنا على ذلك صحيحة معاوية بن عمار قال : «قال أبو عبدالله (عليه السلام) لا بأس أن يقضى المناسك كلها على غير وضوء ، إلاّ الطواف فان فيه صلاة والوضوء أفضل» (1) وصحيحة جميل بن دراج عن أبي عبدالله (عليه السلام) «أنه سئل أينسك المناسك وهو على غير وضوء ؟ فقال : نعم إلاّ الطواف بالبيت فان فيه صلاة» (2) لصراحتها في أن أصل الطواف غير مشروط بالوضوء وإنما يعتبر لصلاته . نعم ، لا بدّ من تخصيص ذلك بالمندوب ، لأنّ الطواف الواجب في نفسه يعتبر فيه الوضوء كما تقدّم .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 374 / أبواب الوضوء ب 5 ح 1 .  ورواها الصدوق (قدس سره) [ في الفقيه 2  : 250 / 1201 ] باسقاط قوله : «فان فيه صلاة» .

(2) الوسائل 13 : 376 / أبواب الطواف ب 38 ح 6 .

ــ[3]ــ

   الثالث : التهيؤ للصلاة في أوّل وقتها ، أو أوّل زمان إمكانها إذا لم يمكن(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الوضوء للتهيّؤ :

   (1) إن من المناسب في المقام أن نتكلم على ما هو الدليل على مشروعية الوضوء للتهيؤ قبل دخول وقت الصلاة ، وذلك لأ نّا إن قلنا إن الوضوء أمر مستحب في نفسه أو لم نقل بالاستحباب النفسي له ولكن المكلف أتى به بغاية الكون على الطهارة قبل الوقت فلا إشكال في صحته ، لأنه على التقدير الأول مستحب نفسي ، وعلى الثاني قد أتى به بغاية مستحبة وهو الكون على الطهارة ـ بناء على إنكار الاستحباب النفسي للوضوء ـ إذ الكون على الطهارة أمر محبوب شرعاً فيأتي بالأفعال والوضوء بغاية ترتب الطهارة عليها ، فلا بدّ من الحكم بصحته على كلا التقديرين وإن كان له داع آخر أيضاً على الاتيان به وهو التهيؤ للصلاة في أول وقتها .

   وأما إذا أنكرنا استحبابه النفسي ولم يؤت به بغاية الكون على الطهارة ، فيقع الكلام حينئذ في مدرك مشروعيته إذا أتى به قبل وقت الفريضة بغاية التهيؤ للصلاة .

   فقد يستدل على مشروعيته بغاية التهيؤ قبل دخول وقت الصلاة ، بما دلّ على أفضلية الاتيان بها في أوّل وقتها ، وأنّ أوّل الوقت رضوان الله (1) والآيات الآمرة باستباق الخيرات والمسارعة إلى مغفرة الله سبحانه(2) بتقريب أن أفضلية الصلاة في أول وقتها تدلنا بالملازمة على جواز الاتيان بالوضوء للتهيّؤ لها قبل دخول وقتها لوضوح أنه إذا لم يجز للمكلف الإتيان بالوضوء للتهيؤ قبل الوقت لم يتمكن من الإتيان بالصلاة في أول وقتها ، ولكان الحث على الإتيان بها وقتئذ في تلك الأدلة لغواً ظاهراً ، ومع سقوطها لم يمكن الحكم بأفضلية الصلاة في أول وقتها .

   ويدفعه : أن الآيات والأخبار وإن دلتا بالملازمة على استحباب الوضوء قبل

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 4 : 118 / أبواب المواقيت ب 3 .

(2) البقرة 2 : 148 ، آل عمران 3 : 133 .

ــ[4]ــ

دخول وقت الصلاة ، وأنه حينئذ يقع صحيحاً مأموراً به لأن الصلاة مشروطة بالوضوء الصحيح ، إلاّ أنه لا دلالة لهما بوجه على أن الإتيان به بتلك الغاية أعني غاية التهيؤ للصلاة أمر مشروع في الشريعة المقدسة وأنه موجب لصحته وتماميته ، وذلك لامكان الإتيان به قبل الوقت بغاية الكون على الطهارة ، أو بغاية صلاة مندوبة ، أو لأجل استحبابه النفسي .

   وعلى الجملة : أنّ الصلاة مشروطة بالوضوء الصحيح وقد دلت الأدلة المتقدِّمة على جواز الإتيان به قبل وقت الصلاة وكونه صحيحاً وقتئذ ، وأما أن الإتيان به بغاية التهيؤ للصلاة مشروع وصحيح فلا يكاد يستفاد منها بوجه .

   على أ نّا سلمنا دلالتها على مشروعية الوضوء للتهيؤ قبل وقت الصلاة ، فلماذا خصّصوا استحبابه بما إذا أُتي به قريباً من الوقت ؟ لأنه على ذلك لا فرق في استحبابه للتهيّؤ بين الإتيان به قريباً من الوقت أم بعيداً عنه ، كما إذا توضأ أول طلوع الشمس مثلاً للتهيّؤ لصلاة الظهر .

   وقد يستدل على ذلك بالمرسل المروي عن الذكرى من قولهم (عليهم السلام) «ما وقّر الصلاة من أخّر الطهارة لها حتى يدخل وقتها» (1) وهي بحسب الدلالة ظاهرة ولكنها ضعيفة بحسب السند، اللّهمّ إلاّ أن يقال إن أخبار من بلغ تدلنا على استحباب نفس العمل الذي قد بلغ فيه الثواب ، أو على استحباب اتيانه رجاءً ، وقد عرفت عدم دلالتها على الاستحباب الشرعي في محلِّه(2) فليلاحظ .

   فالصحيح أن يستدل على مشروعية الوضوء للتهيؤ قبل الوقت باطلاق قوله عزّ من قائل : (إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا ... ) (3) نظراً إلى أن القيام نحو الشيء ـ  على ما يستعمل في غير اللغة العربية أيضاً  ـ  إنما هو الاستعداد والتهيؤ له ، وقد دلّت الآية

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 1 : 374 / أبواب الوضوء ب 4 ح 5 .

(2) مصباح الاُصول 2 : 319 .

(3) المائدة 5 : 6 .

ــ[5]ــ

إتيانها في أوّل الوقت ، ويعتبر أن يكون قريباً ((1)) من الوقت أو زمان الامكان ، بحيث يصدق عليه التهيؤ (1) .

ــــــــــــــــــــــــــــ

المباركة على أن من تهيأ للصلاة شرع له الوضوء أعني الغسلتين والمسحتين ، ومقتضى إطلاقها عدم الفرق في ذلك بين القيام لها قبل الوقت أو بعده . نعم ، يختص ذلك بما إذا أتى بالوضوء قريباً من وقت الفريضة ، لعدم صدق القيام لها في مثل ما إذا توضأ في أول الصبح مثلاً تهيؤاً لصلاة الظهر ، هذا .

   والذي يسهّل الخطب أن الوضوء مستحب نفسي عندنا ، ومعه لا يفرق الحال في مشروعيته بين أن يأتي به قريباً من وقت الفريضة أم بعيداً عنه .

   (1) قد عرفت تفصيل الكلام في ذلك آنفاً فلاحظ .

ـــــــــــــــ

(1) على الأحوط الأولى .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net