استحباب الوضوء لدخول المسجد - استحباب الوضوء التجديدي 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7622


   الرابع : دخول المساجد (2) .

ـــــــــــــــــــــ

    الوضوء لدخول المساجد :

   (2) قد اتضح مما سردناه في التعليقة المتقدمة أن الحكم باستحباب الوضوء بغاية الدخول في المساجد وما اُلحق بها من المشاهد المشرفة أيضاً محل المناقشة والكلام ، إذ الأخبار الواردة في استحباب دخول المساجد أو هي مع المشاهد متطهِّراً  (2) إنما تدل على أن الوضوء قبل دخولهما أمر مستحب ، وأما أنه مشروع بتلك الغاية ويستحب الوضوء بغاية دخولهما ، فهو مما لا يكاد يستفاد منها كما عرفت ، لإمكان أن يتوضأ بغاية الكون على الطهارة أو الصلاة المندوبة أو غيرهما من الغايات المسوّغة للوضوء هذا .

   ويمكن أن يصحّح الوضوء المأتي به بغاية دخول المسجد وما اُلحق به من المشاهد

ـــــــــــــ

(2) الوسائل 1 : 380 / أبواب الوضوء ب 10 .

ــ[6]ــ

   الخامس : دخول المشاهد المشرّفة .

   السادس : مناسك الحج مما عدا الصلاة والطواف .

   السابع : صلاة الأموات .

   الثامن : زيارة أهل القبور .

   التاسع : قراءة القرآن أو كتبه ، أو لمس حواشيه ، أو حمله .

   العاشر : الدعاء وطلب الحاجة من الله تعالى .

   الحادي عشر : زيارة الأئمة ولو من بعيد .

   الثاني عشر : سجدة الشكر ، أو التلاوة .

   الثالث عشر : الأذان والإقامة ، والأظهر شرطيته في الإقامة .

   الرابع عشر : دخول الزوج على الزوجة ليلة الزفاف بالنسبة إلى كل منهما .

   الخامس عشر : ورود المسافر على أهله فيستحب قبله .

   السادس عشر : النوم .

   السابع عشر : مقاربة الحامل .

   الثامن عشر : جلوس القاضي في مجلس القضاء .

   التاسع عشر : الكون على الطهارة .

   العشرون : مس كتابة القرآن في صورة عدم وجوبه ، وهو شرط في جوازه كما مرّ ، وقد عرفت أن الأقوى استحبابه نفسياً أيضاً .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وغيره من الغـايات المذكـورة في المـتن ، بأ نّا مهما شـككنا في شيء فلا نشك في أن الطهارة أمر مرغوب فيها في الشريعة المقدسة ، فان بنينا على أن الطهارة هي الوضوء في نفسه كما ورد من أن الوضوء طهور وأنه على وضوء كما قدمناه سابقاً (1) وهو الدارج في كلمات الفقهاء (قدس الله أسرارهم) حيث يقولون : الطهارات الثلاث

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) في شرح العروة 4 : 469 .

ــ[7]ــ

   وأمّا القسم الثاني فهو الوضوء للتجديد ، والظاهر جوازه ثالثاً ورابعاً فصاعداً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويقصدون بها الوضوء والغسل والتيمم ، فلا كلام في أنه بنفسه أمر مستحب ومما ندب إليه في الشريعة المقدسة ، لأن الله يحب المتطهرين فلا يحتاج حينئذ في صحته إلى قصد شيء من غاياته ، لأجل الاستحباب النفسي على الفرض .

   وإذا قلنا أن الطهارة كالملكية والزوجية وغيرهما من الاُمور الاعتبارية أمر مترتب على الغسلتين والمسحتين ، فلو كنّا نحن وما دلّ على أن الوضوء غسلتان ومسحتان لاكتفينا في الحكم بحصول الطهارة وترتبها عليهما بمجرد حصولهما في الخارج من غير اعتبار أي شيء آخر في صحتها ، كما كنّا نحكم بحصول الطهارة الخبيثة بمجرد غسل البدن والثياب من دون اعتبار شيء آخر في حصولها ، إلاّ أن الأدلة الدالة على أن الوضوء يعتبر فيه قصد القربة والاتيان به بنية صالحة ، دلتنا على أن الغسلتين والمسحتين غير كافيتين في حصول الطهارة ما لم يؤت بهما بنية صالحة مقربة . وعلى ذلك يمكن أن يؤتى بالوضوء بقصد شيء من غاياته المترتبة عليه من دخول المساجد والمشاهد وقراءة القرآن والصلاة المندوبة أو غير ذلك مما أشار إليه في المتن ، لأنه وقتئذ قد أتى بالغسلتين والمسحتين وأضافهما إلى الله سبحانه باتيانهما بقصد شيء من غاياته ، وقد فرضنا أنهما مع النية الصالحة محصلتان للطهارة بلا فرق في ذلك بين قصد الغاية التي تتوقف مشروعيتها على الوضوء كالصلاة الواجبة والمندوبة ، وما يتوقف عليه كمالها كالقراءة ودخول المساجد ونحوهما من غاياته .

   إذن فلا يعتبر في صحة الوضوء أن يؤتى به بغاية الصلاة أو الكون على الطهارة ويصح بذلك الوضوء بجميع الغايات المذكورة في المتن فليلاحظ .

   فقد اتضح بما سردناه الخلل في جملة من الاستدلالات على استحباب التوضؤ للغايات المذكورة في كلام الماتن (قدس سره) كما اتضح الوجه في جواز التوضؤ بجميع تلك الغايات المذكورة ، فلا حاجة إلى إطالة الكلام بالتعرض لحكم كل واحد واحد بالاستقلال .

ــ[8]ــ

أيضاً (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

    الوضوء التجديدي :

   (1) لاينبغي الاشكال في مشروعية الوضوء التجديدي في الشريعة المقدّسة، سواء تخلل بين الوضوءين فصل فعل كالصلاة ونحوها أو فصل زمان أم لم يتخلل ، كما لا  فرق في استحبابه بين ما إذا أتى به لنفسه ، وما إذا أتى به لأجل فعل آخر مشروط به من فريضة أو نافلة ، وأيضاً لا فرق في ذلك بين من يحتمل طروء الحدث في حقِّه ومن لا يحتمل ، فلا وجه للتفصيل بينها باشتراط الفصل بالفعل أو الزمان ، أو إرادة الاتيان بما يشترط فيه الوضوء في الثاني دون الأول ، والسر في ذلك أن الأخبار الواردة في الوضوء التجديدي على طائفتين :

   إحداهما :  ما ورد في موارد خاصة من صلاة المغرب والفجر ونحوهما .

   ثانيتهما :  ما ورد في استحباب مطلق التجديد .

   أمّا الطائفة الاُولى : فمنها :  موثقة سماعة بن مهران قال : «كنت عند أبي الحسن (عليه السلام) فصلّى الظهر والعصر بين يدي وجلست عنده حتى حضرت المغرب فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ثم قال لي : توض ، فقلت جعلت فداك أنا على وضوء فقال : وإن كنت على وضوء ، إن من توضأ للمغرب كان وضوءه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في يومه إلاّ الكبائر ، ومن توضأ للصبح كان وضوءه ذلك كفّارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلاّ الكبائر» (1) .

   ومنها : ما رواه أيضاً سماعة بن مهران قال : «قال أبو الحسن موسى (عليه السلام) من توضأ للمغرب كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته إلاّ الكبائر» (2) وزيد عليه في رواية الكافي قوله : «ومن توضأ لصلاة الصبح كان وضوءه ذلك كفّارة

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 1 : 376 / أبواب الوضوء ب 8 ح 2 ، 1 .

ــ[9]ــ

لما مضى من ذنوبه في ليلته إلاّ الكبائر» (1) .

   ومنها : رواية أبي قتادة عن الرضا (عليه السلام) قال : «تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو لا والله وبلى والله» (2) ومنها غير ذلك من الروايات .

   وأمّا الطائفة الثانية : فمنها : ما رواه محمد بن مسلم (3) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «قال أمير المؤمنين (عليه السلام) الوضوء بعد الطهور عشر حسنات فتطهروا» (4) .

   ومنها : رواية المفضل بن عمر عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال : «من جدّد وضوءه لغير حدث جدّد الله توبته من غير استغفار» (5) .

   ومنها : غير ذلك من الأخبار . ومقتضى إطلاق هذه الروايات عدم الفرق في استحباب الوضوء التجديدي بين التخلل بفصل فعل أو زمان بين الوضوءين وعدمه ، ولا بين الاتيان به لنفسه وإتيانه لأجل فعل آخر مشروط به ، ولا بين احتمال طروء الحدث في حقه وعدمه ، بل مقتضى إطلاقها هو الحكم باستحباب التجديد ثالثاً ورابعاً فصاعداً ، كما إذا توضأ بغاية قراءة القرآن ثم توضأ بغاية الصلاة المندوبة ثم توضأ بغاية ثالثة مستحبة وهكذا .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الكافي 3 : 70 / 5 .

(2) الوسائل 1 : 377 / أبواب الوضوء ب 8 ح 6 .

(3) الرواية قد وقع في سندها القاسم بن يحيى عن جده الحسن بن راشد ، وهما وإن لم يوثقا في كتب الرجال غير أنهما ممن وقع في أسانيد كامل الزيارات فلا بدّ من الحكم بوثاقتهما .

         ولا يعارضـه تضعيف العلاّمة [ في الخلاصة : 334 ، 389 ] وابن الغضائري [ حكى عنه في الخلاصة ] لهما ، لأن الكتاب المنتسب إلى ابن الغضائري الذي منه ينقل تضعيفاته وتوثيقاته لم يثبت أنه له وإن كان له كتاب ولا بأس بالاعتماد على مدحه وقدحه في نفسه .

         وأمّا العلاّمة (قدس سره) فلأن تضعيفاته كتوثيقاته مبتنية على حدسه واجتهاده ، لتأخّر عصره الموجب لضعف احتمال استناده في ذلك إلى الحس والنقل ، إذن فالرواية لا بأس بها من حيث السند ولا بدّ من الحكم بصحتها .

(4) ، (5) الوسائل 1 : 377 / أبواب الوضوء ب 8 ح 10 ، 7 .

ــ[10]ــ

   وأمّا الغسل فلا يستحب فيه التجديد ((1)) بل ولا الوضوء بعد غسل الجنابة ، وإن طالت المدّة (1).

ــــــــــــــــ

(1) لا يبعد الاستحباب فيه أيضاً ، والأولى الاتيان به رجاءً .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net