عدم جواز المسح على الحائل - المسح على الحائل عند الاضطرار 

الكتاب : التنقيح في شرح العروة الوثقى-الجزء الخامس:الطهارة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 7059


ــ[131]ــ

وكذا لا يجوز على النابت في غير المقدّم وإن كان واقعاً على المقدّم (1) ولا يجوز المسح على الحائل من العمامة أو القناع أو غيرهما وان كان شيئاً رقيقاً لم يمنع عن وصول الرطوبة إلى البشرة (2) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن العضو كما مرّ ، إلاّ أن القرينة الخارجية دلتنا على كفاية المسح على الشعر النابت على المقدم والرأس ، ولا قرينة على جواز الاجتزاء بمسح الشعر النابت على أطرافه إذا تدلّى إليه بنفسه ونزل على المقدّم .

   فما ربما يظهر من المحقق الهمداني (قدس سره) من الميل إلى الحكم بالاجتزاء (1) فمما لا يمكن المساعدة عليه .

   وأما الشعور النابتة على أطرافه المتدلية إلى المقدم بواسطة العلاج كالخرقة واليد ونحوهما فلا كلام في عدم كفاية المسح عليها ، لعدم كونها معدودة من شعور المقدم ولا من توابعه عرفاً .

   (1) ظهر الوجه في ذلك مما بيّناه في التعليقة المتقدمة فلاحظ .

    عدم جواز المسح على الحائل :

   (2) للأدلة الدالة على وجوب مسح المقدم والرأس ، لأنها تدلنا بأنفسها على عدم كفاية المسح على الحائل من العمامة والقناع ونحوهما ، إذ لا يطلق على الحائل عنوان المقدّم والرأس فلا يكون المسح عليهما مسحاً على الرأس أو المقدم ، مضافاً إلى الأخبار الآمرة بوجوب رفع العمامة أو إدخال الاصبع تحتها والمسح على الرأس (2) .

   خلافاً لما ذهب إليه جماعة من العامة من جواز المسح على الحائل إما مطلقاً أو فيما إذا كان رقيقاً ، دون غير الرقيق على ما نقل عن أبي حنيفة (3) هذا .

 ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) مصباح الفقيه (الطهارة) : 156 السطر 21 .

(2) الوسائل 1 : 416 / أبواب الوضوء ب 24 ح 1 ، 2 .

(3) المجموع 1 : 407 ، بدائع الصنائع 1 : 5 ، المغني 1 : 340 .

ــ[132]ــ

   وقد ورد في روايتين جواز المسح على الحناء ، إحداهما : صحيحة عمر بن يزيد قال : «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء ، قال : يمسح فوق الحناء» (1) ، وثانيتهما : صحيحة محمد بن مسلم عن الصادق (عليه السلام) «في الرجل يحلق رأسه ثم يطليه بالحناء ثم يتوضأ للصلاة فقال : لا  بأس بأن يمسح رأسه والحناء عليه» (2) .

   وربما يجمع بينهما وبين الأخبار المتقدمة بحملهما على إرادة لون الحناء دون نفسه. ويدفعه : أن ذلك خلاف الظاهر ، بل خلاف الصريح في موارد من الصحيحتين .

   منها : قوله : «يمسح فوق الحناء» لأنه كالصريح في أن المراد به هو الجسم الخارجي الذي يتصوّر له فوق وتحت ، وظاهر أن اللون عرض وليس للأعراض تحت ولا فوق .

   ومنها : قوله : «ثم يطليه بالحناء» وظهوره بل صراحته في إرادة الجسم الخارجي غير قابل للانكار ، فان الطلي بماء الحناء أمر غير معهود .

   ومنها : قوله «والحناء عليه» فانه أيضاً ظاهر في الجسم الخارجي ، فهذا الجمع غير صحيح .

   والصحيح أن تحمل الصحيحتان على التقيّة ، وذلك لأن الروايتين وإن وردتا في الحناء إلاّ أن احتمال إرادة خصوصه مقطوع الفساد ، إذ لم يقل أحد بأن للحناء ـ  بين الأجسام الخارجية  ـ خصوصية تقتضي الحكم بكفاية المسح عليه دون مثل السدر وغيره من الأجسام .

   وعلى ذلك فالقول بجواز المسح على الحناء يستلزم القول بجواز المسح على بقية الأجسام الخارجية ، فاذا اُريد منهما جواز المسح على كل جسم حائل لعارضتهما الأخبار الكثيرة المشهورة التي دلت على وجوب مسح المقدم أو الرأس من دون أن يكون عليهما شيء يمنع عن وقوع المسـح على البشرة ، وبما أن تلك الروايات من

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ، (2) الوسائل 1 : 455 / أبواب الوضوء ب 37 ح 3 ، 4 .

ــ[133]ــ

   نعم في حال الاضطرار لا مانع من المسح ((1)) على المانع كالبرد ، أو إذا كان شيئاً لا يمكن رفعه (1) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الروايات المشهورة ، والروايتان من الأخبار النادرة فلا مناص من أخذها وضرب الروايتين على الجدار ، هذا .

   وفي الوسائل(2) والحدائق(3) وكذا صاحب المعالم في المنتقى(4) حمل الروايتين على صورة الاضطرار والتداوي بالحناء . ويؤيده عدم تعارف طلي الرأس بالحناء ـ  بعد الحلق  ـ إلاّ لضرورة التداوي والعلاج به .

   ولكن هذا الحمل في طول ما قدّمناه ، لأنه على ما سردناه لم يثبت اعتبار الروايتين حتى نحملهما على ضرورة التداوي والعلاج ، إذ قد عرفت أنهما معارضتان مع الأخبار المشهورة المعروفة ، ولا مناص من إلغائهما لندرتهما ، ويجب الأخذ بالمشهورة كما عرفت . وممّا يؤيِّد ما ذكرناه مرفوعة محمد بن يحيى المتقدِّمة (5) ، لأنها قد نصّت بعدم الجواز حتى يصيب بشرة رأسه بالماء .

    المسح على الحائل عند الاضطرار :

   (1) يأتي الكلام على تفصيل هذه المسألة في أحكام الجبائر إن شاء الله (6) وحاصل ما نبيّنه هناك : أن مقتضى الأخبار الآمرة بمسح الرأس ، بل مقتضى الآية المباركة أيضاً لزوم كون المسح واقعاً على بشرة الرأس ـ بالمعنى الأعم من نفسها وشعرها ـ ومقتضى هذا أن كون المسح واقعاً على البشرة من مقومات الوضوء المأمور  به ، وأنه

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فيه إشكال ، والأظهر عدم الاجتزاء به .

(2) الوسائل 1 : 456 .

(3) الحدائق 2 : 311 .

(4) منتقى الجمان 1 : 164 .

(5) في ص 130 .

(6) في المسألة [ 608 ] .

ــ[134]ــ

لا يتحقّق في الخارج إلاّ بذلك ، فاذا عجز المكلف من إيقاع المسح على البشرة ـ  بالمعنى المتقدِّم ـ  سقط عن التكليف بالوضوء لا محالة ، وانتهت التوبة في حقه إلى التيمم .

   وقد خرجنا عن ذلك في الدواء الملصق بالبشرة بما دلّ على أن المسح على الدواء بمنزلة المسح على البشرة ، كما دلّ الدليل على أن المسح على الحائل كالعمامة والخف ونحوهما إذا كان للتقية والاضطرار أيضاً مجزئ في مقام الامتثال ، وأن المسح عليه كالمسح على نفس البشرة ، ويأتي في محلِّه إن شاء الله أن العمل الاضطراري المستند إلى التقيّة كالاتيان بالمأمور  به الواقعي الأوّلي لقوله (عليه السلام) «التقيّة ديني ودين آبائي ، ولا دين لمن لا تقيّة له ، ولا إيمان لمن لا تقيّة له» (1) وغير ذلك من العمومات . فمن خاف من أن يترتب على إيقاع المسح على البشرة قتل أو ضرب أو هتك ـ  لدلالته على تشيّعه  ـ فله أن يمسح على الحائل من خف أو عمامة أو نحوهما ، وأنه كالمسح على البشرة في مقام الامتثال . وهذه العمومات المذكورة وإن لم تخل عن بعض المناقشات ـ  كما يأتي في محلِّها  ـ إلاّ أن الأدلة الخاصة الواردة في إجزاء المأمور  به الاضطراري المستند إلى التقيّة عن المأمور  به الواقعي كافية في إثبات المدعى .

   وأما إذا كان الاضطرار مستنداً إلى غير التقيّة وكان الحائل أمراً آخر غير الدواء فمقتضى الاطلاقات المتقدمة سقوط الأمر بالوضوء عن المكلف وقتئذ ، ووصول النوبة إلى التيمم في حقه ، لعدم تمكنه من المسح على البشرة ، وقد عرفت أنه من مقوّمات الوضوء ، إلاّ أن يدعى القطع بعدم الفرق بين الدواء وغيره من أقسام الحائل ، أو يقوم دليل بالخصوص على أن المسح على غير البشرة كالمسح على البشرة ، وكلا الأمرين مفقود في المقام ، إذ ليس لنا قطع وجداني بعدم الفرق بينهما ، كما لم يقم أيّ دليل بالخصوص على كفاية المسح على غير البشرة في الوضوء ، ومعه تصل النوبة إلى التيمم لا محالة .

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الوسائل 16 : 203 / أبواب الأمر والنهي ب 24 ، 25 .




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net