ــ[143]ــ
الرابع : مسح الرِّجلين (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بالانحراف ، كما إذا مسح من إحدى زوايا المثلث إلى ما يقابله من الضلع ، فان مقدّم الرأس مثلث الشكل لا محالة .
وأمّا ما ورد من أن الأمر في المسح موسع(1) فلعله ناظر إلى أن المسح ليس كالغسل الذي يعتبر أن يكون من الأعلى إلى الأسفل ، بل يجوز فيه النكس أيضاً ، وأما أن الانحراف فيه سائغ أو لا فهو مما لا يستفاد من الرواية . على أنها إنما وردت في مسح الرجلين دون الرأس .
مسح الرِّجلين :
(1) للآية المباركة والأخبار المتضافرة ، بل لا يبعد دعوى تواترها ، أما الآية المباركة فهو قوله عزّ من قائل (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم )(2) بالجر أو النصب على اختلاف القراءتين ، فإن قرأنا (أرجلكم ) بالجر فيكون معطوفة على (رؤوسكم ) ومعناه : فامسحوا برؤوسكم وامسحوا بأرجلكم ، وإذا قرأنا بالنصب كما هو قراءة عاصم في رواية حفص ـ وهو الذي كتب القرآن على قراءته ـ فيكون معطوفة على محل (رؤوسكم ) والمعنى حينئذ : وامسحوا برؤوسكم وامسحوا أرجلكم ، وعلى كلا التقديرين تدلّنا الآية المباركة على وجوب مسح الرجلين .
واحتمال أن تكون (وأرجلكم ) ـ على قراءة النصب ـ معطوفة على (أيديكم) و (وجوهكم ) ليكون معنى الآية المباركة فاغسلوا وجوهكم وامسحوا برؤوسكم واغسلوا أرجلكم ، فهو مما لا يناسب الأديب ، لعدم جواز الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجملة الأجنبية ، فضلاً عن كلام الخالق الذي هو في أرقى درجات البلاغة والإعجاز .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 407 / أبواب الوضوء ب 20 ح 3 .
(2) المائدة 5 : 6 .
ــ[144]ــ
من رؤوس الأصابع إلى الكعبين (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وأمّا الأخبار فقد ورد الأمر بالمسح على الرجلين في جملة من الأخبار الكثيرة حتى بالغ فيها السيد (قدس سره) في الانتصار حيث قال : إنها أكثر من عدد الرمل والحصى (1) ، على ما نقله صاحب الجواهر (2) وغيره .
مبدأ المسح في الرجلين :
(1) كما هو المشهور بين أصحابنا ، بل ادعي عليه الاجماع في كلماتهم. وعن الشهيد في الذكرى احتمال عدم وجوب المسح إلى الكعبين (3) . واختاره صريحاً في المفاتيح (4) . ونفى عنه البعد في رياض المسائل (5) ومال إليه واختاره صاحب الحدائق (قدس سره) وإن ذكر أخيراً أن المسح إلى الكعبين هو الأحوط (6) .
ويدل على مسلك المشهور قوله عزّ من قائل : (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين )(7) فان قوله عزّ من قـائل (إلى الكعبين ) غاية للممسـوح وحد للمسح ، وليس غاية له ، إذ لا يعتبر الانتهاء في المسح إلى الكعـبين ، لجواز النكس والانتهاء إلى الأصابع كما ذكرناه في الغسل ، فان قوله تعالى (إلى المرافق ) غاية للمغسول وحد للغسل ، لا أنه غاية له وهو نظير قولنا : اكنس الدار من هنا إلى هنا فان معناه أن وجوب الكنس إنما هو في هذا المقدار الواقع بين المبدأ والمنتهى من دون نظر إلى المبدأ والمنتهى ، فله أن يكنس من هذا الطرف إلى الطرف الآخر كما له العكس
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الانتصار : 111 .
(2) الجواهر 2 : 206 .
(3) الذكرى : 89 السطر 1 .
(4) لاحظ مفاتيح الشرائع 1 : 44 .
(5) لاحظ رياض المسائل 1 : 238 .
(6) لاحظ الحدائق 2 : 295 .
(7) المائدة 5 : 6 .
ــ[145]ــ
فلم يتعلّق الغرض بالابتداء والانتهاء وإنما الغرض بيان المقدار الذي يجب غسله أو مسحه .
ومن هنا لو كنّا نحن وهذه الآية المباركة لقلنا بجواز الغسل من الأعلى إلى الأسفل وعكسه ، ولكن الأخبار منعتنا عن الأخذ باطلاقها ، ولأجلها خصصنا الغسل الواجب بالغسل من المرافق إلى الأصابع .
وأما الاطلاق في طرف الأمر بالمسح فهو باق على حاله ولم يدلنا دليل على تقييده ، إذن لا مانع من الأخذ به والحكم بجواز المسح في الرجلين من الكعبين إلى الأصابع وبالعكس ، ولم يتعلق الغرض بتعيين المبدأ والمنتهى ، وإنما الغرض بيان مقدار المسح وأن الممسوح لا بدّ أن يكون بالمقدار الواقع بين الأصابع والكعبين ، سواء أ كان المبدأ هو الأصابع والمنتهى هو الكعبان أو كان الأمر بالعكس .
وأيضاً تدل على ذلك الأخبار البيانية وغيرها مما اشتملت على الأمر بمسح الرجلين إالى الكعبين فليراجع .
|