ــ[169]ــ
وإن كان شعر على ظاهر القدمين فالأحوط الجمع بينه ((1)) وبين البشرة في المسح (1)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نعم ، يمكن أن يقال إن عملهم (عليهم السلام) لا يدل على وجوب ذلك وتعينه لاحتمـال أن يكون مسح اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى مستنداً إلى اسـتحبابه ولأجله لم يهتم الرواة بنقله ، ولكن هذا الاحتمال غير مانع عن الأخذ بظاهر الصحيحة في الوجوب كما هو ظاهر .
فالمتحصل أن المتعيّن مسح الرجل اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى .
الأحوط الجمع في المسح :
(1) قد مرّ وعرفت أن الشعر النابت على الوجه لا بدّ من غسله في الوضوء ، ولا يجزئ غسل البشرة عن غسله ، وأما النابت على اليدين فقد عرفت أنه لا بدّ من غسله مع اليدين كوجوب غسل غيره من التوابع كاللحم الزائد ، إذ الاصبع الزائدة النابتة بين الأصابع والمرافق وإن لم يكن غسله مجزئاً عن غسل البشرة ، إلاّ أنه تبعاً للبشرة لا بدّ من غسله معها .
وأما النابت على الرأس فهو أيضاً لا بدّ من مسحه ويجزئ عن مسح نفس البشرة لأن الشعر وإن كان جسماً خارجياً غير الرأس الواجب مسحه ، إلاّ أن الرأس لما لم يكن خالياً عن الشعر غالباً أو دائماً كان الأمر بمسح الرأس راجعاً إلى الأمر بمسح ما عليه من الشعر ، لغلبة وجوده معه .
وأما الشعر النابت على الرجلين ، فقد وقع محل الخلاف بين الأعلام ، فمنهم من ذهب إلى عدم إجزاء مسح الشعر عن مسح البشرة فلا بدّ من مسح بشرتهما ، نظراً إلى
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إذا كان الشعر بالمقدار المتعارف فلا ريب في جواز المسح على ظاهر القدم على ما هي عليه ، وإذا كان خارجاً عن المتعارف فلا ريب في تعيّن المسح على البشرة .
ــ[170]ــ
أن كلمة الرِجل موضوعة لنفس البشرة ، والشعر جسم خارجي قد ينبت على الرجلين وقد لا ينبت ، فالأمر بمسح الرجلين يقتضي وجوب مسح بشرتهما وعدم كفاية مسح الشعر عن مسحهما .
ومنهم من قال بكفاية مسح الشعر عن مسح البشرة ، لأنه معدود من توابعهما والأمر بمسحهما أمر بمسح التوابع لا محالة ، وأن إنكار ذلك مكابرة للوجدان وتكذيب لما أطبقت عليه كلمة العرف ، ومن هنا لو أمر السيد عبده بامرار يده على ساقه أو ساعده أو غيرهما من أعضائه لم يخطر بباله إزالة شعرهما أوّلاً مقدمة للامتثال .
والمـاتن (قدس سره) لما لم يرجّح أحد الأمرين على الآخر توقف في المسألة واحتاط احتياطاً لزومياً بالجمع بين مسح كل من الشعر والبشرة ، هذا .
ولكن الاحتياط لا نرى له وجهاً في محل الكلام ، لأنه إنما يحسن فيما إذا دار الأمر بين وجوب مسح البشرة على نحو لا يجزئ عنه مسح شعرها ، ووجوب مسح الشعر على نحو لا يجزئ عنه مسح البشرة ، مع أن الأمر ليس كذلك ، لأن الشعر النابت على الرجلين إن كان خفيفاً بحيث لا يمنع عن رؤية البشرة كما هو الموجود في كل انسان متعارف حيث ينبت الشعر على أصابعه بل وعلى كعبه وأطرافه من دون أن يمنع عن وقوع الابصار على بشرته ، فلا إشكال في جواز المسح عليه وإجزاء ذلك عن مسح البشرة نفسها ، لأن الشعر وإن كان جسماً خارجياً غير البشرة ، إلاّ أن الرجل لما لم تكن خالية عن الشعر المتعارف كما عرفت كان الأمر بمسحها أمراً بمسح شعرها المتعارف أيضاً على ما تقدّم تفصيله (1) عند التكلّم على مسح الرأس ، والمسح على مثل ذلك لو لم يكن مجزئاً عن المأمور به في مقام الامتثال للزم أن ينبه عليه في الكلام فعدم البيان في مثله دليل على كفاية المسح على الشعر لا محالة .
ودعوى أن الشعر قد لا ينبت على الرجل ويبقى موضع المسح خالياً عن الشعر ومعه لا يكون وجود الشعر على الرجل أمراً دائمياً بل ولا غالبياً ، مندفعة بأنها لو
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) في ص 129 .
ــ[171]ــ
وتجب إزالة الموانع والحواجب (1) واليقين بوصول الرطوبة إلى البشرة ولا يكفي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تمّت فإنما تختص بغير الأصابع ، لأن الأصابع ينبت عليها الشعر دائماً ولا يوجد بحسب المتعارف إنسان إلاّ وقد نبت الشعر على أصابعه ، بل وعلى كعبه وأطراف كعبه ، بحيث لو مسح من أوّل أصابعه إلى كعبيه على نحو الخط المستقيم لم يصل الخط إلى كعبيه إلاّ بالمرور على الشعر في مقدار من رجله . نعم ، لو مسح على نفس البشرة أيضاً كان كافياً في مقام الامتثال ، هذا كلّه فيما إذا كان الشعر خفيفاً لا يمنع عن وقوع الابصار على البشرة .
وأمّا إذا كان الشعر كثيراً وخارجاً عن المتعارف ، كما إذا نبت على تمام رجله أو أكثره على نحو يمنع عن رؤية البشرة تحته ، فلا ريب في جواز المسح على نفس البشرة وقتئذ ، لأن الشعر خارج عن الرجل وليس أمراً متعارفاً ليشمله الأمر بمسح الرجل ولا دليل على أن مسحه يجزئ عن المسح المأمور به .
وأما صحيحة زرارة «كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد (للعباد) أن يبحثوا عنه ، ولكن يجرى عليه الماء» (1) ، فقد قدّمنا (2) أنها تختص بالوجه ولا يعم غيره . على أن الكلام في المقام إنما هو في المسح والصحيحة مختصة بالغسل بلا كلام ، لما في ذيلها من قوله (عليه السلام) : «يجرى عليه الماء» وذلك لأن الجريان لا يتحقق إلاّ في الغسل ، وهذا ظاهر .
فالمتحصل أن مسح البشرة مجزئ على كل حال ، ومعه لا مجال لما صنعه الماتن (قدس سره) من الاحتياط بالجمع في المسح بين البشرة والشعر .
يجب إزالة الموانع :
(1) لظاهر الكتاب والسنّة ، لدلالتهما على وجوب مسح الرجلين ، ومن الظاهر أن
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الوسائل 1 : 476 / أبواب الوضوء ب 46 ح 2 ، 3 .
(2) في ص 84 .
|