[فصل في وجوب زكاة الفطرة]
فصل في زكاة الفطرة «1» و
هي واجبة إجماعاً من المسلمين (1) و من فوائدها أنّها تدفع الموت في تلك السنة
عمّن أُدّيت عنه «2» و منها أنّها توجب قبول الصوم، فعن الصادق (عليه السلام) أنّه قال لوكيله «3»: (اذهب فأعط من عيالنا الفطرة أجمعها؛ و لا تدع منهم أحداً فإنّك إن تركت
منهم أحداً تخوّفت عليه الفوت، قلت: و ما الفوت؟ قال (عليه السلام): الموت) «4»
______________________________
(1) من الخاصة و العامة، و لم يذكر الخلاف في ذلك إلّا عن شاذّ من العامّة
______________________________
(1) الفطرة: فعلة، من الفطر بمعنى الشقّ لغة،
و استعمل في الخلق أيضاً، و شرعاً: اسم لما يخرج بعنوان زكاة الفطرة، و سيأتي وجه
التسمية في المتن و الهامش من ص 12 و 15.
(2) دلّت عليه موثقة معتب المذكورة في المتن
لكنّها لم تقيّد بتلك السنة، إلّا أن يقال: باستفادة ذلك من تكرّر الفطرة سنوياً.
(3) و هو معتّب مولى أبي عبد اللّٰه الصادق
(عليه السلام) و هو ثقة، وثّقه الشيخ، و قد ورد عنه (عليه السلام): موالي عشرة
خيرهم معتّب، و في رواية اخرى: هم عشرة يعني مواليه فخيرهم و أفضلهم معتّب، رواهما
معجم رجال الحديث في ترجمة معتّب.
(4) الوسائل: ج 6، ص 228، الحديث 5، من الباب
5 من أبواب زكاة الفطرة، و ليس ما ذكره الماتن (قدّس سرّه) نصّها، و إليك النصّ:
(اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة و عن الرقيق و أجمعهم، و لا تدع منهم أحداً، فإنّك إن
تركت منهم إنساناً تخوّفت عليه الفوت، قلت: و ما الفوت؟ قال: الموت).
فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 12
و عنه (عليه السلام): (إنّ من تمام الصوم
إعطاءُ الزكاة، كما أنّ الصلاة على النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) من تمام
الصلاة، لأنّه من صام و لم يؤدّ الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمّداً، و لا صلاة
له إذا ترك الصلاة على النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) إنّ اللّٰه تعالى قد
بدأ بها قبل الصلاة و قال «قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى. وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى») «1». و المراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة «2»، كما يستفاد من بعض الأخبار المفسِّرة للآية «3» و الفطرة إمّا بمعنى الخلقة، فزكاة الفطرة أي: زكاة
______________________________
على ما في الجواهر «1»، و رواياتنا كثيرة في ذلك «2» و في صحيحة هشام عن الصادق (عليه السلام):.
نزلت الزكاة و ليس للناس أموال و إنّما كانت الفطرة «3».
فتدلّ على أنّ ما وجب أوّلًا هي زكاة الفطرة ثمّ زكاة المال، و من هذه الصحيحة
______________________________
(1) ورد ذلك في صحيحة أبي بصير و زرارة، و
لكن نصّ الرواية يختلف عمّا في المتن في الجملة، راجع الوسائل: ج 6، ص 221، الباب
1 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 5.
(2) بل في نص الصحيحة على ما في الوسائل التصريح
بذلك لقوله (عليه السلام): «إنّ من تمام الصوم إعطاء الزكاة يعني الفطرة».
(3) الآية رقم 14 و 15 من سورة الأعلى، و من
الأخبار المفسِّرة مرسلة الصدوق (. «قَدْ
أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى»، قال: من أخرج
الفطرة.) الوسائل: ج 6، ص 247، الباب 12 من أبواب زكاة الفطرة، ذيل الحديث 6.
(1) الجواهر: ج 15، ص 484 قال: «وجوبها في
الجملة إجماعي بين المسلمين إلّا من شذّ من أصحاب مالك» ثمّ قال: «و نصوصنا
متواترة فيه؛ بل هو من ضروريات الفقه».
(2) راجع الوسائل: ج 6، الباب 1 و 5 و 6 من
أبواب زكاة الفطرة.
(3) الوسائل: ج 6، ص 220، الباب 1 من أبواب
زكاة الفطرة، الحديث 1.
فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 13
البدن من حيث إنّها تحفظه عن الموت «4» أو تطهره عن الأوساخ «5» و إمّا
______________________________
يعلم أنّ الأحكام الواردة للزكاة تشملهما إلّا ما اختصّ بإحداهما بالدليل «1» و في عدّة من الروايات: أنّ المراد من الزكاة في بعض آياتها هي الفطرة أو ما
يعمّ زكاة الفطرة لكنّها كلّها ضعيفة «2».
______________________________
(4) و يستفاد ذلك من موثقة معتّب عن الصادق
(عليه السلام) و قد نقلناها في ص 11 الهامش رقم 4.
(5) و لعلّه لما ورد بمضمون أنّ الزكاة أوساخ
الناس، و نزّه اللّٰه تعالى آل محمّد عنها، و جعل الخمس لهم بدلًا، عنها و قد دلّت
على ذلك عدّة من الروايات منها صحيحة الفضلاء، الوسائل: ج 6، ص 186، الباب 29 من
أبواب المستحقّين للزكاة، الحديث 2.
و منها رواية عبد اللّٰه العلوي، في المصدر:
الحديث 7.
و منها مرسلة حمّاد في المصدر ص 189، الباب
32، الحديث 3.
و منها الحديث 1 و 4 و 7 و 8 و 9 و 10 من
الباب 1 من أبواب قسمة الخمس من الوسائل ج 6 من ص 355 إلى ص 360.
و غيرها من الروايات الكثيرة.
(1) كاختصاص زكاة المال بأهل الولاية، دون
الفطرة فإنّه يجوز إعطاؤها إلى المستضعف من المخالفين عند عدم وجود المؤمنين.
و كاختصاص زكاة الفطرة بعدم جواز النقل مع
وجود المستحق في البلد-، دون زكاة المال فإنّه يجوز نقلها من البلد مع وجود
المستحقّ فيه على ما هو الصحيح.
(2) و هي في الوسائل ج 6 في أبواب زكاة
الفطرة.
و منها ما ورد في خصوص زكاة الفطرة:
1 رواية إسحاق بن المبارك قال: «سألت أبا
إبراهيم (عليه السلام) عن صدقة الفطرة، أ هي ممّا قال اللّٰه «أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ»؟ فقال: نعم» الحديث المصدر ص 222، الباب 1،
الحديث 9.
و هي ضعيفة بإسحاق بن المبارك، لأنّه لم
يوثّق فهو مجهول الحال.
2 رواية إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن
(عليه السلام) قال: «سألته عن صدقة الفطرة، أ واجبة هي بمنزلة الزكاة؟ فقال: هي
ممّا قال اللّٰه «أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ»، هي واجبة» المصدر: الباب 1، الحديث 10.
و هي ضعيفة لكون مصدرها تفسير العياشي و
الطريق مجهول.
3 رواية إسحاق بن عمّار قال: «سألت أبا عبد
اللّٰه (عليه السلام) عن قول اللّٰه عزّ و جلّ «أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا الزَّكٰاةَ»، قال: هي الفطرة التي افترض اللّٰه على
المؤمنين» المصدر: الباب 1، الحديث 11.
و هي ضعيفة لما ذكر في الرواية السابقة.
4 رواية سالم بن مكرم الجمّال، عن أبي عبد
اللّٰه (عليه السلام) قال: «أعطِ الفطرة قبل الصلاة، و هو قول اللّٰه «وَ أَقِيمُوا الصَّلٰاةَ وَ آتُوا
الزَّكٰاةَ.»» المصدر: ص 247، الباب 12، الحديث 8.
و هي ضعيفة بما ذكر في الرواية السابقة من
كون طريق العياشي مجهولًا.
5 مرسلة الصدوق: « «. قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى»، قال: من أخرج الفطرة.» الوسائل: ج 6، ص 247 الباب 12 من
زكاة الفطرة، ذيل الحديث 6.
6 مرسلة عليّ بن إبراهيم في (تفسيره) قال:
«قال الصادق (عليه السلام) في قوله تعالى حكاية عن عيسى «وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلٰاةِ وَ الزَّكٰاةِ» قال: زكاة الرؤوس لأنّ كلّ الناس ليست لهم
أموال، و إنّما الفطرة على الفقير و الغني و الصغير و الكبير». الوسائل: ج 6، ص
225، الباب 2 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 12.
فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 14
بمعنى الدين أي: زكاة الإسلام و الدين «1» و إمّا بمعنى الإفطار لكون-
______________________________
و على كل فالروايات الواردة في وجوب زكاة الفطرة كثيرة جدّاً «2» و
سيجيء ذكرها، فلا مجال للمناقشة و الإشكال في وجوبها على المسلمين.
______________________________
(1) يستفاد ذلك من صحيحة أبي بصير، و زرارة
المشار إليها في ص 12 الهامش رقم 1 و 2.
(2) راجع الوسائل: ج 6، ص 220، الباب 1 من
أبواب زكاة الفطرة و غيره.
فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 15
وجوبها يوم الفطر «3».
______________________________
(3) ذكر المسالك و غيره: «أن يكون الفطرة من
الإفطار، أي: الزكاة المقارنة ليوم الفطر»، الجواهر: ج 15، ص 484 ثمّ قال: و هو
المغروس في الأذهان المنساق إليها انتهى.
أقول: و حاصل وجه التسمية: أنّ المراد
بالفطرة إمّا الخلقة أو الدين أو الفطرة من الصوم، و المعنى على الأول: زكاة الخلقة،
أي: البدن، و على الثاني: زكاة الدين و الإسلام، و على الثالث: زكاة الفطر من
الصوم.
فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 17
..........
______________________________
و الكلام في شرائط وجوبها و من تجب عليه و في من تجب عنه و في جنسها و في قدرها و
في وقتها و في مصرفها فهنا فصول «1»
______________________________
(1) و هي خمسة: لادماجه (من تجب عليه) في فصل
(شرائط وجوبها).
و ذكره (قدرها) في فصل (جنسها).
|