فصل في مَنْ تجب عَنْهُ 

الكتاب : فقه العترة في زكاة الفطرة   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6547

[فصل في مَنْ تجب عَنْهُ]

فصل في مَنْ تجب عَنْهُ

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 88‌

..........

______________________________
شرائط وجوب زكاة الفطرة (وجوبها على المكلّف عن نفسه و عياله و الزوجة و الضيف) العيال و فروعه في المسألة 2، 6، 8، 11، 13، 14، 15، 16 الزوجة و الفطرة مسألة 3، 19 التوكيل في دفع الفطرة مسألة 5 الهاشمي و الفطرة مسألة 7 الغائب عن عياله مسألة 9، 20 المملوك المشترك مسألة 10 فطرة الرضيع مسألة 12 النازل القهري مسألة 17 الموت حوالي الغروب مسألة 18

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 89‌

..........

______________________________
فصل في مَنْ تَجبْ عَنْهُ يجب إخراجها بعد تحقّق شرائطها عن نفسه، و عن كلّ من يعوله (1) حين دخول

(1) الروايات في ذلك متضافرة، و جملة منها واضحة سنداً و دلالة:

(منها): صحيحة صفوان الجمّال، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الفطرة؟ فقال: عن الصغير و الكبير و الحرّ و العبد عن كلّ إنسان منهم صاع من حنطة أو صاع من تمر أو صاع من زبيب «1». رواها الصدوق بإسناده عن ابن أبي نجران و السند معتبر و بإسناده عن علي بن الحكم جميعاً عن صفوان الجمّال.

و دلالتها واضحة.

و (منها): صحيحة عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطرة، يؤدّي عنه الفطرة؟ فقال: نعم، الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك «2».

الدلالة واضحة، و السند تامّ؛ لأنّ الصدوق رواها بإسناده عن الحسن بن محبوب، عن عمر بن يزيد، و طريق الصدوق إلى الحسن بن محبوب، عن‌

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 1، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة، رواها المشايخ الثلاث.

(2) الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 2، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 90‌

ليلة الفطر (1)، من غير فرق بين واجب النفقة عليه و غيره، و الصغير و الكبير، و الحرّ و المملوك، و المسلم و الكافر، و الأرحام و غيرهم، حتى المحبوس عنده و لو على وجه محرم (2)،

______________________________
محمّد بن موسى بن المتوكّل، عن سعد بن عبد اللّٰه، و عبد اللّٰه بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب
«1» و محمّد بن موسى ابن المتوكّل هذا شيخ الصدوق و هو و إن لم يوثق في كتب الرجال إلّا أنّ السيّد ابن طاوس ذكر في فلاح السائل عدّة من الأصحاب منهم: (محمّد) هذا، و منهم: إبراهيم بن هاشم، و ادّعى الإجماع على وثاقتهم و بهذا تثبت وثاقته.

فالطريق على الظاهر صحيح، و على فرض عدم ذلك فالشيخ رواها بطريق صحيح بإسناده إلى الحسن بن محبوب.

فأصل الحكم لا إشكال فيه.

(1) سنذكر وقت الوجوب مبدأً و منتهى في محلّه «2».

(2) و مثل الحبس المذكور إبقاء امرأة عنده على وجه محرّم، أو كالمتعارف عند بعض من الدخول بالمرأة على أن يعقد عليها في المستقبل فهي باقية عنده على وجه محرّم، و بما أنّ هذه تعدّ من عياله، عليه فطرتها، و ذلك للإطلاقات الواردة في العيال و إطلاق كلمات الفقهاء.

______________________________
(1) الوسائل: ج 19، ص 346، تسلسل رقم 81.

(2) سنذكر مبدأ الوجوب في ص 215 و المنتهى في ص 224.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 91‌

و كذا تجب عن الضيف بشرط صدق كونه عيالًا له [1]

______________________________
(1) الأقوال في فطرة الضيف كثيرة، منها:

1 كفاية صدق العيال، و هو مختار الماتن (قدّس سرّه) و هو الحقّ «1».

2 كفاية صدق عنوان الضيف من دون تحديد بزمان «2».

3 كفاية صدق عنوان الضيف من دون اعتبار الأكل عنده و هو مسلك المسالك و الجواهر «3» و نسب إلى ابن إدريس و غيره.

4 اعتبار البقاء طيلة شهر رمضان «4».

5 اعتبار البقاء في النصف الأخير من شهر رمضان «5».

6 اعتبار البقاء في العشرة الأخيرة من شهر رمضان «6».

7 اعتبار البقاء في الليلتين الأخيرتين من الشهر «7».

8 اعتبار البقاء في آخر ليلة من شهر رمضان «1».

______________________________
(1) و سيأتي تحقيقه في ص 93 بقوله: (و الظاهر.).

(2) في الجواهر ج 15، ص 496 عن البيان: «. فيمكن الاكتفاء بمسمّى الضيافة في جزء من الشهر بحيث يدخل شوال و هو عنده، كما قال في المعتبر.».

(3) قال صاحب الجواهر ج 15، ص 498: «. و لقد أجاد في المسالك: الضيف نزيل الإنسان و إن لم يكن قد أكل عنده لأنّ ذلك هو المفهوم منه لغة و عرفاً.».

(4) عن الانتصار و الخلاف و الغنية الجواهر: ج 15، ص 495.

(5) عن المفيد في المقنعة الجواهر: ج 15. ص 495.

(6) عن جماعة المستمسك: ج 9، ص 397.

(7) في المصدر السابق عن الحلّي.

(1) عن العلامة، و نقله الجواهر: ج 15، ص 496 عن محكي المنتهي و قال: و نحوه في التذكرة و التحرير.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 92‌

..........

______________________________
9 اعتبار مسمّى الإفطار في شهر رمضان
«2».

و غير ذلك من الأقوال «3».

و العمدة من هذه الأقوال: الأولان، و هما: اعتبار صدق العيلولة و اعتبار صدق الضيف و إن لم يصدق العيال.

و مستندهما عدّة من الروايات:

(منها): صحيحة عمر بن يزيد قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطرة يؤدّي عنه الفطرة؟ فقال: نعم، الفطرة واجبة على كلّ من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حر أو مملوك «4».

السند التام، و قد سبق تحقيقه «5» لكن وقع الكلام في الدلالة و منه حدث القولان.

بيان ذلك:

أنّ قوله (عليه السلام): «نعم الفطرة واجبة على كل من يعول».

هل هو جملة واحدة؟ و عليه فعنوان الضيف لا يكفي، بل لا بدّ من صدق‌

______________________________
(2) و هو ظاهر الوسيلة و نهاية الشيخ كما في الجواهر ج 15، ص 496 في الدروس: الأقرب انّه لا بدّ من الإفطار عنده في شهر رمضان الجواهر: ج 15، ص 497.

(3) كآخر جزء من الشهر بحيث يهلّ الهلال و هو في ضيافته و إليه ذهب المعتبر و قال: و هذا هو الأولى كما في الجواهر: ج 15، ص 496.

(4) الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 2، من الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(5) في الصفحة 89.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 93‌

..........

______________________________
العيلولة في الضيف لوجوب الفطرة.

أو أنّه جملتان إحداهما قوله (عليه السلام): (نعم)، و الثانية قوله (عليه السلام): «الفطرة واجبة على كل من يعول» و عليه فعنوان الضيف يكفي لوجوب الفطرة؛ لأنّ قوله عليه السلام: (نعم)، تأييد لكلام السائل: «يؤدّي عنه الفطرة»، و المعنى: نعم يؤدّي عن الضيف الفطرة، ثمّ بدأ بجملة جديدة مستقلّة، و هي قوله (عليه السلام): «الفطرة واجبة على كلّ من يعول» و هي حكم عام شامل لمفاد الجملة الأُولى: (نعم) أي: حكم الضيف و غير الضيف واحد، و إلى هذا ذهب صاحب الجواهر «1».

و الظاهر هو الأوّل، أي: اشتراط صدق العيلولة في الضيف و عدم كفاية عنوان الضيف، و ذلك لأنّ الإمام (عليه السلام) جعل قوله: (نعم) صغرى لكبرى كلية و هي الجملة الثانية، أي قوله: «الفطرة واجبة على كلّ من يعول» فالمناط: العيلولة.

و (دعوى) عدم صدق العيال على الضيف إلّا بالإضافة إلى اليوم أو الشهر أو السنة مثلًا فيقول: عياله هذا اليوم و هكذا، أمّا على الإطلاق فلا يصدق عليه العيال على ما ادّعاه صاحب الجواهر «1».

(لا تنافي ما ذهبنا إليه)؛ لأنّ الضيف هنا مقيّد بيوم الفطرة، فإنّ رب البيت‌

______________________________
(1) الجواهر: ج 15، ص 497.

(1) الجواهر: ج 15، ص 496.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 94‌

و إن نزل عليه في آخر يوم من رمضان، بل و إن لم يأكل عنده شيئاً، لكن بالشرط المذكور، و هو صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر، بأن

______________________________
يقوم بشؤونه عنده و تحت رعايته، فالظاهر من الصحيحة كفاية كونه عيالًا، و ممّن يعوله صاحب البيت، و لذا لمّا قال السائل: «فيحضر يوم الفطرة» قال (عليه السلام): «نعم الفطرة واجبة على كلّ من يعول.» يريد أنّه يعوله في هذا اليوم.

و الشاهد على ذلك أنّه لو كان عيالًا قبل ذلك ثم خرج عن عنوان العيال قبل وقت الفطرة لا تجب فطرته قطعاً، كما أنّه لو لم يكن عيالًا في وقت الوجوب فصار بعد ذلك عيالًا لا تجب فطرته قطعاً.

فالمراد من العيال: العيال الفعلي، و العبرة بصدق العيال لا مجرّد عنوان الضيافة كالنزول لمجرّد النوم من دون تكفّل أيّة مسؤولية من طرفه فإنّه لا يدخل تحت عنوان العيال و لا تشمله الصحيحة.

و خلاصة القول: أنّ الضيف بما هو ضيف لا أثر له، بل لا بدّ فيه من صدق العيلولة، و من هنا يظهر أمران:

1 عدم لزوم البقاء مدّة لصدق العيلولة، و ذلك لكفاية صدق عنوان العيلولة و لو ليوم واحد.

2 حكم الضيف المدعو للإفطار ليلة العيد سواء دعاه قبل الغروب أو بعده، جاء قبل الغروب أو بعده فإنّه غير داخل في العيال و ليست فطرته على الداعي.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 95‌

يكون بانياً على البقاء عنده مدّة (1)، و مع عدم الصدق تجب على نفسه، لكن الأحوط أن يخرج صاحب المنزل عنه أيضاً، حيث إنّ بعض العلماء اكتفى في الوجوب عليه مجرّد صدق اسم الضيف «1»، و بعضهم اعتبر كونه عنده تمام الشهر (2)، و بعضهم العشر الأواخر «2»، و بعضهم الليلتين الأخيرتين «3»، فمراعاة الاحتياط أولى. و أمّا الضيف النازل بعد دخول الليلة فلا تجب الزكاة عنه و إن كان مدعواً قبل ذلك (3).

______________________________
و سيأتي الكلام فيهما.

(1) هذا القيد بعد صدق العيلولة غير لازم لما سبق من كفاية عنوان العيلولة و لو ليوم واحد «4».

(2) قال الشيخ (قدّس سرّه) في الخلاف: «روى أصحابنا أنّ من أضاف إنساناً طول شهر رمضان، و تكفّل بعيلولته لزمته فطرته «1» كن هذه مرسلة و يشكّ في كونها رواية لعدم وجودها في كتب الشيخ الأُخرى، و لو كانت رواية لذكرها و لو في واحد من كتبه الروائية أو الفقهية عادة.

(3) بناءً على اعتبار جمع الشرائط عند الغروب أو آناً ما قبل الغروب فالأمر‌

______________________________
(1) تقدّم تحقيق عدم اعتباره في ص 92.

(2) تقدّم في ص 91.

(3) تقدّم في ص 91.

(4) تقدّم بيانه في ص 94.

(1) الوسائل: ج 6، ص 230، الحديث 17 من الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 96‌

[ (مسألة 1): إذا ولد له ولد، أو ملك مملوكاً، أو تزوّج بامرأة قبل الغروب من ليلة الفطر]

(مسألة 1): إذا ولد له ولد، أو ملك مملوكاً، أو تزوّج بامرأة قبل الغروب من ليلة الفطر أو مقارناً له، وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالًا له، و كذا غير المذكورين ممّن يكون عيالًا (1)، و إن كان بعده لم تجب (2)، نعم يستحب الإخراج عنه إذا كان ذلك بعده و قبل الزوال من يوم الفطر «2».

______________________________
كما ذكره من: عدم الوجوب لو دخل بعد الغروب.

و لكن عرفت ما فيه «3» فعلى ما هو الصحيح من اعتبار عنوان العيلولة في الضيف و أنّ عنوان الضيف صغرى لكبرى عنوان العيال، فحال الضيف كحال سائر العيال، سواء حضر قبل الغروب أو عنده أو بعده فإنّه عيال موقت.

و إن لم يصدق العيال فلا تجب فطرته، و أمّا على اعتبار عنوان الضيف فلا تجب فطرة الضيف النازل بعد المغرب لتخصيص النص «1» بضيف كان قبل ليلة الفطر إلى يوم الفطر «2» و لا موجب للتعدّي عنه.

(1) كالخادم و الخادمة و نحوهما.

(2) هذا تام في المولود بعد غروب ليلة الفطر، للنصّ و هو صحيحة معاوية‌

______________________________
(2) تقدّم الكلام فيه في ص 84.

(3) في ص 79.

(1) و هو صحيحة عمر بن يزيد المتقدّمة في ص 92.

(2) لقوله في الصحيحة: (الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطرة) فإنّه يدلّ على تواجد الضيف قبل ليلة الفطر إلى يومه.

أقول: الظاهر من الصحيحة كونه عنده قبل يوم الفطر، و لا ينافي هذا وروده ليلة الفطر بناءً على إرادة النهار من اليوم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 97‌

..........

______________________________
ابن عمّار قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن مولود ولد ليلة الفطر، عليه فطرة؟ قال: لا، قد خرج الشهر.»‌

و قد تقدّم الكلام حولها و حول رواية معاوية بن عمّار المشابهة لها «3».

و أمّا غيره، فالحكم يتبع المبنى في وقت وجوب الفطرة.

فعلى القول بأنّ وقت الوجوب أوّل الغروب كما هو مختار الماتن، لا تجب هنا لعدم كونهم عيالًا له عند الغروب.

كما أنّه بناءً على اعتبار أنْ يدرك شيئاً من رمضان و هو صريح عبارة المحقق (قدّس سرّه) «4».

و ادّعى صاحب الجواهر الإجماع عليه بقسميه لا تجب أيضاً لعدم صدق العيال قبل الغروب.

و أمّا بناءً على كون الوقت من الغروب إلى صلاة العيد أو الزوال فتجب.

و ما استدلّوا به على القولين الأولين لا يتمّ، فإنّهم استدلوا برواية معاوية بن عمّار المتقدّمة.

______________________________
(3) ترى الصحيحة في ص 82، و رواية معاوية بن عمّار في ص 79.

(4) الظاهر: أنّ سيدنا الأستاذ (دام ظلّه) يريد بذلك قول الشرائع «مسائل ثلاث: (الاولى): من بلغ قبل الهلال أو أسلم أو زال جنونه أو مالك ما به يصير غنياً وجبت عليه»، و قال الجواهر في شرحه: بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه» الجواهر: ج 15، ص 499.

أقول: إنّ هذا لا يدلّ على أنّ وقت الوجوب قبل الغروب إلى الغروب، بل صريح كلام الشرائع في أوّل وقتها قوله: «و تجب بهلال شوّال».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 98‌

[ (مسألة 2): كل من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه]

(مسألة 2): كل من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه (1) و إن كان غنياً و كانت واجبة عليه لو انفرد، و كذا لو كان عيالًا لشخص ثمّ صار وقت الخطاب عيالًا لغيره، و لا فرق في السقوط عن نفسه بين أن

______________________________
و قلنا: إنّها غير تامّة سنداً و دلالة
«1» و بصحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة و عرفت أنّها غير تامّة دلالة «2» لورودهما في المولود ليلة الفطر، و اليهودي و النصراني إذا أسلما ليلة الفطر، و لا موجب للتعدّي عن موردهما إلى غيره من الموارد.

فالعبرة بصدق عنوان العيال في فترة وقت الوجوب، و سيأتي تحديده «1».

(1) لدلالة عدّة من الروايات على وجوب الفطرة على المعيل.

(منها): صحيحة عمر بن يزيد: «. الفطرة واجبة على كلّ من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك» «2» و غيرها من الروايات «3».

و السؤال و الجواب في هذه الروايات واردان في شأن من تجب عليه الفطرة و ليست فيها دلالة على وجوب فطرة أُخرى زائدة على تلك الواجبة على المعال، فإذا كانت واجبة على العيال أيضاً لزم أن تكون هناك فطرتان لشخص واحد في الشريعة المقدّسة، و من المعلوم عدمه.

______________________________
(1) تقدّمت الرواية في ص 79 و السند في ص 80 و الدلالة في ص 81.

(2) في ص 82.

(1) في ص 215. قوله: «فصل في وقت وجوب الفطرة».

(2) الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 2 من الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) في المصدر المتقدّم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 99‌

يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصياناً (1).

______________________________
(1) لعدم الدليل على وجوبها على المعال، فإنّ القول بالوجوب عليه مع توفّر شرط الوجوب فيه حينئذٍ، أي حين ترك المعيل تسديد فطرة المعال عصياناً متوقّف على أحد وجهين.

(الوجه الأوّل) أنّ الوجوب أوّلًا متوجّه إلى المعال نفسه، لكن إفراغ ذمّته واجب على المعيل.

و المتحصل منه أمران:

1 جعل زكاة الفطرة على كل مكلّف، و من المكلّفين المعال نفسه.

2 تفريغ ذمّة الغير عن زكاة الفطرة، و هذا يتوجّه إلى المعيل فإذا لم يفرغ المعيل ذمّة المعال وجب على المعال امتثال الواجب الأوّلي عليه و هذا نظير دية القتل الخطأ على ما ذهبنا إليه «1» من كون الدية أوّلًا على القاتل، سواء في القتل العمدي أو الخطئي، لكن في الخطئي العاقلة مكلّفون بتفريغ ذمّة القاتل.

و نتيجة ذلك: لو عصت العاقلة و لم تؤدّ إليه وجب على القاتل أداؤها. و (الجواب) عن هذا الوجه.

عدم وجود دليل على ثبوت الفطرة على المعال، بل دلّ الدليل على ثبوتها على المعيل، و هو صحيحة عمر بن يزيد المتقدّمة: «الفطرة واجبة على كلّ من‌

______________________________
(1) مباني تكملة المنهاج، ج 2، ص 197 الأمر الثالث، وص 448.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 100‌

..........

______________________________
يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك»
«2».

و لا دليل على كون تكفّل المعيل فطرة المعال من باب تفريغ الذمّة لا سيّما مع ذكر من لا تجب عليه الفطرة في نفس الرواية كالصغير و المملوك «3» و عليه فكيف يمكن القول بأنّ تكليف المعيل تكليف بتفريغ ذمّة العيال، حتى يقال: بوجوب الفطرة على المعال أوّلًا، و إنّه إن لم يؤدّ المعيل وجبت على المعال؟!.

(الوجه الثاني): كون التكليف بفطرة المعال وجوباً كفائياً بالنسبة إلى كل من المعيل و المعال، و بأداء كل واحد منهما يسقط عن الآخر.

و ذلك يستفاد من الجمع بين روايات الباب التي دلّت طائفة منها على وجوب الفطرة على كل إنسان «1» و طائفة اخرى دلّت على وجوب فطرة المعال على المعيل «2»، و مقتضى الجمع بينهما مع العلم بعدم وجوب فطرتين بالنسبة إلى شخص واحد أنّ أيّاً منهما أدّى فرغت الذمّة، لكن لو لم يؤدِّ كلا منهما وجب على كليهما من باب الواجب الكفائي.

______________________________
(2) الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 2، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) و هي صحيحة عمر بن يزيد المتقدّمة في ص 98.

(1) و هي الروايات رقم 1، 5، 6، 9، 10، 11 من الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة من الوسائل ج 6، ص 220.

(2) و هي في الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة، و الحديث رقم 2، 3 من الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة من الوسائل ج 6، ص 220.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 101‌

أو نسياناً (1)،

______________________________
و (الجواب):

عدم الدليل على كون الوجوب كفائياً، بل الدليل دلّ على وجوبها على رب البيت وجوباً عينياً، و هو صحيحة عمر بن يزيد: «. فقال: نعم الفطرة واجبة على كلّ من يعول.» و مقتضى إطلاقها كون الوجوب على المعيل عينياً و إنّ الضيف مثلًا إذا أدّى بنفسه عن نفسه لا تسقط عن المعيل، و أمّا الطائفة الأُولى الدالّة على وجوبها على كلّ شخص جامع للشرائط فتكون مخصّصة بصحيحة عمر بن يزيد.

و النتيجة: كون الفطرة واجبة على كل شخص جامع للشرائط سوى المعال فإنّ فطرته على المعيل.

و على هذا فلو عصى المعيل في دفع الفطرة عن المعال لا يجب على المعال أداؤها و لا مجال للقول بالوجوب الكفائي، فإنّه خلاف الإطلاق، بل الظاهر أنّ الفقهاء لم يلتزموا بذلك في هذه الصورة، و إن التزم بعض في صورة النسيان «1».

(1) و شبه النسيان ممّا يوجب سقوط التكليف واقعاً كالغفلة و الجهل المركب.

و هذا الحكم أي: سقوط التكليف عن المعال حتى لو نسي المعيل مبني على ما تقدّم نقله «2» من كون زكاة الفطرة كزكاة المال حكماً وضعياً ثابتاً في الذمّة ذمّة المعيل في محل البحث حتى و لو كان غير مكلّف بالحكم التكليفي من‌

______________________________
(1) الآتي في ص 102.

(2) في ص 22.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 102‌

..........

______________________________
أجل النسيان أو الغفلة أو الجهل المركب كأن يعتقد أنّ هذا اليوم ليس بيوم الفطر و أمثال ذلك من الأعذار التي توجب سقوط التكليف واقعاً.

و عليه فالحكم كما ذكره الماتن و لعلّه صريح كلام بعض فإنّ الأعذار المذكورة لا توجب سقوط الحكم الوضعي على المعيل، و أمّا المعال فليس عليه شي‌ء.

و أمّا على ما بنينا عليه في شأن زكاة الفطرة من أنّها تكليف محض «3» و لا علاقة لها بالحكم الوضعي فتكون النسيان و الغفلة و الجهل المركب و أمثال ذلك من الأعذار الواقعية مسقطة للتكليف واقعاً.

و عليه فلا تكليف بالنسبة إلى المعيل، و حينئذٍ تكون إطلاقات وجوب الزكاة على كلّ من اجتمعت فيه الشرائط محكمة بالنسبة إلى المعال مثل قوله تعالى «وَ آتُوا الزَّكٰاةَ» «1» و غيره من الآيات و الروايات «2» الدالّة على وجوب الزكاة و تلك الإطلاقات قد خصّصت بما إذا وجبت الفطرة على المعيل «3» فتسقط عن المعال، و أمّا إذا لم تجب على المعيل كما نحن فيه من النسيان على ما قرّبناه- فعلى المعال القيام بأداء الفطرة للإطلاقات «4».

______________________________
(3) في ص 24.

(1) الآية 56 من سورة النور راجع ص 110 الهامش رقم 2.

(2) راجع الوسائل: ج 6، الباب 1 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) راجع ص 100 الهامش 4.

(4) راجع ص 100 الهامش رقم 3.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 103‌

لكن الأحوط الإخراج عن نفسه حينئذٍ (1)، نعم لو كان المعيل فقيراً و العيال غنياً فالأقوى وجوبها على نفسه (2) و لو تكلّف المعيل الفقير بالإخراج على الأقوى (3)،

______________________________
(1) تقدّم لزوم إخراجها عن نفسه
«5».

(2) لسقوط التكليف عن المعيل بفقدان شرط الغنى، و جريان المطلقات الواردة في وجوب الزكاة على المعال من الآيات و الروايات «6» و كانت المطلقات مخصّصة فيما إذا وجبت فطرة المعال على المعيل و حينئذاك تكون ساقطة عن العيال، و لما لم تجب في ما نحن فيه على المعيل تكون المُطْلقات محكمة بالنسبة إلى المعال حسب ما تقدّم في نسيان المعيل إخراج فطرة المعال «1».

(3) و هو الصحيح، و على المعال إخراج فطرته حتى لو التزمنا باستحباب إخراج المعيل الفقير على ما سبق «2» ذ لا دليل على سقوط التكليف الثابت بالإطلاقات عن المعال إذا كان معيله فقيراً، سواء أخرجها المعيل استحباباً أو رجاءً أم لم يخرجها؛ لأنّ التكليف الوجوبي متوجّه إلى المعال، و مقتضى الإطلاق في دليل الوجوب كونه غير مشروط بعدم أداء الغير، سواءً أقام المعيل بذلك أم لم يقم، أدّى أم لم يؤدِّ، فإنّ عدم أدائه ليس شرطاً في الوجوب على‌

______________________________
(5) في ص 102.

(6) المشار إليها في ص 100 الهامش رقم 3 وص 110 الهامش رقم 2.

(1) في ص 101.

(2) في ص 72.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 104‌

و إن كان السقوط حينئذٍ لا يخلو عن وجه (1).

[ (مسألة 3): تجب الفطرة عن الزوجة]

(مسألة 3): تجب الفطرة عن الزوجة سواءً كانت دائمة أو متعة مع العيلولة لهما، من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أو لا، لنشوز أو نحوه، و كذا المملوك و إن لم تجب نفقته عليه (2)، و أمّا مع عدم العيلولة

______________________________
المعال، و مقتضى إطلاق الدليل وجوب الفطرة على المعال و إن أدّاها المعيل الفقير، فإنّ أدائه الخارجي لا يسقط الوجوب؛ إذ لا دليل على السقوط حينئذٍ.

(1) مراده من الوجه: استحباب إخراج المعيل الفقير، فإذا قام به يحتمل السقوط عن المعال، لكن ظهر كون الوجه عدم السقوط في صورة غنى المعال «1»

(2) و الوجه في ذلك كلّه: كون المناط صدق العيال من دون علاقة لوجوب النفقة و عدمه في الحكم، و تقدّم البحث عن ذلك مفصّلًا «2» و ممّا يشهد للمناط: ذكر رقيق المرأة في الرواية مع أنّه غير واجب النفقة عليه، إلّا أنّه ممّن أغلق عليه بابه، فيصبح من العيال كما في رواية حمّاد بن عيسى عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام)، قال: يؤدّي الرجل زكاة الفطرة عن مكاتبه، و رقيق امرأته، و عبده النصراني و المجوسي، و ما أغلق عليه بابه «3».

و مثلها مرفوعة محمّد بن أحمد «4».

______________________________
(1) الصفحة 103.

(2) في ص 93 و سيأتي في ص 105.

(3) الوسائل: ج 6، ص 229، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 13، و هي ضعيفة سنداً على ما حقّق في ص 40.

(4) المصدر الحديث 9، و تقدّمت في ص 38 إلّا أنّ فيها «مكاتبته» بدل «مكاتبه».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 105‌

فالأقوى عدم الوجوب عليه (1) و إن كانوا من واجبي النفقة عليه (2)،

______________________________
(1) لما تقدّم من كون المناط في وجوب فطرة الغير: العيلولة
«5»

(2) لكون المناط: العيلولة، فإن تحقّقت وجبت الفطرة على المعيل و إلّا فلا، لكن نسب إلى المشهور وجوبها لواجب النفقة، دون من لم تجب نفقته «1».

و نسب إلى بعضهم وجوب فطرة الزوجة و المملوك على الزوج و المالك مطلقاً سواءً كانا من العيال أم لا، وجبت نفقتهما أم لم تجب «2».

و هنا روايتان ربما يستدل بهما على القول المنسوب إلى المشهور و قول‌

______________________________
(5) تقدّم في ص 93.

(1) راجع الجواهر: ج 15، ص 502، فإنّه قال: «و لذا قال في المدارك: انّه صرّح الأكثر بأن فطرة الزوجة إنّما تجب إذا كانت واجبة النفقة دون الناشز و الصغيرة و غير المدخول بها إذا كانت غير ممكنة».

(2) الجواهر: ج 15، ص 502، فإنّه قال: «بل في السرائر: يجب إخراج الفطرة عن الزوجات سواءً كنّ نواشز أو لم يكنّ، وجبت النفقة عليهنّ أو لم تجب، دخل بهنّ أو لم يدخل، دائمات أو منقطعات؛ للإجماع و العموم من غير تفصيل من أحد من أصحابنا.

و في المدارك: قد قطع الأصحاب بوجوب فطرة المملوك على المولى مطلقاً».

و ذكر الشيخ الأنصاري (قدّس سرّه):. ما ادّعاه الحلّي أي: ابن إدريس في السرائر من «الإجماع على وجوب فطرة الزوجة و لو كانت ناشزة على الزوج» و ردّه المحقّق ب‍ «أنّ أحداً من علماء الإسلام لم يذهب إلى ذلك».

فإنّ الظاهر: أنّ الحلّي إنّما اعتمد في استكشاف أقوال العلماء على تدوينهم للروايات الدالّة بإطلاقها على وجوب فطرة الزوجة على الزوج متخيّلًا أنّ الحكم معلّق على الزوجية من حيث هي زوجية، و لم يتفطّن لكون الحكم من حيث العيلولة أو وجوب الإنفاق. فرائد الأُصول: الصفحة 57.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 106‌

..........

______________________________
البعض المذكور: أي «الوجوب على الزوج و المالك مطلقاً تعبّداً».

(الرواية الأُولى): صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن رجل ينفق على رجل ليس من عياله إلّا أنّه يتكلّف له نفقته و كسوته، أ تكون عليه فطرته؟ فقال: لا، إنّما تكون فطرته على عياله صدقة دونه، و قال: العيال: الولد و المملوك و الزوجة و أُمّ الولد «1».

و هذه الصحيحة يستدلّ بها تارة: على اشتراط وجوب الفطرة على المعيل بوجوب الإنفاق على العيال، و أُخرى: على وجوب الفطرة عن الزوجة و المملوك مطلقاً.

و (الجواب): أنّ هذه الصحيحة أجنبية عن هذين القولين؛ لأنّها في مقام المائز بين من ينفق عليه بعنوان المساعدة، و من ينفق عليه بعنوان العيلولة، و لا دلالة فيها على اشتراط وجوب الفطرة بوجوب الإنفاق، كما لا دلالة لها على تحديد العيال تعبّداً، و إنّ العيال هؤلاء سواءً كانوا تحت رعايته و عيلولته أم لم يكونوا.

و الذي يشهد لما قلناه: ذكر «الولد» مع أنّه لا كلام في عدم وجوب فطرته على أبيه لو لم يكن عيالًا له، بل قد يكون الأمر بالعكس أي: انّ الولد ينفق على أبيه فالأب حينئذٍ يكون عيالًا له، فذكر الولد في الصحيحة قرينة واضحة على انّ الإمام (عليه السلام) ليس بصدد بيان وجوب الفطرة عن «الولد و المملوك‌

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 227، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة، الحديث 3.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 107‌

..........

______________________________
و الزوجة و أُمّ الولد» تعبّداً، بل في مقام المائز بين من ينفق عليه بعنوان المساعدة فلا تجب فطرته عليه، و من ينفق عليه بعنوان العيال فتجب فطرته عليه.

(الرواية الثانية): موثقة إسحاق بن عمّار قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الفطرة إلى أن قال و قال: الواجب عليك أن تُعطي عن نفسك و أبيك و أُمّك و ولدك و امرأتك و خادمك «1».

و ربّما يتوهّم دلالتها على وجوب الفطرة عن واجب النفقة «القول الأوّل».

و على وجوب فطرة الزوجة و المملوك على الإطلاق «القول الثاني».

و (الجواب): أمّا عن القول الأوّل، فبأن الموثقة غير حاوية لقيد وجوب النفقة.

و أمّا عن القول الثاني، فبأنّها في مقام بيان من ينفق عليهم بعنوان العيال، لا في مقام بيان تحديد العيال، على ما تقدّم في صحيحة عبد الرحمن «2».

و لو كان الأمر كما استدلّ به لوجب فطرة كل من الوالد على الولد، و الولد على الوالد و كذا غيرهما من المذكورين في الموثقة، مع العلم بعدمه لعدم وجوب فطرتين على كل منهما بل الرواية في مقام بيان وجوب الفطرة على من صدق عليه عنوان العيال، إذاً لا دليل على وجوب أداء فطرة الزوجة على الإطلاق، و هكذا المملوك، فإنّ الحكم مترتّب على صدق العيلولة، لا على عنوان الزوجة و المملوك.

______________________________
(1) المصدر المتقدّم الحديث 4.

(2) في ص 106.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 108‌

و إن كان الأحوط الإخراج «3» خصوصاً مع وجوب نفقتهم عليه «4»، و حينئذٍ ففطرة الزوجة على نفسها إذا كانت غنية و لم يعلها الزوج و لا غير الزوج أيضاً «1»، و أمّا إنْ عالها أو عال المملوك غير الزوج و المولى فالفطرة عليه مع غناه «2».

[ (مسألة 4): لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما]

(مسألة 4): لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة عنه و عنهما.

[ (مسألة 5): يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير]

(مسألة 5): يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير (1) من مال الموكّل

______________________________
(1) التوكيل في الزكاة قسمان
«3»:

القسم الأوّل: التوكيل في الإيصال.

و به وردت عدّة روايات، و هي مستفيضة «4».

______________________________
(3) خروجاً من خلاف من أوجبها عن العيال تعبّداً. و أُشير إليه مع دليله و الجواب عنه في ص 106 إلى ص 107.

(4) خروجاً من خلاف من أوجبها عن واجبي النفقة. و أُشير إليه مع دليله و الجواب عنه في ص 106 إلى ص 107.

(1) لما سبق من شمول الإطلاقات الواردة في وجوب الفطرة من الآيات و الروايات لها حينئذٍ لعدم من يتكفّل الفطرة حتى تسقط عنها.

(2) لما دلّ على وجوب فطرة المعال على المعيل. و سبق تحقيقه في ص 98 في شرح المسألة 2.

(3) الفرق بينهما: أنّ التوكيل في الأداء عبارة عن جعل الموكّل الوكيل بمنزلة نفسه في إخراج الزكاة و إيصالها إلى المصرف.

و التوكيل في الإيصال عبارة عن تكليفه بالإيصال فقط، و الإخراج هنا يتحقّق من المالك.

(4) تراها في الوسائل: ج 6، ص 198، الباب 39 من أبواب المستحقّين للزكاة، و في الأبواب الأُخرى.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 109‌

..........

______________________________
(منها) صحيحة محمّد بن مسلم، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): رجل بعث بزكاة ماله لتقسّم. «1».

و (منها) صحيحة زرارة، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام): عن رجل بعث إليه أخ له زكاته ليقسمها فضاعت. «2».

و (منها) صحيحة أبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: إذا أخرج الرجل الزكاة من ماله ثمّ سمّاها لقوم فضاعت أو أرسل بها إليهم فضاعت فلا شي‌ء عليه «3».

و (منها) صحيحة بكير بن أعين، قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن الرجل يبعث بزكاته فتسرق أو تضيع، قال: ليس عليه شي‌ء «4».

و (منها) موثقة أبي بصير، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): جعلت فداك الرجل يبعث بزكاة ماله من أرض إلى أرض فيقطع عليه الطريق، فقال: قد أجزأته عنه، و لو كنت أنا لأعدتها «5».

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 198، الحديث 1، الباب 39 من أبواب المستحقين للزكاة.

(2) المصدر، الحديث 2.

(3) الوسائل: ج 6، ص 198، الحديث 3 الباب 39 من أبواب المستحقين للزكاة.

(4) المصدر، الحديث 5.

(5) المصدر، الحديث 6.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 110‌

..........

______________________________
و غيرها من الروايات
«1» و هذه الروايات و إن كان أكثرها واردة في زكاة المال إلّا أنّ بعضها مطلق.

على أنّ احتمال اختصاص الحكم بزكاة المال بعيد جدّاً.

و لو لم تكن في ذلك رواية لكفتنا العناوين الواردة في الآيات و الروايات من: «الإيتاء» «2» و «الأداء» «3» و «الإعطاء» «4» إنّها تصدق مع التوكيل أيضاً؛ لعدم أخذ المباشرة في تلك العناوين.

و يستفاد من ذلك: عدم اعتبار كون المتصدّي للإيصال هو المالك، بل يجوز‌

______________________________
(1) الواردة في الوسائل ج 6، الباب 39، من أبواب المستحقين للزكاة.

(2) الآيات الواردة بنصّ «آتُوا الزَّكٰاةَ» الآية 12.

و بنصّ «يُؤْتُونَ الزَّكٰاةَ» خمس آيات، و بنصوص اخرى من «الإيتاء» تسع آيات.

و من الروايات موثقة السكوني الواردة في الوسائل ج 6، ص 13. الحديث 9، من الباب 3 من أبواب ما تجب فيه الزكاة.

(3) ترى هذا العنوان في الوسائل: ج 6، في روايات كثيرة منها في أبواب زكاة الفطرة، الباب 5، ص 229، الحديث 8، 9، 13.

(4) يوجد هذا العنوان في عدّة روايات في الوسائل: ج 6 في أبواب زكاة الفطرة:

الباب 6، الحديث 2، 3، 14.

و الباب 9، الحديث 2، 4، 10، 11، 12.

و الباب 12، الحديث 1، 2، 4، 5، 8.

و الباب 15، الحديث 1، 3، 7.

و من العناوين الواردة: «الإخراج» في الحديث 4 و 6 من الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة من الوسائل ج 6، ص 231.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 111‌

..........

______________________________
الإيصال بأيّة واسطة من إنسان، حتى الطفل أو حيوان أو غير ذلك، فإنّ المقصود: الوصول إلى الفقير
«1» و إيصال المال كأداء الدين لا يعتبر فيه المباشرة.

هذا كلّه في التوكيل في الإيصال.

القسم الثاني: التوكيل في الأداء و هي أيضاً على القاعدة، و إن كان لم يرد نصّ في جواز التوكيل في الأداء. فإنّ النصوص كلّها واردة في التقسيم «2» إلّا ما توهم من صحيحة علي بن يقطين قال: سألت أبا الحسن (عليه السلام) عمّن يلي صدقة العُشر «على» من لا بأس به؟ فقال: إن كان ثقة فمره أن يضعها في مواضعها، و إن لم يكن ثقة فخذها أنت وضعها في مواضعها «3».

(متن الصحيح): في نسخة الوسائل جعل كلمة «على» بين قوسين، و يريد بذلك وجود هذه الكلمة في بعض النسخ، لكن في الكافي «4» و الوافي «5» داخلة في المتن.

قيل: إنّ هذه الصحيحة ظاهرة في التوكيل في الأداء.

______________________________
(1) كرّر سيّدنا الأُستاذ (دام ظلّه): أنّ تعبيرنا بالفقير من باب المثال و إلّا فبقية الموارد الثمانية كذلك.

(2) راجع ص 108.

(3) الوسائل: ج 6، ص 193، الحديث 1 من الباب 35 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(4) الكافي: ج 3، ص 539، الحديث 6 من باب آداب المصدق من كتاب الزكاة.

(5) الوافي: المجلد 2، الجزء 6، ص 23، باب 15 آداب المصدق من أبواب زكاة المال.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 112‌

..........

______________________________
و الظاهر: أنّها أجنبية عن التوكيل، و غير واردة لا في التوكيل في الإيصال و لا في التوكيل في الأداء، بل هي واردة في المصدق و هو الذي يلي أمر الصدقات و لذا ذكرهما الكليني و الكاشاني
«1» في باب المصدق، و إن أوردها الوسائل في باب استحباب دفع الزكاة و الفطرة إلى الإمام و إلى الثقات من بين بني هاشم و غيرهم ليفرّقوها على أربابها و استحباب قبول الثقات ذلك «2».

و الظاهر: أنّ قوله (عليه السلام): «إن كان ثقة فمره. إلى أن يقول و إن لم يكن ثقة فخذها.» ظاهر فيما ذكرناه من أنّها واردة في المصدق لا التوكيل، و أنّه (عليه السلام) قد أمره بالأخذ حيث قال: «فخذها.» من جهة اقتداره على تصدّي ذلك.

و الحاصل: أنّه لا توجد رواية ظاهرة في التوكيل في الأداء، لكن الحكم على القاعدة.

بيان ذلك:

انّ ما يصدر من الغير من الأفعال نوعان:

النوع الأوّل: الأُمور الاعتبارية:

من بيع و إجارة و نكاح و غيرها من العقود و الإيقاعات القابلة للتوكيل و بعد الصدور من الوكيل قابلة للإسناد إلى الموكّل حقيقة لا بالعناية.

______________________________
(1) تقدّم المصدران برقم 297، 298.

(2) الوسائل: ج 6، ص 193، الباب 35 من أبواب المستحقّين للزكاة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 113‌

..........

______________________________
مثل: ما لو وكّل زيد عمروا في بيع داره ثمّ باعها الوكيل، فإنّه يصحّ أن يقال: زيد باع داره.

و كذا لو وكّله في طلاق زوجته فإنّه يصحّ أن يقال: زيد طلّق زوجته.

و في المثالين يكون زيد هو البائع و المطلق حقيقة، و إن كان الإنشاء صادراً من الوكيل، فإنّ الفعل منسوب إلى الوكيل بالمباشرة و إلى الموكّل بالتسبيب و الأُمور الاعتبارية كلها من هذا القبيل، و صحّة الوكالة فيها على القاعدة من دون حاجة إلى دليل.

النوع الثاني: الأُمور التكوينية.

و تختلف الحال فيها فإنّها على قسمين:

(القسم الأوّل): ما هو مثل الأُمور الاعتبارية في نظر العقلاء و هو ما يتعلّق بالأموال من الأخذ و الإعطاء و الصرف فهو بحكمها، و تجوز الوكالة فيه لصدق العمل منتسباً إلى الموكل و إن كان قد صدر من الوكيل.

مثل ما لو كان زيد يطلب عمراً و وكّل شخصاً في قبضه فإنْ قبض صحّ أن يقال: إنّ زيداً قد أخذ ماله و إن كان الأداء أداء إلى الوكيل.

و هكذا الإعطاء، كما إذا أمر زيد عمراً بالعطاء إلى الفقراء أو الصرف على حسينية أو بناء مسجد و فعل عمر ذلك، صحّ أن يقال: إنّ زيداً أعطى و صرف، فالعمل يسند إلى الموكل و إن صدر من الوكيل.

(القسم الثاني): الأُمور التكوينية، غير الأموال، كالصلاة و الصوم و الحجّ و الأكل و أمثالها، فإنّها غير قابلة للوكالة، فإذا صدرت من أحد فهي لا تنسب إلّا‌

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 114‌

..........

______________________________
إلى من صدرت منه دون غيره و إن كان هو الذي أوكل أمرها إليه.

هذا كلّه في الوكالة التي يستند العمل معها إلى الموكّل.

و أمّا النيابة: بأن يصدر عمل من شخص بقصد تفريغ ذمّة الغير مع أمره أو بدون أمره، فلا بدّ في صحّتها من دليل على الجواز؛ لأنّه لا يمكن أن يسقط تكليف أحد بعمل شخص آخر إلّا بدليل.

و قد ورد الدليل في مثل الحجّ عن الحي بمعنى انّ حجّ الغير يغني عن حجّه، لا أنّ المنوب عنه قد حجّ، بل سقط التكليف عن المنوب عنه بعمل النائب بدليل، دون غير الحجّ من العبادات الواجبة البدنية أو المستحبة في مثل الصلاة و الصيام.

أمّا بالنسبة إلى الميّت فقد ورد الدليل على جواز النيابة بهذا المعنى مطلقاً و هذه الموارد يكون العمل منسوباً إلى الفاعل إلّا أنّه يسقط تكليف المنوب عنه بهذا العمل.

فتحصل:

أنّ التوكيل في الأداء أمر على القاعدة و لا حاجة معه إلى دليل خاصّ.

و أمّا الاستدلال على جواز التوكيل في أداء الزكاة و عدم اعتبار المباشرة فيه بما ورد في الوصية من أنّ الإنسان إذا كانت عليه زكاة و لم يتمكّن من أدائها لا بدّ له من الوصية بها «1». فغير تامّ؛ لأنّ الكلام في الوكالة عن الحي و تلك الروايات‌

______________________________
(1) قد يدلّ عليه ما ورد في الوسائل: ج 13، ص 353، الباب 2 من أبواب الوصايا.

و في ج 6، ص 176، الباب 21 من أبواب المستحقّين للزكاة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 115‌

و يتولّى الوكيل النيّة (1)، و الأحوط نيّة الموكّل أيضاً (2) على حسب ما مرّ في زكاة المال، و يجوز توكيله في الإيصال و يكون المتولّي حينئذٍ هو نفسه (3)،

______________________________
واردة في الأداء عن الميّت.

(1) الظاهر: أنّ العبرة بنيّة الموكّل، فإنّ الزكاة واجبة عليه و هو المطلوب بها و العمل الذي يصدر من الوكيل إنّما هو تسليم الزكاة إلى المستحقّ من قبله فلو أدّى الوكيل الزكاة بدون قصد القربة، بل بقصد امتثال أمر المالك كفى، إذا كان قصد القربة حاصلًا من الموكّل، فإنّ القربة حيثية استناد العمل إلى المالك، لا حيثية استناده إلى الوكيل و لا دليل على لزوم نيّة القربة من الوكيل فإنّه كالآلة، و الفعل له استنادان استناد إلى المباشر و استناد إلى المالك، و القربية شرط في الاستناد إلى المالك.

نعم، في موارد النيابة تكون القربية معتبرة في عمل النائب ليكون عمله مستنداً إلى اللّٰه سبحانه؛ لأنّه لا بدّ من صدور عمل قربى منه حتى تفرغ بذلك ذمّة الميّت أو الحي.

(2) قد عرفت أنّه لا بدّ من نيّة الموكّل.

(3) يقع الكلام في وقت نيّة الموكّل، و أنّه هل هو وقت الدفع إلى الوكيل، أو وقت وصول المال إلى المستحقّ، أو المصرف؟

الظاهر: كفاية النيّة حين الدفع إلى الوكيل فيما إذا كان وكيلًا في الإيصال، لأنّه وقت الإخراج، و أمّا العمل الصادر بعد ذلك أي: حين وصول المال إلى مورد‌

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 116‌

و يجوز الإذن في الدفع عنه أيضاً لا بعنوان الوكالة و حكمه حكمها، بل يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة (1)،

______________________________
الصرف فهو مستند إلى ذلك القصد؛ لأنّه قصد بدفعه إلى الوكيل الوصول إلى مورد الصرف.

إذاً لا موجب لاعتبار قصد التقرّب حين الوصول، بل الروايات كافية لإثبات ذلك حيث وردت في بعث المالك زكاته إلى أخيه أو قريب له «1» و عادة لم يكن المالك ملتفتاً إلى وقت الوصول إليه، بل ربّما يكون وقت الوصول ناسياً أو نائماً أو غافلًا، و لا يتحقّق منه القصد، فيظهر: أنّ وقت النيّة هو عند دفع المال إلى الوكيل.

على أنّ التوكيل في الإيصال لا ينفكّ عن العزل، و تكفي النيّة وقت العزل.

أمّا التوكيل في الأداء فالنيّة تكون حين التوكيل أو بعده قبل وصول المال إلى مصرفه ليكون الوصول مستنداً إليه قربياً لما عرفت من أنّ القربية إنّما هي من جهة استناد الفعل إلى الموكّل دون الوكيل، فإنّ الموكّل هو المطلوب و الملزم به بما هو عبادي.

(1) و ذلك لضمانه المثل أو القيمة بالإذن و هو كالتوكيل، و لا يعتبر أن تكون الفطرة من ماله؛ بل يجوز من مال غيره، و أمره حينئذٍ موجب للضمان، إن لم يكن ظاهراً في التبرّع.

______________________________
(1) تقدّمت رواياتها في الصفحة 109.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 117‌

كما يجوز التبرّع به من ماله بإذنه (1) أو لا بإذنه (2)، و إن كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا و سابقه (3).

______________________________
(1) لأنّه لا دليل على لزوم كون الفطرة من ماله، فإنّ المفروض أداء الفطرة و انتسابها إليه سواء كانت من ماله أم من مال غيره.

(2) في الاكتفاء بهذه الصورة نظر من حيث إنّ الفطرة عبادة، و لا بدّ أن تتحقق منه مباشرة أو توكيلًا أو تبرّعاً بإذنه حتى ينتسب الفعل إليه.

و في هذه الصورة أي: أداء الغير لا بإذنه لا ينسب الفعل إليه و ليس هذا من قبيل الدين إذا أدّاه شخص عن المديون بدون إذنه فإنّه يبرء الذمّة و إن كان من متبرّع لأنّ السيرة القطعية دلّت على جوازه فيه، و دلّت عليه الروايات أيضاً «1».

(منها): صحيحة زرارة، قال: قلت لأبي عبد اللّٰه (عليه السلام): رجل حلّت عليه الزكاة و مات أبوه و عليه دين أ يؤدّي زكاته في دين أبيه إلى أن يقول (عليه السلام) فإذا أدّاها في دين أبيه على هذه الحال أجزأت عنه «2».

و هذا في باب الدين لا كلام فيه.

أمّا في محلّ البحث فهو أمر عبادي لا بدّ من انتساب الفعل إليه قاصداً القربة و كيف تتصوّر النيّة و قصد القربة منه مع عدم اطّلاعه بالأمر، فالقول بالاجتزاء بلا دليل، و الأقرب: عدم الإجزاء، و قياسه بالدين مع الفارق.

(3) ظهر ممّا سبق الاكتفاء به «1» إن كان الاحتياط لا بأس به.

______________________________
(1) الوسائل: ج 11، الحديث 1 من الباب 13 من أبواب فعل المعروف ص 548.

(2) الوسائل: ج 6، ص 172، الحديث 1، الباب 18 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(1) في شرح قوله: بإذنه.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 118‌

[ (مسألة 6): من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه إخراج ذلك الغير عن نفسه]

(مسألة 6): من وجب عليه فطرة غيره لا يجزيه إخراج ذلك الغير عن نفسه سواء كان غنياً، أو فقيراً و تكلّف بالإخراج، بل لا تكون حينئذٍ فطرة، حيث انّه غير مكلّف بها (1)، نعم لو قصد التبرع بها عنه أجزأه على الأقوى (2)، و إن كان الأحوط العدم.

[ (مسألة 7) تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي]

(مسألة 7): تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي (3) كما في زكاة

______________________________
(1) تقدّم تحقيقه و بيان أنّه لا يعدّ فطرة
«1».

(2) هذا الفرع يدخل في قوله في المسألة الخامسة: «كما يجوز التبرّع به من ماله بإذنه أو لا بإذنه» و ذكرنا عدم كفاية ذلك إذا لم يكن بإذنه بتحقيق مفصّل «2».

(3) و يدلّ عليه الإجماع مضافاً إلى الروايات.

و الروايات الواردة في حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي بعناوين مختلفة، قليل منها بعنوان زكاة المال «3»، و أكثرها بعنوان الصدقة «4» و الصدقة‌

______________________________
(1) راجع شرح قوله: «أو لا بإذنه» في ص 117.

(2) راجع شرح قوله: «أو لا بإذنه» في ص 117.

(3) الوسائل: ج 6، ص 185، الحديث 1 من الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة، و في صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي التي يذكرها سيدنا الأُستاذ (دام ظلّه) قريباً عنوان (الزكاة).

و تقدّم في ص 12 اشتراك زكاتي الفطرة و المال في الأحكام إلّا ما اختصّ بأحدهما بالدليل و لذا يستدلّ سيّدنا الأُستاذ في هذه المسألة من زكاة الفطرة بروايات وردت في زكاة المال لعدم الدليل على اختصاص الحكم فيها بزكاة المال، قال صاحب الجواهر: «بل لو لا ما يظهر من الإجماع على اعتبار اتحاد مصرف زكاة المال و زكاة الفطرة بالنسبة إلى ذلك، لأمكن القول بالجواز في زكاة الفطرة اقتصاراً على المنساق من هذه النصوص من زكاة المال، خصوصاً ما ذكر فيه صفة التطهير للمال الشاهد على كون المراد من غيره ذلك أيضاً»، الجواهر: ج 15، ص 413.

(4) الوسائل: ج 6، الباب 29 و 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 119‌

..........

______________________________
المفروضة
«6» و الزكاة المفروضة «7» و لا ينبغي الشكّ في صدق الصدقة و الصدقة المفروضة على الفطرة، بل بضميمة ما تقدم من أنّ الزكاة المفروضة أولًا في كتاب اللّٰه سبحانه هي زكاة الفطرة و أنّه لم يكن للمسلمين مال يبلغ النصاب الزكوي حتى تجب عليهم زكاة المال «8» فلا قصور في شمول روايات الصدقة و الصدقة المفروضة و الزكاة لزكاة الفطرة.

و إليك طائفة منها:

(منها) صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الصدقة التي حرّمت على بني هاشم ما هي؟ فقال: هي الزكاة. «9».

و (منها): صحيحة ابن سنان عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: لا تحلّ الصدقة لولد العبّاس و لا لنظائرهم من بني هاشم «1».

و (منها): صحيحة الفضلاء:. و انّ الصدقة لا تحلّ لبني عبد المطّلب «1».

و (منها): صحيحة العيص: «. فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله):

______________________________
(6) الوسائل: ج 6، ص 189، الحديث 3 من الباب 31 من أبواب المستحقّين للزكاة، و في النصّ: «الصدقة الواجبة».

(7) المصدر، ص 190، الحديث 4 من الباب 32.

(8) و هو مفاد صحيحة هشام المتقدمة في الصفحة 12.

(9) الوسائل: ج 6، ص 190، الحديث 5 الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(1) 0 الوسائل: ج 6، ص 186، الحديث 3 من الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(1) المصدر، الحديث 2.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 120‌

..........

______________________________
يا بني عبد المطّلب هاشم إنّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم.»
«2»، و غيرها من الروايات «3».

و الروايات الواردة لهذا الباب ثلاث طوائف:

الطائفة الأُولى: ما دلّت على التحريم تحريم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي و هي التي ذكرناها.

الطائفة الثانية: ما دلّت على جواز إعطاء الهاشمي الزكاة.

و هي معتبرة أبي خديجة عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) انّه قال: أعطوا الزكاة من أرادها من بني هاشم فإنّها تحلّ لهم، و إنّما تحرم على النبيّ (صلّى اللّٰه عليه و آله) و على الإمام الذي من بعده و على الأئمّة (عليهم السلام) «4».

و قد رويت بعدّة طرق:

أ طريق الصدوق، و فيها ضعف من جهة محمّد بن علي ماجيلويه لأنّه لم يوثق، و محمّد بن علي أبو سمينة، و هو ضعيف «1».

ب طريق الشيخ، و هي بإسناده عن علي بن الحسن بن فضّال، و هذا الإسناد و إن كان ضعيفاً، إلّا أنّا صحّحنا الطريق بما سبق «2».

______________________________
(2) المصدر، الحديث 1.

(3) تراها في الوسائل: ج 6 في الأبواب 29 إلى 34 من أبواب المستحقّين للزكاة و غيرها.

(4) الوسائل: ج 6، ص 187، الحديث 5 من الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(1) الوسائل: ج 19، ص 439 440، رقم 365.

(2) في الصفحة 48، و الهامش رقم 1 فيها.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 121‌

..........

______________________________
ج طريق الكليني، و هو صحيح أيضاً
«3».

دلّت هذه المعتبرة على جواز أخذ الهاشمي زكاة غير الهاشمي.

فتقع المعارضة بين الطائفة المحرّمة «4» و هذه الطائفة.

الجمع بين الطائفتين: 1 حمل الشيخ هذه المعتبرة «5» على الضرورة «6».

و فيه: أنّ إطلاق المعتبرة يأبى هذا الحمل، بل هو من الحمل على الفرد النادر، بل هو على خلاف ظهورها من جهة أنّها في مقام الفرق بين المعصومين و غيرهم، و لو كان الحكم خاصّاً بالاضطرار لفرّق بين صورتي الاضطرار و عدمه.

2 حملها الجواهر على حال الضرورة أو على بعض الصدقات المندوبة «1».

و فيه: أنّ الصدقات المندوبة لا يختصّ جوازها بغير المعصومين كما دلّت عليه صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج «2».

3 حملها الوسائل عن الأصحاب على أحد الوجوه التالية الضرورة،

______________________________
(3) راجع الوسائل: ج 6، ص 187 ذيل الحديث 5، الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(4) المتقدّمة في ص 119 وص 120.

(5) أي معتبرة أبي خديجة المذكورة في ص 120 و عبّر عنها بالمعتبرة لوجود ابن فضّال في السند و لكن صاحب الجواهر في ج 15، ص 406 عبّر عنها بالخبر.

(6) الإستبصار: ج 2، ص 36، الحديث رقم 110، التهذيب: ج 4، ص 60، الحديث رقم 161.

(1) الجواهر: ج 15، ص 406.

(2) الوسائل: ج 6، ص 188، الحديث 1 من الباب 31 من أبواب المستحقّين للزكاة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 122‌

..........

______________________________
الصدقات المندوبة، زكاة الهاشميّين بعضهم لبعض
«3».

و فيه: قد عرفت الجواب عن الأوّلين، و أمّا الثالث فبعيد من حيث إنّ الراوي و هو أبو خديجة ليس هاشمياً، و الحال أنّه مورد خطاب الإمام (عليه السلام).

و الصحيح في الجواب:

أنّ الرواية نادرة شاذّة مخالفة للسنّة الثابتة بالطائفة المتقدّمة «4» فلا بدّ من طرحها أو إرجاع علمها إلى أهلها من حيث شهرة الروايات المحرّمة المقطوع صدور جميعها أو بعضها.

الطائفة الثالثة: ما دلّت على اختصاص التحريم بزكاة المال.

و هي خبر زيد الشحّام عن الصادق (عليه السلام): «سألته عن الصدقة التي حرمت عليهم؟ فقال: هي الصدقة المفروضة المطهّرة للمال».

و الجواب: أنّ هذه الرواية لم توجد بهذا النصّ إلّا في الجواهر «1» و لا أدري من أين أخذها، أو كتبت من سهو القلم.

نعم، هي موجودة بنصّ آخر، و هو أيضاً مذكور في الجواهر «2».

و رواها في الوسائل عن الشيخ بإسناده عن سعد بن عبد اللّٰه، عن موسى بن‌

______________________________
(3) الوسائل: ج 6، ص 187، ذيل الحديث 7 من الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(4) في ص 119، وص 120.

(1) الجواهر: ج 15، ص 412.

(2) الجواهر: ج 15، ص 408.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 123‌

المال، و تحل فطرة الهاشمي على الصنفين (1)،

______________________________
الحسن، عن محمّد بن عبد الحميد، عن مفضّل بن صالح، عن أبي أُسامة زيد الشحّام، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: سألته عن الصدقة التي حرّمت عليهم؟ فقال: هي الزكاة المفروضة و لم يحرم علينا صدقة بعضنا على بعض
«3» و الجملة التي محلّ الشاهد هي: «المطهرة للمال» غير موجودة فيما رواه الشيخ و على تقدير وجود ما رواه صاحب الجواهر بإضافة تلك الجملة، لا يمكن الاستدلال بها لضعفها سنداً بمفضل بن صالح و هو أبو جميلة الضعيف جدّاً.

فهذه الطائفة كالثانية ساقطة، و تبقى الطائفة الأُولى مورد الاعتماد.

(1) تدلّ على ذلك عدّة روايات «4».

(منها) صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي التي رواها الشيخ بإسناده، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن حمّاد بن عثمان، عن إسماعيل ابن الفضل الهاشمي، قال: سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الصدقة التي حرّمت على بني هاشم ما هي؟ فقال: هي الزكاة، قلت: فتحلّ صدقة بعضهم على بعض؟ قال: نعم «1».

تحقيق الرواية:

السند لهذه الرواية سندان و كلاهما تامّ.

______________________________
(3) الوسائل: ج 6، ص 190، الحديث 4 من الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(4) تراها في الوسائل: ج 6، الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة و غيرها.

(1) الوسائل: ج 6، ص 190 الحديث 5، الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 124‌

..........

______________________________
الأوّل: و هو المتقدّم و فيه قاسم بن محمّد، و هو الجوهري، و هو ثقة على الأظهر «2» و ليس هو «قاسم بن محمّد الأصفهاني» «3» الضعيف، و ذلك من جهة كون راوي كتاب الجوهري هو: الحسين بن سعيد، و راوي كتاب الأصفهاني هو أحمد بن أبي عبد اللّٰه البرقي «4» و بين زمانيهما فصل كثير، و ليس الجوهري في طبقة الأصفهاني، و نتيجة ذلك عدم كون «قاسم بن محمّد» مردّداً بين الجوهري و الأصفهاني بل هو: الجوهري نفسه بقرينة الراوي.

فما توهّمه بعض من كون «القاسم بن محمّد هو الأصفهاني لعدم وجود اللقب في الرواية أو هو مردّد بينهما فالرواية ساقطة» غير صحيح.

الثاني: ما رواه الكليني عن حميد بن زياد، عن ابن سماعة، عن غير واحد، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل بن الفضل «1» الرواية موثقة لوجود أبان بن عثمان و ابن سماعة في السند.

و الحاصل: أنّ سند الرواية تامّ على الطريقين، و إن كان أحدهما صحيحاً و الآخر موثّقاً.

______________________________
(2) استناد سيّدنا الأُستاذ في توثيقه إلى وروده في إسناد كامل الزيارات راجع معجم رجال الحديث ج 14، ص 57 قوله: «فالصحيح ان يتمسّك في الحكم بوثاقته بشهادة ابن قولويه».

(3) ترى ترجمته في المصدر ص 46 و يلقّب بكاسولا و يقال له: القمّي و الأصفهاني فتارة ينسب إلى قم كما وصفه النجاشي و ابن داود و أُخرى إلى أصفهان كما وصفه ابن الغضائري.

(4) راجع تفصيل ذلك في المعجم ج 14، ص 54 قوله: «أقول.».

(1) الوسائل: ج 6، ص 190، ذيل الحديث 5، الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 125‌

..........

______________________________
و
الدلالة صريحة في حلّية فطرة الهاشمي على الهاشمي.

و (منها) صحيحة البزنطي أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن الرضا (عليه السلام) قال: سألته عن الصدقة تحلّ لبني هاشم؟ فقال: لا، و لكن صدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم. الحديث «2».

و هذه تامّة سنداً و دلالة «3».

فالحكم بحلّية زكاة الهاشمي على الهاشمي لا إشكال فيه «4».

______________________________
(2) الوسائل: ج 6، ص 190، الحديث 8، الباب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(3) و منها موثقة زرارة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام): «قال: قلت له: صدقات بني هاشم بعضهم على بعض تحلّ لهم؟ فقال: نعم إنّ صدقة الرسول (صلّى اللّٰه عليه و آله) تحلّ لجميع الناس من بني هاشم و غيرهم، و صدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم، و لا تحلّ لهم صدقات إنسان غريب» الوسائل: ج 6، ص 190، الحديث 6، باب 32 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(4) لم يستدل سيّدنا الأُستاذ على حلّية زكاة الهاشمي لغير الهاشمي لوضوح ذلك من باب صدق الزكاة على المال و مصرفها الأصناف الثمانية، خرج من ذلك زكاة غير الهاشمي على الهاشمي فيبقى الباقي على الجواز.

فتصبح الأدلّة كما يلي:

1 الأدلّة الواردة في صرف الزكاة إلى الأصناف الثمانية.

2 الطائفة المخصّصة «للأدلّة الاولى» المحرّمة للزكاة على الهاشمي، و قد ذكرها سيّدنا الأُستاذ في ص 119 و هي صحاح إسماعيل بن الفضل الهاشمي، و ابن سنان، و الفضلاء، و العيص، و غيرهم.

3 الطائفة المخصصة (للطائفة المتقدمة) المجوزة زكاة الهاشمي على الهاشمي و هي صحيحة إسماعيل بن الفضل الهاشمي، المتقدمة في ص 123 و صحيحة البزنطي المتقدمة في ص 125.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 126‌

و المدار على المعيل لا العيال (1)، فلو كان العيال هاشمياً دون المعيل لم

______________________________
و إنّ التحريم مختصّ بزكاة غير الهاشمي على الهاشمي فحسب.

فائدة إطلاق هذه الروايات المجوّزة لزكاة الهاشمي على الهاشمي يفيد الجواز من جميع الأسهم مثلًا: لو كان الهاشمي عاملًا للزكاة جاز له أخذ سهم العاملين من زكاة الهاشمي.

كما أنّ منع الهاشمي عن زكاة غير الهاشمي عامّ لجميع الأسهم «1».

(1) لأنّ الفطرة واجبة على المعيل فإن كان هاشمياً حلّت فطرته على الهاشمي حتى لو كانت الفطرة عن عياله غير الهاشمي، و في عكسه لا تحلّ أي: إذا كان المعيل عاميا و لو كان العيال هاشمياً؛ لأنّ المناط بالمعيل لا المعال، و المراد بصدقة الهاشمي، و غير الهاشمي، صدقة من وجبت عليه، لا صدقة من وجبت عنه.

و هذا لعلّه المعروف بين الأصحاب «1».

______________________________
(1) و يستفاد ذلك من صحيحة العيص عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام): «انّ أُناساً من بني هاشم أتوا رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم) فسألوه أن يستعملهم على صدقات المواشي و قالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعل اللّٰه عزّ و جلّ للعاملين عليها، فنحن أولى به، فقال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): يا بني عبد المطّلب [هاشم] انّ الصدقة لا تحلّ لي و لا لكم، و لكنّي قد وعدت الشفاعة إلى أن قال أ تروني مؤثراً عليكم غيركم» الوسائل: ج 6، ص 186، الحديث 1، الباب 29 من أبواب المستحقّين للزكاة.

(1) راجع الجواهر: ج 15، ص 505 قوله: «و عليه يتفرّع حرمة إعطائها للهاشمي إذا كان المعيل غير هاشمي. إلى قوله في ص 506 القطع به.».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 127‌

يجز دفع فطرته إلى الهاشمي، و في العكس يجوز.

______________________________
لكن صاحب الحدائق جعل المناط بالعيال، و قال: إنّ الاعتبار بالمعال؛ لأنّه هو الذي تضاف إليه الزكاة فيقال: فطرة فلان.
«2».

و (الجواب) عنه أنّه لو كان دليل خاصّ من الروايات «3» على عدم إعطاء فطرة غير الهاشمي إلى الهاشمي لكان لهذا الكلام وجه، إلّا أنّه لا رواية في المقام بخصوصه، و إنّما الدليل المُطْلقات الواردة في الزكاة كموثقة زرارة «و صدقات بعضهم على بعض تحلّ لهم، و لا تحلّ لهم صدقات إنسان غريب» «4».

و من الواضح: أنّ الإضافة «1» باعتبار من تجب عليه الفطرة لا من يؤدّى عنه و لا اختصاص لهذا الحكم بزكاة الفطرة، بل زكاة المال كذلك يكون المناط من تجب عليه الفطرة لا سبب الوجوب من الغلات و الأنعام و النقدين.

و ليست نسبة الفطرة إلى المعال إلّا كنسبة الزكاة إلى المال الزكوي فكما يقال: فطرة الزوجة، كذلك يقال: زكاة الغلات و زكاة الأنعام، و بعبارة اخرى: أنّه تعالى فرض الزكاة الفطرة و المال على جميع الناس، و قسّم الناس على قسمين بني هاشم و غيرهم، و حرّم صدقات غيرهم عليهم، و جوّز صدقاتهم‌

______________________________
(2) الحدائق: ج 12، ص 317.

(3) أي: في زكاة الفطرة، و إنّما الدليل وارد بالنسبة إلى مطلق الزكاة الشامل لزكاتي المال و الفطرة.

(4) تقدّمت الموثّقة في ص 125 الهامش رقم 2 و لوجود علي بن الحسن بن فضّال في السند أصبحت الرواية موثقة.

(1) في قوله (عليه السلام): «بعضهم».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 128‌

..........

______________________________
عليهم و على غيرهم، فإذا كانت الإضافة إضافة إلى من تجب عليه، لا بدّ أن تكون كذلك في المال و الفطرة، و لا وجه للتفريق بينهما بأن يقال: إنّ الإضافة في زكاة المال إلى من تجب عليه، و في زكاة الفطرة إلى من تجب عنه كما صنعه الحدائق
«2».

بل الإضافة في كلتيهما بصورة واحدة، و هي إلى مَن تجب عليه دون من تجب عنه لأنّ الثاني مورد الوجوب كالغلات و الأنعام و النقدين و الزوجة و المملوك و باقي العيال.

هذا كلّه بناءً على ما هو المشهور و هو الصحيح من كون وجوب الفطرة على المعيل وجوباً عينياً، و هو الظاهر من إطلاقات أدلّة وجوب الفطرة المتقدّمة «1»، كقوله (عليه السلام) في صحيحة عمر بن يزيد: «. نعم الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك» «2».

و أمّا بناءً على الوجوب الكفائي بأن تكون على المعيل و المعال فطرة واحدة فقد يقال: بجواز إعطاء المعيل غير الهاشمي الذي له عيال هاشمي، فطرة عياله الهاشمي إلى الهاشمي، من جهة كون الفطرة مجمع عنوانين المعيل و المعال و لما كان الدليل مطلقاً اقتضى جواز ذلك.

______________________________
(2) و يستفاد ذلك من كلامه (قدّس سرّه) في الحدائق: ج 12، ص 317 إلى ص 319.

(1) في ص 89.

(2) الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 2، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 129‌

[ (مسألة 8): لا فرق في العيال بين أن يكون حاضراً عنده و في منزله]

(مسألة 8): لا فرق في العيال بين أن يكون حاضراً عنده و في منزله، أو منزل آخر أو غائباً عنه (1)، فلو كان له مملوك في بلد آخر لكنّه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته، و كذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك، كما انّه إذا سافر عن عياله و ترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم (2).

نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه (3) سواءً كان الغير موسراً

______________________________
و فيه بناءً على كون وجوب الفطرة كفائياً، ليست الفطرة الواحدة مجمعاً للعنوانين، بل العبرة بالمعطي منهما، فإذا تصدّى المعيل العامّي إعطاء فطرة معاله الهاشمي لا يجوز له أن يعطي إلى هاشمي لكون المتصدّي عامّياً.

و إذا تصدّى المعال الهاشمي إعطاء فطرة نفسه بناءً على الوجوب الكفائي جاز إعطاؤه إلى الهاشمي و إن كان معيله عاميا.

(1) لإطلاق النصوص الدالّة على وجوب فطرة العيال على المعيل و هي تعمّ ما إذا كان أحدهما غائباً ما دام عنوان العيلولة باقياً.

مضافاً إلى دلالة صحيحة جميل على ذلك فقد قال (عليه السلام): لا بأس بأن يعطي الرجل عن عياله و هم غيّب عنه و يأمرهم فيعطون عنه و هو غائب عنهم «1».

(2) لأجل العيلولة.

(3) لعدم الوجوب عليه من أجل كون الغائب عيالًا لغيره.

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 254، الحديث 1، من الباب 19 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 130‌

و مؤدياً أو لا (1)، و إن كان الأحوط في الزوجة و المملوك إخراجه عنهما مع فقر العائل، أو عدم أدائه (2).

و كذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا في عياله و لا في عيال غيره (3)، و لكن الأحوط في المملوك و الزوجة ما ذكرنا من الإخراج عنهما حينئذٍ أيضاً (2).

[ (مسألة 9): الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم]

(مسألة 9): الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم (4) بل يجب (5) إلّا إذا وكّلهم أن يخرجوا من ماله الذي تركه عندهم، أو أذن لهم في التبرّع عنه (6).

______________________________
(1) فإن حالة الغير لا دخل لها بالنسبة إلى الشخص الأوّل.

(2) خروجاً من خلاف من أوجب الإخراج عن الزوجة و المملوك تعبّداً، و تقدّم في ذلك مفصّلًا «1».

(3) لأنّ شرط وجوب فطرة الغير عليه هو العيلولة و لم تتحقّق لا بالنسبة إليه و لا بالنسبة إلى غيره.

(4) لما تقدّم «2».

(5) لأنّ التكليف عليه.

(6) لما سبق في جواز التوكيل في أداء الفطرة «3» و الإذن في التبرّع «4».

______________________________
(1) في ص 106.

(2) في صفحة 129 من: العيلولة.

(3) في ص 111.

(4) راجع تحقيقه في الصفحة 117.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 131‌

[ (مسألة 10): المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة]

(مسألة 10): المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة، إذا كان في عيالهما معاً و كانا موسرين (1)،

______________________________
(1) و كذا لو كان لأكثر، فإنّ الفطرة على الملاك بالسوية، و لا ينبغي الإشكال في ذلك، و الظاهر أنّه لم يستشكل أحد فيه لإطلاق الأدلّة
«5» كصحيحة عمر بن يزيد: «. نعم الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك» «6» و غيرها «7» الشاملة لصورتي اتّحاد المعيل و تعدّده.

و وردت رواية يتوهّم دلالتها على خصوص المورد قد رواها الصدوق بإسناده عن محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري و يعبّر عنه بالنهدي أيضاً أنّه كتب إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام) يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه و هو عنه غائب في بلدة أُخرى، و في يده مال لمولاه و يحضر الفطرة، أ يزكّي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامى؟ قال: نعم «1».

الدلالة: بناءً على موت المولى قبل هلال ليلة العيد، لا على ما حمله الوسائل من موته بعد الهلال «2»، و قد سبق الكلام حول هذه الرواية من الإشكال في دلالتها «3».

______________________________
(5) راجع الوسائل: ج 6، ص 227، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(6) المصدر، الحديث 2.

(7) من المطلقات المشار إليها في الهامش رقم 1.

(1) الوسائل: ج 6، ص 226، الحديث 3، الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة.

(2) الوسائل: ج 6، ص 226، الحديث 3، الباب 4 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) في الصفحة 32.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 132‌

..........

______________________________
على أنّها ضعيفة السند، لأنّ الصدوق يرويها عن الحسن بن إبراهيم الملقّب بالكاتب تارة و بالمؤدّب اخرى، و هو لم يوثق و تقدّم الكلام في ذلك أيضاً مفصّلًا
«4»، و إن روى الصدوق عنه عدّة روايات و ترضى عليه فإن الترضّي لا يدلّ على الوثاقة «5».

و يكفينا في الحكم بالوجوب الإطلاقات «6».

و هنا رواية معارضة للإطلاقات و للمشهور و هو ما رواه الصدوق بإسناده عن محمّد بن مسعود العياشي، عن محمّد بن نصير، عن سهل بن زياد، عن منصور بن العبّاس، عن إسماعيل بن سهل، عن حمّاد بن عيسى، عن حريز، عن زرارة، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام)، قال: قلت: عبد بين قوم عليهم فيه زكاة الفطرة؟ قال: إذا كان لكل إنسان رأس فعليه أن يؤدّي عنه فطرته، و إذا كان عدّة العبيد و عدّة الموالي سواء و كانوا جميعاً فيهم أدّوا زكاتهم لكل واحد منهم على قدر حصّته و إن كان لكل إنسان منهم أقلّ من رأس فلا شي‌ء عليهم «1» دلالتها: استدلّ بها على عدم وجوب زكاة المملوك على كل واحد من الملاك.

و قد عمل الصدوق بهذه الرواية كما أنّ ظاهر الوسائل العمل بها من أجل عقد‌

______________________________
(4) في الصفحة 30.

(5) صرّح بذلك سيّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) في معجم رجال الحديث: ج 1، ص 90 من المدخل بقوله: «9 ترحّم أحد الأعلام.».

(6) تراها في الوسائل: ج 6، ص 227، الباب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

(1) الوسائل: ج 6، ص 254، الحديث 1، الباب 18 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 133‌

..........

______________________________
عنوان الباب على مضمون الرواية
«2».

و (الجواب) عنها:

أوّلا: أنّ مفهومها عدم الوجوب في صورة عدم تملّك كلّ مالك مقدار رأس واحد و هذا غير المدّعى، و هي: عدم وجوب فطرة المملوك المشترك مطلقاً.

و ثانياً: ضعف السند بأشخاص، هم:

1 سهل بن زياد «3»، 2 منصور بن العباس «4»، 3 إسماعيل بن سهل «5»، 4 ضعف طريق الصدوق إلى محمّد بن مسعود العياشي بوجود مظفر بن جعفر العلوي شيخ الصدوق «1» فإنّه مجهول لم يذكر بشي‌ء في كتب الرجال.

5 بمحمّد بن نصير.

(أقول): إنّ محمّد بن نصير اسم لشخصين.

الأوّل: الملقّب بالنميري، و قد ورد لعنه في الروايات، حتى أنّ بعض الوكلاء لم يسمح له بالدخول في داره «2».

الثاني: المقلّب بالكشي «3» و هو ثقة.

______________________________
(2) المصدر المتقدّم.

(3) راجع ترجمته في معجم رجال الحديث ج 8، الصفحة 339 برقم 2630.

(4) راجع ترجمته في معجم رجال الحديث ج 18، الصفحة 400 برقم 12685.

(5) لتحقيق حاله راجع معجم رجال الحديث ج 3، الصفحة 136 برقم 1348 إلى 1350.

(1) الوسائل: ج 19، ص 415.

(2) راجع معجم رجال الحديث ج 17، الصفحة 337.

(3) معجم رجال الحديث ج 17، ص 335 برقم 11906.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 134‌

و مع إعسار أحدهما تسقط، و تبقى حصّة الآخر [1]

______________________________
و ذكر صاحب جامع الرواة: أنّ روايات محمّد بن مسعود العياشي عن محمّد ابن نصير، هي عن محمّد بن نصير النميري.

أقول: الظاهر أنّ الذي يروي عنه العياشي هو محمّد بن نصير الكشي، و الذي يدل عليه قول الكشي في أوّل كتابه: يقول «محمّد بن مسعود العياشي و أبو عمرو بن عبد العزيز الكشي قالا: حدّثنا محمّد بن نصير» «4»، و محمّد بن نصير الذي يروي عنه الكشي في كتابه هو محمّد بن نصير الكشي لا النميري فلا بدّ أن يكون الذي يروي عنه العياشي أيضاً هو محمّد بن نصير الكشي، لا النميري، لكن طريق الصدوق ضعيف بمظفر بن جعفر العلوي.

و الحاصل: أنّ رواية زرارة ساقطة دلالة بقصورها عن المدّعى، سنداً بأربعة رجال ضعفاء.

و الصحيح ما ذهب إليه المشهور من كون زكاة العبد المشترك على الموالي بقدر الملكية.

(1) لثبوت الفطرة عليهما في فرض يسارهما و لا يسقط عن أحدهما بالسقوط عن الآخر أو يعدم أداء الآخر، كما لو عصى أحدهما و لم يؤدِّ فإنّه يبقى الوجوب على الآخر بحاله، إذ لا يحتمل كون وجوبها على أحدهما مشروطاً بالوجوب بالنسبة إلى الآخر أو مشروطاً بامتثال الآخر و ذلك بمقتضى الوجوب‌

______________________________
(4) معجم رجال الحديث: ج 17، ص 336.

________________________________________
خويى، سيد ابو القاسم موسوى، فقه العترة في زكاة الفطرة، در يك جلد، مقرر محترم، قم - ايران، اول، 1416 ه‍ ق

 

فقه العترة في زكاة الفطرة؛ ص: 135

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 135‌

و مع اعسارهما تسقط عنهما (1)، و إن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره (2)، و تسقط عنه و عن الآخر مع إعساره، و إن كان الآخر موسراً (3)، لكن الأحوط: إخراج حصّته (4)، و إن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضاً (5)، و لكن الأحوط الإخراج مع اليسار (6) كما

______________________________
على الجميع، و هذا نظير باب الضمان فيما إذا اشترك شخصان في غصب شي‌ء فكل واحد منهما ضامن لنصفه من دون اشتراط ضمانه بضمان الآخر أو بأدائه، و ذلك بمقتضى إطلاق الضمان.

(1) لفقدان شرط الغنى.

(2) لاجتماع الشروط فيه.

(3) أمّا سقوطها عن المعيل الفقير فلفقدان شرط الغنى، و أمّا سقوطها عن الآخر فلفقدان العيلولة.

(4) هذا الاحتياط الاستحبابي من أجل القول بالوجوب عن المملوك تعبّداً «1»

(5) لعدم العيلولة التي هي مناط وجوب فطرة الغير و لا أثر لمجرّد الملك كما تقدّم «2».

(6) خروجاً عن خلاف من أوجبها عن المملوك تعبّداً «3» و إن لم يكن عيالًا.

______________________________
(1) تقدّم الكلام حوله في ص 106 عند بيان قول بعضهم بوجوب فطرة الزوجة و المملوك تعبداً.

(2) في الصفحة 105.

(3) على ما سبق تحقيقه في الصفحة 106.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 136‌

عرفت مراراً «4»، و لا فرق في كونهما عليهما مع العيلولة لهما بين صورة المهاياة «5» و غيرها، و إن كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما (1)، فإنّ المناط: العيلولة المشتركة بينهما بالفرض،

______________________________
(1) الظاهر كون فطرته على من هو عنده لأنّه حينئذٍ عياله و هو المناط في وجوب الفطرة.

و تقدّم الكلام في الضيف بأنّ مناط وجوب الفطرة صدق العيلولة زمان الوجوب، لا العيلولة على الإطلاق «1».

و تقدّم الكلام أيضاً في أنّ المملوك بما هو مملوك لا يوجب الفطرة على المولى «2» و إن ذكره في صحيحة عمر بن يزيد المتقدّمة «3» لم يكن من باب‌

______________________________
(4) فروض مسألة عبد مشترك بين مالكين: ستة عشر 1 كونه عيالًا لهما معاً.

2 كونه عيالًا لأحدهما.

3 كونه عيالًا لغيرهما.

4 لم يكن عيالًا لأحد.

و المالكان في هذه الفروض امّا موسران أو معسران أو أحدهما موسر و الآخر معسر.

(5) المهاياة من «هاياه، يهاييه» بمعنى: تقسيم منفعة العبد المشترك بأن يكون لكل مالك فترة من الوقت من منافعه، مثلًا: يكون العبد عند هذا شهراً و عند ذلك شهر آخر و هكذا، أو أسبوعاً أو ساعة حسب الاتفاق.

(1) تقدّم تحقيقه في الصفحة 94.

(2) في الصفحة 107.

(3) في ص 92 و إليك نصّها قال: «سألت أبا عبد اللّٰه (عليه السلام) عن الرجل يكون عنده الضيف من إخوانه فيحضر يوم الفطرة يؤدّي عنه الفطرة؟ فقال: نعم الفطرة واجبة على كل من يعول من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك». الوسائل: ج 6، ص 227، الحديث 2، باب 5 من أبواب زكاة الفطرة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 137‌

و لا يعتبر اتّفاق جنس المخرج من الشريكين (1)، فلأحدهما إخراج نصف صاع من شعير، و الآخر من حنطة، لكن الأولى بل الأحوط-: الاتّفاق.

______________________________
التعبّد بأن تكون فطرة المملوك بما هو مملوك واجبة على المولى و إن لم يكن عيالًا له، بل ذكره فيها من باب تطبيق الكبرى على الصغرى، حيث إنّه (عليه السلام) بَيّن كبرى وجوب الفطرة بقوله: «الفطرة واجبة على كل من يعول» ثمّ طبّقها على الصغرى بقوله: «من ذكر أو أُنثى، صغير أو كبير، حرّ أو مملوك». و لذا اعترضنا على صاحب الجواهر حيث جعل فطرة الضيف من باب التعبّد حتى لو لم يكن عيالًا، و قلنا إنّ الضيف صغرى لكبرى العيال، كما في صحيحة عمر بن يزيد المتقدّمة البحث حوله مفصّلًا
«1».

و تحصّل: أنّ مناط وجوب الفطرة: العيلولة في زمان الوجوب لا التعبّد على الملكية و لا العيلولة المطلقة.

و على هذا فالعبد المشترك لو كان عند أحد الموالي وقت وجوب الفطرة في صورة المهاياة ففطرته على من هو عنده، لا على جميع المُلّاك، و ذلك من جهة العيلولة، فإنّها المناط حتى و لو كانت العيلولة في فترة وجيزة.

(1) لعدم الدليل على لزوم اتحاد جنس ما يخرجه الشريكان، و إن قلنا بلزوم اتّحاده فيما إذا كانت الفطرة من شخص واحد، و إن لم يرد في المقام رواية‌

______________________________
(1) في ص 92.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 138‌

..........

______________________________
خاصّة بالجواز أو عدم الجواز، إلّا أنّ مقتضى إطلاق روايات الباب كون ما يخرجه الشخص الواحد من جنس واحد من الأجناس التي تخرج فطرة، فإذا أراد إخراج الحنطة فلتكن صاعاً من حنطة لا صاعاً مختلطاً من الحنطة و غيرها، فإنّه (عليه السلام) قال في صحيحة معاوية بن وهب:. جرت السنّة بصاع من تمر.
«1» و غيرها من الروايات «2».

هذا كلّه بالنسبة إلى الفطرة من شخص واحد عن شخص واحد، أمّا بالنسبة إلى فطرة شخص واحد على شخصين كفطرة مملوك بين شريكين يدفعها عنه الموليان.

فالظاهر: جواز التفريق بأن يعطى أحدهما نصف صاع حنطة و الآخر نصف صاع شعيراً، و ذلك لأنّ تكليفهما بفطرة هذا المملوك تكليف على كلّ واحد مستقلا، و لا علاقة لتكليف أحدهما بتكليف الآخر، فإنّه قد لا يؤدّي الآخر أصلًا كما سبق «3».

و في الحقيقة يجب على كلّ واحد من الموليين نصف صاع من دون تقييد بكون ما يخرجه أحدهما من النصف من جنس النصف الذي يخرجه الآخر لعدم الدليل عليه.

و بعبارة اخرى: لا دليل على لزوم كون المخرج من أحدهما من جنس‌

______________________________
(1) الوسائل: ج 6، ص 232، الحديث 8، الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة.

(2) الوسائل: ج 6، ص 231، الباب 6 من أبواب زكاة الفطرة.

(3) في الصفحة 134 في شرح قول الماتن و تبقى حصّة الآخر.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 139‌

[ (مسألة 11): إذا كان شخص في عيال اثنين]

(مسألة 11): إذا كان شخص في عيال اثنين بأن عالاه معاً فالحال كما مرّ في المملوك بين شريكين (1) إلّا في مسألة الاحتياط المذكور

______________________________
المخرج للآخر، أضف إلى ذلك: جريان أصالة البراءة عن لزوم الاتحاد في هذا الفرض، أي: مسألة الشريكين في المملوك.

و الحاصل: أنّ مقتضى إطلاق الروايات كون مقدار المخرج فطرة صاعاً من التمر أو الزبيب أو الحنطة أو الشعير أو الأقط أو غير ذلك بالنسبة إلى الشخص الواحد، أمّا الشخصين فلا دليل على عدم الاجتزاء مع جريان أصل البراءة عن لزوم الاتحاد في النصفين، فالمسألتان «1» ليستا من باب واحد.

بل مسألة الاتّحاد مبنيّة على ظهور الروايات في لزوم صدق الصاع من الأجناس على المخرج.

و مسألة الاشتراك مبنية على تكليف كل من الشريكين بنصف الصاع و لا دليل على جريان حكم الصاع في نصف الصاع مع كونه مورداً للبراءة عن اشتراط كون النصفين من جنس واحد.

(1) الكلام هنا كالكلام في العبد المشترك بين مالكين «2» من أنّ المعيلين لو كانا معسرين لم تجب فطرة العيال على أحد منهما، و إن كانا موسرين وجبت عليهما معاً فطرة واحدة، و إن كان أحدهما معسراً و الآخر موسراً فعلى الموسر نصف الفطرة.

______________________________
(1) أي: مسألة الفطرة الواحدة من شخص واحد، و الفطرة الواحدة من شخصين.

(2) راجع ص 131، وص 134.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 140‌

فيه (1)، نعم الاحتياط بالاتفاق في جنس المخرج جار هنا أيضاً، و ربّما يقال: بالسقوط عنهما، و قد يقال: بالوجوب عليهما كفاية، و الأظهر ما ذكرنا.

[ (مسألة 12): لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه]

(مسألة 12): لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه إن كان هو المنفق على مرضعته [2]

______________________________
(1) أظنُّ هذه الجملة من سهو القلم، فإنّ المقام خروج موضوعي لا استثناء حكمي؛ لأنّ المسألة السابقة كانت في مالكين لمملوك كان عيالًا للمعسر دون الآخر المؤسر، و أمّا في المقام فالمفروض أنّه عيال لكليهما.

(2) تعرّضه لمسألة الرضيع لمجرّد التنبيه، و إلّا فلا خصوصية له، بل حكم الرضيع كغيره من العيال إذ لا فرق في العيال بين ذكر و أُنثى، صغير أو كبير «1».

مضافاً إلى ما ورد في مولود ولد ليلة الفطر من عدم وجوب فطرته «2» يدلّ على أنّها واجبة على المعيل للرضيع إذا كان مولوداً قبل هلال ليلة الفطر.

و الرضيع كالكبير لعيلولته صور: فقد لا يكون عيالًا لأحد كيتيم له مال يصرف عليه منه، و لا تجب الفطرة لهذا الطفل لا عليه؛ لأنّه غير بالغ، و لا على غيره؛ لعدم العيلولة. و قد يكون عيالًا كالكبير، كما إذا ارتضع بحليب خارجي غير الثدي ففطرته على من يقوم بنفقته كباقي العيال.

______________________________
(1) راجع ص 89 قوله: فصل فيمن تجب عنه.

(2) و هي صحيحة معاوية بن عمار المتقدّمة ص 82، و مثلها رواية معاوية بن عمّار المتقدّمة في ص 79.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 141‌

سواء كانت امّا له أو أجنبية (1) و إن كان المنفق غيره فعليه (2)، و إن كانت النفقة من ماله فلا تجب على أحد (3)، و أمّا الجنين فلا فطرة له إلّا إذا تولّد قبل الغروب (4)، نعم يستحب إخراجها عنه إذا تولّد بعده إلى ما قبل الزوال (5) كما مر «1».

[ (مسألة 13): الظاهر عدم اشتراط كون الإنفاق من المال الحلال]

(مسألة 13): الظاهر عدم اشتراط كون الإنفاق من المال الحلال، فلو أنفق على عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه وجب عليه زكاتهم (6).

______________________________
و قد يكون مرتضعاً من امرأة بأُجرة، فهو عيال للمؤجر و فطرته عليه، و قد يكون مرتضعاً من امرأة مجاناً و هي عيال للأب فالفطرة على أبيه.

(1) لكون المناط التبعية في العيلولة أُمّا كانت المرضعة أم غير امّه.

(2) للعيلولة.

(3) تقدّم وجهه «2».

(4) فإنّه حينئذٍ يكون عيالًا لمعيله على أنّ الحكم يستفاد من صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة «3».

(5) تقدّم البحث عنه مفصّلًا «4».

(6) لصدق العيلولة؛ لكن لا بدّ أن تكون الفطرة من المال الحلال، و أمّا مسألة‌

______________________________
(1) في ص 96 آخر المسألة الأُولى.

(2) في الصفحة 140 قوله: و الرضيع كالكبير.

(3) و هي صحيحة معاوية بن عمّار المتقدّمة في الصفحة 82، و مثلها رواية معاوية بن عمّار المتقدّمة في الصفحة 79.

(4) في الصفحة 84.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 142‌

[ (مسألة 14): الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة]

(مسألة 14): الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة (1)، فلو أعطى زوجته نفقتها و صرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها، و كذا في غيرها «1».

[ (مسألة 15): لو ملك شخصاً مالًا هبة أو صلحاً أو هدية]

(مسألة 15): لو ملك شخصاً مالًا هبة أو صلحاً أو هدية و هو أنفقه على نفسه لا يجب عليه زكاته؛ لأنّه لا يصير عيالًا له بمجرّد ذلك (2)، نعم لو كان من عياله عرفاً و وهبه مثلًا لينفقه على نفسه فالظاهر الوجوب (3).

[ (مسألة 16): لو استأجر شخصاً و اشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه]

(مسألة 16): لو استأجر شخصاً و اشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه لا يبعد وجوب إخراج فطرته، نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته فيعطيه دراهم مثلًا ينفق بها على نفسه لم تجب عليه، و المناط الصدق العرفي في عدّه من عياله و عدمه (4).

______________________________
عدم جواز الصرف عليهم من مال حرام فهو أمر آخر.

(1) لأنّه عياله سواء صرف عين النفقة المعطاة أو قيمتها أو صرف من غيرها.

(2) فإنّ مناط وجوب الفطرة العيلولة.

(3) لصدق العيلولة سواء أعطاه عين النفقة، أو ثمنها للصرف في النفقة، أو وكّله في شراء النفقة، أو وهبه ذلك؛ لصدق العيلولة في جميع ذلك.

(4) فروض المسألة ثلاثة:

الأوّل: الاستيجار لصرف الخدمة و بعد انتهاء عمله اليومي، أو المقرّر يرجع إلى أهله، ففطرته ليس على صاحب البيت؛ لأنّه أجير للعمل فقط من دون‌

______________________________
(1) أي غير الزوجة من: الولد و الخادم و المملوك و غيرهم.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 143‌

[ (مسألة 17): إذا نزل عليه نازل قهراً عليه و من غير رضاه]

(مسألة 17): إذا نزل عليه نازل قهراً عليه و من غير رضاه و صار ضيفاً عنده مدّة هل تجب عليه فطرته أم لا؟ إشكال (1)، و كذا لو عال شخصاً بالإكراه و الجبر من غيره (2)،

______________________________
صدق العيلولة.

الثاني: استئجار العامل بعنوان كون الأُجرة مقدار نفقته و نفقة عائلته مدّة العمل، و حكمه كالسابق: عدم وجوب فطرته على رب العمل؛ لأنّ نفقته أصبحت مال الإجارة و لا يعد من العيال.

الثالث: استئجاره مع تكفّل نفقته و يكون معه كأحد أفراد العائلة كما هو المتعارف بالنسبة إلى خدمة البيوت ففطرته على ربّ العمل؛ لأنّه يعدّ من العيال.

و الحاصل: كلّما صدقت العيلولة وجبت الفطرة على ربّ العمل.

(1) المستفاد من الروايات وجوب فطرة العيال إذا كان على وجه مشروع، و ليس هنا إطلاق شامل للضيف الجبري، و تفصيل الكلام في الفرع التالي.

(2) لا دليل على وجوب فطرة العيال القهري، بل المستفاد من الروايات لزوم كون العيال عيالًا على وجه مشروع، كقوله (عليه السلام): كل من أغلقت عليه بابك «1»، و قوله (عليه السلام) في صحيحة عبد اللّٰه بن سنان: «كلّ من ضممت إلى عيالك» «2».

______________________________
(1) النصّ الموجود هكذا: «و ما أغلق عليه بابه» في مرفوعة محمّد بن أحمد و رواية حمّاد ابن عيسى، و هما في الوسائل ج 6، ص 229 الحديث 9، 13، باب 5 من أبواب زكاة الفطرة، و قد تقدّمتا في الصفحة 38 و الصفحة 40.

(2) الوسائل: ج 6، ص 229، الباب 5، من زكاة الفطرة، الحديث 8. و في رواية عبد اللّٰه ابن سنان في المصدر الحديث 12: «كلّ من ضممت إليك».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 144‌

نعم، في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدّة ظلماً و هو مجبور في طعامه و شرابه فالظاهر: عدم الوجوب

______________________________
فإنّهما دلّتا على أنّ صاحب البيت هو الذي يغلق الباب و يضمّ الشخص إلى عياله باختياره و رغبته.

و أمّا القهري فلا يشمله ذلك التعبير.

و على هذا فالإطلاقات من أصلها منصرفة عن العيال الجبري.

و لمّا لم يكن دليل على وجوب فطرته، و لم تشمله الإطلاقات، يرجع إلى أصالة البراءة عن الوجوب.

فالحكم بوجوب فطرة العيال الجبري مشكل جدّاً.

و قد يستدلّ على عدم الوجوب بحديث الرفع «1» بتقريب: أن المقام من‌

______________________________
(1) (حديث الرفع) هذا التعبير مستفاد من الروايات الواردة في هذا المعنى عموماً أو في خصوص مورد كالصلاة و الزكاة و غيرهما.

و هي عدّة روايات وردت في أبواب متفرقة:

الطائفة العامّة (منها) الحديث المعروف عنه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم): «وضع عن أُمّتي تسعة أشياء: السهو، و الخطأ، و النسيان، و ما اكرهوا عليه، و ما لا يعلمون، و ما لا يطيقون، و الطيرة، و الحسد، و التفكّر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق الإنسان بشفة» و هذه مرسلة الصدوق تراها في الوسائل ج 4، ص 1284، الحديث 2، الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة؛ و في ج 5، ص 345، الحديث 2، الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.

لكن رواها في الخصال عن أحمد بن محمّد بن يحيى، عن سعد بن عبد اللّٰه، عن يعقوب ابن يزيد، عن محمّد بن أبي عمير، عن حريز بن عبد اللّٰه، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) مثله، إلّا أنّه ترك ذكر الخطأ و زاد: و ما اضطرّوا إليه قبل قوله: و الطيرة راجع الوسائل: ج 5، ص 345، ذيل الحديث 2، الباب 30 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة و أورد نصّها في ج 11، ص 295، الحديث 1، الباب 56 من أبواب جهاد النفس، عن التوحيد و الخصال.

و هذه ضعيفة أيضاً و إن عبّر عنها بالصحيحة فإنّ في السند أحمد بن محمّد بن يحيى، و هو شيخ الصدوق لم يوثّق، و قد ورد حديث الرفع بسند صحيح في عدّة روايات:

(منها) ما ذكره أحمد بن محمّد بن عيسى في (نوادره) و هو أربع روايات:

1 عن إسماعيل الجعفي، عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: سمعته يقول: وضع عن هذه الأمّة ست خصال: الخطأ و النسيان و ما استُكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطرّوا إليه.

2 عن ربعي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام) قال: قال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): عُفي عن أُمّتي ثلاث: الخطأ و النسيان و الاستكراه، قال أبو عبد اللّٰه (عليه السلام): و هنا رابعة، و هي: ما لا يطيقون.

3 عن الحلبي عن أبي عبد اللّٰه (عليه السلام)، قال: قال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله): وضع عن أُمّتي الخطأ و النسيان و ما استُكرهوا عليه.

4 عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: سألته عن الرجل يستكره على اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك؟ فقال: لا، ثمّ قال: قال رسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلم): وضع عن أُمّتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقوا، و ما أخطأوا. و هذه الروايات الأربع في الوسائل ج 16، الصفحة 144، الحديث 3، 4، 5، 6 من الباب 16 من كتاب الايمان.

و وجه صحّة السند ما ذكره صاحب الوسائل في ج 20، ص 36 عند ذكر الكتب المعتمدة التي نقل منها أحاديث الوسائل قال: «و شهد بصحّتها مؤلّفوها و غيرهم، و قامت القرائن على ثبوتها و تواترت عن مؤلّفيها أو علمت صحّة نسبتها إليهم بحيث لم يبق فيها شكّ و لا ريب، كوجودها بخط أكابر العلماء.» ثمّ شرع (قدّس سرّه) في تعداد الكتب إلى أن ذكر في ص 46 من الجزء المذكور: كتاب نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى هذا ما ذكره سيّدنا الأُستاذ (دام ظلّه) في مجلس السؤال.

ملحوظة: قال بعد ذكر كتاب النوادر-: «ليس بتام» و مراده أنّ الكتاب ناقص.

و الحاصل: أنّ الروايات الأربع صحيحة.

روايات و أحاديث الرفع وردت في عدّة أبواب من كتاب الوسائل و إليك الإشارة إلى بعضها:

الوسائل: ج 1، ص 30، الباب 4 من أبواب مقدّمة العبادات، و فيه 12 حديثاً و أصرحها الحديث 11 رواية ابن ظبيان.

و ج 4، ص 1284، الباب 37 من أبواب قواطع الصلاة، الحديث 2.

و ج 5، ص 345، الباب 30 من الخلل الواقع في الصلاة، الحديث 2.

و ج 11، ص 295، الباب 56، من أبواب جهاد النفس، الحديث 1، 2، 3.

و ج 16، ص 136، الباب 12 من كتاب الايمان، الحديث 12.

و ج 16، ص 144، الباب 16 من كتاب الايمان، الحديث 3، 4، 5، 6 و غيرها.

الطائفة الخاصّة تراها في الوسائل في أبوابها الخاصّة:

مثلًا في ج 6، ص 54، الباب 1 «من أبواب مَنْ تجب عليه الزكاة و مَن لا تجب» في عدم وجوب الزكاة في مال الطفل.

و في المصدر ص 59، الباب 4 في عدم وجوب الزكاة على المملوك.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 146‌

..........

______________________________
مصاديق الإكراه فكل أمر مترتّب على المكره عليه، مرفوع عند الإكراه، و منها: وجوب فطرة المعال على المعيل، و لمّا كانت العيلولة جبرية يرتفع الوجوب.

و الجواب أنّ في الاستدلال بحديث الرفع نظراً؛ لما ذكرنا عند البحث عن حديث الرفع من أنّه مختص بموردين:

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 147‌

..........

______________________________
الأوّل: ما إذا كان حكم إلزامي متعلّق بفعل أي: ما يفعله الإنسان بإرادته و اختياره، فإنّه موضوع لحديث الرفع و مرفوع في عالم التشريع و لا يؤاخذ الفاعل إذا صدر الفعل منه عن جهل أو نسيان أو اضطرار أو إكراه أو خطأ و أمثال ذلك ممّا ذكر في حديث الرفع فلا يؤاخذ بذلك.

الثاني: ما إذا كان له أثر و كان موضوعاً لأثر، فإنّه يرتفع الحكم المترتّب عليه فكما يرتفع الحكم المتعلّق به كذلك يرتفع الحكم المترتّب عليه يعني: ما كان الفعل موضوعاً لذلك الحكم كالكفارة المترتّبة على مخالفة النذر لو نذر أن لا يفعل كذا فأُكره على فعله فإنّه لا كفارة عليه.

و الحاصل: انّه لا يفرق في حديث الرفع بين الأحكام المتعلّقة بالعمل و الأحكام المترتّبة على العمل بمعنى: كون العمل موضوعاً لذلك الحكم، إلّا في موارد خاصّة ذكرناها في محلّها.

و أمّا الآثار المترتّبة على أمر آخر، لا على الفعل، فقد يكون ذلك الأمر اختيارياً و يكون من أفعال الإنسان، لكن الموضوع له لم يكن فعل المكلّف بل الأمر الجامع بين فعل المكلّف و غيره كنجاسة البدن التي هي أثر لملاقاة النجاسة مع الرطوبة، و الملاقاة قسمان: اختياري و غير اختياري، و مثل هذا الأثر لا يرتفع بحديث الرفع لأنّه غير مترتّب على الفعل الاختياري بل مترتّب على أمر قد يكون اختيارياً و قد يكون غير اختياري، فإنّ رفع التسعة خاصّ بالفعل الاختياري.

و مقامنا من هذا القبيل أي: ليس مورداً لحديث الرفع؛ لأنّ وجوب الفطرة‌

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 148‌

لعدم صدق العيال، و لا الضيف عليه (1).

[ (مسألة 18): إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شي‌ء]

(مسألة 18): إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته شي‌ء (2)، و إن مات بعده وجب الإخراج من تركته عنه و عن عياله، و إن كان عليه دين و ضاقت التركة قسمت عليهما بالنسبة (3).

______________________________
مترتّب على العيلولة، و هي قد تكون اختيارية و قد تكون غير اختيارية، و على هذا فالموضوع أعمّ من الاختياري و لا يرفع حكمه حديث الرفع لاختصاصه برفع الأحكام المتعلّقة أو المترتّبة على الأفعال الاختيارية دون ما ترتّب على الأُمور الخارجية.

و ممّا يؤكّد عدم شمول حديث الرفع للمقام: أنّه لو احتاج إلى الخادم اضطراراً لعجز أو كثرة أشغال مع عدم رغبته إلى عيلولته فهل يمكن القول برفع حديث الرفع فطرة هذا الخادم استناداً إلى أنّه مضطر إليه.

(1) ظهر حكمه ممّا تقدّم في هذه المسألة.

(2) لعدم التكليف بالفطرة.

(3) المحقّق (قدّس سرّه) ذكر هذا الحكم، و صاحب الجواهر لم يتعرّض له إلّا بشرح مختصر لكلام المحقّق الماتن، و كأنّه أرسله إرسال المسلّمات «1» لكن للنظر في الحكم المذكور مجال واسع كما سبق «1».

و الظاهر: عدم وجوب الإخراج من التركة؛ لأنّ الفطرة ليست حقّا مالياً، بل‌

______________________________
(1) راجع الجواهر: ج 15، آخر ص 512 متناً و شرحاً.

(1) في الصفحة 24.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 149‌

..........

______________________________
هو تكليف محض كما سبق
«2» و لم نعثر على رواية تدلّ على كون الفطرة من قبيل الوضع.

فإخراج الفطرة من التركة لا دليل عليه كما لا دليل على توزيع التركة بين الديون و الفطرة بالنسبة في صورة وجود ديون و قصور التركة عن الوفاء بها و بالفطرة.

و ممّا يدلّ على كون الفطرة حكماً تكليفياً لا وضعياً ما سيأتي في صورة عدم إخراج زكاة الفطرة إلى صلاة العيد أو زوال يوم العيد و عدم إفرازها خارجاً من اختلاف الأقوال «3» و المشهور على سقوط الفطرة، و لو أراد مع ذلك إعطائها فبعنوان الصدقة المستحبّة لا بعنوان الفطرة، و دلّت عليه رواية صحيحة «4» و لو كانت الفطرة حكماً وضعيّاً لما سقطت.

نعم ذهب بعض إلى كون الفطرة حينئذٍ قضاءً كالصوم و الصلاة من العبادات فإنّها حقوق بدنية، عليه القضاء إن فاتت دون الحجّ فإنّه حقّ مالي يخرج من أصل المال و قليل من الفقهاء التزم بكونها أداءً حتى بعد وقت الصلاة أو الزوال من يوم العيد.

______________________________
(2) في الصفحة 24.

(3) في الصفحة 235 عند شرح قوله: «عدم سقوطها» في فصل وقت وجوبها.

(4) و هي صحيحة عبد اللّٰه بن سنان: «و إعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل، و بعد الصلاة صدقة» الوسائل: ج 6، ص 246، الحديث 1 من الباب 12 من زكاة الفطرة، و راجع ص 229 لتحقيق الصحيحة.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 150‌

..........

______________________________
و على كلّ إن كانت الفطرة من قبيل الوضع فما وجه هذا النزاع و التزام المشهور بالسقوط بعد الزوال أو الصلاة و أنّها حينئذٍ صدقة؟

و لا يبعد كون الفطرة كالصلاة في الحكم، و المعروف أنّ الصلاة لا تخرج من التركة، لكن قيل: بإخراجها من أصل المال كالحجّ و الديون المالية و منهم السيد الماتن «1».

و الحاصل: أنّ القول بعدم إخراج الفطرة من التركة هو الظاهر لعدم الدليل على إخراج الواجبات البدنية من أصل المال إلّا الحجّ.

و أمّا الاستدلال برواية محمّد بن القاسم بن الفضيل البصري، إنّه كتب إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام): يسأله عن المملوك يموت عنه مولاه و هو عنه غائب في بلدة أُخرى و في يده مال لمولاه و يحضر الفطرة أ يزكّي عن نفسه من مال مولاه و قد صار لليتامى؟ قال: نعم «2».

بتقريب: أنّها نصّ على إخراج الفطرة من التركة و قد حملها الوسائل على الموت بعد الهلال «1».

ففيه: ما تقدّم من الكلام حول هذه الرواية سنداً و دلالةً بالتفصيل «2».

______________________________
(1) راجع المتن في المستمسك: ج 7، ص 118، المسألة 4.

(2) الوسائل: ج 6، ص 226، الحديث 3، باب 4 من أبواب زكاة الفطرة.

(1) المصدر ذيل الحديث المذكور.

(2) من الصفحة 30 إلى الصفحة 32.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 151‌

[ (مسألة 19): المطلقة رجعيا فطرتها على زوجها]

(مسألة 19): المطلقة رجعيا فطرتها على زوجها (1) دون البائن إلّا إذا كانت حاملًا ينفق عليها.

[ (مسألة 20): إذا كان غائباً عن عياله أو كانوا غائبين عنه و شكّ في حياتهم]

(مسألة 20): إذا كان غائباً عن عياله أو كانوا غائبين عنه و شكّ في حياتهم، فالظاهر وجوب فطرتهم مع إحراز العيلولة على فرض الحياة (2).

______________________________
(1) تقدّم في كلامه: أنّ مجرّد وجوب النفقة لا يوجب الفطرة و إن كان أحوط
«3» و العبرة: بصدق كونها عيالًا، فإذن حال المُطّلقة الرجعية كحال باقي العيال و ليست للرجعية خصوصية، بل هي زوجة حقيقة، لا لما قيل «4» بورود رواية «إنّ المطلقة رجعيا زوجة» و حملها على التنزيل فإنّه لا وجود لهذه الرواية أصلًا، بل ذكرت هذه الجملة في كلام الفقهاء. و الوجه في كونها زوجة: أنّ البينونة لا تحصل بمجرّد الطلاق الرجعي إلّا بعد انقضاء العدّة، و أمّا قبله فلا بينونة لمقتضى ما دلّ على البينونة بعد العدة، فقبل البينونة زوجته حقيقة و علاقة الزوجية باقية، و انقضاء العدة شرط البينونة كاشتراط القبض في بيع السلم و الصرف فإنّه و إن تحقّق إنشاء البيع أوّلًا، إلّا أنّ ملكية المشتري لا تتحقّق إلّا بعد القبض، فالقبض شرط، كما فيما نحن فيه حيث إنّه و إن أنشأ الطلاق أوّلًا، إلّا أنّ البينونة لا تتحقّق إلّا بعد انقضاء العدّة.

(2) و ذلك للاستصحاب، بيان ذلك:

______________________________
(3) ذكر الماتن في المسألة 3 من فصل مَن تجب عنه راجع الصفحة 105 و ذكر الاحتياط في الصفحة. 108.

(4) ففي المستمسك: ج 9، ص 412: «لما ورد من انّ المطلّقة رجعيا زوجة».

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 152‌

..........

______________________________
أنّ الاستصحاب كما يجري في الموضوع البسيط يجري في الموضوع المركّب، و المراد من المركّب: الأعمّ من المقيّد، فيشمل الأجزاء و الشرائط بأجمعها، لكن جريانه في جزء من الأجزاء أو شرط من الشرائط لا أثر له إلّا مع إحراز باقي الأجزاء و الشرائط، سواء كان الإحراز بالوجدان أو بالاستصحاب أيضاً، لترتّب الأثر على المجموع المركّب «أي: الأعمّ من المقيّد بالشرائط، و المركّب الاصطلاحي».

و الوجه في ذلك أنّ الاستصحاب تعبّد بالبقاء، أي فرض الشاك متيقّناً، و مورده: ما ترتّب عليه الأثر الشرعي و إلّا لم يكن قابلًا للتعبّد و من الظاهر أنّ الأثر الشرعي يترتب على المركب بما هو مركب، لا على جزء خاص أو شرط خاصّ فإنّه لا أثر لاستصحابه.

و عليه: فلا بدّ لجريان الاستصحاب في جزء أو شرط من المركب من إحراز الجزء الآخر أو المشروط بالوجدان أو بالتعبّد كاستصحاب آخر أيضاً و النتيجة تابعة لأخسّ المقدّمتين، أي: إذا كان أحد الجزئين ثابتاً بالتعبّد فالمجموع المركّب تعبّدي لا محالة.

و إليك مثالًا لذلك:

لو شكّ في الموضوع المركّب من «الماء الكر» بأحد الوجوه التالية:

1 الشكّ في الكرية مع إحراز كونه ماء بالوجدان.

2 الشكّ في كونه ماء مع إحراز الكرية بالوجدان.

3 الشكّ في كونه ماء و في كونه كراً.

فقه العترة في زكاة الفطرة، ص: 153‌

..........

______________________________
ففي الأوّل، يجري استصحاب الكرية، فيقال: هذا الماء كان كرّاً و هو الآن كرّ بالتعبّد الاستصحاب-، و تترتّب عليه آثار الكرية من عدم الانفعال.

و في الثاني، يجري استصحاب كونه ماء، فيقال: هذا الكر كان ماء و هو الآن ماء بالتعبّد الاستصحاب و يترتّب عليه أثر الماء الكرّ من عدم الانفعال.

و في الثالث، تستصحب المائية و الكرية، فإنّه كان يعلم بكونه ماء كراً ثمّ شكّ في انقلابه إلى الإضافة و في بقائه على الكرية، يستصحب كلاهما فيقال: هذا الموجود كان ماء كراً و هو الآن ماء كر بالتعبّد.

فكلّما كان أحد الجزئين مشكوكاً جرى الاستصحاب فيه بشرط إحراز الجزء الآخر بالوجدان أو بالتعبّد.

و الموضوع في مورد البحث مركب من أمرين: «الوجود و العيلولة» و بتحقّقهما يثبت الحكم و هو وجوب الفطرة على المعيل.

فإذا شكّ في أحدهما أجرى الاستصحاب فيه مع إحراز الآخر بالوجدان أو بالتعبّد أي: الاستصحاب أيضاً.

فإذا شكّ في وجوده مع إحراز عيلولته على تقدير وجوده جرى استصحاب وجوده و وجبت فطرته.

و إذا شكّ في عيلولته مع إحراز وجوده جرى استصحاب عيلولته و وجبت فطرته، و مثاله: ما لو كانت زوجته الغائبة وكيلة عنه في طلاق نفسها و شكّ في بقائها على عيلولته من جهة احتمال طلاق نفسها بالوكالة.

و إذا شكّ في الوجود و العيلولة معاً، استصحبهما معاً و وجبت الفطرة عليه.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net