ــ[213]ــ
وان كان ذلك قبل دخول الوقت فوجوب المبادرة أو حرمة الابطال غير معلوم ((1)) (1) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على النحو المأمور به وعلم بأنه لو أبطله لم يتمكّن من الوضوء مع المسح على البشرة بعد ذلك ، فهل يجب عليه المبادرة إلى الوضوء في المسألة الاُولى ويحرم عليه إبطال الوضوء في المسألة الثانية أو لا ؟
الصحيح كما أفاده الماتن في المتن وجوب المبادرة وحرمة الابطال ، وذلك لأنه حينئذ يتمكن من الاتيان بالمأمور به الأولي حال وجوبه ، وبه يتنجّز عليه وجوب الصلاة مع الوضوء المأمور به في حقِّه ، لتمكّنه من امتثاله ، وعليه فلو أخرج نفسه عن التمكّن والقدرة إلى العجز بإراقة الماء أو بترك المبادرة أو بابطال وضوئه كان ذلك عصياناً ومخالفة لذلك الأمر المتنجز ، فلا محالة يعاقب على تفويته وتركه للواجب بالاختيار .
وأدلّة الأبدال إنما تدل على البدلية لمن لم يتمكّن من المأمور به الأوّلي وكان عاجزاً عن الماء أو غيره ، والمفروض أنه متمكِّن من الماء ومن الوضوء الصحيح فلا يجوز في حقِّه الاتيان ببدله إلاّ بتفويت قدرته وتمكّنه وإخراج نفسه عن التمكّن وإدخالها في العجزة وغير القادرين ، وهذا أمر غير سائغ ، بل لو كنّا نحن وأدلّة وجوب الوضوء لقلنا بسقوط الأمر بالوضوء والصلاة عمن عجّز نفسه بتفويت قدرته على الماء أو المسح المأمور به بالعصيان ومعاقبته بترك الواجب اختياراً ، إلاّ أن الأدلة دلت على أن الصلاة لا تسقط بحال ولا بدّ من اتيانها بالطهارة الترابية ، وهذا لا ينافي العقاب من جهة تركه المأمور به بالاختيار ، هذا كله فيما إذا علم بذلك بعد دخول الوقت .
وثانيهما : ما إذا علم بذلك قبل دخول وقت الوجوب ، وهو الذي أشار إليه الماتن بقوله : وإن كان ذلك قبل دخول الوقت ....
(1) والصحيح في هذه المسألة عدم وجوب المبادرة إلى الوضوء وعدم حرمة
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بل الظاهر عدم وجوب المبادرة وجواز الابطال .
ــ[214]ــ
الإبطال ، وذلك لأن وجوب الوضوء والصلاة مشروط في الشريعة المقدسة بدخول وقتها كما دلّ عليه قوله عزّ من قائل : (أقم الصّلاة لدلوك الشمس إلى غسق اللّيل ... )(1) وقوله (عليه السلام) «إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ، ولا صلاة إلاّ بطهور» (2) وعلى ذلك لا حكم متنجز بشيء من الطهور والصلاة قبل الوقت ، فلو ترك المكلف المبادرة إلى الوضوء أو أبطله قبل دخول الوقت لم يكن في ذلك أية مخالفة وعصيان للتكليف المتنجز عليه ، لأن المفروض أن التكليف قد اشترط بالوقت وهو غير متحقق بعد ، فلا وجه للحكم بوجوب المبادرة إليه ولا لحرمة إبطاله .
نعم ، قد يتوهم أن في ترك المبادرة قبل الوقت أو في إبطال الوضوء حينئذ تفويتاً للملاك الملزم وهو بالنظر العقلي كعصيان التكليف المنجّز في القبح ، فلا مناص معه من الحكم بوجوب المبادرة وحرمة الابطال ، وهذا الكلام وإن كان بحسب الكبرى صحيحاً ومما لا مناقشة فيه ، لما ذكرناه غير مرة من أن تفويت الملاك الملزم ومخالفة التكليف المنجّز سيان عند العقل وكلاهما عصيان ومخالفة لديه ، إلاّ أن الكلام كله في صغرى ذلك في المقام ، وأن الصلاة مع الوضوء التام هل فيها ملاك ملزم بالاضافة إلى العاجز عن الوضوء المأمور به من أوّل الوقت ، أو أن الملاك الملزم يخص القادرين وحيث لا سبيل لنا إلى استكشاف ملاكات الأحكام الشرعية على ما ذكرناه غير مرّة إلاّ بالأمر والتكليف شرعاً ، ولا تكليف على العاجز ومن لم يتمكن من الوضوء التام بالاضافة إلى الوضوء قبل الوقت ولا بعده ، فلا يمكننا تحصيل العلم بوجود الملاك الملزم في حقه ، ومن الجائز وجداناً أن تكون القدرة دخيلة في تحقق الملاك ، ومعه لا يمكن الحكم بحرمة إبطال الوضوء أو بوجوب المبادرة إليه قبل الوقت ، بدعوى أنه تفويت للملاك الملزم ، هذا كلّه في الفروع المترتبة على ترك المسح المأمور به أعني المسح على غير البشرة بشيء من الضرورات المتقدمة غير التقيّة .
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الإسراء 17 : 78 .
(2) الوسائل 1 : 372 / أبواب الوضوء ب 4 ح 1 .
|