(الثالث) من المطهّرات الشمس 

الكتاب : فقه الشيعة - كتاب الطهارة ج‌5   ||   القسم : الفقه   ||   القرّاء : 6223

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 243‌

[ (الثالث) من المطهّرات الشمس]

(الثالث) من المطهّرات الشمس، و هي تطهّر الأرض (1).

______________________________
(1) وقع الكلام في مطهّرية الشمس عن جهات.

«الأولى» في أن الشمس هل تكون مطهرة لما أصابته من الأرض نظير الماء، أو انها لا تؤثر إلا العفو عن النجاسة في بعض آثارها- كالتيمم على الأرض أو السجود عليها إذا جفّفته الشمس، بحيث لو لاقاها شي‌ء مع الرطوبة تنجس.

«الثانية» في موضوع الحكم، بمعنى أن الشمس هل تكون مطهّرة لخصوص الأرض، أو تعم غيرها، و على الثاني هل تختص بغير المنقولات، أو تعم غيرها، كالحصر و البواري.

«الثالثة» في النجاسة التي تطهرها الشمس بمعنى أنها هل تكون مطهّرة لخصوص نجاسة البول، أو لكل نجس أو متنجّس يكون كالبول في عدم بقاء عينه بعد الجفاف- كالماء المتنجس.

الجهة الأولى ففي مطهرية الشمس.

فالمشهور بين الأصحاب هو القول بالمطهّرية بل عن بعضهم دعوى الإجماع عليه «1» و عن كشف الحق «2» انه معقد مذهب الإماميّة «3» و عن القطب الرّاوندي القول بالعفو خاصّة فلا تطهر الأرض بالشمس، بل يكون حكمها حكم الطّاهر في جواز السجود عليها، ما لم تصر رطبة، و لم يكن الجبين رطبا، و تبعه على ذلك جمع من الأصحاب [1]

______________________________
[1] كصاحب الوسيلة، و المحقق في المعتبر و الشيخ أبو القاسم بن سعيد، و المحدث الكاشاني و توقّف في ذلك صاحب المدارك- بنقل الحدائق ج 5 ص 437- و استجود صاحب الحدائق ما ذهب اليه صاحب المدارك من التوقف في المسألة، لاختلاف الأخبار- نفس المدرك ذيل ص 437، و 438- و ان كان في نسبة ذلك الى بعض من ذكر تأمل كما أشار الى ذلك في الجواهر ج 6 ص 258، فراجع.

______________________________
(1) الحدائق ج 5 ص 439- 440 و الجواهر ج 6 ص 253.

(2) بنقل الجواهر ج 6 ص 253.

(3) سيأتي التعرض لمذاهب العامة في الصفحة: 258

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 244‌

..........

______________________________
من القدماء و المتأخرين.

و استدل للمشهور بعدة روايات [1].

(الأولى): صحيحة زرارة قال: «سألت أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح، أو في المكان الذي يصلى فيه؟ فقال: إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه، فهو طاهر» «2».

و هذه أظهر رواية دلت على مطهّرية الشمس، لظهور قوله عليه السلام في ذيلها «فهو طاهر» في الطّهارة الشرعيّة المصطلحة، فيكون الصلاة على المكان أو السطح الذي جففته الشمس من آثار حصول الطهارة له لا من أجل العفو عن الصلاة على المكان المذكور، لأن «الفاء» في قوله عليه السلام «فهو طاهر» للتفريع، أو للعليّة.

و قد يناقش [2] في دلالتها على ذلك باحتمال إرادة الطّهارة اللغوية أى «النظافة»، لعدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة، فيكون نظير قوله عليه السلام «كل شي‌ء يابس زكى» «4».

و يندفع: بأنه لو سلّمنا عدم ثبوت الحقيقة الشرعيّة في عصر النبي الأكرم صلّى اللّٰه عليه و آله فلا نسلّم عدمها في لسان الصادقين (عليهما السلام) لكثرة استعمال لفظ «الطّهارة» في المعنى الشرعي لا سيما في عصرهما (عليهما السلام)، فهي حقيقة متشرعيّة لا بد من حمل اللفظ عليها في لسانهما (عليهما السلام)، فلا مجال لهذه المناقشة بوجه، فدلالتها على المطلوب ظاهرة.

و معه لا حاجة بنا إلى الاستدلال بقوله عليه السلام فيها: «فصّل عليه» مبنيّا على ظهوره في السجود على السطح أو المكان المذكور، بضميمة‌

______________________________
[1] و مجموعها على ثلاثة أقسام «أحدها» ما هو ظاهر في مطهّرية الشمس «ثانيها» ما هو ظاهر في العدم «ثالثها» ما هو مجمل لا يدل على شي‌ء من الأمرين، و قابل للمحل على كل من المطهّرية و العفو.

[2] حكى ذلك عن المحدّث الكاشاني في الوافي- الحدائق ج 5 ص 438.

______________________________
(2) الوسائل ج 2 ص 1042 في الباب 29 من النجاسات، الحديث: 1.

(4) وسائل الشيعة ج 1 ص 248 في الباب 31 من أحكام الخلوة ح 5.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 245‌

..........

______________________________
الإجماع على اعتبار الطّهارة في مسجد الجبهة، فيدل بالالتزام على حصول الطهارة للمكان، كي يناقش فيه باحتمال إرادة الصلاة في المكان، و لا يعتبر الطّهارة في مكان المصلى كما أنه قد يستعمل في ذلك، ما لم تسر نجاسته إلى بدنه أو لباسه، كما إذا جفّ بالشمس، أو غيرها.

نعم لا بأس بالاستدلال بإطلاق الأمر في قوله عليه السلام «فصلّ عليه» الدال على جواز الصلاة في المكان الذي جفّفته الشمس سواء كان حال الصلاة رطبا أو يابسا، بمعنى انه متى جفّ بالشمس جازت الصلاة عليه رطبا كان أو يابسا، لحصول الطهارة بالتجفيف الحاصل بالشمس.

و الحاصل: أن دلالة هذه الرواية من جهة توصيف المكان بالطهارة بعد التجفيف بالشمس، و من جهة إطلاق الأمر بالصلاة على المكان المذكور مما لا ينبغي التأمل فيها [1].

(الثانية): صحيحة زرارة، و حديد بن حكيم الأزديّ جميعا، قالا:

قلنا لأبي عبد اللّٰه عليه السلام: السطح يصيبه البول، أو يبال عليه يصلّى في ذلك المكان؟ فقال: «ان كان تصيبه الشمس، و الريح و كان جافّا فلا بأس به، الا ان يكون يتخذ مبالا» «2».

و استدل بهذه الصحيحة للمشهور أيضا بدعوى: أن المسئول عنه فيها انما هو مانعيّة النجاسة عن الصلاة في المكان، فأجاب عليه السلام بعدم البأس عنه إذا جفّ بالشمس و الريح فتدل على رفع المانع (أي النجاسة) بذلك، فالمراد من البأس المنفي هو النجاسة فكأنّ الامام عليه السلام قرّر ما في ذهن السائل من مانعيّتها في مكان المصلى و أجاب بأنه ترتفع بإشراق الشمس.

و أما ذكر الريح عطفا على الشمس- مع عدم مدخليّتها في التطهير إجماعا، و كذا عدم كونها بنفسها سببا مستقلا حتى تكون من قبيل عطف أحد السببين على الآخر.

______________________________
[1] قد أشرنا إلى ثلاثة وجوه للاستدلال بهذه الصحيحة.

______________________________
(2) وسائل الشيعة ج 2 ص 1042 في الباب 29 من أبواب النجاسات، ح 2.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 246‌

..........

______________________________
فمحمول على الغالب من هبّ الرياح اليسيرة من دون استناد التجفيف إليها، كما يأتي [1] فلا إشكال في الاستدلال بها من هذه الجهة.

نعم: يمكن المناقشة فيها.

أولا: بأن السؤال فيها انما وقع عن الصلاة في المكان المتنجس بالبول، لا الصلاة عليه الظاهر في السجدة على المكان، و جواز الصلاة في المكان الذي جفّفته الشمس لا يدل على طهارته، لعدم اشتراط الطّهارة في مكان المصلّى، ما دام جافّا لا تسرى نجاسته إلى بدنه أو لباسه، بل غايته الدلالة على صحة الصلاة في المكان المذكور إذا كان جافا، لعدم السّراية حينئذ، فيكون معفوّا عنه ما دام كذلك.

و يؤيّده قوله عليه السلام في ذيلها «الا ان يكون يتخذ مبالا» فإنه يكره الصلاة فيما يتخذ كنيفا، و مبالا، فالجواب ناظر إلى حكم مكان المصلّى، لا إلى مطهّرية الشمس.

و هذا بخلاف الصحيحة الأولى، فإن السؤال و الجواب فيها كانا عن الصلاة على المكان الظاهر في السجود عليه، فجواز السجود عليه بعد التجفيف بالشمس يدل على طهارته، لاشتراط الطهارة في مسجد الجبهة، دون مكان المصلّى.

و بعبارة واضحة: ان التعبير به كلمة «في» إنما يأتي في مورد الصلاة في المكان و ان وقع السجود على غيره، كما في قولنا الصلاة في المسجد، أو في الدار، و نحوه، و لا يقال الصلاة على المسجد، أو على الدار، و هذا بخلاف ما لو أريد السجود عليه، فإنه يقال مثلا الصلاة على الحصير، أو على الفرش، أو على المكان، و نحو ذلك، فإذا جاء السؤال مع التعبير ب‍ «في» يكون ناشئا عن احتمال اعتبار شرط في المكان، و إذا جاء مع التعبير ب‍ «على» يكون دالا على احتمال اعتبار شرط في مسجد الجبهة، و ان كان قد يستعمل في خلافه أيضا. إلا أنّ الظاهر هو ذلك، و عليه: إذا كان السؤال عن حكم المكان‌

______________________________
[1] سيأتي في المتن: «ان الريح اليسير على وجه يستند التجفيف الى الشمس و إشراقها لا يضر».

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 247‌

..........

______________________________
النجس من جهة الصلاة فيه، فلا يدل الجواب بعدم البأس الدّال على مجرد الجواز على حصول الطّهارة له، إذا جفّ بالشمس، إذ مجرد الجواز أعم من الطّهارة، نعم: لو دلّ الدليل من الخارج على اعتبار الطهارة فيه، كما في مسجد الجبهة و لو كان جافا لكان الجواز مساوقا لحصول الشرط، و إلا فلا.

و مكان المصلى الذي هو مورد السؤال و الجواب في هذه الصحيحة، لا يشترط فيه الطهارة و لو نوقش فيما ذكرنا فيرد عليه.

ثانيا: أن قوله عليه السلام «و كان جافا» ظاهر في لزوم جفاف المكان حال الصلاة، لظهوره في لزوم بقاء الجفاف حينها، و مقتضى إطلاقه عدم كفاية الجفاف قبلها، و ان حصل بالشمس و هذا مما ينافي طهارة المكان، لانه لو طهر بالشمس فلا يعتبر بقاءه على الجفاف حال الصلاة، إذ لا تضر الرطوبة الطّاهرة و ان كانت مسرية، بعد فرض حصول طهارة المكان بالشمس، و عليه لو قلنا بدلالة هذه الصحيحة على عدم المطهّرية لم نكن مجازفين إذ لا تدل حينئذ الا على الجواز إذا كان المكان جافا حال الصلاة، فيدل على العفو حينها مع الجفاف، بل يكون دالّا على عدم كفاية الجفاف قبلها و ان كان بالشمس، و هذا بخلاف الصحيحة الأولى حيث دلّت على كفاية الجفاف بالشمس قبل الصلاة، لقوله عليه السلام فيها «إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه» لظهور الفعل الماضي في كفاية تحقق المبدأ، و لو كان قبل الصلاة، و قد ذكرنا: أن مقتضى إطلاقه جواز الصلاة و إن حصلت رطوبة جديدة في المكان حالها، لأنها طاهرة لا تضر بالصلاة، و لا يقاس ذلك بقوله عليه السلام في هذه الصحيحة «و كان جافا» الظاهر في الحاليّة.

ثم ان استفادة هذا المعنى- أعنى اعتبار جفاف المكان المتنجّس حال الصلاة- من هذه الصحيحة لا يفرق فيها بين تقييد إطلاق قوله عليه السلام «و كان جافا» بما إذا كان الجفاف بالشمس أو الريح و بين ما إذا كان باقيا على إطلاقه بأن يكون ذكر الشمس و الريح من باب المثال، لأنهما الأعم الأغلب في حصول الجفاف في الأشياء، دون غيرهما، كما هو الظاهر، لأن ذكر الريح يكون قرينة على أنه سبب مستقل في الجفاف، أو لا أقل من‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 248‌

..........

______________________________
كونه جزء له، و حمله على الريح اليسير غير المانع عن استناد الجفاف الى الشمس- كما صنعنا- بعيد عن ظاهر الكلام لا موجب للالتزام به، فذكر الريح عطفا على الشمس يكون قرينة على أن العبرة بالجفاف من أى سبب حصل.

و الحاصل: انه لا يفرق فيما ذكرناه من عدم دلالة الصحيحة على مطهّرية الشمس و ان غايتها الدلالة على جواز الصلاة في المكان الذي أصابته الشمس لو كان جافا بين أن نقول بدلالتها على اعتبار أن يكون الجفاف بالشمس- بناء على القيديّة- أو لم نقل بذلك- بناء على عدمها- لأن العبرة- على كل حال- تكون بالجفاف، لا الطهارة، فتحصل أن هذه الصحيحة لا دلالة لها على مطهّريّة الشمس، لو لم نقل بدلالتها على عدمها.

(الثالثة) موثقة عمار الساباطي عن أبى عبد اللّٰه عليه السلام (في حديث) قال: سئل عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره فلا تصيبه الشمس، و لكنّه قد يبس الموضع القذر قال: لا يصلّى عليه، و أعلم موضعه حتّى تغسله.

و عن الشمس هل تطهر الأرض؟ قال: إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس، ثم يبس الموضع، فالصلاة على الموضع جائزة، و ان أصابته الشمس و لم ييبس الموضع القذر و كان رطبا فلا يجوز الصلاة حتى ييبس، و ان كانت رجلك رطبة، و جبهتك رطبة، أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر، فلا تصل على ذلك الموضع، حتى ييبس، و ان كان غير الشمس أصابه حتى ييبس، فإنه لا يجوز ذلك» [1].

توضيح الاستدلال بها ان هذه الموثقة قد اشتملت على سئوالين.

«الأول» عن طهارة المكان القذر باليبوسة بغير الشمس، فأجاب‌

______________________________
[1] وسائل الشيعة ج 2 ص 1043 في الباب 29 من أبواب النجاسات، ح 4.

و التهذيب ج 1 ص 273 ح رقم 802- 89.

و ج 2 باب الزيادات ص 372 ح رقم 1548- 80.

و الاستبصار ج 1 ص 193 ح رقم 1، باب 114- مع اختلاف في النسخ.

و الوافي ج 1 ص 36 م 4 مع موافقته لنسخة من التهذيب، كما سيوافيك في الشرح.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 249‌

..........

______________________________
الإمام عليه السلام بعدم طهارته بذلك، و انه لا بد في تطهيره من الغسل بالماء بعد إعلام الموضع، و انه لا يصلى عليه حتى يغسل.

و «السؤال الثاني» قد جاء عن مطهّرية الشمس للأرض، فأجاب عليه السلام بأنه إذا أصابته الشمس و يبس الموضع بها يجوز الصلاة عليه، و جواز الصلاة على الموضع يدل على طهارته، لاشتراطها في مسجد الجبهة إجماعا.

هذا مضافا إلى أنّ لزوم مطابقة الجواب للسؤال يدل على ذلك أيضا، حيث أنّ السؤال إنما كان عن طهارة الموضع بالشمس، فأجاب عليه السلام بجواز الصلاة عليه إذا جفّ بها، فيدلّ بالالتزام على حصول الطهارة بها [1] و الا لم يطابق الجواب مع السؤال.

على أن سياق الكلام في صدر الحديث- سئوالا و جوابا- يدل على أن المطلوب للسائل إنما هو معرفة كيفيّة تطهير المكان القذر، حيث قال عليه السلام في جواب السؤال الأول «و أعلم موضعه حتى تغسله» فإنه يدل على ان مطلوب السائل معرفة كيفية تطهير المكان، فأجابه عليه السلام بأنه لا يطهر بمجرد اليبوسة من دون إصابة الشمس، و انه لا بد من غسله، فالمطهّر إما هو الشمس أو الماء.

هذا كله من حيث دلالة صدرها من المنطوق.

و يدل على المطلوب أيضا ما أوضحته من المفهوم في ذيلها بقوله عليه السلام «و ان أصابته الشمس و لم ييبس الموضع. إلخ» و ذلك لما اعتبرته في المنطوق من لزوم أمرين في الطهارة بالشمس «أحدهما» إصابة الشمس و «الثاني» حصول اليبوسة بها فمع انتفاء كل من الأمرين لا تحصل‌

______________________________
[1] بل عن العلامة في المختلف ان السؤال في الرواية وقع عن الطهارة فلو لم يكن في الجواب ما يفهم منه السائل الطهارة «أو عدمها لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة».

و أما ما أورده عليه في الحدائق (ج 5 ص 446) بأن اللّازم تأخير البيان عن وقت الخطاب و لا مانع منه، إذ كون الوقت وقت الحاجة ممنوع.

فمندفع بما ذكره في الجواهر (ج 6 ص 256) بان الغالب هو وقت الحاجة عند السؤال.

فتأمل.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 250‌

..........

______________________________
الطهارة، فإن أصابته الشمس و لم تحصل اليبوسة، و بقي على الرطوبة، فلا يطهر حتى ييبس بالشمس، كما أنه إذا يبس من دون إصابة الشمس بأن كان الجفاف بغيرها، كالرّيح، فلا يطهر أيضا، و هذا هو الذي ذكرته الموثقة في بيان مفهوم ما اعتبرته في المنطوق من اعتبار شرطين في طهارة الموضع بالشمس أما «الأول» فأشار إليه بقوله عليه السلام: «و إن أصابته الشمس. الى قوله عليه السلام «فلا تصلّ على ذلك الموضع حتى ييبس» فان الظاهر أن المراد من اليبوسة في كلا الموردين اللذين أجاز الصلاة فيهما هو يبوسة الموضع بالشمس حتى يطهر بذلك فيجوز الصلاة عليه، و ذلك بقرينة المقابلة مع قوله عليه السلام في ذيلها «و إن كان غير الشمس أصابه حتى ييبس فإنه لا يجوز ذلك» فأجاز في الأول دون الثاني.

فيكون حاصل المعنى إلى هنا: أنه لا بد في صحة الصلاة من جفاف الموضع بالشمس، و أنه إذا كان بعض أعضاء المصلّى رطبا- كرجله أو جبهته- فلا يجوز له الصلاة على الموضع القذر، إلا أن يطهر باليبوسة بالشمس.

و أما الثاني- أعني انتفاء إصابة الشمس و ان حصلت اليبوسة بغيرها و أنه لا يكفى ذلك في صحة الصلاة على الأرض أيضا- فأشار إليه بقوله عليه السلام «و ان كان غير الشمس أصابه حتى ييبس فإنه لا يجوز ذالك» اى لا يجوز الصلاة عليه.

فتحصل: انّه لا ينبغي التأمل في دلالة هذه الموثقة على مطهّرية الشمس للموضع القذر- كما أوضحنا.

إلا أنّه قد يناقش «1» فيها من جهتين «إحداهما» من جهة اختلاف النسخة و «الثانية» من جهة عدم دلالة جواز الصلاة على الموضع الذي أصابته الشمس على طهارته.

أما (الأولى) فيما ذكره في الوافي «2» و أصر عليه و حكى «3»

______________________________
(1) الحدائق ج 1 ص 445- 446 و مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص 630.

(2) ج 1 ص 36 م 4.

(3) الجواهر ج 6 ص 256.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 251‌

..........

______________________________
ذلك عن حبل المتين أيضا، من أن النسخ الموثوق بها هكذا «و ان كان عين الشمس أصابه» بالعين المهملة و النون و يكون كلمة «إن» وصليّة لا شرطيّة، و على هذا يكون نصا في الدّلالة على عدم مطهّرية الشمس، فيكون قوله عليه السلام «فإنه لا يجوز ذلك» تأكيدا لقوله عليه السلام «فلا تصلّ على ذلك الموضع» لا جوابا للشرط، لأن كلمة ا «إن» حينئذ تكون وصليّة، لا شرطيّة.

حتى أنّ صاحب الوافي قال: ان ما يوجد في بعض نسخ التهذيب من قوله عليه السلام «غير الشمس أصابه» بالغين و الراء كأنّه تصحيف.

هذا، و لكن مما يبعّد نسخة الوافي أعنى «عين الشمس» أمور- كما عن غير واحد الاعتراف به [1] أيضا.

«أحدها»: أن لازم ما ذكره هو رجوع الضمير في قوله عليه السلام «فلا تصل على ذلك الموضع حتى ييبس» الى الرجل و الجبهة، و هاتان إحداهما مؤنث سماعي، و الأخرى لفظي، فلا بد من تأنيث الضمير في قوله «ييبس» [2] و هذا بخلاف النسخة المعروفة، لرجوعه حينئذ إلى الموضع، اى حتى ييبس بالشمس، لا بغيرها.

«ثانيها»: تذكير الضمير في قوله عليه السلام «أصابه» فإنه لو كانت‌

______________________________
[1] و في الجواهر ج 6 ص 256 حكاية ذلك عن الذخيرة في بحث مطهرية الشمس، و كشف اللثام ج 1 ص 55، و نقله العلامة و غيره على نسخة «غير الشمس» وفاقا لما في الاستبصار ج 1 ص 193.

[2] ليس في نسخة الوافي (ج 1 ص 36 م 4) هذه الجملة: «حتى ييبس) حتى يكون الضمير فيها مذكرا أو مؤنثا، فإن العبارة في الوافي هكذا «فلا تصلّ على ذلك الموضع و ان كان عين الشمس اصابته.»

و هكذا في التهذيب (ج 1 ص 273 ط إسلامية) ص 691.

و الاستبصار (ج 1 ص 193 ط إسلامية).

و الحدائق (ج 5 ص 445).

فلو كانت النسخة «عين الشمس» فتصح العبارة، لأن مفادها حينئذ انه لا تجوز الصلاة على الموضع القذر مع رطوبة الرجل أو الجبهة، و ان يبس بالشمس و قد رواها الشيخ في التهذيب في باب الزيادات من دون هذه الجملة رأسا، راجع التهذيب ج 2 ص 372 ح رقم 1548- 80.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 252‌

..........

______________________________
العبارة «عين الشمس» لزم التأنيث، لأن الضمير المتأخر في المؤنثات السماعيّة لا بد من تأنيثه و ان صح نسبة الفعل إليها على الوجهين، فيصح ان يقال طلع الشمس أو طلعت الشمس، و لا يصح أن يقال: الشمس طلع [1].

«ثالثها»: التعبير بالفعل المضارع في قوله عليه السلام «و إن كان غير الشمس اصابه حتى ييبس» فإنه المناسب ل‍ «ان» الشرطيّة إذ يجوز فيه الوجهين أعنى التعبير بالمضارع و الماضي، و هذا بخلاف ما إذا كانت وصليّة، كما هو لازم كون النسخة عين الشمس، و لا بد حينئذ من التعبير بالماضي بأن يقول «حتى يبس» اى حتى يبس الموضع لأنه يؤتى بها في الأمور المفروضة التحقق، لكي يكون المعنى حينئذ، أن عين الشمس لا يوجب طهارة الموضع و إن أصابته حتى يبس [2].

«رابعها»: انّه لا معنى لاصابة عين الشمس لشي‌ء، فإنّ الذي يصيب الأشياء انما هو نور الشمس و ضوئها لا نفسها و عينها، فلا يحتمل إطابة عينها الشي‌ء حتى يوتى بها للتأكيد، فلا بد من فرضها زائدة أو إرادة الضوء منها، و كلاهما خلاف الظاهر، و لا محذور في كون العبارة «غير الشمس» كما هو ظاهر [3].

______________________________
[1] لا يخفى: أن المذكور في نسخة الوافي (ج 1 ص 36 م 4) تأنيث الضمير، لأن العبارة هكذا «و ان كان عين الشمس اصابته» فلا مجال لهذا الاشكال على الوافي.

نعم في نسخة التهذيب (ج 1 ص 273) «و ان كان عين الشمس اصابه».

و كذا في الحدائق (ج 5 ص 445).

و أما في الاستبصار (ج 1 ص 193) فهكذا «و ان غير الشمس أصابه».

[2] لا يخفى: انّ الموجود في نسخة الوافي قوله «حتى يبس» و هكذا في نسخة التهذيب فلا مجال لهذا الإشكال أيضا، فراجعهما: الوافي (ج 1 ص 36 م 4) و التهذيب (ج 1 ص 273).

[3] يمكن ان يقال ان المراد من الشمس بقرينة الإصابة ضوئها لا جرمها، فعليه يمكن ان يكون ذكر العين للتأكيد بأن يراد نفس الضوء في مقابل حرارته اى لا تؤثر في التطهير اصابة نفس الضوء فضلا عن حرارته بالمجاورة كما إذا كان الموضع في الفي‌ء و اصابه حرارة ضوء الشمس هذا، و لكن الشيخ «قده» رواها في باب الزيادات من التهذيب من دون هذه الجملة رأسا راجع التهذيب ج 2 ص 372 حديث رقم 1548- 80 ط الإسلاميّة.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 253‌

..........

______________________________
هذا كله، مع أن الشيخ «قده» الذي هو راوي الحديث قد استدل [1] بهذه الرّواية على مطهّرية الشمس، فكيف يمكن روايتها على نسخة «عين الشمس».

هذا كله في المناقشة الأولى في هذه الموثقة و هي التي أثارها صاحب الوافي- كما أشرنا.

«المناقشة الثانية» فيها هي ما ذكره بعضهم «2» من أن عدوله عليه السلام عن الجواب الصريح بكون الموضع طاهرا بالمشي إلى الجواب بجواز الصلاة عليه ربما أشعر بعدم الطهارة و ان جازت الصلاة عليه.

و يدفعها: ما أشرنا إليه من أن قرينة السياق في كلا السؤالين تدل على أن المطلوب هو معرفة كيفيّة تطهير الموضع القذر، فأجاب الإمام عليه السلام عن السؤال الأول و هو عما إذا كان الموضع لا تصيبه الشمس بأنّه لا بد من غسله، فيكون هذا أقوى شاهد على أن المراد في الجواب عن السؤال الثاني هو حصول الطهارة له إذا أصابته الشمس، فيكون المطهّر أحد الأمرين، الماء، أو الشمس، فلا موقع لهذه المناقشة أيضا، فالصحيح هو تماميّة هذه الموثقة سندا، و دلالة.

(الرابعة): رواية أبي بكر الحضرمي عن أبى جعفر عليه السلام قال:

«يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر» «3».

و في رواية أخرى بهذا الإسناد قال عليه السلام: «كل ما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر» «4».

______________________________
[1] استدل بها في التهذيب ج 1 ص 272- 273 لقول المفيد «قده» في المتن «و الأرض إذا وقع عليها البول ثم طلعت عليها الشمس فجففتها طهرت بذلك، و كذلك البواري و الحصر».

ثم قال الشيخ «قده» في الشرح: و يدل عليه ما أخبرني به الشيخ «أيده اللّٰه تعالى» عن أبى جعفر محمد بن على. و ذكر موثقة عمار، هذه.

______________________________
(2) كصاحب الحدائق ج 5 ص 446.

(3) الوسائل ج 2 ص 1043 في الباب 29 من النجاسات ح 5 و 6.

و التهذيب ج 1 ص 273 ح رقم 804- 91 و ج 2 باب الزيادات ص 377 ح رقم 1572- 104.

(4) الوسائل ج 2 ص 1043 في الباب 29 من النجاسات ح 5 و 6.

و التهذيب ج 1 ص 273 ح رقم 804- 91 و ج 2 باب الزيادات ص 377 ح رقم 1572- 104.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 254‌

..........

______________________________
و الظاهر أنهما رواية واحدة، تكون الثانية أشبه بالتفسير للأولى، لما فيها من التعبير ب‍ لفظ «كل» تفسيرا «لما أشرقت» و لفظ «طاهر» تفسيرا لقوله عليه السلام «فقد طهر».

و كيف كان فهي واضحة الدلالة على مطهّرية الشمس.

الا انه قد يناقش [1] في دلالتها تارة، و في سندها اخرى، أما الأول فبأنها متروكة، إذ لا عامل بعمومها، فإنه لا يقول أحد بمطهّرية الشمس لكل ما تصيبه و لو كان من غير المنقول، و أما السند فلضعف بعض رواتها- كما يأتي.

و يندفع الأول بأنه لا بد من تقييدها من جهتين.

«إحداهما» من جهة اشتراط اليبوسة بقرينة صحيحة زرارة المتقدمة «2» الدالة على اعتبار حصول الجفاف بالشمس.

«ثانيتهما» من جهة اشتراط كون المتنجس مما لا ينقل، كالأرض و نحوها، فان المنقول كالثوب و البدن و نحوهما، لا يطهر بالشمس، إجماعا فلا بد من تقييدها من هذه الجهة أيضا، لو لم نقل بانصرافها في نفسها إلى ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس من الأماكن التي أصابها شي‌ء من النجاسات في مقابل ما من شأنه أن يوضع فيها تارة و ينحي أخرى.

هذا مضافا الى إمكان تقييدها بما دل من الروايات على تطهير الثياب و البدن و نحوهما من المنقولات بالماء، فإنها إرشاد إلى انحصار مطهّرها فيه، فتكون مقيدة لإطلاق، أو عموم هذه الرّواية فيلتزم بالتعيين بالغسل بالماء في المنقول و بالتخيير بينه و بين التجفيف بالشمس في غير المنقول جمعا بين الروايات.

و يؤيّد ذلك ما في الفقه الرضوي عليه السلام: من قوله «ما وقعت الشمس‌

______________________________
[1] ناقش فيها بما ذكرنا صاحب المدارك (قده) قائلا: «و اما رواية أبي بكر فضعيفة السند جدا، لان من جملة رجالها عثمان بن عبد الملك و لم يذكره أحد من علماء الرجال فيما اعلم و مع ذلك فهي متروكة الظاهر.» و أشار الى ذلك في مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص 630 ايضا و ان تصدى لدفعه.

______________________________
(2) في ص 244

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 255‌

..........

______________________________
عليه من الأماكن التي أصابها شي‌ء من النجاسة مثل البول و غيرها طهّرتها و أما الثياب فلا يتطهر إلا بالغسل»
«1».

فإنها صريحة في الدّلالة على التفصيل بين المنقول و غيره في انحصار مطهّر الأول بالماء بخلاف الثاني، فإنه يطهر بالشمس أيضا.

فتحصل: انه لا ينبغي التأمل في دلالتها بعد التقييدين فليست متروكة الدّلالة- كما قيل [1].

و أما الثاني أعني المناقشة في سندها فلان فيه عثمان بن عبد اللّٰه [2] و هو مهمل أو مجهول، و كذا أبو بكر الحضرمي فإنه مجهول أيضا [3] فهي ضعيفة السند لا يمكن الاعتماد عليها.

و دعوى انجبارها بعمل المشهور مندفعة بما قد مرّ مرارا من أن عملهم لا يجبر الضعف، فضلا عما إذا شك في استنادهم إلى رواية و ان طابقت مع مذهبهم.

و قد يقال «5» ان في رواية الأساطين لهذه الرواية- كالمفيد و محمد بن يحيى، و سعد، و أحمد بن محمد- الظاهر انه ابن عيسى الأشعري- و على بن‌

______________________________
[1] و هو صاحب المدارك كما أشرنا في التعليقة المتقدمة.

[2] كذا في نسخة الوسائل ج 2 ص 1043 و لكن في نسخة التهذيب ج 1 ص 273 ح 804- 91 و ج 2 ص 337 ح 1572- 104 «عثمان عبد الملك» و قد أشار السيد الأستاذ «دام ظله» في معجم الرجال ج 11 ص 114 في ترجمة عثمان بن عبد الملك انه هو الصحيح بقرينة سائر الروايات، و لكنه مع ذلك مهمل لم يذكر في كتب الرجال- كما في المدارك أيضا حيث أنّه ضعّف سندها بعثمان بن عبد الملك.

[3] هكذا ذكر «دام ظله» في مجلس الدرس الا انه جاء فيما صنفه «دام ظله» متأخرا من كتاب معجم رجال الحديث توثيقه حيث قال «دام ظله» في ج 10 ص 299 في ترجمة «عبد اللّٰه بن محمد أبى بكر الحضرمي» «و ملخص الكلام ان أبا بكر الحضرمي و ان كان جليلا ثقة على ما عرفت، الا انه لم يرد فيه توثيق لا من الكشي، و لا من النجاشي» فإنه «دام ظله» مع اعترافه بعدم ورود توثيق له من الكشي و النجاشي وثقه، اعتمادا على وقوعه في اسناد كامل الزيارات، الا ان ذلك لا يجدى أيضا في صحة سند هذه الرواية، لضعفها بعثمان بن عبد الملك أو ابن عبد اللّٰه.

______________________________
(1) مستدرك الوسائل ج 1 ص 163 في الباب 22 من النجاسات ح 5.

(5) المستمسك ج 2 ص 79 الطبعة الثالثة.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 256‌

..........

______________________________
الحكم- نوع اعتماد عليها، و لا سيّما أحمد الذي أخرج البرقي من «قم» لأنه أكثر الرّواية عن الضعفاء، و اعتمد المراسيل، فكيف يعتمد على من لا ينبغي الاعتماد عليه، و لذا قيل إن في روايته عن شخص نوع شهادة بوثاقته و كذا في رواية الشيخ لها في الخلاف [1] و التهذيب
«2» مستدلا بها».

و هذا الكلام ايضا لا يجدى في اعتبار الرواية المذكورة.

أما رواية الأكابر فلا تدل على التوثيق، لأنهم يروون عن الضعاف أيضا حتى أنّ مثل ابن أبى عمير الذي قيل في حقه ان مراسيله في حكم المسانيد، وجدنا روايته عن الضعاف- كما ذكرنا في محله- فرواية الأكابر عن شخص لا يكون توثيقا له، و إلا لزم الاعتماد على جميع ما يروونه في كتبهم من دون حاجة إلى ملاحظة إسنادها، و هذا مما لم يلتزم به أحد.

و أما قضيّة إخراج أحمد بن عيسى، البرقي من «قم» فإنما كان لإكثاره الرواية عن الضّعاف و المراسيل بحيث كان متعودا على ذلك، و أين هذا من رواية رواية واحدة أو أكثر من غير الثقات، فلتكن هذه الرواية من تلك الموارد أيضا، و هذا المقدار لا يوجب قدحا في الرّاوي، و إن كان من الأكابر، فلا مانع من رواية مثل «أحمد بن عيسى» عن «عثمان» و «ابى بكر الحضرمي» و ان كانا ضعيفين، و إلا لزم القدح في أكثر الرّواة الأجلّاء بل كلهم، لأنه لا يكاد يوجد راو لم يرو عن الضعيف و لو في مورد أو موردين.

و أما استدلال الشيخ في التهذيب و الخلاف فإنما يقع غالبا بعدة روايات فيها الصحاح و الضّعاف، و إلا لزم تصحيح جميع الروايات التي جاء في التهذيب، حيث انه «قده» يذكر عدة روايات في كل مسألة فقهيّة يتعرض لها المفيد في المتن، و لا إشكال في ضعف بعضها.

______________________________
[1] قد تعرض الشيخ (قده) لمطهّرية الشمس في الخلاف (ج 1 ص 185) في كتاب الصلاة (مسألة 236) و لم يستدل بهذه الرواية، و إنما استدل بالإجماع و بغير هذه من الروايات، فراجع. و لعلّه تعرّض لهذه الرواية في محل آخر منه، و لم أجده عاجلا.

______________________________
(2) ج 1 ص 273 ح 804- 91.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 257‌

..........

______________________________
فتحصل: أنه لا يمكن الاستناد إلى هذه الرواية لضعفها سندا، و إن تمت دلالة، الا أنّه يكفينا في المقام صحيحة زرارة، و موثقة عمار المتقدمتين.

إلا أنه قد يقال [1] بمعارضتهما مع.

صحيحة إسماعيل بن بزيع قال: سألته عن الأرض و السطح يصيبه البول و ما أشبهه، هل تطهّره الشمس من غير ماء؟ قال: «كيف تطهر من غير ماء» «2».

بدعوى أن الاستفهام الإنكاري في الجواب دال على نفى مطهرية الشمس، و أن المطهّر انما هو الماء لا غير، بل قد استدل [2] من منع عن مطهّرية الشمس بهذه الصحيحة، و جنح إلى التأويل في الرّوايات الدّالة على مطهّريّتها.

هذا، و لكن الصحيح أنه لا معارضة في البين، لأن مفاد هذه الصحيحة هو اشتراط الماء في مطهّريّة الشمس، لا نفى أصل المطهّريّة عنها، فيكون مفادها أنه لا بد من استناد التجفيف الى الشمس، لأن مجرد إشراقها على شي‌ء لا يجدى إذا كان يابسا، فالتطهير بالشمس يكون مشروطا بالرطوبة، كي يستند الجفاف إليها حتى تكون هي المؤثّرة في طهارته.

بل لو كان المراد من ضميمة الماء هو الغسل به لكان السؤال عن مطهّرية الشمس لغوا، فيعلم من ذلك أن أصل مطهّرية الشمس كان مرتكزا في ذهن السائل، و مفروغا عنها عنده، و أمضاه الإمام عليه السلام أيضا الا أنّه‌

______________________________
[1] قال بها صاحب الحدائق «قده» (ج 5 ص 443 و 447) و كأنه استقرت عنده المعارضة، و لم يتمكن من الجمع، أو طرح أحد الطرفين إلى أن اختار التوقف، و احتاط في المسألة لذلك و نسبه الى المدارك أيضا- فلاحظ.

[2] كما في الحدائق ج 5 ص 439 نقلا عن العلامة (قده) حيث استدل بها للمانعين و قال في ص 443 أنه اعتمد عليها المحدث الكاشاني في القول بالعفو، و أوّل الأخبار المعارضة لها، و راجع الوافي (ج 1 ص 36 م 4) تجد صحة ما ذكره «قده» فإنه يأوّل الخبر المصرّح بمطهّرية الشمس بالطهارة اللغويّة بمعنى النّظافة كما في قوله (ع) «كل يابس زكى» ذكر ذلك في بيان رواية الحضرمي.

______________________________
(2) الوسائل ج 2 ص 1043 في الباب 29 من النجاسات، ح: 7 و التهذيب ج 1 ص 273 ح 805- 92، و الاستبصار ج 1 ص 193 ح 4.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 258‌

..........

______________________________
مع شرط آخر، و هو ضم الماء إذا كان المكان جافا، فليس المراد من الماء المنضم إلى إشراق الشمس بمقدار يتحقق به الغسل، بل يكفى الرّش الموجب لرطوبة الأرض، فلا تنافي بين هذه الصحيحة، و بين صحيحة زرارة و موثقة عمار بوجه، لاتحاد الموضوع و الحكم في الطرفين، لدلالة هذه على اعتبار مجرد الرطوبة كي يستند التجفيف الى الشمس، كتلك.

و لو سلّم الإطلاق في هذه الصحيحة بأن يقال: إنّها دالة على اشتراط صب الماء على المكان، سواء أ كان يابسا أم لا كان مقتضى الجمع بينها و بين صحيحة زرارة المتقدمة هو حملها على صورة يبوسة المكان، لأن النسبة بينهما العموم المطلق، فتخرج المكان الرّطب عن إطلاقها فيكون الباقي تحتها الأرض اليابسة، و لا كلام في لزوم رشه بالماء حينئذ لكي يستند الجفاف إلى الشمس.

ثم إنّه لو سلّم المعارضة بأن يقال إن صحيحة ابن بزيع تدل على نفى مطهّرية الشمس كان اللّازم ترجيح تلك أعني صحيحة زرارة، و موثقة عمار لشهرتهما، و عمل المشهور بهما و مخالفتهما لمذهب أكثر العامة [1] و هي العمدة في حلّ المعارضة لو تمت و قد ذكر في الوسائل [2] ان القول بعدم مطهّرية‌

______________________________
[1] اتفق المالكية و الحنابلة على أن الأرض لا تطهر بالشمس و لا بالهواء، بل لا بد من صبّ الماء عليها.

- الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 ص 29 و 30 ط 5- و كذا الشافعي في الأم.

- نفس المصدر ص 31 و كتاب الأم ج 1 ص 52 و الخلاف للشيخ الطوسي ج 1 ص 185 م 236.

لكنه عنه في (القديم) انه يطهر المكان بالجفاف مطلقا سواء أ كان بالشمس أم بغيرها.

و عنه في (كتاب الإملاء) التفصيل بين الشمس و الهواء و بين الجفاف بغيرهما كما إذا كان في الظل فالأقوال المحكيّة عنه ثلاثة.

- الخلاف ج 1 ص 186 م 236.

و أما الحنفيّة فذهبوا الى ان مجرد الجفاف يكون مطهرا سواء أ كان بالشمس، أو بغيرها.

- الخلاف ج 1 ص 186 م 236 و الفقه على المذاهب ج 1 ص 28 ط 5.

فالمذاهب الثلاثة على عدم الطهارة.

[2] ج 2 ص 1043 في ذيل صحيحة ابن بزيع قائلا: «و لا يمكن أن يراد بالماء رطوبة

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 259‌

و هي تطهّر الأرض و غيرها (1) من كل ما لا ينقل، كالأبنية و الحيطان، و ما يتصل بها من الأبواب، و الأخشاب، و الأوتاد، و الأشجار، و ما عليها من الأوراق.

______________________________
الشمس ذهب إليه جماعة من العامة.

هذا تمام الكلام في الجهة الأولى.

الجهة الثانية: في موضوع الحكم

(1) هذه هي الجهة الثانية من الجهات الثلاثة التي أشار إليها المصنف «قده» و هي في تعيين موضوع الحكم بمعنى أنّه هل يختص الحكم بالتطهير بالأرض، أو يعم كل ما لا ينقل كالأمثلة المذكورة في المتن.

اختلفت الأقوال في هذا المجال.

فذهب بعضهم «1» الى القول بتخصيص الحكم من غير المنقول بالأرض، و من المنقول بالحصر و البواري فلا يتعدى عن هذه الثلاثة، و لو كان مما لا ينقل.

و عن بعضهم [1] تخصيص الحكم بالحصر و البواري، دون الأرض.

هذا، و لكن المشهور «3» هو شمول الحكم لغير المنقول مطلقا أرضا كان أو غيرها، كالأبنية و أبوابها، و الحيطان، و ما يتصل بها حتى الوتد في الحائط، بل الأشجار و ثمارها، و كل ما لا ينقل، و من المنقول الحصر و البواري لا غير.

______________________________
وجه الأرض إشارة الى عدم طهارته إذا طلعت عليه الشمس جافا، و اشتراط رش الماء مع عدم الرّطوبة وقت الإشراق، و يحتمل الحمل على التقيّة، لأنّه قول جماعة من العامة».

[1] الجواهر ج 6 ص 261 نقلا عن المهذب من النص على عدم طهارة غير البواري و الحصر، و لا يخفى ضعفه، لأنه خلاف الإجماع و النص للاتفاق على مطهريّتها للأرض، و شمول لفظ المكان في النص لها.

______________________________
(1) الحدائق ج 5 ص 437 نقلا عن المحقق في النافع و الشيخ في الخلاف، و المفيد في المقنعة، و عن سلّار و القطب الرّاوندي.

(3) الحدائق ج 5 ص 436- 437 و الجواهر ج 6 ص 262- 263.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 260‌

..........

______________________________
و هذا هو الصحيح، و يدلّ عليه الرّوايتان المتقدمتان أعني صحيحة زرارة
«1» و موثقة عمار «2» لأن السؤال في الأولى وقع عن «المكان الذي يصلّى فيه» و في الثانية عن «الموضع القذر الذي يصلّى فيه» و إطلاقهما يشمل مطلق المكان أو الموضع و ان لم يكونا من جنس الأرض و التراب، لصدق المكان على المحل المصنوع من مثل الخشب و الحديد، و نحوهما المثبتة في الأرض، أو المفروشة عليها، فإذا ثبت مطهّرية الشمس لمطلق المكان الذي يمكن الصلاة عليه، و لو لم يصدق عليه عنوان الأرض بمقتضى النص يتعدى إلى غيره مما لا يمكن الصلاة عليه كالأشجار، و الأبواب، و الأخشاب الموضوعة على الجدار و غير ذلك مما لا ينقل، لعدم القول بالفصل القطعي بين ما يمكن الصلاة عليه من الأمكنة و ما لا يمكن [1] إذ لا يحتمل دخل إمكان الصلاة على الموضع في مطهّرية الشمس له و من هنا لم يستشكل أحد في مطهّرية الشمس لدكة أو قطعة صغيرة من الأرض إذا لم يمكن الصلاة عليها لصغرها.

و الحاصل: ان المعتمد في الاستدلال على العموم هو هذا التقريب، أي دلالة الرّوايتين على مطهّرية المكان في الجملة (أي ما يمكن الصلاة عليه) و لو لم يصدق عليه الأرض، ثم بضميمة عدم القول بالفصل يتعدى الى مطلق ما لا ينقل، سواء أمكن الصلاة عليه، أو لم يمكن على نحو الموجبة الكليّة.

و قد يعتمد [2] على الاستدلال بعموم رواية الحضرمي‌

______________________________
[1] نعم لا يحتمل الفرق بين ما يمكن الصلاة عليه و ما لا يمكن من الأمكنة و المواضع، الا ان عدم الفرق بينهما لا يلازم عدم الفرق بين الأمكنة و المواضع و بين غيرها، كالأشجار و الثمار التي عليها أو مثل الوتد أو الخشب في الحيطان، لعدم صدق المكان و الموضع على مثل ذلك عرفا و ان لم نقل بدخل القابليّة للصلاة عليهما في الحكم، فالقول بالفصل بين مطلق المكان، و بين غيره من الأشجار و الثمار التي عليها، و النبات، و الأوتاد في الحيطان، و نحوها ممكن، بل واقع، لأن الظاهر من القائلين باختصاصها بالأرض مطلق المكان، لا خصوص التراب، لأنّه مناف للنصوص المتقدمة.

[2] و قد ذكر في الجواهر (ج 6 ص 263 سطر 1) انه يبعد احتمال ان يكون مدرك المشهور في التعميم لكل ما لا ينقل غير رواية الحضرمي، و من هنا ضعفها و قد اعتمد عليها أيضا

______________________________
(1) تقدمت في الصفحة: 244

(2) تقدمت في الصفحة: 248

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 261‌

..........

______________________________
المتقدمة
«1» لقوله عليه السلام فيها «كل ما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر» أو إطلاق روايته الأخرى «ما أشرقت عليه الشمس.».

نعم نخرج عن العموم أو الإطلاق فيها بدليل خارج قام على لزوم تطهير المنقولات، كالثياب و الأواني بالماء لا غير، من الإجماع و الضرورة، بل الروايات الظاهرة في انحصار المطهّر لها في الماء، فيبقى الباقي تحت العموم المذكورة.

هذا، و لكن قد ذكرنا «2» أنه لا يمكن الاعتماد على سندها، و إن تمت دلالتها و دعوى [1] انجبار ضعفها بعمل المشهور قابل للمنع صغرى و كبرى، كما لا يمكن إثبات وثاقة راويها بطريق آخر كما تقدم «4».

كما أن دعوى «5» انصرافها إلى غير المنقول بان يكون المراد منها:

ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس، لثباته، مقابل ما من شأنه أن يوضع فيها تارة و تنحى عنها اخرى، فلا يحتاج في تخصيصها بغير المنقول الى دليل خارج من إجماع أو روايات- كما ذكرنا.

غير مسموعة أيضا، لأن فعليّة إشراق الشمس على شي‌ء و ان كانت متوقفة على قابليّة ذاك الشي‌ء للاشراق عليه، إلا أنّ القابلية ثابتة في مطلق الأجسام المنقولة و غيرها، فلا وجه لاختصاصها بالثابتات، نعم قد يمنع عن فعليّة الإشراق مانع خارجي، كالسقف و نحوه، و هذا أيضا يعم المنقول و غيره، فعليه لا وجه للانصراف إلى ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس لثباته [2] في مقابل ما ليس كذلك.

______________________________
السيد الحكيم «قده» في العموم المذكور و لم يتم عنده دليل آخر، فلاحظ المستمسك (ج 2 ص 78 و 79 الطبعة الثالثة).

[1] كما أصر عليه السيد الحكيم (قده) في المستمسك ج 2 ص 79 الطبعة الثالثة.

[2] لا يخفى ان مراد القائل إنما الشأنيّة من قبل الثبات لا مطلقا، و الا فلا معنى لتوهم

______________________________
(1) في الصفحة: 253

(2) في الصفحة: 254

(4) في الصفحة: 255

(5) الجواهر ج 6 ص 262 و المستمسك ج 2 ص 79.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 262‌

و الثمار (1) و الخضروات و النباتات، ما لم تقطع و إن بلغ أوان قطعها، بل و ان صارت يابسة، ما دامت متصلة بالأرض أو الأشجار، و كذا الظروف المثبتة في الأرض أو الحائط و كذا ما على الحائط و الأبنية مما طلى عليها من جص و قير، و نحوهما.

من نجاسة البول، بل سائر النجاسات و المتنجسات (2).

______________________________
فتحصل: أن الأولى بالاستدلال هو ما ذكرناه و مفاده هو ما عليه المشهور من طهارة كل ما لا ينقل بإشراق الشمس عليه حتى الوتد في الحائط.

و أما المنقول فيختص الحكم فيه بالحصر و البواري على إشكال يأتي.

(1) حكى «1» عن جماعة- كابن فهد و جامع المقاصد و الروض- النص عليها، بل في الروضة «و إن حان قطافها».

خلافا لما عن العلامة في النهاية من المنع عن التطهير فيها مطلقا، و عن الذخيرة و المعالم التفصيل بين ما إذا حان أوان القطع، فلا يطهر، و إلا فيطهر، و احتاط في الجواهر «2».

لكن قد عرفت ان مقتضى الدليل المتقدم هو العموم في جميع ذلك.

الجهة الثالثة: في عدم اختصاص النجاسة بالبول

(2) هذه هي الجهة الثالثة من الجهات المتقدمة، و هي في أنّه هل يختص الحكم بخصوص البول أو يعم مطلق النجاسات أو المتنجسات التي تشبهه في عدم بقاء العين بعد الجفاف.

نسب «3» إلى بعض الأصحاب القول باختصاصه بالبول، و عن‌

______________________________
اختصاص الشأنية المطلقة (اى الذاتية) بغير المنقول، فالظاهر ان مراد القائل هو ان يكون الشي‌ء بحيث تأتيه الشمس لثباته، كالأرض و الأبنية، لا أن يؤتى به الى الشمس كالثياب و الأواني و غيرهما من المنقولات، فان من شأنها النقل من مكان الى آخر بخلاف الثابتات، فإنه يؤتى إليها.

______________________________
(1) الجواهر ج 6 ص 263 و الحدائق ج 5 ص 449.

(2) ج 6 ص 263.

(3) الجواهر ج 6 ص 259- 260.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 263‌

و لا تطهر من المنقولات إلا الحصر و البواري (1) فإنها تطهرهما أيضا على الأقوى. [1]

______________________________
المنتهى
«1» التصريح بذلك.

و لكن المشهور، بل في الجواهر «2» أنّه لا يعرف خلافا من غير المنتهى تعميم الحكم لكل نجس أو متنجس لا يبقى له عين بعد الجفاف- كالدّم و نحوه.

و يدل عليه موثقة عمار المتقدمة «3» لما فيها من طهارة الموضع القذر بالشمس و القذر يعم البول و غيره.

و كذا صحيحة ابن بزيع «4» لما فيها من «إصابة الشمس للسطح الذي يصيبه البول أو ما أشبهه» و شبه البول هو كل نجس لا يبقى عينه بعد الجفاف، سواء المتنجسات، كالماء المتنجس أو النجاسات.

و لا يعارضهما صحيحة زرارة [1] الدالة على مطهّرية الشمس للبول خاصة، لأن السؤال فيها انما وقع عن هذا النجس بالخصوص، و لا ينافي ذلك مطهّرية الشمس لغيره أيضا مما لا يقع تحت السؤال فيها.

هل تطهر الحصر و البواري بالشمس

(1) لا إشكال و لا خلاف في عدم مطهّرية الشمس لجملة من المنقولات- كالأواني و الثياب و نحوها- و إنما وقع الكلام في بعضها بالخصوص «5».

______________________________
[1] المتقدمة في الصفحة: 244 جاء في تعليقته (دام ظله) على قول المصنف «قده» «فإنها تطهرهما أيضا»: (فيه إشكال بل عدم تطهيرها لهما أقرب، و كذا الحال في «الگارى و الچلابية و القفة»).

______________________________
(1) الجواهر ج 6 ص 259

(2) ج 6 ص 26.

(3) 248 و 257

(4) 248 و 257

(5) لاحظ الأقوال في الجواهر ج 6 ص 261- 263.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 264‌

..........

______________________________
(منها) الحصر و البواري [1] المشهور طهارتهما بالجفاف بالشمس
«1».

و يستدل على ذلك بوجوه.

(الأول) رواية أبي بكر الحضرمي المتقدمة «2» لشمول إطلاقها أو عمومها لكل ما أشرقت عليه الشمس، سواء أ كان منقولا أو غير منقول، نعم نخرج عن عمومها بالإجماع و الضرورة أو بالروايات الخاصة بالنسبة إلى غير الحصر و البواري حتى الفرش المصنوع من القطن أو الصوف، و كذا الأواني و الثياب، و نحوهما.

و فيه: ما تقدم «3» من أنها ضعيفة السند لا يمكن الاستناد إليها.

و أما دعوى ضعف دلالتها بأنها منصرفة إلى ما من شأنه أن تشرق عليه الشمس من الثابتات فلا تشمل المنقولات رأسا فقد عرفت منعها «4».

(الثاني) الروايات الواردة في الصلاة على البواري، و هي.

صحيحة على بن جعفر عن أخيه عليه السلام (في حديث) قال:

«سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفّت من غير أن تغسل؟ قال: نعم لا بأس» «5».

و صحيحته الأخرى عنه عليه السلام قال: «سألته عن البواري يبلّ قصبها بماء قذر أ يصلّى عليه؟ قال: إذا يبست فلا بأس» «6».

______________________________
[1] جاء في اللغة- الحصير: البساط الصغير من النبات و البردى: نبات، كالقصب تصنع منه الحصر. فتكون البارية مصنوعا من خصوص القصب، فالحصير أعم منها لصنعه من مطلق النّبات كورق النخل و غيره، و الذي ورد في النصوص إنما هو خصوص البواري، و كأنّهم جعلوها من باب المثال، لعدم احتمال خصوصية للقصب من بين سائر النباتات.

______________________________
(1) كما في الحدائق ج 5 ص 436- 437.

(2) في الصفحة: 253

(3) في الصفحة: 255

(4) في الصفحة: 253

(5) وسائل الشيعة ج 2 ص 1042 في الباب 29 من النجاسات، الحديث 3.

(6) وسائل الشيعة ج 2 ص 1044 في الباب 30 من النجاسات، الحديث 2.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 265‌

..........

______________________________
و موثقة عمار قال «سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن البارية يبلّ قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال: إذا جفّت فلا بأس بالصلاة عليها»
«1».

و هذه الرّوايات و ان لم تنصّ على الجفاف بالشمس، الا أنه لا بد من تقييدها بذلك للإجماع على عدم الطّهارة بمجرد اليبوسة إذا كانت بغير الشمس.

ثم إنّه لا بد في تقريب الاستدلال بها من دعوى أن المراد بالصلاة عليها هو السجود على البواري، لاشتراط الطّهارة في موضع السجود، فتدلّ على حصول الطّهارة لها بالشمس.

و لكن يمكن دفعها بمنع الدّلالة على ذلك، و غايته الإشعار، و لا يمكن الاستناد إليه، لصحة استعمال كلمة «على» في الصلاة على الشي‌ء، و إن وقع السجود على غيره، كما إذا قام على الفرش، و لكن سجد على الأرض التي بجنبه، أو على التربة الموضوعة عليه، فإنّه يصح أن يقال حينئذ:

إنّه صلى على الفرش من دون أى مسامحة، و الوجه في ذلك أن لفظة «على» يراد بها الاستعلاء، و هو صادق على مجرد الصلاة على الشي‌ء، و إن لم يسجد عليه، فيصح أن يقال صلى على السطح، أو على الأرض، كما يصح أن يقال صلى في السطح أو في الأرض.

و مما يشهد على ذلك هو ما ورد في الروايات من السؤال عن الصلاة على الشي‌ء من دون إرادة السجود عليه.

كصحيحة زرارة عن أبى جعفر عليه السلام قال: سألته عن الشاذ گونه [1] يكون عليها الجنابة، أ يصلّى عليها في المحمل؟ قال:

«لا بأس» «2».

و رواية ابن أبى عمير «3» بهذا المضمون أيضا.

______________________________
[1] دشك

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 2 ص 1044 في الباب 30 من النجاسات، الحديث: 5.

(2) وسائل الشيعة ج 2 ص 1044 في الباب 30 من النجاسات، الحديث: 3 و 4.

(3) وسائل الشيعة ج 2 ص 1044 في الباب 30 من النجاسات، الحديث: 3 و 4.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 266‌

..........

______________________________
فإنه ليس المراد من الصلاة على الشاذ گونه السجود عليها، لعدم جوازه و لو لم تكن نجسة، فإنّها ليست مما يصحّ السجود عليها، فيكون السؤال عن مجرد اتخاذها محلّا للصلاة إذا كانت نجسة، و لو وقع السجود على غيرها مما يصح السجود عليه.

و عليه يمكن أن يكون المراد من روايات الصلاة على البارية النجسة بعد الجفاف هو ذلك أيضا، أي اتخاذها مكانا للصلاة، لا السجود عليها، فلا موجب لتقييدها بالجفاف بالشمس، بل يبقى على إطلاقها من مجرد الجفاف، و لو حصل بغير الشمس، فتدل على صحة الصلاة على البارية النجسة إذا جفّت، لعدم سراية النجاسة حينئذ إلى بدن المصلّى، و لباسه.

فتكون هذه الرّوايات نظير ما ورد في حكم البيت و الدّار المتنجسة بالبول إذا جفّتا بغير الشمس في أن المراد اتخاذهما مكانا للمصلّي، دون السجود عليهما.

و هي صحيحة ثالثة لعلى بن جعفر عليه السلام عن البيت و الدّار لا تصيبهما الشمس، و يصيبهما البول، و يغتسل فيهما من الجنابة أ يصلّى فيهما إذا جفا؟ قال: «نعم» «1».

فإنها تدل على جواز الصلاة على المكان النجس الجاف.

(الثالث) الاستصحاب التعليقي أى استصحاب مطهّرية الشمس للحصر و البواري حال كونها نباتا في الأرض، و هي مما لا ينقل، فتجري تلك الحالة بعد الانفصال و صيرورتها حصيرا، و مما ينقل.

فان قيل إنها معارضة بالاستصحاب التنجيزي أى استصحاب نجاسة الحصير قبل إشراق الشمس و كان المرجع بعد التساقط قاعدة الطهارة، فتكون النتيجة أيضا طهارة البواري بإشراق الشمس.

و فيه: أولا انه قد ذكرنا في بحث الاستصحاب أنه لا أصل لهذا الأصل أعني الاستصحاب التعليقي، و لا نقول بجريانه.

و ثانيا: انه لو سلّم جريانه في نفسه لا يجري في أمثال المقام مما يكون‌

______________________________
(1) وسائل الشيعة ج 2 ص 1043 في الباب 30 من النجاسات، الحديث: 1.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 267‌

و الظاهر أن السّفينة و الطرّادة من غير المنقول (1) و في «الگارى» و نحوه إشكال.

______________________________
من الشبهة الحكميّة.

و ثالثا: لو سلم جريانه مطلقا سواء الشبهة الموضوعيّة أو الحكميّة، فلا يعارضه استصحاب النجاسة لأنّه من الأصل في الشبهة الحكميّة.

و رابعا: لو سلم المعارضة، فليس المرجع بعد التساقط قاعدة الطهارة في أمثال المقام مما يكون هناك دليل اجتهادي يدل على الحكم، و في المقام لا بد من الرجوع إلى عمومات أو إطلاقات ما دل على وجوب تطهير المتنجسات بالماء، و معها لا مجال للرجوع إلى الأصل العملي.

فتحصل من جميع ما ذكرناه: أنه لا دليل يعتمد عليه في مطهّرية الشمس للحصر و البواري، فلا بد من تطهيرها بالماء، كسائر الفرش المصنوعة من القطن أو الصوف [1].

حكم السّفينة و الطرّادة [2]

(1) أى حكما إذ لم يرد في شي‌ء من النصوص عنوان غير المنقول، أو المنقول في مطهّرية الشمس للأول دون الثاني، و إنما ورد فيها عنوان «المكان الذي يصلّى فيه» كما في صحيحة زرارة «3» أو «الموضع القذر» الذي يراد الصلاة فيه، كما في موثقة عمار «4» أو «السطح» الذي يراد أن يصلى عليه، كما في صحيحة زرارة «5» أيضا و هذه العناوين صادقة على أرض السفينة و الطرادة كما أنّه يصدق «السطح» على سطح البيوت المصنوعة فيهما،

______________________________
[1] و من هنا منع التطهير بالشمس بالنسبة إليهما في تعليقته «دام ظله»- كما أشرنا فيما تقدم.

[2] السّفينة: مركب بحري كبير و الطّرادة مركب بحري صغير يستعمل غالبا في الشطوط و الأنهار.

______________________________
(3) المتقدمة في الصفحة: 244

(4) المتقدمة في الصفحة: 248

(5) المتقدمة في الصفحة: 244

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 268‌

و كذا مثل «الچلابية» و «القفّة» (1).

______________________________
و إن كانتا متحركتين في الماء و تنتقلان من مكان الى آخر، فلا ينبغي التأمل في طهارتهما بالشمس، لأنهما من الأمكنة المعدّة للصلاة عليها في العرف العام لجريان العادة على الصلاة في السّفن و الطرّادات المعدّة للسير الطويل في المياه و الأنهار.

و أما رواية أبي بكر الحضرمي و إن كانت عامة تشمل جميع ذلك، لما فيها من قوله عليه السلام «كل ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر» الا أنّه قد عرفت أنها ضعيفة السّند.

حكم الگارى و الچلابيّة و القفة [1].

(1) هذه الثلاثة و نحوها من النّاقلات البريّة و البحريّة كالسيّارات في عصرنا، و نحوها، فقد استشكل المصنف «قده» في طهارتها بالشمس للاستشكال في كونها من غير المنقول، و هو في محلّه، لما ذكرناه آنفا من أنّ موضوع الحكم في الرّوايات إنّما هو المكان الذي يتخذ للصّلاة أي جرت العادة بالصلاة فيه، كالأرض و السطح و السفينة و الطرّادة و نحوهما من المراكب البحريّة، و ليس الحال كذلك في مثل الگارى، و الچلابيّة، و القفّة، لأنها صغيرة الحجم ضيّقة المكان لم يتعارف اتخاذها محلا للصلاة، فلا يصدق عليها عنوان «المكان الذي يصلّى فيه».

و هذا لا ينافي ما ذكرناه سابقا من عموم الحكم لمطلق الثوابت و ان لم يمكن الصلاة عليها، كالحيطان و الأبواب و توابعهما حتى مثل الأخشاب المنصوبة عليها، و ذلك لما ذكرناه هناك من الإجماع و عدم القول‌

______________________________
[1] «الگارى»: عربة صغيرة يتخذ لحمل المسافرين في البر و «الچلابيّة» مركب صغير يستعمل في الأنهار لصيد السمك و «القفّة» يستعمل لحمل الأثقال فيها و هي صغيره الحجم أيضا.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 269‌

و يشترط في تطهيرها [1] أن يكون في المذكورات رطوبة مسرية (1) و ان تجفّفها بالإشراق.

______________________________
بالفصل بين ما يمكن و ما لا يمكن الصلاة عليه من الثوابت، مثلا: لو فرضنا ان الأرض كانت مفروشة بالخشب و أمكن الصلاة عليها شمله الدليل لفظا، فلو فرضنا أنه أثبتت في الحيطان شمله الإجماع على عدم الفرق [2] و هذا لا يتم في المنقولات كالگارى و نحوه، لعدم الإجماع على عدم الفرق.

نعم يمكن الاستدلال بعموم أو إطلاق رواية الحضرمي، الا أنّه قد مرّ أنها ضعيفة السند.

شروط التطهير بالشمس

(1) ذكر «قده» أن من جملة الشروط أن تكون في الأرض و نحوها رطوبة مسرية و ان تجفّفها الشمس بالإشراق عليها فهذه شروط ثلاثة.

«الأول»: وجود الرطوبة المسرية في الأرض و نحوها.

«الثاني»: إشراق الشمس على الأرض، فلا يكفى الجفاف بحرارة الشمس بالمجاورة.

«الثالث»: استقلال الشمس في التجفيف من دون معونة خارجيّة، كالريح.

أما الشرط الأول فلا دليل عليه، لان المعتبر- بمقتضى دلالة الروايات- إنما هو الجفاف بالشمس و يصدق مع مطلق الرطوبة و ان لم تكن‌

______________________________
[1] جاء في تعليقته دام ظله على قول المصنف «قده» «و يشترط في تطهيرها»:

(لا يشترط ذلك و انما يشترط أن لا تكون الأرض جافة).

[2] قد أشرنا هناك الى أن الإجماع لو تم فإنها يتم فيما يصدق عليه المكان و الموضع، و إن لم يمكن الصلاة عليه لصغره، لعدم القول بالفصل بين ما يمكن و ما لا يمكن، لكنه محدود بما إذا صدق عليه المكان و الموضع اللذان هما موضوع الحكم في الرّوايات، و اين هذا من الأشجار و ما عليها من الأوراق و الثمار و الخضروات و النبات، و نحوها، نعم لا بأس بالتعميم بالنسبة إلى توابع الأرض، كالخشب المنصوب فيها و الوتد، و أمثال ذلك مما يكون تابعا للأرض، أو البناء.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 270‌

..........

______________________________
مسرية، أى يكفي في صدقه مجرد النّداوة.

و ذلك لأن مورد صحيحة زرارة «1» و ان كان البول على السطح، أو المكان الذي يصلى فيه، فيكون فيه رطوبة مسرية لا محالة، إلا أن هذا مفروض السؤال، و أما في الجواب فقال عليه السلام: «إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه» و الجفاف يصدق مع مطلق الرّطوبة، فمقتضى إطلاقها عدم اعتبار المسرية، فتكفي مجرد النداوة.

و على ذلك يحمل ما في صحيحة ابن بزيع «2» من قوله عليه السلام «كيف يطهر من غير ماء» لدلالة صحيحة زرارة على كفاية مجرد الرّطوبة.

نعم قد يقال «3» إن مقتضى موثقة عمار «4» و ان كان اعتبار اليبوسة، لقوله عليه السلام فيها «فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة» و يكفي في صدقها مجرد النّداوة، و أما الجفاف فلا يتحقق الا مع وجود الرّطوبة المسرية و حيث أن النسبة بينهما تكون العموم من وجه، لتوقّف الجفاف على الرّطوبة المسرية، و صدقه على ذهابها، و لو مع بقاء النداوة في الجملة، كما أنه يكفى في اليبوسة مجرد النداوة في الجملة، و لا تصدق الا مع ذهاب جميعها- كان مقتضى الجمع بين الصحيح و الموثق هو الاكتفاء بأحد الأمرين، فإن كان في الموضع رطوبة مسرية فذهبت بالشمس، طهر و لو مع بقاء النداوة، و ان كانت غير مسرية طهر بذهابها، لصدق الجفاف في الأول، و اليبس في الثاني.

و لكن يمكن منعه، لأنه لا فرق- بحسب اللّغة و العرف- بين الجفاف و اليبوسة، بل هما لفظان مترادفان، فإن أهل اللّغة [1] يفسرون كلا منهما‌

______________________________
[1] قال في المصباح: في باب «جفّ» جف الثوب يجفّ من باب ضرب. يبس».

و قال أيضا في باب «يبس» «يبس ييبس من باب تعب. إذا جف بعد رطوبته فهو

______________________________
(1) المتقدمة في الصفحة: 244

(2) المتقدمة في الصفحة: 257

(3) المستمسك ج 2 ص 82- الطبعة الثالثة.

(4) المتقدمة في الصفحة: 248

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 271‌

..........

______________________________
بالآخر، و من هنا إذا كان في الثوب نداوة لا يقال «انه جاف» كما لا يقال: «يابس».

فتحصّل: أنه لا دليل على اعتبار وجود الرطوبة المسرية في الشي‌ء، فلو كانت فلا بد و أن تزول إلى أن ييبس و يجفّ المحل بحيث لو بقيت فيه نداوة من النجاسة، كالبول، لا يكون طاهرا، لعدم حصول اليبوسة أو الجفاف.

و أما الشرط الثاني و هو اعتبار إشراق الشمس (أى أشعتها) على الشي‌ء، فلا يكفى مجرد حرارتها بالمجاورة أو من وراء حجاب على الشي‌ء، أو على الشمس- كالغيم- فيدل عليه ظهور الرّوايات في ذلك، كقوله عليه السلام في موثقة عمار «1» «فأصابته الشمس» لعدم صدق الإصابة مع وجود الحجاب على أحد الطرفين، و نحوها صحيحة زرارة، و حديد «2» لما فيها من التعبير «بإصابة الشمس» أيضا، و أصرح من الكل قوله عليه السلام في رواية أبي بكر الحضرمي «3» «ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر» للتصريح فيها بالإشراق- كما ورد التعبير به في المتن الظاهر في أخذه منها الدال على اعتماد الماتن عليها- لكن قد عرفت أنها ضعيفة السند لا يمكن الاستناد إليها و لكن في غيرها غنى و كفاية.

و أما الشرط الثالث- و هو أن يكون تمام الاستناد الى الشمس فلو شاركها غيرها في التجفيف، كالريح و نحوه، فلا يطهر المحل- فيدل عليه قوله عليه السلام في صحيحة زرارة «4» «إذا جففته الشمس فصلّ عليه» لظهوره في التجفيف بها وحدها، لا بغيرها، و لا مع غيرها، لظهور استناد فعل إلى شي‌ء في استقلاله فيه، و تفرده به، كما يقال قتل زيد فلانا الدال على انفراده بقتله.

______________________________
يابس.

هذا، و لكن يظهر من الجواهر أن اليبس أخص من الجفاف، و أن مقتضى استصحاب النجاسة هو اشتراط اليبوسة لاحظ ج 6 ص 266 منه.

______________________________
(1) تقدمتا في الصفحة 248 و 245

(2) تقدمتا في الصفحة 248 و 245

(3) المتقدمة في الصفحة: 253

(4) المتقدمة في الصفحة: 244

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 272‌

..........

______________________________
نعم لا تدل هذه الصحيحة على اشتراط إشراق الشمس على الشي‌ء مستقيما، لصدق التجفيف بالشمس على التجفيف بحرارتها بالمجاورة، فهي مطلقة من هذه الجهة.

لكن يجب تقييدها بما دل على اشتراط الإصابة، كموثقة عمار، لقوله عليه السلام فيها «فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة» فمقتضى الجمع بين الصحيحة، و الموثقة هو اعتبار الاستقلال و الإصابة معا، هذا.

و لكن قد يقال «1» إنه يكفى في الجفاف بالشمس مجرد الاستناد إليها و لو مع مشاركة غيرها معها في التجفيف، كالريح و النار، و نحوهما، فلا يشترط الاستقلال، بل يكفى الاشتراك مع غيرها.

و يدفعه: أنه إذا كان المجموع سببا للجفاف لا يصح إسناد التجفيف إلى أحد جزئية، كما هو الحال في كل علّة مركّبة من أجزاء، لأنه جزء العلة لإتمامها، نعم: إذا كان طبيعي العمل صادرا من شخصين أو أكثر صح إسناده إلى كل منهما مستقلا، كما إذا أكل كل من زيد و عمرو، فإنه يصح إسناد الأكل إلى كل منهما، و أما إذا كان الفعل واحدا شخصيّا، و كانت علته مركّبة من جزئين، فلا يصح إسناده إلى كل جزء مستقلا، و ما نحن فيه من هذا القبيل، لأن جفاف شي‌ء بالشمس واحد شخصي، لا نوعي.

نعم إذا كان الريح بالمقدار المتعارف العادي فلا يضر باستناد التجفيف إلى الشمس عرفا، و إلا لزم حمل الرّوايات على الفرد النادر، بل المعدوم، إذ لا تخلو آنات الزّمان من جريان الرياح لا سيما في الأمكنة المرتفعة- كالسطح الذي هو مورد بعض الرّوايات- فلا محالة يكون الريح مؤثّرا في الجفاف بالدقة العقليّة، إلا أنه لا يضر ذلك في الاستناد إلى الشمس عرفا، و هذا المقدار يكفي في ثبوت الحكم، إلا أن يزداد هب الرياح على المتعارف بحيث يستند الجفاف إلى المجموع- عرفا- لم يكف ذلك، لعدم صدق نسبة‌

______________________________
(1) كما عن المدارك و جماعة- المستمسك ج 2 ص 83- و الفقيه الهمداني في مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص 631.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 273‌

..........

______________________________
تمام الجفاف إلى الشمس.

هذا، و لكن قد يتوهم: أن مقتضى القاعدة في اسناد الواحد الشخصي إلى شي‌ء و إن كان الاستقلال في التأثير كما هو مدلول الصحيحة المتقدمة «1» لزرارة، إلا أن مقتضى دلالة بعض الرّوايات في المقام هو إلغاء هذا الشرط.

(أحدها) صحيحة أخرى لزرارة «2» لقوله عليه السلام فيها: «إن كان تصيبه الشمس و الريح و كان جافا فلا بأس به.» لدلالة العطف على كفاية الجمع و اشتراك الريح مع الشمس في حصول الجفاف، بل قد يتوهم ان (الواو) هنا بمعنى (أو) فتدل على كفاية الريح مستقلا.

و لكن قد ذكرنا فيما تقدم «3» أن هذه الصحيحة أجنبيّة عن مطهّرية الشمس، و إنما تدل على كفاية الجفاف- بأي سبب حصل- في جواز الصلاة على المحلّ النجس، لعدم سرايته حينئذ إلى بدن المصلى أو لباسه، و الشاهد عليه قوله عليه السلام فيها «و كان جافا» لظهوره في كفاية مطلق الجفاف، و لو كان بغير الشمس أو الريح، و من الظاهر أن مطلق الجفاف لا يكون مطهّرا عندنا، و ان كفى في جواز الصلاة على المحلّ النجس.

هذا مضافا إلى ما ذكرناه فيما تقدم «4» من إمكان حمل عطف الريح فيها على الشمس على المتعارف من هبّ الرياح معها، لا سيما في مثل السطح الذي هو مورد السؤال في هذه الصحيحة، و من الظاهر أن هذا المقدار لا يضرّ بإسناد الجفاف إلى الشمس عرفا- كما ذكرنا.

(ثانيها) موثقة عمار «5» لقوله عليه السلام فيها: «فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة» فإنه يدل على كفاية مجرد إصابة‌

______________________________
(1) المتقدمة في الصفحة: 244

(2) المتقدمة في الصفحة: 245

(3) في الصفحة: 246

(4) في الصفحة: 246

(5) المتقدمة في الصفحة: 248

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 274‌

عليها (1) بلا حجاب عليها- كالغيم و نحوه- و لا على المذكورات فلو جفّت بها من دون إشراقها- و لو بإشراقها على ما يجاورها- أو لم تجف.

أو كان الجفاف بمعونة الريح (2) لم تطهر.

______________________________
الشمس و إن حصلت اليبوسة بإعانة غيرها لمكان العطف به «ثم» في قوله عليه السلام «ثم يبس الموضع».

هذا، و لكن لا يسعنا العمل بهذا الظهور إذ مقتضاه كفاية مجرد إصابة الشمس و إن حصلت اليبوسة بغيرها بعد زمان، لمكان العطف ب‍ «ثم»، لأن مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين حصول اليبوسة بالشمس وحدها، أو بمعونة غيرها، أو باستقلال الغير فيها، و عدم دخل الشمس فيها و إن أصابته، و هذا مما لم نلتزم به، إذ مقتضاه كفاية الجفاف بغير الشمس، كالريح، و هو خلاف الإجماع [1].

فلا بد من رفع اليد عن إطلاقها بما دلّ على لزوم استناد الجفاف الى الشمس تماما، كصحيحة زرارة «2» لقوله عليه السلام فيها «إذا جفّفته الشمس فصلّ عليه» لدلالته بالمفهوم على الانحصار بالشمس، كما تقدم.

(1) هذا هو الشرط الثاني الذي تقدم بيانه، و هو إشراق الشمس فلا يكفى مجرد حرارتها.

(2) هذا إشارة إلى الشرط الثالث و هو استقلال الشمس في التجفيف كما تقدم بيانه.

______________________________
[1] حكى في مفتاح الكرامة (ج 1 ص 185) عن الشيخ في المبسوط القول بأنه إذا جفّت الأرض بالريح طهرت، و كذا عن موضع من الخلاف و عن المنتهى و النهاية حكاية الإجماع على خلافه، هذا، و لكن لم أجد عاجلا فيما لاحظت من كتاب المبسوط (ج 1) في باب المطهّرات (ص 38) و في كتاب الصلاة في فصل ما يجوز السجود عليه (ص 90) و في فصل حكم الثوب و البدن و الأرض إذا أصابته النجاسة (ص 93) إلا التصريح منه بعدم مطهّرية غير الشمس حتى الريح (فلاحظ) و في الحدائق ج 5 ص 448 احتمال رجوع الشيخ «قده» في الخلاف عن كلامه الأول الدال على الطهارة بالريح الى كلامه الثاني الدال على عدمه (المذكور في ج 1 من الخلاف كتاب الصلاة ص 185 م 236).

______________________________
(2) المتقدّمة في الصفحة: 244.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 275‌

نعم الظاهر ان الغيم الرقيق أو الريح اليسير، على وجه يستند التجفيف الى الشمس و إشراقها لا يضر (1).

و في كفاية إشراقها على المرآة مع وقوع عكسه على الأرض إشكال (2) [1].

______________________________
(1) لكفاية الصدق العرفي، و لا يضرّ تأثير غيرها بالتدقيق العقلي.

كما تقدم في توضيح الشرط الثالث.

إشراق الشمس بسبب المرآة

(2) أظهره عدم الكفاية، لعدم صدق الإصابة المعتبرة في التطهير بالشمس، كما هو مقتضى مفهوم قوله عليه السلام في موثقة عمار «2» «إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك، فأصابته الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة».

فإن مقتضى مفهوم الشرط عدم كفاية غير الإصابة الظاهرة في إشراق الشمس بلا واسطة.

فظهر مما ذكرنا أنه ليس منشأ الإشكال هو احتمال عدم صدق «الإشراق» على عكس المرآت، لظهوره في وقوع نفس الضوء «3» في مقابل احتمال ارادة ما يعم الانعكاس، لأن هذا العنوان إنما ورد في رواية الحضرمي، و لا نقول باعتبارها، هذا أولا: و ثانيا لو سلّم اعتبارها سندا، و ظهورها في وقوع نفس الضوء أمكن الاستدلال للجواز بإطلاق صحيحة زرارة «4» لدلالتها على كفاية مجرد الجفاف بالشمس، لقوله عليه السلام فيها‌

______________________________
[1] جاء في تعليقته (دام ظله) على قول المصنف «قده» «على الأرض إشكال»: (أظهر عدم الكفاية).

______________________________
(2) المتقدمة في الصفحة: 248

(3) كما في المستمسك ج 2 ص 84.

(4) المتقدمة في الصفحة: 244

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 276‌

[ (مسألة 1) كما تطهر ظاهر الأرض كذلك باطنها المتصل]

(مسألة 1) كما تطهر ظاهر الأرض كذلك باطنها (1) المتصل

______________________________
«إذا جفّفته الشمس فصل عليه فهو طاهر» و يكفي في صدق الجفاف بالشمس الجفاف بحرارتها بالمجاورة، فضلا عما إذا كان بعكس المرآة، أو من وراء زجاج، لاستناد الجفاف في جميع هذه الصور إلى الشمس، إلا أنه لا يسعنا العمل بإطلاقها، و لا بإطلاق رواية الحضرمي لما أشرنا إليه من دلالة مفهوم موثقة عمار على عدم كفاية غير الإصابة، فمقتضى الجمع بينها و بين الرّوايتين المذكورتين هو حصول الإشراق و الجفاف بإصابة الشمس لا غير، فلا يكفى عكس المرآت، و لا الإشراق من وراء الزجاج، و نحوه.

و الحاصل: أن العناوين الواردة في مجموع روايات التطهير بالشمس ثلاثة (الجفاف و الإشراق و الإصابة) و مقتضى الجمع بينها و إن كان كفاية كل واحد منها، و لو مع عدم صدق الغير، إلا أن مقتضى مفهوم الشرط في رواية التجفيف «1» هو عدم كفاية التجفيف بغير الشمس- كالهواء و نحوه- كما أن مقتضى مفهوم الشرط في رواية الإصابة «2» عدم كفاية التجفيف بغير إصابة الشمس و مباشرتها مستقيما، فلا بد من تقييد إطلاق رواية الحضرمي الدالة على الطهارة بالإشراق بما إذا كان الإشراق موجبا للجفاف و أن يكون بإصابة الشمس مستقيما، و من هنا ذكرنا في التعليقة: أن الأظهر عدم كفاية الإشراق على المرآة، و وقوع عكسها على الأرض.

طهارة باطن الأرض

(1) إذا سرت النجاسة إلى باطن الأرض فلا إشكال في طهارة مقدار منه الملازم- عادة- للقلب و الانقلاب بالصلاة عليها، كما في الأراضي الرمليّة أو الترابية، فان الحركة عليها بالمشي أو الصلاة و نحوهما تلازم- في العادة- تحرّك مقدار من الرّمل أو التراب، و تبدّل أجزائها الداخليّة إلى الخارج و بالعكس، ففي هذا المقدار لا بد من الالتزام بطهارة الباطن إذا جفّ‌

______________________________
(1) و هي صحيحة زرارة المتقدمة ص 244

(2) و هي موثقة عمار المتقدمة ص 248

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 277‌

..........

______________________________
بالشمس، فإنه بحكم الظاهر، و إنّما الكلام في المقدار الزائد على ذلك، كما إذا تنجّس الباطن بمقدار شبر و نحوه، فهل يطهر حينئذ بإشراق الشمس على السطح الظاهر أم لا؟

ربما يقال «1» باختصاص الطّهارة بالسطح الظاهر، فلا يطهر الباطن.

و يمكن الاستدلال له بان ظاهر الأخبار هو طهارة الظاهر فقط، لأن مورد السؤال و الجواب في جملة منها «2» انما هو السطح الذي يبال عليه، أو المكان الذي يصلى فيه، و من الظاهر اختصاصهما بالظاهر لوقوع الصلاة على الظاهر من الأرض أو السطح دون باطنهما، و كذلك البول فإنه يبال على السطح الظاهر دون الباطن و ان كان البول يسري إليه أيضا.

و الحاصل: أنه يكفى في جواز الصلاة على الأرض أو السطح طهارة ظاهرهما و لا تدلّ الرّوايات على أكثر من ذلك.

هذا و لكن المستفاد من جملة أخرى من الرّوايات هو أعميّة الموضوع، و عدم اختصاص الحكم بالظاهر، لأن موضوع الحكم فيها هو «الموضع القذر» أو «الأرض الذي يصيبها البول» و هذان يشملان الظاهر و الباطن معا، فان الباطن يصدق عليه عنوان «الموضع» و كذالك يصدق عليه عنوان «الأرض».

و ذلك كما في موثقة عمار «3» لقوله عليه السلام فيها «إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس.».

و صحيحة ابن بزيع قال فيها «سألته عن الأرض و السطح يصيبه البول و ما أشبهه.» «4».

______________________________
(1) كما عن المنتهى على ما في المستمسك ج 2 ص 85 و في الحدائق ج 5 ص 451 و الجواهر ج 6 ص 260- 261.

(2) كما في صحيحتي زرارة المتقدمتين في الصفحة: 244 و 245 الوسائل ج 2 ص 1042 ح 1 و 2.

(3) المتقدمة في الصفحة: 248

(4) المتقدمة في الصفحة: 257

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 278‌

بالظاهر النجس بإشراقها عليه، و جفافه بذلك (1) بخلاف ما إذا كان

______________________________
و أظهر منهما رواية الحضرمي لقوله عليه السلام فيها: «كل ما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر»
«1».

لصدق الإشراق على الباطن بالإشراق على الظاهر لوحدتهما في نظر العرف- كما يأتي.

نعم لا يمكن الاعتماد عليها سندا، إلا أنه في الصحيحتين غنى و كفاية، بل يمكن أن يقال بدلالة صحيحة زرارة «2» على طهارة الباطن أيضا بدعوى رجوع الضمير في قوله عليه السلام فيها «فهو طاهر» الى تمام ما جفّفته الشمس سواء الظاهر أو الباطن، لا خصوص ما يصلّى عليه من السطح الظاهر، و ان كان السؤال إنما يكون عن الصلاة على السطح أو المكان، إلا انه لا يخلو عن خفاء.

فتحصل أن الأقوى هو طهارة الباطن بإشراق الشمس على ظاهر الأرض [1] بشروط يأتي ذكرها تبعا للمتن.

شروط تطهير باطن الأرض

(1) أشار المصنف «قده» بذلك إلى شروط تطهير الباطن المنساقة من الروايات و هي:

1- وحدة الظاهر و الباطن.

2- وحدة النجاسة بأن تسرى من الظاهر إلى الباطن، أى يكون المجموع نجسا واحدا.

______________________________
[1] و هذا هو المنسوب إلى جماعة من الأعلام في كتبهم- كالتذكرة و المهذب، و جامع المقاصد، و شرح الموجز، و الروض، و المسالك بشرط اتحاد الاسم، بل عن ظاهر البحار الإجماع عليه،- كما في مفتاح الكرامة ج 1 ص 186 و الجواهر ج 6 ص 261.

______________________________
(1) المتقدمة في الصفحة: 253

(2) المتقدمة في الصفحة: 244

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 279‌

..........

______________________________
3- وحدة إشراق الشمس على النجس المذكور.

4- وحدة الجفاف بها.

فان مجمع هذه الوحدات هو مورد نصوص الباب الدّالة على مطهريّة الشمس، فلو تخلّف بعضها لم يحكم بطهارة الباطن- كما أشار في المتن.

فعليه لو تخلّف الشرط الأول بأن لم يكن الباطن متصلا بالظاهر- بان يكون بينهما فصل بهواء أو بمقدار طاهر- لم يحكم بطهارة الباطن، لعدم صدق الوحدة حينئذ، فلا دليل على طهارته في حال مغايرته مع الظاهر، و لو بما ذكر، لعدم شمول الرّوايات لمثله، لأن طهارة أحد الشيئين لا تلازم طهارة الآخر.

كما انه لو تخلّف الشرط الثاني و هو سراية النجاسة من الظاهر إلى الباطن، بان كان الباطن فقط نجسا، فلا يطهر بإشراق الشمس على الظاهر، لعدم شمول الرّوايات لمثله أيضا، لأن الجفاف حينئذ ليس بإشراق الشمس، بل بحرارته الحاصلة بالمجاورة، و هذا بخلاف ما إذا كان الظاهر أيضا نجسا نجاسة سارية منه إلى الباطن، لصدق الإشراق على المجموع حينئذ، لمكان وحدة النجاسة.

كما أنّه لو تخلّف الشرط الثالث- و هو وحدة الإشراق- لم يطهر، أى لا بد و أن يكون الإشراق مستمرا في زمان واحد مستمر عرفا، كي يصدق التجفيف الواحد بإشراق الشمس، فلو حصل هناك فصل بين تجفيفها للظاهر و تجفيفها للباطن، كأن يكون أحدهما في يوم و الآخر في يوم آخر لا يطهر الباطن، لعدم صدق إصابة الشمس للباطن في هذا الفرض، لأن انفصال الظاهر عنه و لو بمحكوميّته بالطهارة في اليوم الأول يكون مانعا عن صدق ذلك، لأن الاختلاف في الطهارة و النجاسة بين الظاهر و الباطن أوجب التعدد في الموضوع في نظر العرف.

و هكذا الكلام في ما إذا تخلّف الشرط الرابع- و هو وحدة الجفاف- بان لم يجف الباطن رأسا، أو جفّ بغير الإشراق على الظاهر، أى كان بسبب آخر، فإنه لا يطهر أيضا، أما في فرض عدم الجفاف فظاهر، و أما في صورة‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 280‌

الباطن فقط نجسا (1) أو لم يكن متصلا بالظاهر (2) بان يكون بينهما فصل بهواء، أو بمقدار طاهر، أو لم يجفّ، أو جف بغير الإشراق على الظاهر (3) أو كان فصل بين تجفيفها للظاهر، و تجفيفها للباطن (4) كأن يكون أحدهما في يوم و الآخر في يوم آخر، فإنه لا يطهر في هذه الصور (5).

[ (مسألة 2) إذا كانت الأرض أو نحوها جافة، و أريد تطهيرها بالشمس]

(مسألة 2) إذا كانت الأرض أو نحوها جافة، و أريد تطهيرها بالشمس يصبّ عليها الماء الطاهر، أو النجس، أو غيره (6) مما يورث الرطوبة فيها حتى تجفّفها.

______________________________
الجفاف بغير الشمس فكذلك، لعدم كفاية مطلق الجفاف في الطّهارة.

(1) هذا إشارة إلى تخلّف الشرط الثاني- على حسب الترتيب الذي ذكرناه.

(2) إشارة إلى تخلف الشرط الأول- كما تقدم.

(3) إشارة إلى تخلّف الشرط الرابع و هو وحدة الجفاف- على حسب الترتيب الذي ذكرناه.

(4) إشارة إلى تخلّف الشرط الثالث و هو وحدة الإشراق- كما ذكرنا.

(5) و هي أربعة على الترتيب الذي ذكرناه في الشروط الأربعة، فلاحظ.

كيفيّة تطهير الأرض الجافّة

(6) أي غير الماء من المائعات الموجبة لرطوبة الأرض، و الوجه في لزوم صبّ الماء و نحوه على الأرض الجافّة هو ما تقدم من لزوم حصول الجفاف بالشمس أى استناده إليها، و لا يتحقق ذلك الا مع وجود الرطوبة في الأرض حين إشراق الشمس عليها، سواء أ كانت أصليّة أى حاصلة من أصل النجس أو عرضيّة، و بذلك فسّرنا قوله عليه السلام في صحيحة بن‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 281‌

[ (مسألة 3) ألحق بعض العلماء البيدر الكبير بغير المنقولات، و هو مشكل]

(مسألة 3) ألحق بعض العلماء البيدر [1] الكبير بغير المنقولات، و هو مشكل (1).

[ (مسألة 4) الحصى و التراب و الطّين و الأحجار، و نحوها]

(مسألة 4) الحصى و التراب و الطّين و الأحجار، و نحوها

______________________________
بزيع [2] «كيف يطهر من غير ماء».

حكم البيدر

(1) و الإشكال في محله، لعدم صحة إلحاقه بغير المنقول، لان ما ورد في الروايات انما هو عنوان «المكان الذي يصلى فيه»، أو «المكان»، أو «الأرض القذرة» و لا يصدق شي‌ء من ذلك على البيدر، لعدم إمكان اتخاذها محلّا للصلاة، و إنّما ألحقنا به غير المنقول بالإجماع القطعي- كما تقدم «3»-، و هو لا يشمل مثل «البيدر».

نعم لو قلنا بصحة رواية الحضرمي كان الإلحاق وجيها، للعموم أو الإطلاق المدلول عليه فيها بالنسبة إلى كل ما أشرقت عليه الشمس و إن خرجنا عنه في المقدار المعلوم خروجه، كالأواني و الثياب و نحوها، و ليس منه «البيدر». إلا أنه قد عرفت ضعفها من جهة السند، فلا رافع للإشكال.

______________________________
[1] بيدر الحنطة: كوّمها- المنجد- فالبيدر الكبير هي الكومة (المجموعة) الكبيرة من الحنطة و نحوها من الطعام، و وجه الإلحاق هو أنّ مجموع الأجزاء لكثرتها يكون لها نحو ثبات به تعدّ من غير المنقول و من هنا ألحق بها في المستمسك (ج 2 ص 86) الكثير المجتمع من الحطب، و التمر، و الأواني، و الظروف، و غيرها مما كان له نحو ثبات، الا ان الحكم في الأصل و في الملحق به مبنى على العمل بعموم رواية الحضرمي، و لا نقول به، لضعف سندها، بل دلالتها.

[2] المتقدمة في الصفحة: 257 و هذا هو المشهور- كما في الحدائق ج 5 ص 450 و حكاه عن الذخيرة أيضا، و في الجواهر أيضا ج 6 ص 259، و لا يخفى ان الحكم المذكور مبنى على تعميم الحكم لغير البول- كما هو الصحيح.

______________________________
(3) تقدم في الصفحة: 260

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 282‌

ما دامت واقعة على الأرض في حكمها (1) و إن أخذت منها لحقت بالمنقولات، و إن أعيدت عاد حكمها، و كذا المسمار الثابت في الأرض، أو البناء، ما دام ثابتا يلحقه الحكم، و إذا قلع يلحقه حكم المنقول. و إذا ثبت ثانيا يعود حكمه الأول، و هكذا فيما يشبه ذلك.

[ (مسألة 5): يشترط في التطهير بالشمس زوال عين النجاسة إن كان لها عين]

(مسألة 5): يشترط في التطهير بالشمس زوال عين النجاسة (2) إن كان لها عين.

______________________________
حكم الحصى و الأحجار

(1) قد تكون الحصى أو الأحجار و كذلك التراب الواقعة على الأرض تعدّ من الأوساخ التي يلزم إزالتها- في نظر العرف- و هذا خارج عن محل الكلام، إذ لا إشكال في عدم طهرها بالشمس، لأنها من المنقول، و لا تعد جزء من الأرض. فكأنّها أجنبيّة عنها و أما إذا كانت الأرض من الحصاة أو الحجر أو التراب عدّت تلك الأجزاء منها، و تطهر بإشراق الشمس عليها، لأنها تكون جزء من الأرض حينئذ، نعم لو أخذت منها بعد تنجّسها لم تطهر، لصيرورتها من المنقول حينئذ، كما أنه لو أخذت من الأرض طاهرة فتنجّست بعد أخذها منها ثم أعيدت إلى الأرض تطهر بالإشراق عليها، لأنها تصير جزء من الأرض في هذه الحالة، و لم تدل الرّوايات على لزوم تنجّسها حال كونها جزء من الأرض.

و هكذا حكم المسمار و الأخشاب في الأبواب، و كل شي‌ء يكون جزء من البناء اتصالا، و انفصالا.

اشتراط زوال عين النجاسة

(2) إذا كان للنجاسة عين- كالعذرة و الدم و نحوهما- يجب إزالتها عن المحل، و ذاك للارتكاز العرفي [1] على اعتبارها، كما هو الحال في‌

______________________________
[1] بل في الحدائق ج 5 ص 451 «ان الحكم لا خلاف و لا إشكال فيه» و عن المستند

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 283‌

..........

______________________________
التطهير بالماء، فان الشمس لا تزيد عليه في المطهّرية، إذ غاية ما يستفاد من الرّوايات إنّما هي التوسعة في المطهّر في خصوص الأرض، و انه لا ينحصر مطهّرها في الماء، فلا تزيد عليه في المطهّرية ارتكازا، فلو كان هناك إطلاق في بعض الرّوايات لكفى ذلك في تقييده لو تم الإطلاق المذكور.

و مما ذكرنا يظهر: اندفاع ما قد يتوهم من أنّ مقتضى إطلاق قوله عليه السلام في موثقة عمار المتقدمة «1» «إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس.».

هو عدم اعتبار زوال العين سواء أ كان بولا أم غيره من النجاسات التي تبقى لها عين بعد الجفاف، كالخمر، و الدّم، و العذرة، و نحوها، لعمومها بالنسبة الى غير البول.

وجه الاندفاع هو أولا: لزوم تقييد إطلاقه- لو تم- بالارتكاز المذكور إذ ليس عموم هذه الرواية إلا كعموم قوله عليه السلام «كل ما يراه ماء المطر فقد طهر» فكما لا يفهم من هذه الرّواية طهارة ما يراه ماء المطر الا على تقدير زوال عين النجاسة، فكذلك هذه الموثقة.

و ثانيا: عدم صدق اصابة الشمس للموضع القذر إذا كانت عين النجس باقية عليه، فإنه مانع عن صدق إصابة الشمس للموضع- كما هو الحال في سائر الموانع و إن كانت طاهرة فضلا عما إذا كانت نجسة.

نعم لو زال العين بالجفاف، كالبول- إذا يبس- الذي هو مورد أكثر روايات الباب- سئوالا و جوابا- كفى ذلك، إلا أن محل الكلام أعم من ذلك، فيشمل ما إذا بقيت العين بعده.

فما جاء في صحيحة زرارة المتقدمة «2» من الاكتفاء بجفاف البول- الذي كان على السطح أو في مكان الصلاة- بالشمس و طهارة المحل بها، فإنما هو من جهة زوال عين البول- غالبا- بالجفاف.

______________________________
و المدارك و اللوامع دعوى الإجماع عليه- كما في المستمسك ج 2 ص 86.

______________________________
(1) في الصفحة: 248

(2) في الصفحة: 244

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 284‌

[ (مسألة 6) إذا شك في رطوبة الأرض حين الإشراق]

(مسألة 6) إذا شك في رطوبة الأرض حين الإشراق، أو في زوال العين بعد العلم بوجودها، أو في حصول الجفاف، أو في كونه بالشمس، أو بغيرها أو بمعونة الغير لا يحكم بالطهارة (1).

______________________________
نعم إذا تكرر و زاد على المرة بحيث بقي له جرم بعد الجفاف، كما في الكنائف و نحوها، فإنّه حينئذ لا يكتفى بمجرد جفافه، بل لا بد من إزالة عينه، و لكن الصحيحة لا تشمل ذلك، لانصرافها عن مثل الكنيف.

هذا، و لكن قد يتوهم «1» أيضا أن مقتضى عموم أو إطلاق قوله عليه السلام في رواية الحضرمي «2» «كل ما أشرقت عليه الشمس فهو طاهر» عدم اعتبار هذا الشرط.

و يندفع أولا: بأن هذه الرّواية لا تزيد على الموثقة بشي‌ء، فإنه لو تم لها إطلاق فيقيد بالارتكاز العرفي على لزوم زوال العين فهو قرينة على التقييد- كما ذكرنا في الموثقة.

و ثانيا: إنه لا يصدق الإشراق على الشي‌ء مع مانعيّة عين النجس إذا كان لها جرم، كما لا تصدق الإصابة.

هذا كله مع ضعف سندها- كما تقدم.

فتحصل: أنه يجب إزالة عين النجاسة في التطهير بالشمس، كالتطهير بالماء.

الشك في تحقق الشروط

(1) قد تحصل مما تقدم في المسائل السابقة انه يعتبر في مطهرية الشمس أمور.

«أحدها»: رطوبة الأرض.

«ثانيها»: زوال العين.

______________________________
(1) كما أشار إليه في مصباح الفقيه كتاب الطهارة ص 631.

(2) المتقدمة في ص 253.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 285‌

و إذا شك في حدوث المانع عن الإشراق من ستر و نحوه يبنى على عدمه على إشكال (1) تقدم (2) نظيره في مطهّرية الأرض.

[ (مسألة 7): الحصير يطهر بإشراق الشمس على أحد طرفيه طرفه الآخر]

(مسألة 7): الحصير يطهر بإشراق الشمس على أحد طرفيه طرفه الآخر (3).

______________________________
«ثالثها»: حصول الجفاف.

«رابعها»: كون الجفاف بالشمس وحدها.

فلو شك في تحقق هذه الشروط، أو في بعضها لم يحكم بالطهارة، لاستصحاب عدمها كلا أو بعضا، فيحكم ببقاء النجاسة.

هذا حكم الشروط، و أما إذا شك في وجود المانع عن الإشراق من ستر و نحوه كالغيم، فهل يبنى على عدمه بمقتضى الاستصحاب فيحكم بالطهارة أولا، الصحيح عدم جريانه، لأن استصحاب عدم وجود المانع لا أثر له في نفسه، كما أنّه لا يثبت إصابة الشمس إلا بالملازمة العقليّة، فتكون من الأصول المثبتة التي لا نقول بحجيّتها، كما تقدم نظيره في مطهّرية الأرض، ففي هذه الصورة الأقوى هو الحكم بالنجاسة أيضا كالصور المتقدمة.

(1) و هو أن استصحاب عدم المانع لا أثر له شرعا، و لا يثبت ما هو موضوع للأثر، فاستصحاب عدم المانع عن إشراق الشمس لا أثر له في نفسه، كما أنّه لا يثبت إشراق الشمس و إصابتها للأرض- كما تقدم آنفا- فالأقوى عدم الحكم بالطهارة أيضا.

(2) في المسألة 6 من مسائل مطهّرية الأرض.

طهارة الطرف الآخر من الحصير و الجدار

(3) لظهور روايته في حصول الطهارة لكلا طرفيه و لو بإشراق الشمس على أحدهما، و ذلك لان المسئول عنه فيها هو حكم البارية المبتلة بالماء القذر، فأجاب الإمام عليه السلام بجواز الصلاة عليها إذا جفّت بالشمس، و ظاهر السؤال هو بلة البارية بكلا طرفيها- كما هو المتعارف فيها‌

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 286‌

و أما إذا كانت الأرض تحته نجسة فلا تطهر بتبعيته (1) و ان جفّت بعد كونها رطبة.

و كذا إذا كان تحته حصير آخر (2) إلا إذا خيط به على وجه يعدان معا شيئا واحدا.

و أما الجدار المتنجس إذا أشرقت الشمس على أحد جانبيه فلا يبعد طهارة جانبه الآخر إذا جفّ به (3).

______________________________
بصب الماء و نحوه عليها- فالحكم بطهارتها بالشمس يعم كلا طرفيها المفروضتين في السؤال، و لو بإشراق الشمس على أحدهما، و حصول الجفاف لهما بذلك يكون نظير ما ذكرناه في طهارة الباطن تبعا للظاهر، و ان كان المقام أوضح، لظهور السؤال في أنه عن حكم كل البارية بتمامها لقد جاء في موثقة عمار انه قال: سألت أبا عبد اللّٰه عليه السلام عن البارية يبلّ قصبها بماء قذر، هل تجوز الصلاة عليها؟ فقال: إذا جفّت فلا بأس بالصلاة عليها»
«1».

فان السؤال فيها قد جاء عن البارية المبتل قصبها بالماء القذر، و من المعلوم أن البلل فيها يسرى إلى كلا طرفيها فأجاب بجواز الصلاة عليها إذا جفّ، و إطلاقها يشمل كلا طرفيها فيجوز الصلاة على كل واحد منهما بعد الجفاف نعم ناقشنا في أصل دلالة هذه الرّوايات على طهارة البواري بإشراق الشمس، لأن جواز الصلاة عليها أعم من الطهارة.

(1) لعدم الاتحاد الموجب لصدق الإشراق أو إصابة الشمس على الجميع.

(2) لما ذكرنا آنفا من عدم الاتحاد إلا إذا خيط أحدهما بالآخر كما في المتن.

(3) للاتحاد عرفا، فيصدق إصابة الشمس للمجموع بالإشراق على أحد جانبيه إذا لم يكن بينهما فصل زماني أى جفّ الجانب الآخر بنفس‌

______________________________
(1) تقدمت في الصفحة: 248

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 287‌

و ان كان لا يخلو من إشكال (1) و أما إذا أشرقت على جانبه الآخر أيضا فلا إشكال.

______________________________
الإشراق على الجانب المواجه للشمس، كما هو الحال في جفاف الباطن- كما تقدم- فيشمله الرّوايات المتقدمة كما تشمل باطن الأرض، و يكون المقام نظير ما إذا وضعت لبنة طين في الشمس فجفّ كلها بإشراقها على سطحها المواجه للشمس، فإنه يصدق حينئذ أن جفاف باطنها و كذا سطحها الموضوع على الأرض مستند إلى إشراق الشمس على سطحها المواجه للشمس، و هذا المقدار يكفي في شمول الروايات للمجموع.

(1) ينشأ من دعوى انصراف روايات مطهّرية الشمس إلى ما تصيبه الشمس مباشرة أو بالتبع، و التبعيّة إنما تختص بما لا يمكن إشراق الشمس عليه الا بالتبع، كالبواطن [1] و أما السطح الآخر للجدار فهو مما يمكن الإشراق عليه، فلا دليل على التبعيّة فيه [2].

و تندفع: بما ذكرناه آنفا من صدق إصابة الشمس للمجموع من السطح الظاهر و الباطن و الطرف الآخر مع الإصابة لأحد طرفي الجدار، فيصدق جفاف المجموع بإصابة الشمس و إشراقها- عرفا- لا بحرارتها، فقط.

و الحاصل: أن مقتضى الإطلاق في صحيحة زرارة و موثقة عمار «3» هو شمول المكان الذي تصيبه الشمس لجميع سطوحه الداخليّة و الخارجيّة سواء الطّرف المسامت للشمس أم غيره و بهذا يظهر الفرق بين الحصر و البواري و الجدار حيث جزم المصنّف «قده» بطهارة الطرف الآخر فيها، و استشكل في الطرف الآخر للجدار وجه الفرق هو أن شمول الطرف الآخر في روايات البارية يكون بالنصوصيّة بخلاف الجدار، فإنه يكون‌

______________________________
[1] و ان ناقش فيه بعضهم- كما تقدم.

[1] كما استجوده جملة من أفاضل المتأخرين و اختاره في الحدائق (ج 5 ص 450- 451) و كذا الفقيه الهمداني «قده» في كتاب الطهارة ص 631 في التنبيه الثالث.

______________________________
(3) المتقدمتان في الصفحة: 248 الوسائل ج 2 ص 1043 ح 4 و 1 ب 29.

فقه الشيعة - كتاب الطهارة، ج‌5، ص: 288‌

..........

______________________________
بالإطلاق، فيمكن دعوى انصرافه إلى الطرف المواجه للشمس، و ان كانت ممنوعة- كما عرفت.




 
 


أقسام المكتبة :

  • الفقه
  • الأصول
  • الرجال
  • التفسير
  • الكتب الفتوائية
  • موسوعة الإمام الخوئي - PDF
  • كتب - PDF
     البحث في :


  

  

  

خدمات :

  • الصفحة الرئيسية للمكتبة
  • أضف موقع المؤسسة للمفضلة
  • إجعل الموقع رئيسية المتصفح

الرئيسية   ||   السيد الخوئي : < السيرة الذاتية - الإستفتاءات - الدروس الصوتية >   ||   المؤسسة والمركز   ||   النصوص والمقالات   ||   إستفتاءات السيد السيستاني   ||   الصوتيات العامة   ||   أرسل إستفتاء   ||   السجل

تصميم، برمجة وإستضافة :  
 
الأنوار الخمسة @ Anwar5.Net